القيمة القانونية لبيانات الأنظمة الأساسية للشركات التجارية
إنجاز : ذ هشـام لعبودي
قاضي ملحق بمديرية الدراسات والتعاون والتحديث
ماهي القيمة القانونية لبيانات الأنظمة الأساسية للشركات التجارية ؟
يجد السؤال مبرره عند افتراض الحالة التي يتم فيها إغفال تضمين النظام الأساسي لشركة تجارية بيانا من البيانات القانونية. حيث سنتساءل بالتالي عن الجزاء الذي رتبه المشرع على عدم الإشارة إلى تلك البيانات التي يتعين شهرها بالسجل التجاري وفي جريدة مخول لها نشر الإعلانات القانونية وفي الجريدة الرسمية.
إن الرجوع إلى قانون 17.95 المنظم لشركات المساهمة وقانون 5.96 المتعلق بشركات التضامن، التوصية البسيطة، التوصية بالأسهم، ذات المسؤولية المحدودة وكذا شركات المحاصة يفيدنا في الجواب :
أولا : القيمة القانونية لبيانات النظام الأساسي لشركة المساهمة.
إن النظام الأساسي لشركة المساهمة يحدد، طبقا للمادة 2 من قانون 17.95 شكل الشركة ومدتها وتسميتها ومقرها الاجتماعي وغرضها ومبلغ رأسمالها وفضلا عن هذه البيانات فانه طبقا للمادة 12 يجب أن يتضمن ودون إخلال بكل البيانات الأخرى المفيدة عدد الأسهم، شكل الأسهم، هوية أصحاب الحصص العينية… ( انظر المادة 12 ).
وتبرز القيمة القانونية للبيانات الواردة في المادتين 2 و12 ليس فقط من خلال عبارة ” يجب” التي تفيد الوجوب والإلزام وإنما وهذا هو المهم، من خلال الجزاءات التي نص عليها المشرع، في هذا الإطار :
أ- دعوى تسويــة تأسيس الشركة :
إن هذه الدعوى تؤطرها المادة 12 من قانون 17.95 التي نصت في فقرتها الثانية على انه إذا لم يتضمن النظام الأساسي كل البيانات المتطلبة قانونا يخول لكل ذي مصلحة تقديم طلب للقضاء لتوجيه أمر بتسوية عملية التأسيس تحث طائلة غرامة تهديدية. كما يمكن للنيابة العامة تقديم نفس الطلب.
وتضيف المادة 12 بان دعوى تسوية تأسيس شركة المساهمة تتقادم بمرور ثلاث سنوات ابتداء من تقييد الشركة في السجل التجاري آو من تقييد التغيير في ذلك السجل وإلحاق العقود المغيرة للنظام الأساسي.
والملاحظ هنا أن المادة 12 لم تحدد الأشخاص الذين سترفع الدعوى ضدهم. ( هل جميع المساهمين مثلا أم بعضهم، بالتضامن وبغض النظر عن حصصهم أم ماذا ؟ ).
دعــــوى التعــويض عـــن الضرر ب
ترفع هذه الدعوى ضد كل من مؤسسي الشركة وكذا المتصرفين الأولين وأعضاء مجلس الإدارة الجماعية الأولين وأعضاء مجلس الرقابة الأولين الذين – بصراحة المادة 349 فقرة أولى – مسؤولين متضامنين عن الضرر المنسب فيه عدم تضمين النظام الأساسي للشركة بيانا إلزاميا أو إغفال إجراء ينص عليه قانون 17.95 في باب تأسيس الشركة أو القيام به بشكل غير صحيح. وفي حالة إدخال تعديل على النظام الأساسي للشركة تطبق أحكام الفقرة الأولى من المادة 349 على المتصرفين وأعضاء مجلس الإدارة الجماعية وأعضاء مجلس الرقابة المزاولين مهامهم أثناء إجراء التعديل المذكور.
ودعوى التعويض عن الضرر تتقادم بمرور خمس سنوات إما ابتداء من تاريخ التقييد في السجل التجاري أو من تاريخ تقييد التعديل.
والملاحظ أن المشرع لم يحدد الأطراف الذين يحق لهم رفع دعوى التعويض عن الضرر المتسبب فيه خلو النظام الأساسي لشركة المساهمة من أحد البيانات الإلزامية عكس ما فعل بخصوص دعوى تأسيس الشركة، حيث حصرهم في ” كل من له مصلحة” ” والنيابة العامة “. ولعل الأمر يفسر أمام سكوت النص بان المشرع أراد أن يفتح المجال لرفع ” دعوى التعويض عن الضرر ” لكل ” ذي مصلحة ” بالمفهوم الواسع للعبارة الذي يشمل حتى النيابة العامة.
بالإضافة إلى الجزائيين المذكورين أعلاه فان قانون 17.95 وضع جزاء خاصا على عدم إيداع اصل النظام الأساسي للشركة أو نظير منه لدى كتابة الضبط في إطار إجراءات الشهر ويتمثل في عدم قبول تقييد شركة المساهمة في السجل التجاري، وذلك طبقا لمقتضيات المادة 31 باعتبار الإيداع المذكور التزاما يقع على عائق المؤسسين وأعضاء أجهزة الإدارة والإدارة الجماعية والرقابة الأولين.
والأصل أن يتم تقديم النظام الأساسي كاملا، أي متضمنا لجميع البيانات القانونية، لكن ما هو مآل النظام الأساسي لشركة المساهمة في الحالة التي يتم فيها تقديمه لدى كتابة الضبط ناقصا من بعض البيانات ؟ هل سترفض تقييد الشركة في السجل التجاري ؟
لقد سكتت المادة 31 عن هذه النقطة. ولعل السبب يكمن في أن المشرع حصر جزاء إغفال الإشارة إلى بيان من البيانات الإلزامية ضمن النظام الأساسي لشركة المساهمة فقط في ” دعوى تسوية تأسيس الشركة ” و ” دعوى التعويض عن الضرر ” ومن تم لا يمكن بكتابة الضبط أن تثير مسألة الإغفال من تلقاء نفسها وتقرر بالتالي عدم قبول التقييد بالسجل التجاري.
ثانيا : القيمة القانونية لبيانات النظام الأساسي في إطار قانون 5.96.
نص القانون المذكور المتعلق بشركات التضامن، التوصية البسيطة، التوصية بالأسهم، الشركات ذات المسؤولية المحدودة، وشركات المحاصة على عدة مقتضيات بهذا الخصوص وتتعلق بالجزاءات التالية :
أ- بطــــلان شركــــــة التضامن :
هذا الجزاء مقرر بمقتضى المادة 5 من قانون 5.96 التي أوجبت أن يتضمن النظام الأساسي للشركة مجموعة من البيانات ( الاسم الشخصي والعائلي، المقر الاجتماعي …) وذلك تحت طائلة بطلان الشركة.
ب- بطلان شركة التوصية البسيطة :
لا نجد، ضمن قانون 5.96 نصا خاصا وصريحا يحدد جزاء عدم تضمين بيان من البيانات القانونية في النظام الأساسي لشركة التوصية البسيطة، إلا أن الإحالة الواردة في المادة 21 تفسر هذا السكوت وتوصلنا إلى معرفة الجزاء حيث نصت على مايلي : ” تطبق الأحكام المتعلقة بشركات التضامن على شركات التوصية البسيطة مع مراعاة القواعد المنصوص عليها في هذا الفصل ” وما دامت المادة 23 وهي بصدد تعداد البيانات التي يجب أن يتضمنها النظام الأساسي لشركة التوصية البسيطة، أغفلت تحديد الجزاء يبقى الحل هو إعمال الإحالة السالفة الذكر. الإعمال الذي يؤدي إلى بطلان الشركة.
ج ما هـو الجزاء بالنسبة لشركات التوصية بالأسهم ؟
بالرجوع إلى مقتضيات المادة 31 وما بعدها إلى المادة 43، أي المواد التي تحدد القواعد المنظمة لشركات التوصية بالأسهم فإننا لا نجد تحديدا صريحا لبيانات النظام الأساسي ولا لجزاء عدم تضمينه بيانا من البيانات القانونية. إلا أن الإحالة المنصوص عليها في المادة 31 قد تساعدنا في الجواب فقد نصت المادة المذكورة ( الفقرة III ) على ما يلي :
” تطبق على شركات التوصية بالأسهم القواعد المتعلقة بشركة التوصية البسيطة و أحكام القانون المتعلق بشركات المساهمة باستثناء ما يتعلق منها بتسييرها وإدارتها، وذلك في حدود ملائمتها مع الأحكام الخاصة المنصوص عليها في هذا الفصل ” فما العمل في هذه الحالة تطبيقا للإحالة المذكورة. هل الجزاء هو بطلان الشركة كما هو الأمر بالنسبة لشركة التوصية البسيطة ام هو الجزاء المسطر في قانون 17.95 أي دعوى تسوية تأسيس الشركة ودعوى التعويض عن الضرر لعل الحل هو أعمال جزاء بطلان الشركة على أساس أن المادة 31 ذكرت أولا وهي تحدد القواعد المحال عليها، تلك القواعد الخاصة بشركة التوصية البسيطة وبعدها ثانيا القواعد الخاصة بشركات المساهمة.
د بطلان الشركات ذات المسؤولية المحدودة :
وهذا الجزاء قررته المادة 50 من قانون 5.96.
ه دعوى التعويض عن الضرر الناتج عن بطلان الشركة :
إنها الدعوى المنصوص عليها في المادة 92 التي نصت على مايلي :
” يعتبر المسيرون الأوائل والشركات المنسوب إليهم بطلان الشركة أو أحد مقرراتها مسؤولين متضامنين اتجاه الشركاء الآخرين والغير عن الضرر الناتج عن البطلان. وتتقادم الدعوى بمرور خمس سنوات على اليوم الذي اكتسب فيه قرار البطلان قوة الشيء المقضي به ” معنى هذا أن الدعوى لاترفع إلا بعد أن يبت القضاء بقرار نهائي في موضوع البطلان تم تمر خمس سنوات على ذلك.
وفي النهاية نود الإشارة إلى إننا بحثنا ضمن مقتضيات قانون 17.95 وقانون 5.96 عن الجزاء الجنائي على عدم تضمين بيان من البيانات القانونية بالنظام الأساسي المتعين إشهاره فلم نعثر على أي نص يجرم ذلك أو يعاقب عليه اللهم إلا ما يتعلق بإشهار المحررات والوثائق الصادرة عن الشركة والموجهة إلى الغير. حيث أوجب المشرع تحت طائلة العقاب الجنائي تضمينها بعض البيانات ( مثل المقر الاجتماعي، تسمية الشركة … ) تلك المحررات والوثائق التي لا يدخل في نطاقها النظام الأساسي .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً