المساحة التعاقدية في الشركات الخاصة
د. ملحم بن حمد الملحم
تعد الشركات الخاصة، سواء كانت شركات ذات مسؤولية محدودة أو شركات مساهمة مقفلة، من الشركات المنتشرة في السعودية. فوفقا لتقرير صحيفة “الاقتصادية” عام 2017، فإن مجموع الشركات في السعودية وصل إلى 130 ألف شركة، وعلى رأس تلك الشركات حصدت الشركات ذات المسؤولية المحدودة والمساهمة النسبة العظمى من عدد الشركات، بينما كانت نسبة الشركات المدرجة تشكل 0.1 في المائة من مجموع الشركات في السعودية.
ولكون أغلبية الشركات في السعودية شركات خاصة، فإنه قد يكون من المستحسن أن تعطى هذه الشركات مساحة أكبر في تنظيم شؤونها، والسعي نحو تخفيف التدخل والعبء التشريعي عليها؛ هذه المساحة نأمل أن تسهم في تحفيز القطاع الخاص والاستثمارات في السعودية.
المقترح أن يقر نظام الشركات مجموعة من المواد التفصيلية الواضحة، وفي الوقت نفسه يترك المجال للشركاء لاستبدالها بأحكام خاصة بهم يتم النص عليها في عقد التأسيس أو النظام الأساس للشركة؛ أي أن نظام الشركات ينص على أنه ما لم يتم الاتفاق بين الشركاء أو المساهمين على أحكام خاصة، فإن هذه المواد الموجودة في نظام الشركات ملزمة لهم، وهي الإطار النظامي للشركة.
هذه الفكرة موجودة جزئيا في نظام الشركات؛ حيث ينص نظام الشركات في مواضع على أنه ما لم ينص عقد التأسيس أو النظام الأساس على خلاف ذلك، فإن الحكم يكون كذا وكذا، لكن ما أقترحه هنا هو:
أولا؛ أن يزيد نظام الشركات المساحة لها في أن تنظم نفسها بنفسها؛ حيث يكون الأصل هو ما يتفق عليه الشركاء والمساهمون فيما بينهم، ويقوم نظام الشركات بالإلزام بمسائل معينة، ولا يجوز الاتفاق على خلافها، ويترك الباقي على أنه تنظيم اختياري؛ حيث إن اختار الشركاء أحكاما معينة تخصهم، فهم ملزمون بما اتفقوا عليه، وإن لم يتفقوا على حكم معين لمسألة معينة، يكونوا ملزمين بما نص بشأنه في نظام الشركات.
ثانيا: وهو أن ينص صراحة في نظام الشركات، ولا سيما المسائل الشائكة أو الجديدة، أنه عندما يتفق الشركاء أو المساهمون على أحكام معينة، فإن القضاء يجب أن يمضي مثل هذه الاتفاقات، كما يجب على وزارة التجارة والاستثمار، أن تقبلها، ولا تتدخل في آلية صياغتها أو في مضمونها.
هذه المساحة تعطي حافزا للمستثمرين أن يستثمروا في السعودية؛ لعلمهم أنه يمكنهم الاستثمار والدخول في شراكات في السعودية، مع حفظ حقوقهم وفق الشروط والاتفاق الذي يرونه، والذي يتفق مع أهدافهم ومصالحهم، ما يجعل البيئة النظامية للشركات في السعودية بيئة خصبة، قادرة على التكييف مع المستجدات.
بالنسبة للشركات العائلية خصوصا، التي تكون لها اتفاقات توائم توجه العائلة، فإن الاتفاق فيما بينهم على أحكام خاصة بهم قد يخفف رقعة النزاع، كما أن الاتفاقات الخاصة قد تكون سببا لحفظ وحماية هذه الشركات العائلية من الانهيار من داخلها.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً