الضرر و أنواعه
لغة: الضرر damage في لسان العرب:«الضيق، ومكان ذو ضرر: أي ضيق. ويدخل في عموم معنى الضرر لغة، معناه في الاصطلاح الفقهي والقانوني فهو: «إلحاق مفسدة بالغير». أو هو: «كل إيذاء يلحق بالشخص سواء أكان في ماله أو جسمه أو عرضه أو عاطفته».
أنواع الضرر
ينقسم الضرر إلى عدة أنواع، باعتبارات مختلفة، فباعتبار موضوع الضرر، يتنوع إلى ضرر مادي، وضرر أدبي، وباعتبار ضمان مُسَبِبّهِ للتعويض على من أصابه يتنوع الضرر المادي إلى ضرر متوقع وغير متوقع، وإلى ضرر مباشر وغير مباشر، وضرر حال ومستقبل.
1ـ الضرر المادي: هو المفسدة التي تلحق مال الإنسان، فتتلف بعضه، أو تصيبه بعيب ينقص قيمته، أو يذهب المال كله أصلاً ومنفعة.
2ـ الضرر الأدبي: هو الأذى الذي يصيب الإنسان في كرامته وشعوره وشرفه، كالألم والمهانة التي يشعر بها الإنسان نتيجة سبه وقذفه، أو ضربه، أو خصومته بدعوى كيدية.
3ـ الضرر الحاَلّ: هو كل خسارة تحملها المضرور وكل ربح فاته، مثل تاجر يتعاقد على توريد مواد، فيخل المورِّد بالتزامه، فيضطر التاجر إلى شرائها من مورِّد آخر بثمن أغلى، فالفرق في الثمن هو خسارة تحملها التاجر، والصفقات التي فات عليه إبرامها لو تم توريد المواد في وقتها، هو ربح فاته.
4ـ الضرر المستقبل: وهو الذي يتوقف تحديد مقداره على عامل مجهول لمّا يعرف بعد، مثل راكب يصاب بحادث في أثناء نقله، ولاتعرف مدى إصابته إلا بعد وقت غير قصير.
5ـ الضرر المباشر وغير المباشر: المباشر هو ما كان نتيجة طبيعية للإخلال الذي صدر من المدين، ولم يكن باستطاعة الدائن المضرور أن يتوقاه، ببذل جهد معقول، فإذا باع شخص آخر بقرة مريضة، فنقلت العدوى إلى مواشي المشتري وماتت ومات معها كل مواشي المشتري، فلم يتمكن من زراعة أرضه، وافتقر وعجز عن الوفاء بديونه، وحجز الدائنون على الأرض، وبيعت بثمن بخس. فكون المواشي قد نفقت،هي أضرار مباشرة، لأنه لم يكن باستطاعة المشتري توقي حدوثها ببذل جهد معقول، أما عجزه عن زراعة أرضه ووفاء ديونه وحجز الدائنين على أرضه وبيعها بثمن بخس، فهي أضرار غير مباشرة، لأن المشتري كان يستطيع توقيها ببذل جهد معقول، بأن يستأجر مواشي أخـرى لزراعة أرضه، أو يؤجر أرضه للغير لزراعتها، فتقف بذلك سلسلة الأضرار المتعاقبة.
6ـ الضرر المتوقع وغير المتوقع: ينقسم الضرر المباشر إلى متوقع وغير متوقع؛ فالمتوقع هو الذي يتوقعه، في سببه وفي مقداره، الشخص المعتاد في مثل الظروف الخارجية التي وجد فها المدين. فليس هو الضرر الذي يتوقعه مسبب الضرر بالذات. وإذا أهمل هذا الأخير في تعرف الظروف التي كان من شأنها أن تجعله يتوقع الضرر، فإن الضرر يعد متوقعاً، لأن الشخص المعتاد لايهمل تعرف هذه الظروف.
فإذا تعهد ناقل بنقل طرد، ثم أضاع الطرد، وكان يحتوي على مجوهرات ثمينة، ولم يخطر صاحب المجوهرات الناقل بوجودها في الطرد، لايكون الناقل مسؤولاً إلا عن القيمة المعقولة للطرد فحسب،لأن الشخص المعتاد في مثل ظروف الناقل لايتوقع وجود مجوهرات ثمينة في الطرد، لأنها لاتنقل عادة بهذه الطريقة.
الآثار المترتبة على الضرر
تنص القاعدة الفقهية على أن الضرر يزال، وينص القانون المدني السوري على أن كل خطأ سبَّب ضرراً للغير يلزم فاعله بالتعويض (المادة 164).
فالالتزام بالتعويض هو الأثر القانوني للمسؤولية المدنية، وذلك بإزالة الضرر عيناً إن أمكن وهو التعويض العيني، وإلا فبالتعويض النقدي الذي يجبر الضرر، ولكن ليست كل أنواع الضرر المذكورة واجبة التعويض، وإنما بعضها كما يأتي: فالضرر المادي الحال واجب التعويض كملاً، وكذلك الضرر المستقبل المحقق الوقوع. أما إن كان مستقبلاً غير محقق الوقوع، مثل أن يحدث المستأجر خللاً في العين المؤجرة يخشى معه من تهدمها، فالخلل ضرر حال واجب التعويض فوراً أما تهدم العين فهو ضرر مستقبل غير محقق الوقوع لايعوض إلا إذا تحقق.
أما الأضرار المادية غير المباشرة فلامحل للتعويض عنها؛ لانعدام صلة السببية بينها وبين خطأ مسبب الضرر المباشر الذي توالت منه سلسلة الأضرار غير المباشرة. وأما المباشرة فالمتوقع وغير المتوقع منها واجب التعويض، إذا كانت ناتجة من إخلال مسببها بالتزامه القانوني، غير التعاقدي، بعدم المساس بالمصالح المشروعة للآخرين (المسؤولية التقصيرية).
وأما إذا كانت ناتجة من إخلال مسببها بالتزام تعاقدي (المسؤولية العقدية)، فلايعوض قانوناً إلا عن الضرر المباشر المتوقع، على أساس شرط ضمني، اتفق عليه المتعاقدان بقصر المسؤولية عن الضرر المتوقع، والعقد يعتمد التراضي، ما لم يكن الضرر المباشر غير المتوقع ناشئاً عن غش المدين أو خطئه الجسيم؛ لأن الشرط الضمني المذكور عندئذ يكون باطلاً.
أما الضرر الأدبي فهو جائز التعويض قانوناً، ولكن لاينتقل الحق في المطالبة به إلى غير المضرور ما لم يكن قد تحدد بمقتضى عقد، أو طالب به الدائن أمام القضاء (المادة 223/1 من القانون المدني السوري). أما في الفقه الإسلامي، فمن متأخري الفقهاء من يرى أنه لايقبل التعويض، لأن أساس التعويض يقوم على الجبر بإحلال مال محل مال مفقود مكافئ لرد الحال إلى ما كانت عليه، وليس للألم ثمن يقوم به، لذا تكتفي المحاكم بتعويض رمزي عنه، لأنه مما لايقبل الاعتياض. ومنهم من أجازه على أساس أنه عقوبة تعزيرية عن معصية لأحدهم، فيها حماية للمجتمع.
.اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً