تغيير الأديان وأثره على الأطفال في القانون السوري
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
ذكرت إحدى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المتخصصة بالمجال القانوني قضية مفادها أن زوجاً مسيحياً هاجر مع زوجته إلى خارج القطر. وأثناء إقامتهما في الخارج ولدت له بنتا وتأخر في تسجيلها في سجل الأحوال المدنية لمدة شهرين أو أكثر. وخلال هذه الفترة عاد الزوج إلى سورية وأعلن إسلامه، فيما بقيت الزوجة على نصرانيتها وأرادت أن تسجّل طفلتها على ديانتها المسيحية وليس على الدين الجديد للأب. وثار الخلاف بين الزوجين فكل طرف منهما يريد تسجيل الطفلة على دينه. وهذه الواقعة قد لا تكون الأولى ولا الأخيرة ولاسيما في الظروف الأخيرة وبسبب تنقل المواطنين السوريين بسبب ظروف الحرب والهجرة؛ وهنا نطرح السؤال التالي ما هو موقف القانون السوري من هذا الخلاف؟
لم يتطرق قانون الأحوال الشخصية لهذه المسألة بنص خاص، مما يستوجب ـ عملاً بالمادة 305 من هذا القانون ـ الرجوع إلى الرأي الراجح من المذهب الحنفي الذي تضمّن أحكاماً خاصة بـ”الذميين”،
يتوجب إعمالها دون غيرها عند انعدام النص. وفي ضوء ذلك نجد أن المادة 124 من كتاب الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية على مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان، للمرحوم محمد قدري باشا، تعتبر أن الأولاد الذين يولدون للمسلم من الكتابية ذكوراً كانوا أو إناثاً يتبعون دينه؛ غير أن مؤلف الكتاب والذي يعتبر مرجعاً أساسياً تعتمد عليها المحاكم الشرعية في قضائها في كل ما لم يرد عليه نص في القانون، يشير في المادة 129 منه إلى أنه؛ إذا أسلم أحد الزوجين وكان بينهما ولد صغير، أو ولد لهما ولد قبل عرض الإسلام على الآخر أو بعده، فإنه يتبع من أسلم منهما إن كان مقيماً في دار الإسلام، سواء كان من أسلم من أبويه مقيماً بها أو في غيرها، فإن لم يكن الولد مقيماً بدار الاسلام فلا يتبع من أسلم من أبويه.
والحقيقة، إن العقيدة لا تحقق أثرها ولا تؤتي ثمارها وتصل بالإنسان إلى هدفها إلا إذا كانت وليدة الحرية والاقتناع والابتعاد عن الضغط والإكراه؛ فالبصير في التاريخ يشهد بأن النبي (ص) لم يسلَّ سيفاً لإرغام أحد من الناس على الدخول في دينه؛ فالهدى هدى الله، يهدي به من يشاء من عباده فالرسول الكريم كانت الكلمة الطيبة سلاحه وسبيله إلى القلوب؛ فلم يرضَ بالإكراه على الدين. أما ما ورد في الحديث من قوله (ص): “من بدّل دينه فاقتلوه”، فسببه أن المرتد من المشركين، في تلك الفترة، يعود بعد ردّته إلى محاربة المسلمين وإيذائهم، وهو مطلعٌ على عوراتهم، وقلة عددهم وعُددهم، وعالم بمواطن الضعف فيهم، فيكون لهذا شراً مستطيراً على المسلمين؛ فلهذا كان قتله أظهر من مشروعية قتال المشركين المحاربين للإسلام.
ولا شك أن هذا عمل يقره كل عاقل محب للعدل والإنصاف، كما أنه لم يروَ أبداً أن النبي (ص) قتل نصرانياً لأنه لم يسلم، ولم يُسمع أنه عذب كتابياً أو سجنه أو منعه من التعبد أو إقامة الشعائر الدينية، وإنما جاء في التاريخ أن رسول الله (ص) صالح نصارى نجران وكتب لهم عهداً جاء فيه، أنه: “لنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد على أموالهم وأنفسهم وملتهم وبيعتهم وغائبهم وشاهدهم وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير لا يغير أسقف من أسقفيته ولا راهب من رهبانيته ولا كاهن من كهانته ولا يحشرون ولا يعشرون ولا يطأ أرضهم جيش”.
فهل من سبيل إلى احترام هذا النهج النبوي والابتعاد عن كل تفسير يخالفه مهما علا شأن مفسره..؟!
اترك تعليقاً