تنظيم الإعلام المرئي والمسموع في القانون السوري
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
تطورت وتنوعت وسائل الإعلام حتى بات العالم أشبه بالقرية الصغيرة على حد تعبير العلامة “ماكبرايد”، وذلك بفضل استخدام الأقمار الصناعية لتوصيل الرسائل الإذاعية والتلفزيونية إلى كافة أنحاء المعمورة.
وأصبح الحدث أو الخبر ينقل في لحظة حدوثه لكافة بقاع الأرض. وساهم في ارتباط الشعوب بعضها بالبعض عن طريق وسائل الإعلام. وكان المشرّع السوري ومنذ فجر الاستقلال قد سعى إلى تقنين هذا القطاع فأصدر القانون رقم 68 تاريخ 17/1/1951 الذي تضمن النظام الأساسي للإذاعة السورية واستمر العمل به إلى عام 2002، حيث عدل بالمرسوم التشريعي رقم /10/، وسمح بموجبه إنشاء الإذاعات التجارية الخاصة، وتم تكليف رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الاعلام وضع قواعد منح التراخيص للإذاعات التجارية الخاصة. وعند صدور المرسوم التشريعي رقم 108 لعام 2011 والمعروف بقانون الإعلام خصّص المشرّع الفصل السادس من القانون لأحكام ترخيص الوسائل الإعلامية ومنها وسائل التواصل السمعي والبصري.
يقصد بالإعلام المرئي والمسموع كل عملية بث تلفزيوني أو إذاعي تتضمن بث برامج متسقة قوامها الصوت أو الصورة يستقبلها في آن واحد عامة الجمهور أو فئة معينة منه ولا تتصف بطابع المراسلات الخاصة وذلك باستخدام القنوات والموجات اللاسلكية وأجهزة البث والشبكات وغيرها من تقنيات ووسائل البث أو النقل البصرية أو السمعية.
ومن الضروري التأكيد إن تأسيس مؤسسات الإعلام المرئي والمسموع داخل أراضي الجمهورية العربية السورية يحتاج لترخيص مسبق من وزارة الإعلام. ويحظر القانون على أي شخص طبيعي أو اعتباري دون ترخيص مسبق استيراد أو تصنيع أو تركيب أو استعمال أي جهاز بث أو نقل بث بصري أو سمعي وتصادر من قبل الأجهزة المختصة الأجهزة القطع والمعدات المستوردة أو المصنعة أو الجاري تركيبها من دون ترخيص مسبق. وتطبق بحق المخالفين العقوبات المنصوص عليها في المرسوم التشريعي رقم 108 لعام 2011 .
ويراعى في إعطاء التراخيص لمؤسسات الإعلام المرئي والمسموع أمور عديدة يأتي في مقدمتها الإمكانيات والمواصفات التقنية والفنية لأجهزة البث والنقل بواسطة القنوات والموجات المخصصة لها ومستلزمات العمل من طاقات بشرية وبرامج وأمكنة وتجهيزات ومعدات واستوديوهات ومحطات وقدرة المؤسسة على تأمين نفقات السنة الأولى من الترخيص على الأقل ومصادر هذا التمويل الذي يجب أن يكون وطنياً بالمطلق.
ومن جانب آخر لا بد من مراعاة مدى قدرة القائمين على هذه المؤسسات وخبراتهم في المجال الإعلامي، وحرصهم على احترام القانون، وحقوق الغير والطابع التعددي للتعبير عن الأفكار والآراء، وموضوعية بث الأخبار والأحداث والمحافظة على النظام العام، وحاجات الدفاع الوطني ومقتضيات المصلحة العامة، والتزام المؤسسة عدم الحصول على أي كسب مالي غير ناجم عن عمل مرتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بطبيعة عملها، والتزامها عدم بث كل ما من شأنه تعكير صفو الوحدة الوطنية أو إثارة النعرات المذهبية أو الطائفية أو الإخلال بالمحظورات الواردة في قانون الإعلام.
وتتولى لجنة خاصة في وزارة الإعلام دراسة طلبات الترخيص من الناحية القانونية والفنية وتقدم الاقتراحات اللازمة بهذا الصدد لوزير الإعلام. ويشدد القانون على أن الترددات والذبذبات وسائر الموجات هي حق حصري للدولة لا يجوز بيعها أو التنازل عنها وتستعمل الوسيلة الإعلامية التردد أو الموجة عن طريق الاستئجار من الهيئة الناظمة للاتصالات ولا يمكن اعتبار حق الوسيلة السمعية أو البصرية في استعمال هذه الترددات بمثابة امتياز؛ كما لا يتولد للوسيلة عند نهاية عقد الاستثمار أي حق بالتعويض مهما كان نوعه؛ كما يمنع على المؤسسة التلفزيونية أو الإذاعية أن تبيع حقوقها التأجيرية أو جزءاً منها أو أن تتنازل عنها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وعند المخالفة يصار إلى توقيف المؤسسة عن البث حكماً.
وتنشأ المؤسسة التلفزيونية أو المؤسسة الإذاعية على شكل شركة محدودة المسؤولية أو شركة مساهمة مغفلة على أن يكون أكثرية الشركاء فيها حائزين شهادة جامعية ويجب ألا تزيد ملكية أي شريك وزوجه وأفراد أسرته من الأصول والفروع عن 20% في رأس مال الشركة التي تقدم الخدمة التلفزية ذات المحتوى الشامل أو المتخصصة منها بالأخبار والبرامج السياسية، و25% في باقي وسائل الخدمة التلفزية على ألا يكون مالكاً لأي نسبة في وسيلة خدمة تلفزية وطنية أخرى يكون لها نفس منهج المحتوى، و25% من رأس مال الشركة في وسائل الخدمة الإذاعية.
ويخضع كل بيع أو تنازل عن أسهم المؤسسة التلفزيونية أو الإذاعية لموافقة مسبقة من وزارة الإعلام، ويُعدّ باطلاً بطلاناً مطلقاً ودون مفعول حتى بين المتعاقدين كل عقد بيع أو تنازل أو تحويل يتناول أسهم المؤسسة التلفزيونية أو الإذاعية يجري خلافاً لأحكام قانون الإعلام. والترخيص للمؤسسة التلفزيونية أو الإذاعية يكون بقرار من وزير الإعلام ولا يصبح الترخيص ساري المفعول إلا بعد تصديقه من مجلس الوزراء؛ ومدة الترخيص هي عشر سنوات قابلة للتجديد بناء على طلب يقدم قبل انتهاء المدة بسنة على الأقل.
وتعطى الشركة الحاصلة على ترخيص مهلة سنة من تاريخ قرار الترخيص لوضع المؤسسة قيد العمل وفقاً للشروط المفروضة قانوناً، ويعد الترخيص ملغى حكماً بعد مضي هذه المدّة إذا لم تباشر الوسيلة عملها. ويتوجب على المؤسسات الإذاعية والتلفزيونية التقيد بشروط الترخيص وبالأحكام القانونية النافذة؛ كما تتحمل هذه المؤسسات المسؤولية المترتبة قانوناً عن أي خطأ في ممارسة نشاطها؛ وعند عدم التقيد يكون للوزارة أن توقف المؤسسة عن البث لمدة محددة وتكون قرارات وقف البث قابلة للمراجعة أمام القضاء الإداري. ويضاف إلى الرقابة الإعلامية اللاحقة نوع من الرقابة المالية على مداخيل المؤسسات التلفزيونية والإذاعية للتحقق من تقييدها بالقانون.
وختاماً، نشير إلى أن المرسوم التشريعي رقم 108 لعام 2011 حقق قفزة نوعية في مسيرة الإعلام السوري، فألغى الحصرية والاحتكار الذي كان سائداً في الفترة الماضية على هذا القطاع، وسمح للقطاع الخاص المشاركة في قطاع الإعلام المرئي والمسموع، وهو ما شكل انعكاساً صادقاً لعملية الإصلاح السياسي الذي اعتمدته القيادة السياسة في ترسيخ مفهوم التشاركية في مجال الإعلام، بما يسهم في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع السوري ويكون رديفاً للإعلام الرسمي في تكوين الهوية الوطنية والقومية للمواطن السوري.
القانونية: أمل عبد الهادي مسعود
اترك تعليقاً