إعادة نشر بواسطة محاماة نت
نظم مركز الخليج للدراسات بدار «الخليج» للصحافة والطباعة والنشر، ندوة عن حقوق الطفل، وسبل حمايته من جميع أنواع العنف، التي قد يتعرض لها؛ حيث شاركت فيها طلائع نسائية.
بداية، تولي دولة الإمارات العربية المتحدة الإنسان جل اهتمامها، وهذا ما ينعكس في استراتيجياتها وسياساتها وبرامجها التنفيذية المتعاقبة منذ نشأتها، وكذلك في خططها من أجل المستقبل، ولأن طفل اليوم هو رجل المستقبل، فإن القوانين المعمول بها في الدولة قد تعهدته برعاية خاصة، بدءاً من الاهتمام بأسرته، ومن ثم بكل شؤونه: الصحية، والتعليمية، والترفيهية، والتقويمية، وكل ما يوفر له مختلف أوجه الحماية مما قد يتعرض له من منغصات، حتى لو كانت من المقربين منه.
وقد تضمن القانون رقم 3 للعام 2016 تفصيلاً لحقوق الطفل؛ حيث حمل القانون نفس الاسم «حقوق الطفل»، ملحقاً باسم «وديمة» نسبة إلى الطفلة، التي كانت قد تعرضت لاعتداء. وقد كفل القانون «تمتع الطفل بجميع الحقوق المقررة بموجبه والتشريعات الأخرى السارية في الدولة، وحمايته دون تمييز بسبب أصله أو جنسه أو موطنه أو عقيدته الدينية أو مركزه الاجتماعي أو إعاقته».
واستعرض القانون الحقوق الأساسية للطفل، كما حظر تشغيله قبل سن ال15، ومن ثم استعرض الحقوق الأسرية، وأتبعها بالحقوق الصحية، والحقوق الاجتماعية، وبعد ذلك جاءت الحقوق الثقافية، والتعليمية.
وكان لافتاً أن القانون أفرد فصلاً خاصاً للحق في الحماية، معدداً عشر حالات خاصة تستدعي حق الطفل في الحماية من بينها: في حالة فقدانه للوالدين وعدم وجود عائل، والتعرض للنبذ والإهمال والتشرد، وسوء المعاملة بشكل معتاد، واستغلال التنظيمات غير المشروعة للطفل، وتعريضه للتسول، وإصابته بإعاقة عقلية أو نفسية يكون لها تأثير على إدراكه. كما تضمن حظراً لمجموعة من الأفعال التي من شأنها إيذاء الطفل.
ولم يكتف القانون باستعراض الحقوق، وبيان المحظورات في حق الطفل، وإنما تضمن بياناً واضحاً للآليات التي من شأنها ضمان توفير الحماية للطفل؛ بحيث تكون هناك وحدات خاصة بذلك، وأن يكون هناك اختصاصي حماية الطفل. كما أقرت تدابير مفصلة للحماية، ومع كل ذلك حدد القانون عقوبات رادعة بحق المتجاوزين لما تضمنه، وفي نفس الوقت فإنه اعتبر أن العقوبات المتضمنة «لا تخل.. بأية عقوبة أشد ينص عليها أي قانون آخر».
منظومة تشريعية متكاملة متطورة، لضمان حقوق الطفل، والسهر على راحته، تعكس الحرص الوطني على الاستثمار في العنصر البشري، انطلاقاً من أن عملية التنمية يقوم بها البشر لمصلحة البشر.
تحاول هذه الندوة تناول الموضوع عبر تدارس المحاور الآتية:
أولاً: منطلقات قوانين حماية الطفل في الإمارات.
ثانياً: المنظومة التشريعية الإماراتية لحماية حقوق الطفل.
ثالثاً: الآليات التنفيذية لقوانين حماية الطفل في الإمارات.
عفراء البسطي:
حديثنا يتمحور حول «قانون حماية الطفل»، ولهذا السبب كنت أتساءل إن كانت التشريعات والقوانين المرتبطة بحقوق الطفل في الإمارات مكتملة؟ وهل احتاجت إلى قانون مثل «قانون حماية الطفل» حتى يكمل هذه المنظومة التشريعية في الدولة؟
د. شيخة العري:
«قانون حماية الطفل» عايشته في لجنة الشؤون الاجتماعية ولجنة الطفل والعمل في المجلس الوطني الاتحادي حتى أقر في عام 2016، وفي البداية وصل القانون إلى المجلس باسم «قانون وديمة»، لكن حرصت الدولة وأعضاء المجلس الوطني على تغيير اسم القانون، وألّا يرتبط بحادثة مؤلمة متعلقة بالطفلة «وديمة»، وما تعرضت له من عنف أسري؛ ولذلك ارتأينا أن يكون القانون عاماً يحمل اسم «قانون الطفل»، وهذه الدولة حريصة على حفظ حقوق أفراد المجتمع الإماراتي، وحين نصدر القوانين فإننا نستند بذلك إلى التشريع الإسلامي، الذي حثّ على التسامح والحقوق الأسرية، والطفل حين تتوفر له كل جسور الأمن والأمان في أسرته فإنه سينشأ شخصاً متزناً في مجتمعه، وبعد ذلك نضمن له الحقوق الأخرى خلال تقدمه في السن، وشخصياً عايشت هذا القانون في مواده، وكيفية تغييرها، وحرص أعضاء المجلس على التشبث بتغيير بعض مواد القانون حتى يخرج بصورته الحالية.
عفراء البسطي
«قانون حماية الطفل»، أعدّ من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية في عام 2010، ووزع على الجهات المعنية في كافة إمارات الدولة، سواء على المؤسسات الحكومية أو شبه الحكومية وحتى مؤسسات النفع العام والجمعيات المعنية بحماية الطفل، وأخذت المدة أربع سنوات من 2010 إلى 2014؛ حيث تم الاستئناس برأي مجتمع الإمارات حول هذا القانون، وأرسل إلى المجلس الوطني للمناقشة والتعديل وإبداء الرأي عام 2013، وأصدر القانون عام 2016، ومثلما ذكرت الدكتورة شيخة أن هذا القانون ارتبط بحادثة أليمة هزت مجتمع الإمارات، المتمثلة في اغتيال أب لابنته وإخفائها فترة من الزمن، وتعذيب الابنة الأخرى. وبالنسبة لهذا القانون فقد اشتمل على حقوق معينة هي الحقوق الأساسية للطفل والحقوق الأسرية والصحية والاجتماعية والتعليمية والحق في الحماية، وأيضاً تحدث عن المحظورات التي تشكل خطراً على حياة الطفل ونمائه سواء في المجال الأسري أو الاجتماعي أو الصحي أو التعليمي، وأيضاً تحدث القانون عن واجبات مختص حماية الطفل وأفراد المجتمع للتصدي للأفعال التي تشكل خطراً على الطفل، وكذلك كان من المهم جداً ربط التبليغ بالحماية وعدم التشهير بالاسم، وفي الحقيقة هناك بند متكامل عن حماية المبلغين، وأطراف الواقعة والشهود، وينتهي هذا القانون بالعقوبات.
لكن لو عدنا بالأساس إلى دستور دولة الإمارات، فإن التشريعات الموجودة في الدولة والقوانين توفر الحقوق العامة للمواطن والأطفال بشكل خاص، إنما القانون الجديد وجوده يعد مهماً جداً، ولو نظرنا إلى الدستور فهناك المادة (7) التي تقول: «إن تشريعات الإمارات مستمدة من الشريعة الإسلامية»، والمادة (16) من الدستور تنص«على أن يشمل المجتمع برعايته الطفولة والأمومة، ويحمي القصّر وغيرهم من الأطفال العاجزين عن رعاية أنفسهم لسبب من الأسباب كالمرض أو العجز أو الشيخوخة أو البطالة الإجبارية، ويتولى مساعدتهم وتأهيلهم لصالح المجتمع»، وأيضاً المادة (17) التي تنص«على أن يكون التعليم إلزامياً في مرحلته الابتدائية، ومجانياً في كل مراحل حياته داخل دولة الاتحاد»، ولدينا أيضاً مجموعة من القوانين منها: «قانون الجنسية والجوازات»؛ حيث أعطى حقاً بأن يكتسب اللقيط جنسية الدولة، وهو ما نص عليه قانون الجنسية، بأن يعتبر مواطناً بحكم القانون، والقانون الاتحادي رقم (6) لسنة 1975 بشأن تنظيم قيد المواليد والوفيات وتعديلاته؛ حيث نصت المادة (11) «على أنه يجب على كل من يعثر على طفل حديث الولادة أن يسلمه إلى أقرب مخفر للشرطة، ويحرر محضراً بالملابسات والظروف التي وجد فيها المولود، يذكر فيها مكان العثور وتاريخه وساعته وجنس المولود وسنه حسب الظرف، ويختار للطفل اسماً ولقباً، وتثبت ديانته مسلماً». وبالنسبة لقانون الأحوال الشخصية، فقد تضمن القانون رقم (28) لسنة 2005 الكثير من الحقوق للطفل، أهمها: إثبات النسب في المادة 89؛ حيث يثبت النسب بالفراش أو بالإقرار أو البينة أو بالطرق العلمية إذا ثبت الفراش، والمادة (90) يثبت النسب في االوطئ بشبهة إذا ولد لأقل من مدة الحمل من تاريخ الوطئ، وتنص المادة على أنه ينسب نسب كل مولود إلى أمه بمجرد ثبوت الولادة، وبخصوص حضانة الطفل تضمنت المواد من 142 إلى 157 تعريف الحضانة، وأولويات حضانة الأطفال، وواجبات الحاضن، وشروط الحضانة، ومراعاة توفر أفضل شروط الحضانة للطفل.
وأيضاً تكلم عن الإنفاق على الطفل؛ حيث تضمنت بعض مواد القانون الإنفاق على الفتى حتى يعمل، والفتاة حتى تتزوج، وقانون أحداث الجانحين تضمنت مواده رقم (9) الكثير من الحقوق للأطفال، ويتفق سن الطفل في هذا القانون مع اتفاقية حقوق الطفل؛ حيث عرفت المادة الأولى من القانون بما يلي: «يعد حدثاً في تطبيق أحكام هذا القانون من لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره، وقت ارتكابه الفعل محل المساءلة»، وأيضاً هناك «قانون الضمان الاجتماعي».
إحسان مصبح السويدي
كان هناك مشروع «قانون حماية الطفل»، قامت بدراسته إمارة الشارقة منذ عام 2000، وعرض على مستوى دولة الإمارات، وجرت دراسته بشكل مستفيض حتى لا يكون هناك تعارض بين التشريعات على مستوى الإمارة والتشريعات على مستوى الدولة، واستمر هذا الحس بأنه لابد من وجود قانون للطفل، وبالتالي مثل هذا الحس الإنساني، والتلاحم بين الحكام والشعب جرت ترجمته، وتأكيد أهمية وجود قانون لحماية الطفل، تخلل ذلك حرص الدولة على الاهتمام بالطفل، وانضمامها إلى اتفاقية الأمم المتحدة عام 1995، وبعد ذلك انضمت إلى اتفاقية حقوق الطفل عام 1997، وحين وصلنا إلى قانون «وديمة»، ليست هي القضية التي أدت إلى وجود مثل هذا القانون، إنما القوانين الأخرى لم تكن شاملة ومتكاملة مثل: «قانون الأحداث»، فصحيح أن هناك الكثير من القوانين التي تعنى برعاية الأم والطفل، لكن حينما أصدر «قانون حماية الطفل» جرت إعادة دراسة ل«قانون الأحداث».
وفيما يتعلق بالتوعية، فإننا مع الأسف نركز على التوعية للمجتمع، غير أنها أيضاً للمعنفين، ولابد من حملات مكثفة للمدارس على أن تكون التوعية مشمولة على جميع أفراد المجتمع، ثم إن الإعلام تقع عليه مسؤولية كبيرة في حماية الطفل، وتقديم برامج توعوية وهادفة له، ولابد من وجود قاعدة للبيانات عن العنف وحجمه وكيفية علاجه، وبالتالي من المهم الانتباه إلى الدراسات والبحوث التي تشخص الواقع، وتضع الحلول، إضافة إلى أهمية التنسيق على كافة المستويات المحلية والاتحادية، خاصة وأننا أمام قانون شامل ومتكامل، عصري ومرن ويواكب متطلبات مجتمعنا، وتنفيذه يحتاج إلى وعي كامل به وبمختلف القوانين المتعلقة بالطفل. إذاً علينا تكثيف الحملات التوعوية بقوانين حماية الطفل، وخاصة القانون الأخير، ومن ثم محاسبة المقصرين عن حماية حقوق الأطفال.
وعليه، لابد من التأكيد في هذا الإطار، أن «قانون حماية الطفل» هو مسؤولية كل فرد في المجتمع، الأمر الذي يستدعي أهمية التسريع في إصدار اللائحة التنفيذية، وأن تكون شاملة بشكل واضح في آلية التنفيذ، وحينما نؤهل العاملين، ونضع لهم الحماية، فإن علينا وضع التدابير اللازمة قبل وصولها إلى القضاء، كما من المهم عقد دورات تدريبية لتنمية قدرات العاملين، خصوصاً في مراكز ألعاب الأطفال والحضانات، وهذه أماكن حساسة ومهمة.
د. حصة الغزال
لدى الشارقة تجربة مميزة في توفير بيئة آمنة ومثالية للطفل، وبرؤى سديدة من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وقرينة صاحب السمو حاكم الشارقة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، تعد إمارة الشارقة سبّاقة في السبعينات حتى قبل صدور القانون الدولي لحقوق الطفل في الثمانينات، بالاهتمام بحقوق الأطفال، وتوفير المرافق لهم، سواء تحت مظلة المجلس الأعلى للأسرة، مثل: مراكز الأطفال والناشئة، ومراكز الشباب، أو عديد المؤسسات المعنية، وصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي أمر بحضانات حكومية، وحين نتحدث عن حماية الطفل، فإننا نتحدث عن بيئة مثالية لوجود الطفل، وهناك حوادث حصلت للأطفال نتيجة تغيرات طرأت على المجتمع، وبالتالي في الإمارات هناك قوانين كثيرة تهتم بحقوق الطفل، لكننا بحاجة إلى مظلة اتحادية، وتنسيق أعلى على مستوى الدولة، ونحن بانتظار استراتيجية للأمومة والطفولة تواكب التحديات الموجودة في حقوق الطفل، وندعو إلى تسهيل الإجراءات، والحصول عليها من قبل جميع الفئات. وجميعنا متفق على أهمية وأولوية «قانون حقوق الطفل»، غير أننا بحاجة إلى مسرعات في التطبيق، والحكومة الرشيدة تبنت مسرعات كثيرة في محاور متنوعة، وندعو بأن يقترن «قانون حماية الطفل» بآليات واضحة، وأقصد بذلك مثلاً إيجاد آلية واضحة في موضوع التبليغ، على أن تنشر في الإعلام مع التركيز على حماية الشهود، حتى يكون هناك تغيير في ثقافة المجتمع، إلى جانب أهمية التدقيق على التطبيق.
ولا ننسى أن هناك تدقيقاً دولياً على تطبيق «قانون حقوق الطفل»، وفي عام 2020 يفترض أن تراجع لجنة الحقوق الدولية تقرير دولة الإمارات حول حقوق الطفل، وبالتالي علينا أن نعمل على المستويين المحلي والاتحادي، لتلافي أي إشكاليات أو قصور في موضوع حقوق الطفل، والحمد لله نحن في «عام الخير» ومن المفروض أن تتكاتف هذه الجهود على المستوى المجتمعي، وبالتنسيق مع المستوى الوطني والحكومي، وهناك مبادرة أطلقت عن طريق المجلس التنفيذي ودائرة الخدمات الاجتماعية، تتمحور حول شبكة لحماية الطفل؛ ولذلك من المهم تضافر كافة الجهود المحلية والاتحادية، والاستفادة من الخبرات على صعيد حماية الطفل.
على أنه في موضوع التوعية مثلاً يا حبذا الاسترشاد بتجربة الكويت من حيث نشر قانون معين على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الإعلام، وتسليط الضوء عليه، والقصد من ذلك أن فئة الشباب مثلاً يميلون إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، ما يحقق الغرض من حيث تعميم التوعية على أفراد المجتمع. في نهاية الحديث أدعو إلى تسريع وضع الآليات الواضحة، والتركيز على جميع مواد حقوق وحماية الطفل، بما فيها عدم التمييز حول الصحة والتعليم، والمشاركة والحماية والسلامة.
وفي موضوع آخر، يمكن القول، إن الجانب الأكاديمي لتدريب الاختصاصيين في التعامل مع الطفل يعد محدوداً؛ ولذلك نناشد الجامعات بإيجاد برامج أكاديمية للطلبة، الذين يتعاملون مع الطفل في المستقبل، أو عبر إدخال مواد عن «قانون الطفل» ضمن المتطلبات الدراسية، فضلاً عن أهمية الإطلاع على بعض التجارب الإقليمية والدولية في تفعيل الآليات، ومن ضمنها المصلحة الفُضلى.
غنيمة البحري
مع الأسف الشديد الجهود كانت مبعثرة نتيجة لوجود قوانين في أماكن مختلفة، الأمر الذي أدى إلى ظهور ازدواجية في العمل، وبالتالي نتيجة وجود بنود خاصة بحقوق الطفل في عدة قوانين، خلق لدينا إشكالية في الممارسة، لأن العديد من العاملين في المؤسسات الاجتماعية والمختصة بحقوق الطفل غير واعين كثيراً للقوانين، ثم إن القوانين السابقة لم يكن فيها أي بند خاص بإلزامية التبليغ. وحين نتحدث عن نظام الحماية، فإن علينا أن نلزم المعنيين برعاية الطفل وأن يبلغوا حول أي اعتداء أو إهمال بالطفل، لكن مع وجود قانون جديد، فقد جرى جمع قوانين ومواد في إطار واحد، وأصبحت عملية التبليغ إلزامية، وهذا أمر جيد.
ثم إن «قانون حماية الطفل» تحدث عن المصلحة الفضلى للطفل، والمشكلة أننا إذا تحدثنا عن واقع الحال فإن مسؤولية المسؤولين عن تنفيذ القانون، هي تحديد المصلحة الفضلى للطفل، والقانون لم يحدد تعريف المصلحة الفضلى للطفل، وموضوع اتخاذ قرار حول مصلحة الطفل هو أمر صعب؛ ذلك أنه ينبغي معرفة مؤهلات الشخص الذي من شأنه أن يحدد المصلحة الفضلى للطفل، وبخصوص حماية الطفل لا يوجد قانون يسند «قانون حماية الطفل»، وأتحدث هنا في حال كانت الأم تُعنف في المنزل والأطفال كذلك، بمعنى أنك إذا أردت أن تحمي الطفل فإنك بحاجة قبل ذلك إلى منظومة لحماية الأسرة، وبعضهم يقول إن قانون الأحوال الشخصية موجود، غير أن هذا القانون ينظم عملية الطلاق والزواج والنفقة.. إلخ، إنما نحن بحاجة إلى قانون لحماية الأسرة.
أضف إلى ذلك حول اختصاصيي حماية الطفل، يجوز القول، إن القانون لم يذكر مؤهلاتهم واختصاصاتهم وكيف يقيّمون نفسياً، وكيف تتم الرقابة على أدائهم، وترك هذا للائحة التنفيذية، ويوم عرضت علينا هذه الأخيرة لإبداء الرأي كان لدينا هذه التحفظات، لأننا شعرنا أن اللائحة التنفيذية نسخة من القانون مع بعض الاستطراد اللغوي. وفي حقيقة الأمر يجوز القول، إن قوة القانون بقوة اللائحة التنفيذية وشموليتها وتوسعها واختصاصاتها وتفصيل المواد القانونية؛ ذلك أن مهمة اللائحة التنفيذية تتصل بوجود آليات لتنفيذ القانون. ومع الأسف اللائحة التنفيذية ل«قانون حماية الطفل» غير مفصلة للقانون؛ ولذلك لابد أن تكون اللائحة واضحة جداً، كما أقترح في هذا الإطار إنشاء لجنة وطنية لحماية الطفل، تضم ممثلين من أصحاب القرار، للإشراف على تنفيذ القانون وتسريعه، ومتابعة كافة العقبات التي قد نواجهها حتى بعد التنفيذ، وقد يكون هناك لجنة عليا في وزارة الداخلية لحماية الطفل، لكن أتحدث هنا عن لجنة أوسع تضم أصحاب القرار.
مريم مطبونة
فيما يتعلق بإلزامية التبليغ، قبل صدور قانون «وديمة» كنا نواجه حالات لم ترغب في التبليغ، لكن قانون «وديمة» حسم الموضوع وتحدث صراحة عن إلزامية التبليغ، مع ذلك واجهنا مشكلات تتعلق بالتبليغ، الأمر الذي يقودني للتأكيد بضرورة الوعي بالتبليغ عن أي مشكلات تمس حقوق الأطفال، وحقيقة ركزنا على المدرسين والأخصائيين الاجتماعيين في المدارس، وأجرينا حملات توعوية، وشرحنا لهم القانون، ولاحظنا تخوفاتهم، إنما من المهم تعميم «قانون حماية الطفل» على المستويين المحلي والاتحادي؛ بحيث يكون هناك إلزامية من قبل الجهات المعنية بحقوق الطفل لجهة التبليغ عن أي إساءة بحق الأطفال؛ ذلك أن الوعي مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الجميع. وحين أقر القانون إلزامية التبليغ لاحظنا أن البلاغات الكيدية زادت بين الآباء والأمهات المنفصلين، وزادت البلاغات من الأطفال على آبائهم. وفي موضوع الخصوصية طرحنا مبادرة لتشفير البيانات؛ وذلك حفاظاً على الخصوصية فيما يتعلق بجميع أطراف القضايا المتعلقة بالأطفال من مبلغين وشهود، وهناك مبادرة آلية تلقي البلاغات والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، ثم إننا نعمل على موضوع تدريب العاملين في مجال حماية الطفل.
غير أنني هنا أناشد بضرورة توفر مراكز للإيواء في جميع إمارات الدولة، والتركيز على موضوع الرعاية اللاحقة.
شيرين العمور
في إطار عملنا لضمان حماية الطفل، لاحظنا زيادة البلاغات الكيدية خصوصاً في قضايا الطلاق، كما أن إلزامية التبليغ تعد أمراً مهماً لجهة سلامة الأطفال وتحصينهم، وموضوع التبليغ في نهاية المطاف يخدم فئات كثيرة من أفراد المجتمع، لكن هناك حالات يصعب التبليغ عنها حقيقة، كأن تبلغ طفلة عن والدها في موضوع بسيط، وبالتالي هذا الأمر بحاجة إلى المرور عليه إلى جهات مختصة قبل الوصول إلى الشرطة مثلاً. وفي هذه الندوة أقترح وضع تفصيل دقيق للأسس والمعايير التي يتم على أساسها تقييم العنف حتى نمنع إساءة استخدامه، والبيئة الفضلى للطفل حتى نخدم الهدف الأساسي للقانون المتمثل في حماية الطفل. وفي بند العقوبات، أقترح أن يتم فرض برنامج علاجي على المعنّف، لأن الهدف من القانون أن يعيش الطفل في بيئة فضلى، وبالتالي يهمنا أن نصلح العلاقة بين الأب والطفل من أجل ضمان الاستقرار الأسري.
منى اليافعي
سأتحدث هنا عن قوانين الأشخاص من ذوي الإعاقة؛ حيث إن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية سعت مع وزارة الشؤون الاجتماعية سابقاً بإصدار قانون لذوي الإعاقة رقم (29) لسنة 2006، وما يطبق على الطفل يطبق على الطفل من ذوي الإعاقة، إنما باختلاف الخصوصية في التعامل مع الأشخاص من ذوي الإعاقة. ومثلما ذكر أن من حق الطفل التعليم والصحة وأيضاً الدمج الاجتماعي، والحمد لله دولة الإمارات من الدول السبّاقة في الاهتمام بالأطفال ذوي الإعاقة، وبعد الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة، التي صادقت عليها دولة الإمارات عام 2009، فإن الاهتمام زاد أكثر في الدولة من حيث توفير الخدمات الخاصة للأشخاص ذوي الإعاقة. وحصلت معنا تجارب في موضوع التبليغ، بأنه حتى لا يصل ولي الأمر إلى الشرطة، فإننا نستبق ذلك بتبليغ دائرة الخدمات الاجتماعية عن ولي الأمر، بأن الطفل معنف، والمطلوب التعامل مع الموضوع قبل مرحلة الوصول إلى الشرطة، وفي حقيقة الأمر القوانين موجودة، إنما نلاحظ صعوبة في عملية التنفيذ، وهذا يقود إلى الحديث عن عدم الوعي في تنفيذ العديد من القوانين واللوائح القانونية.
أضف إلى ذلك، أن هناك خدمات متوفرة في إمارات معينة، وغير متوفرة في إمارات أخرى، وأتحدث هنا عن خدمات لذوي الإعاقة. بخصوص موضوع تأخير العقوبة، يا حبذا إيجاد حل له، وعدم الاستطالة في تنفيذ العقوبة، لأن العقوبة بحد ذاتها تشكل رادعاً لكل من تسول له نفسه تعنيف الأطفال. وفيما يتعلق بالتعليم المسائي، أوعزت الشيخة جميلة بنت محمد بن سلطان القاسمي بفتح مساق تعليمي للكبار في الفترة المسائية، أما بالنسبة للأطفال من ذوي الإعاقة السمعية فإنهم يدرسون في فترة الصباح. وفيما يتعلق بتوصيات الندوة من المهم وضع آليات لتنفيذ القانون والتوعية الفاعلة لمختلف أفراد المجتمع على كافة الصعد.
عفراء البسطي
الوعي هو سبب المشكلة، والحل الوحيد في وعي المجتمع، ويجب أن تتضافر جهود كثيرة، جهود المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني في تنفيذ هذا الوعي، ويجب أن تكون هناك آلية واضحة تشمل عدم التكرار، وملء الثغرات الموجودة في العمل. ومن على هذا المنبر ندعو وزارة التربية والتعليم استناداً ل«قانون حماية الطفل»، إلى التأكيد إلزامية التعليم في المرحلة الابتدائية.
ويا حبذا لو أن هناك تعليماً منزلياً، وضماناً للاختبارات في نهاية العام، دون الدخول في منظومة المدارس؛ بحيث يتكفل، مثلاً، الأهالي غير المتمكنين مادياً من تعليم أبنائهم، للحصول على الكفاءات والمهارات اللازمة للمرحلة الابتدائية، وعلى أن تطبق اختبارات معينة، فهل هذا المقترح قابل للتحقيق؟
أيضاً إن هناك موضوعاً مهماً يتعلق بالاعتماد على أخذ الأقوال من الأطفال في المراكز المعنية بحماية الطفل؛ إذ من المهم بناء الشراكات بين الجهات القضائية وجهات حماية الطفل في الحصول على البيانات، واعتماد التقارير الصادرة عن دور إيواء حماية الطفل، إضافة إلى ذلك ينبغي تضمين بند المصلحة الفضلى في «قانون حماية الطفل»، أو إدماجه في اللائحة التنفيذية للقانون.
فاطمة البلوشي
مع الأسف الشديد نعاني من وجود أسر غير قادرة على تقديم التعليم لأطفالهم، بسبب الإمكانات المادية، وفي حين توجد مدارس خيرية، إلا أنها تمتلئ سريعاً، مما يحرم بعض الأسر غير المتمكنة مادياً من تعليم أبنائها؛ ولذلك نعاني من هذا الموضوع. أما بخصوص موضوع التعليم المنزلي فلا أتفق مع هذا الاقتراح، ذلك أن الطفل بحاجة للتعرف إلى أقرانه، وله الحق بوجود مُدرّس له، وأن يدرس في منظومة متكاملة. أما فيما يتعلق بموضوع التبليغ، أتساءل إن كان القانون يحمي المبلغ في حال صور مثلاً شخصاً عنّف طفلاً أو طفلة؟
ولذلك ينبغي النظر في بعض الأمور المتعلقة بحماية الشهود، وخاصة في تصوير الواقعة، وعليه أرى من الضروري التوسع في الحملات التوعوية والتثقيفية في جميع المؤسسات والدوائر والمراكز المعنية، لأن أغلب الحملات التوعوية متركزة في المدارس والمراكز التعليمية.
وأعتقد أن تعميم القانون والإلمام به ينبغي أن يطال كافة المؤسسات في الدولة، وحين نثقف الموظفين والآباء والأمهات فإن هذا يفيدنا، لأننا نوعي المجتمع وليس مؤسسة تعليمية بعينها أو جهة حكومية.
مواهب حسن
نحتاج إلى تدريب وتثقيف للاختصاصيين وذوي العلاقة بتنفيذ «قانون حماية الطفل»، وأقصد بذلك توزيع القانون على الهيئات الإدارية في المدارس والأخصائيين الاجتماعيين أيضاً؛ ولذلك أؤكد مرة أخرى أهمية توعية وتثقيف الاختصاصيين والمعنيين بتنفيذ القانون، وتعميمه على جميع المؤسسات ذات الصلة.
فاطمة المهيري
موضوع التوعية بقوانين حماية الطفل، هو أمر ضروري ومهم حقيقة، لأن المعرفة بالقوانين تجنب الوقوع في المشكلات، وتسهم في تحصين المجتمع، وبالتالي فإن فكرة توزيع «قانون حماية الطفل» جيدة، ويا حبذا أن يوزع على الجميع، مؤسسات حكومية، وغير حكومية، والهيئات التدريسية، وحتى الأهالي، إلى جانب أهمية عقد ندوات تستهدف توعية المجتمع بشكل عام.
ومرة أخرى أؤكد موضوع التوعية واستدامتها سواء في «قانون حماية الطفل» أو في مختلف القوانين التي تهم أفراد المجتمع، والمواظبة على قراءة القوانين، ومواكبة مستجداتها كونها تشهد تعديلات، إلى جانب أن من المهم تعميم فكرة محاكم الأسرة، على أساس أن الأخيرة توفر الخصوصية لأطراف النزاع.
المشاركات في الندوة
شاركت في «ندوة حقوق الطفل»: عفراء البسطي: عضو المجلس الوطني الاتحادي، مدير عام «مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال».
د. شيخة العري: أستاذ جامعي في كليات التقنية العليا بالشارقة وعضو المجلس الوطني الاتحادي سابقاً.
فاطمة علي المهيري: رئيس لجنة شؤون الأسرة في المجلس الاستشاري بالشارقة.
إحسان مصبح السويدي: مستشار اجتماعي في المجلس الاستشاري بالشارقة.
د. حصة خلفان الغزال: المدير التنفيذي لمكتب الشارقة إمارة صديقة للطفل.
منى عبدالكريم اليافعي: مدير «مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية».
ملازم أول مريم مطبونة: مركز وزارة الداخلية لحماية الطفل.
غنيمة البحري: مدير إدارة الرعاية والتأهيل في «مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال».
فاطمة البلوشي: مدير في «مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال».
مواهب حسن يوسف: مدير الخدمات الاجتماعية في «مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال».
شيرين العمور: مختص اختبارات نفسية في «مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال».
الإبلاغ عن المشكلات المهددة لسلامة الطفل
أكدت المشاركات في «ندوة حقوق الطفل»، أهمية الوعي المجتمعي بضرورة التبليغ عن أي مشكلات قد تهدد سلامة الطفل، والوعي بالقوانين المتعلقة بالطفل سواء في إطار الأسرة أو في إطار المدرسة.
وطالبن بتوزيع «قانون حماية الطفل» على المدارس والأخصائيين الاجتماعيين والأسر وكل المعنيين بالطفل،
وإقامة دورات توعوية للتعريف بالقانون، وأهميته في ضمان حقوق الأطفال وحمايتهم، وعدم التأخر في إصدار القرارات والعقوبات المتعلقة بأي مشكلات تهدد سلامة الطفل.
ودعت المشاركات إلى إيجاد قانون للأسرة، يدعم «قانون حماية الطفل»، وتوفير قاعدة بيانات وإحصائيات تحدد المشكلات المتعلقة بتعنيف الطفل والاعتداء عليه، وتأكيد دور الإعلام باعتباره شريكاً في المسؤولية الاجتماعية، واحترام خصوصية الطفل المعتدى عليه. وأكدن أهمية تشكيل لجنة وطنية لحماية حقوق الطفل، واللجوء إلى المؤسسات المعنية بالطفل، لحل المشكلات قبل الاحتكام إلى القضاء، وتوفير مراكز إيواء للأطفال المعنفين في مختلف مؤسسات وإمارات الدولة، وتعميم فكرة محاكم الأسرة، للحفاظ على خصوصيتها، وحماية خصوصية المبلغين والشهود عبر تشفير البيانات الخاصة بهم.
اترك تعليقاً