المرأة بين قانون المسيحية والإسلام
د. أسامة بن سعيد القحطاني
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
كثيرا ما يسلط الغربيون الضوء على بعض قوانين الإسلام تجاه المرأة حسب نظرهم، وينسون أو يتناسون أنهم ورثوا أسوأ تاريخ للتعامل مع المرأة إلى زمن قريب، بينما بقراءة النموذج الإصلاحي والعادل الذي جاء به الإسلام نجد حجم الفارق الكبير بين رؤية الإسلام للمرأة وبين جميع الأديان والمذاهب آنذاك قبل 15 قرنا من الزمان، وهدف هذه المقارنة هو فقط إبراز بعض الجوانب التي قد يغفل البعض عنها.
فبينما المرأة في الإسلام هي أم البشرية وتحمل الحق الأكبر في الرعاية أكثر من الأب، لكنها حسب الرؤية المسيحية هي سبب الخطيئة التي أغوت آدم عليه السلام، وسبب الإثم والمعصية في الكون، كما في عديد من المواضع في الكتب المقدسة لديهم، ومن هذا الأصل؛ جاء كثير من التشريعات المسيحية مثل أن المرأة نجسة في فترة الطمث والنفاس حتى تنتهي، بل في أحد النصوص أنها تنجس أي شيء تلمسه أيضا! بينما رواية الإسلام أن الإغواء بوضوح جاء من إبليس (فدلاهما بغرور)، وليس المرأة المتمثلة في أمنا حواء عليها السلام.
وعند الحديث عن الحقوق؛ فأبرز تلك الحقوق هو حق الميراث الذي كفله الإسلام للمرأة في تلك المرحلة السوداء التي كانت المرأة فيها جزءا من الإرث ولا ترث شيئا، فعند وفاة الزوج تكون إرثا لأخ الزوج المتوفى إن أراد زواجها دون قرارها في مصيرها (سفر التثنية)، بينما حرم الإسلام مجرد الشغار في النكاح، وكفل للمرأة حق فسخ النكاح حال تزويجها دون رضاها.
كما أن المرأة لم يكن لديها شخصية مالية مستقلة، بل كانت تصرفاتها المالية مرهونة بموافقة الزوج، وهو مبدأ قانوني معروف في بريطانيا مثلا بـ Coverture، استمر العمل عليه إلى أن صدر قانون Married Women’s Property Act عام 1893، واستمر هذا أيضا في أمريكا إلى الستينيات الميلادية، بينما هذا حق مكفول للمرأة في قانون الإسلام قبل 15 قرنا.
هناك كثير من التشريعات في المسيحية تأتي في هذا السياق، وتعد مخالفة لمبدأ فطرة الإنسان مثل منع الطلاق بين الأزواج، حيث يعتبر الزواج لديهم عقدا مقدسا من الله ولا يحق للإنسان فكه، بل يجب على المرأة والزوج أن يستمرا في علاقة الزواج مهما كان الأمر إلا في حال زنا أحد الزوجين أو اختلال أحد شروط صحة العقد التي نادرا ما تحدث، بينما يراعي الإسلام فطرة الإنسان وطبيعته التي ترتبط بالخطأ والخلاف الذي قد ينشأ في أي وقت، ولذا لجأ كثير من المسيحيين إلى الطلاق المدني، وبعض الطوائف المسيحية الحديثة اضطرت إلى إلغاء الحكم وتغييره، ووصل الأمر إلى اعتبار أن الزواج بعد الزوجة الأولى يعتبر زنا، كما أن الزواج من مطلقة يعتبرونه زنا “إنجيل لوقا ومتى”، بينما في الإسلام هناك عدد من الطرق لإنهاء عقد الزوجية بين الخلع والطلاق والفسخ حسب الموقف والحاجة، ما يتوافق مع فطرة الإنسان وحقه في اختيار شريك حياته.
ومن الأمانة العلمية ذكر أن كثيرا من المذاهب المسيحية الحديثة لم تعد تؤمن بهذه الأفكار، كما أن هناك تفاوتا كبيرا بين طائفة وأخرى.
الخلاصة: إن الإسلام يعتبر صرخة إصلاحية قبل 15 قرنا، لا توجد أي فكرة تشابهه في تعزيز حقوق الإنسان والمرأة، بل حتى الحيوان، خاصة إذا ما قارناه بالقوانين والأفكار السائدة آنذاك، ولكن مع الأسف بعض الاجتهادات المعاصرة تحاول إعادة الاستبداد وهضم الحقوق بتفسيرات قاصرة وبعيدة عن مقاصد الإسلام العامة.
اترك تعليقاً