شراء المسروقات في الشرع والقانون
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
أفرزت الأحداث التي تشهدها سورية ظاهرة غريبة عن قيم المجتمع السوري وعاداته ، وهي بيع مسروقات المنازل المنهوبة , أو ما يعرف في الاصطلاح القانوني تصريف الأشياء المسروقة، فأضحى لها تجار وأسواق وزبائن يقصدونها، ولا يوجد من يقول بإثم الشاري أو السارق أو ينكره، وإن كان شراء المال المسروق من الصور التي حرمها الإسلام وحاربها وحاصر المجرم في أضيق دائرة؛ إذ لم يحل للمسلم أن يشتري شيئاً يعلم أنه مغصوب أو مسروق أو مأخوذ من صاحبه بغير حق؛
لأنه إن فعل ذلك، يُعين السارق أو المعتدي على سرقته وعدوانه وقد قال رسول الله (ص): “من اشترى سرقة وهو يعلم أنها سرقة فقد اشترك في إثمها وعارها”؛ فالأشياء المسروقة التي يعلم أنها مسروقة لا يحل له شرائها؛ فطول الوقت للبضاعة المسروقة أو المنهوبة لا يجعل الحرام حلالاً ولا يسقط حق المالك الأصلي عن بضاعته المسروقة بمرور الزمن؛ والشاري سيكون شريكاً للسارق بلا ريب عندما يشتري منه البضاعة المسروقة، لأنه سيشجعه على سرقة غيرها. والله تعالى يقول في كتابه العزيز: “والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء ً بما كسبا نكالاً من الله”.
وإذا انتقلنا من النظرة العامة لهذا النص الجزائي إلى نظرة خاصة، فإننا بقليل من التأمل، ندرك ما له من قيمة في الصياغة التشريعية؛ فقد نص على الجريمة والمجرم بلفظ واحد هو السارق؛ ونص كذلك على العقوبة وحجمها ووجوب تنفيذها وفلسفتها؛ “فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله”؛ ونص كذلك على مصدر التشريع؛ وسلطة المشرّع القائمة على أساس العدل وتحقيق الأمن والأمان لعموم المواطنين.
وقد أكد المشرّع السوري في المادة 220 من قانون العقوبات أنّ: “من أقدم فيما خلا الحالات المنصوص عليها في الفقرة الخامسة من المادة 218 وهو عالم بالأمر على اخفاء أو بيع أو شراء أو تصريف الأشياء الداخلة في ملكية الغير والتي نزعت أو اختلست أو حصل عليها بجناية أو جنحة، عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من مائة إلى مائتي ليرة”.
ونظراً لارتباط جريمة شراء المسروقات بجرائم أخرى وليس جريمة السرقة فحسب، فقد علل واضع القانون إدراج شراء وتصريف الأشياء المسروقة في باب التدخل، وليس في باب جرائم السرقة في المذكرة التوضيحية للأسباب الموجبة للتعديل بالقول:
“لم يبحث قانون العقوبات عن جرم بيع وشراء الأموال المسروقة وكثيراً ما يكون هذا الجرم مستقلاً عن حالات التدخل، ولا يمكن معاقبة فاعله باعتباره متدخلاً بجرم السرقة، لذلك فقد أضيفت حالتا بيع وشراء المال المسروق أو المختلس، وإجمالاً المال الذي حصل عليه بجناية أو جنحة للحالات المبينة في المادة 220”.. وهذا النهج في محله، ولكن حبذا لو يقوم المشرّع بتشديد العقوبة لمواجهة هذه الظاهرة التي باتت علنية وخطيرة، وتشكل إفساداً للمجتمع وإيقاعاً للضرر بمال الغير، وبالاقتصاد الوطني وتوقد نار الفتنة وتزيد الفساد.
اترك تعليقاً