عدم صلاحية القاضي النظر بدعوى مالسبب شخصي يتعلق به
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
بسم الله الرحمن الرحيم
سبق وان قدمت بحثا عن انعدام الحكم القضائي لعدم ولاية المحكمة وحددت فيه حالات عدم ولاية المحكمة فذكرت منها حالة عدم ولاية المحكمة بسبب من القاضي وذكرت أمثلة عليها كإحالته على التقاعد وكما لوكان محجوبا قانونا النظر بالدعوى في حال جمعه صفتين بدعوى واحدة قاضي نيابة وقاضي حكم
وحيث أن مفهوم عدم صلاحية القاضي هو المفهوم نفسه لمدلول عدم ولاية القاضي ومفهوم عدم الولاية أعم وأشمل من مفهوم عدم الصلاحية فكلاهما معناهما واحد اذ تعني حجب القاضي عن النظر بدعوى ما أو زوال ولايته للنظر فيها لسبب يتعلق بشخصه او بصفته وبحثنا هذا يدور بحالة عدم صلاحية القاضي او عدم ولايته النظر بدعوى ما لسبب شخصي يتعلق بالقاضي نفسه لأن مفهوم عدم الصلاحية بسبب صفة القاضي عالجها قضاؤنا بشكل كبير وضرب عليها أمثلة واجتهادات عديدة فلا مجال لذكرها الآن
وتتحقق حالة عدم صلاحية القاضي لسبب يتعلق به :
((في حال قيام القاضي بنظر دعوى ما سبق وأن نظر أو قدم مشورة أو أبدى رأيا شفهيا أو كتابيا أو قضى حكما فيها))
وهذه الحالة تتعلق بشخص القاضي نفسه في حال قيامه بذاته بالنظر بذات الدعوى بين ذات الخصوم مرتين متتاليتين سواء بدرجة واحدة من درجات التقاضي أو بدرجتين مختلفتين
وهذا الحالة تختلف عن حالة عدم الصلاحية لسبب يتعلق بصفة القاضي التي تتحقق في حال جمع القاضي صفتين بدعوى واحدة (كقاضي نيابة وقاضي حكم ( مادة 56 أصول جزائية و88 من قانون السلطة القضائية)أو قاضي بداية وقاضي استئناف) فهذه الحالة تستوجب للأخذ بها أن يكون القاضي قد نظر بنفس الدعوى بصفتين مختلفتين بدرجتين مختلفتين من درجات التقاضي
أما حالة عدم الصلاحية لسبب شخصي يتعلق بالقاضي نفسه فهذه الحالة تتعلق بالقاضي بشخصه وليس بصفته فان سبق للقاضي ان أبدى رأيا أو قدم مشورة بدعوى ما سواء قبل عرض النزاع أمامه أو خلال عرضه أو اذاقضى حكما بها فانه يضحى غير صالح للنظر بهذه الدعوى مرة ثانية وقوام هذا المبدأ هو :
(عدم الحيادية ) الأساس الذي يبنى عليه عمل القاضي وهوأن يكون حياديا عن الدعوى وخصومها فان سبق وان استشاره احد الخصوم بها فانه يضحى غير حيادي للنظر فيها فتزول ولايته كقاضي لعدم الحياد وقانوننا السوري لم يقنن هذا الحالة بنص قانوني بل قنن حالات رد القاضي وكان أولى بالمشرع أن ينص على حالة عدم صلاحية القاضي تزامنا مع تقنينه رد القضاة وحسنا فعل المشرع المصري الذي أدرج لها نصين قانونيين مستقلين عن النصوص المتعلقة برد القضاة هما نص المادتين(146/5 و147/ 1 ) أوردها في الباب الثامن من قانون المرافعات المصري وفيما يلي نصهما : ((عدم صلاحية القضاة و ردهم و تنحيتهم))
مادة 146 – يكون القاضىغير صالح لنظر الدعوى ممنوعا من سماعها و لو لم يرده أحد من الخصوم فى الأحوالالآتية
-1 – اذا كان قريبا أو صهراً لأحد الخصوم الى الدرجة الرابعة
-2 – اذا كان له أو لزوجته خصومة قائمة مع أحد الخصوم فى الدعوى أو مع زوجته.
-3- اذا كان وكيلا لأحد الخصوم فى أعماله الخصوصية أو وصيا عليه أو قيما أومظنونة وراثته له أو كانت له صلة قرابة أو مصاهرة للدرجة الرابعة بوصى أحد الخصومأو بالقيم عليه أو بأحد أعضاء مجلس إدارة الشركة المختصمة أو بأحد مديريها و كانلهذا العضو أو المدير مصلحة شخصية فى الدعوى
4-اذا كان له أو لزوجته أو لأحدأقاربه أو أصهاره على عمود النسب أو لمن يكون هو وكيلا عنه أو وصيا أو قيما عليهمصلحة فى الدعوى القائمة
5-اذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم فى الدعوىأو كتب فيها و لو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء ، أو كان قد سبق له نظرها قاضيا أوخبيرا أو محكماً،أو كان قد أدى شهادة فيها
مادة 147 – يقع باطلا عمل القاضىي و قضاؤه فى الأحوال المتقدمة الذكر ولو تم بأتفاق الخصوم
و اذا وقع هذاالبطلان فى حكم صدر من محكمة النقض جاز للخصم أن يطلب منها إلغاء الحكم و إعادة نظرالطعن أمام دائرة أخرى
وقد حدد المشرع المصري الغاية من تطبيق عدم صلاحية القاضي بسبب يتعلق بشخصه بقوله:
((أن الغاية من إبداء الرأى الموجب لعدم صلاحية القاضى إفتاء كان أو مرافعة أو قضاء أو شهادةهو أن يقوم القاضى بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو معلومات شخصية فيها ))
ووضح الفقه المصري عند تصديه لشرح نص المادتين 146 /5و147 /1 قانون مرافعات مصري حالة عدم الصلاحية لسبب يتعلق بالقاضي بقوله:
((خامساً :إفتاء القاضي أو مرافعته أو سبق نظره أو شهادته في الدعوى))
يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى إذا كان قد افتى أو ترافع عن أحد الخصوم فيالدعوى أو كتب فيها حتى ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء وحكمه ذلك إن الإفتاء أوالكتابة أو المرافعة في الدعوى قد تحمله على التثبت برأيه الذي أبداه حتى ولو خالفمجرى العدالة وقد يضم ادئه مما قد ينيره أحد الخصوم من دفاع حتى ولو طابق حكمالقانون على أنه لا يعتبر موجبا لعدم الصلاحية إبداء القاضي رأيه في نقطة قانونيةمن نقطة القضية وذلك في مؤلف وضعه أو مقال كتبه ولو أثناء توليه القضاء أو كان قدأصدر عدة أحكام اعتنق فيها مذهبا قانونيا معينا
وأخيرا فإن القاضي يكون غيرصالح لنظر الدعوى00 إذا كان قد أدى شهادة فيها لأنه بذلك يكون قد أبدى رأيه فيالقضية وقد تحمله رغبته في تأكيد صدق شهادته على أن يتثبت بما أبداه في القضية منشهادة غير عالجا بما قدم فيها من أدلة قد تكون حاسمة أو قد يعتمد في حكمه في الدعوىعلى الشهادة التي سبق له أن أبداها وهو باعتماده في الحكم على ما شهد به يكون قدحكم بعلمه وهذا غير جائز .
ومنع القاضي من نظر الدعوى التي ادلى فيها بشهادةيتمشى مع مبدأ أن القاضي لا يجوز له أن يقضي بناء على معلوماته الشخصية ولأن العلمالشخصي هنا يمثل تقدير القاضي وعلة عدم الصلاحية للقاضي للفصل في الدعوى التي سبقله نظرها قاضيا أو خبيرا أو محكما هي خشية أن يلتزم رأيه الذي يشف عنه عمله المتقدموبأمن من التحرر منه أو يصعب عليه الأخذ برأي مخالف فيتأثر قضاؤه))
وأفاض الاجتهاد المصري كثيرا بحالة عدم صلاحية القاضي لسبب متعلق به نذكرمنها:
))مؤدى النص في المادتين 146 و 1/147 من قانون المرافعات أن القاضى إذا ما كشف عن إعتناقه لرأى معين في دعوى سابقة متصلة بالدعوى المطروحة عليه فإن ذلك يفقده صلاحيته للحكم فيها و إذا ما حكم وقع حكمه باطلاً ، و لما كانت أسباب عدم صلاحية القاضى لنظر الدعوى تتعلق بالنظام العام فيجوز التمسك بها أو بإحداها لأول مرة أمام محكمة النقض بشرط أن يثبت أنه كان تحت نظر محكمة الموضوع عند الحكم في الدعوى جميع العناصر التى تتمكن بها من تلقاء نفسها من الإلمام بهذا السبب و الحكم في الدعوى على موجبه ))
((لما كان ذلك ، و كان البين من الصورة الرسمية من الحكم 15 سنة 1975 كلى أحوال شخصية ” بورسعيد أن السيد رئيس المحكمة كان هو رئيس الدائرة التى أصدرت ذلك الحكم الذى جاء في أسبابه أن المحكمة لا تطمئن إلى سلامة عقد البيع المؤرخ في 1971/5/13 و لم تأخذ به ، و كان في الوقت نفسه هو رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم في الدعوى رقم 165 لسنة 1976 مدنى كلى بورسعيد الذى قضى بصحة و نفاذ ذلك العقد برغم أن الحكم الصادر في الدعوى الأولى كان تحت بصر الدائرة عند الحكم مما يجعلها غير صالحة لنظر الدعوى و ممنوعة من سماعها و يكون حكمها فيها باطلاً و إذ أيده الحكم المطعون فيه و أحال إليه في أسبابه دون أن ينشىء لنفسه أسباباً مستقلة فيكون هو الأخر قد صدر باطلاً ))(١٣
المرجع :أحوال عدم الصلاحية بالقاضي أحكام محكمة النقض المصرية القواعد القانونية – جوريسبيديا القانون المشارك
((عدم صلاحية القاضي لنظر دعوى سبق له نظرها قاضياً. علته. ما يشترط فيالقاضي من خلو ذهنه عن موضوع الدعوى حتى يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً))0
((النص في المادة 146 من قانون المرافعات على عدم صلاحية القاضي لنظرالدعوى ووجوب امتناعه عن سماعها إن كان قد سبق له نظرها يقتضي – وعلى ما جرى بهقضاء هذه المحكمة – ألا يقوم القاضي بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو معلومات شخصيةتتعارض مع ما يشترط فيه من خلو الذهن عن موضوعها حتى يستطيع أن يزن حجج الخصوموزناً مجرداً))
((إبداء القاضي رأياً في القضية المطروحة عليه. سبب لعدم صلاحيتهلنظرها. وجوب تفسير القضية المطروحة بمعناها الواسع))
المرجع موسوعة الاحكام العربية – الاحكام المصرية
والاجتهاد القضائي السوري بهيئته العامة أخذ بحالة عدم صلاحية القاضي بسبب يتعلق بالقاضي نفسه بنصوص قليلة نذكر شذرات منها قضت بهاالهيئة العامةلمحكمة النقض بقولها :
((يمتنع على القاضي أن ينظر في دعوى أبدى فيها رأيا شفهيا أو مكتوبا))
واستطردت الهيئة العامة قولها:
(( 00 ان مشاركة القاضي بإصدار حكم بمرحلة معينة يعني أنه كون رأيا في النزاع واتخذ قرارا ينم عن هذا الرأي بشكل مكتوب وبالتالي تكون ولايته قد انتهت في هذه المنازعة وانتقلت الولاية الى هيئة أخرى أعلى درجة من المحكمة التي صدر الحكم بالمنازعة عنها بمشاركة هذا القاضي وهذا يعبرعنه قانونا بعدم الصلاحيةعندالقاضي))
هيئة عامة اساس1530 قرار 163 لعام 2007 حسم :/10/4/2007
نتائج وآثارعدم الصلاحية :-
حدد الفقه المصري حين تصديه لشرح نص المادتين 146 و147 نتائج عدم صلاحية القاضي بسبب يتعلق بالقاضي نفسه بقوله:
((متى قامت بالقاضي حالة من حالات عدم الصلاحية المشار إليها آنفاأصبح بقوة القانون الإجرائي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها ولو لم يردهأحد من الخصوم عنها . ويجب عليه من تلقاء نفسه أن ينتحي عن نظر تلك الدعوى فإذانظرها مع ذلك وتبين المادة 147 مرافعات البطلان جزءا على عمل القاضي في الأحوالالمتقدمة حتى ولو تم عمله باتفاق الخصوم وارتضائهم لحكمة))
فالمشرع المصري بنصي المادتين 146 و147 مرافعات مصري والفقه ربط بطلان عدم الصلاحية بالنظام العام وهو في هذه الحالة عد القاضي الذي يصدر حكما وهو غير صالح لإصداره لتحقق حالة عدم الصلاحيةبه(معدوما) بدليل أن المادة 147 قانون مرافعات عدت هذا البطلان مطلقا لتعلقه بالنظام العام حتى ولو قبل أطراف الدعوى بالقاضي ولم يدفعوا بهذا السبب لأن المقياس الذي انتهجه المشرع المصري والفقهاء بذلك هو:
((تحقيق العدالة والحيادية بالقاضي كأساس لحكمه بشكل مطلق))
وحسنا فعلت محكمة النقض السورية حين تصدت لحالة عدم الصلاحية بسبب يتعلق بالقاضي نفسه وليس بصفته اذ عدت حكمه بدعوى سبق وأن ابدى بها رأيا باطلا بطلانا مطلقا لتعلقه بالنظام العام أي عدت (معدوما)بقولها:
((يصبح القاضي بقوة القانون غير صالح للنظر بالدعوى وممنوعا من سماعها ويتحتم عليه من تلقاء نفسه التخلي عنها تحت طائلة البطلان إذا أفتى أو كتب فيها أو اتخذ إجراء أو موقفا يكشف عن رأيه أو وجهة نظره ذلك أن أحوال الصلاحية من النظام العام وتثيره المحكمة تلقائيا))قرار387 أساس 19 لعام 2006 محكمة النقض الدوائر المدنية قاعدة 96 المحامون لعام 2007 الاعداد 3-4 رقم مرجعية حمورابي 63744
وختاما: فانه حبذا لو نص قانوننا السوري على مواد صريحة حدد فيها حالات عدم صلاحية القاضي ونهج كذلك كما نهج القضاء المصري في حال نقض الحكم من قبل محكمة النقض فان الهيئة الاستئنافيةالمنقوض قرارها لايحق لها النظر فيه وهو ما يشكل تحقيق امثل للعدالة ورفع مظنة عدم الحياد في الهيئة المنقوض قرارها التي تلازمها هذه المظنة في حال إحالة القضية مرة أخرى إليها لتحكم فيها بعد نقض قرارها السابق وتختفي بشكل شبه نهائي دعاوي رد القضاة في محاكمنا والله ولي الجميع%
اترك تعليقاً