«العضل» جرح اجتماعي..
منصور الزغيبي
من الجروح الاجتماعية التي طفت على سطح الواقع، ومنها ما لايزال في الظل مخفياً عن الرؤية، موضوع «العضل» هو قديم وحديث، ويعتبر جرحاً عميقاً يحتاج إلى جراحة قضائية تطهّر الجرح لأجل شفائه، ولا شك في أنه من المواضيع المهمة التي تستحق الطرح والمعالجة الهادئة، التي تحقق قدراً أكبر من الاستقرار النفسي داخل الأسرة، والقضاء على الأضرار أو التقليل منها قدر المستطاع.. فالعضل نوع من أنواع الظلم المرفوض شرعاً وقانوناً، ومعنى العضل كما نقله ابن قدامة – رحمه الله – «منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه». ويقول ابن تيمية – رحمه الله – «فليس للولي أن يجبرها على نكاح من لا ترضاه، ولا يعضلها عن نكاح من ترضاه، إذا كان كفؤاً باتفاق الأئمة، وإنما يجبرها ويعضلها أهل الجاهلية والظلمة).
والنص القرآني صريح في منع العضل، بحسب قوله سبحانه: «فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ. (البقرة: 232). ويعد العضل من الجرائم الجنائية، و«نظام الحماية من الإيذاء» الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م / 52) وتاريخ 15-11-1434هــ، عرّف في مادته الأولى مصطلح «الإيذاء» بأنه «كل شكل من أشكال الاستغلال، أو إساءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو الجنسية، أو التهديد به، يرتكبه شخص تجاه شخص آخر، بما له عليه من ولاية أو سلطة أو مسؤولية، أو بسبب ما يربطهما من علاقة أسرية أو علاقة إعالة أو كفالة أو وصاية أو تبعية معيشية. ويدخل في إساءة المعاملة امتناع شخص أو تقصيره في الوفاء بواجباته أو التزاماته في توفير الحاجات الأساسية لشخص آخر من أفراد أسرته، أو ممن يترتب عليه شرعاً أو نظاماً توفير تلك الحاجات لهم».
وأشار النظام إلى العقوبة في حق من يرتكب ذلك في مادته الـ13، بغير إخلال بأية عقوبة أشد وردت في الشريعة الإسلامية أو بأحد الأنظمة المرعية، يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف ولا تزيد على 50 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ارتكب فعلاً يشكل جريمة من أفعال الإيذاء الواردة في المادة الأولى من هذا النظام، وفي حال العود تضاعف العقوبة، وللمحكمة إصدار عقوبة بديلة عن العقوبات السالبة للحرية.
تسمع دعوى المرأة بأن وليها عضلها عن الزواج ومنعها الأكفاء، وناظر القضية «القاضي» هو من يقدر الحال بحسب ما يظهر له من الأدلة والقرائن، التي يبني عليها الحكم القضائي. ومن الضروري أن يحرص جميع أفراد الأسرة، وخصوصاً الفتاة، على أن تتريث ولا تتقدم إلى الجهة القضائية إلا بعد مراحل من المحاولة في علاج موضوعها داخل البيت، قبل ترحيل قضيتها إلى المحكمة، لأن ذلك يخفف كثيراً من الأزمات والتوترات داخل الأسرة، وحفظاً للوقت والجهد، إلا إن كانت أبواب الحلول مغلقة، فهنا يحق لها التقدم إلى الجهات القضائية لإنصافها ورفع الظلم وأسبابه عنها..
خلاصة القول، لا بد من إيجاد ضمانات للمرأة، في حال تقدمت إلى المحكمة بدعوى عضل ضد أحد أفراد أسرتها أو من ينوبهم بالولاية، لأجل حمايتها من أي ضرر قد يقع عليها بعد تقدمها إلى محكمة الأحوال الشخصية..
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً