قضية دفاع عن النفس محيرة
الحادثة
قرأت قبل فترة في إحدى الصحف المصري خبراً مفادة أن ثلاثة لصوص
اقتحموا منزل رجل مصري واستولوا على مجموعة من المجوهرات
وبعض جوازات سفر الأسرة وكذلك بعضاً من الأوراق الثبوتية وقد تمكن
صاحب المنزل من القبض على أحد اللصوص بعد عراك بالأيدي وقام
صاحب المنزل بتغيير ملامح وجه اللص ببعض البقوس وإصابة اللص
بكسور وجروح.
ماذا سيدور في ذهنك أنت أخي القاريء الكريم ؟!
بكل تأكيد ستقول يروح في ستين داهية اللص؟!
وسوف تمدح ببسالة شجاعة صاحب البيت الذي دافع عن عرضه وماله وبيته ؟!
حضرت الشرطة إلى موقع الحادث ( البيت المسروق(
وأحالوا المجرم إلى المستشفى لتلقي العلاج.
واحتجزوا صاحب البيت في التوقيف حتى يتم تحويله صباح الغد إلى
هيئة التحقيق والادعاء العام للتحقيق معه بعد أن فصلت الشرطة بين
قضية السرقة وقضية الضرب؟!
وأوضحت الشرطة أن القضية لن تنتهي إلا بتنازل المجرم المصاب
عن حقه وبعد ذلك سيحصل صاحب البيت على البراءة وأن لم يتنازل
المجرم فأن صاحب البيت سيحاكم ويُسجن
وهنا أقول اللهم أنني أشهد بأني لا أفهم ولا أقوى على فهم ما قامت به الشرطة
من التفريق بين سارق مجرم وصاحب بيت دافع عن عرضه وماله وبيته
وهل هناك ياسادة ياكرام قضية أعتداء في الدفاع عن العرض والمال والبيت
أم يجب على من أراد أن يدافع وفي ( بيته ) عن ماله وعرضه أن يلبس
قفازات من حرير ويدهنها بالنيفيا والفازلين حتى لا يتألم اللص )المحترم(
تعقيب
هناك شرطين أساسيين في فعل الدفاع أولهما أن يكون الفعل لازما و ثانيهما أن يكون متناسب مع الخطر
الذي قد يتعرض له الشخص المدافع .
واللزوم معناه أن يكون هذا الفعل هو الوسيلة الوحيدة لمقاومة الاعتداء ، فإذا كانت هناك وسائل أخرى يمكن
عن طريقها تدراك الخطر كاللجوء للسلطة ، فأن فعل الدفاع في هذه الحالة لا يكون مبررا .
و الدفاع قد يكون بالجرح أو بالضرب أو بتمزيق الملابس و يمكن أن يصل الأمر للقتل او لإحداث عاهه
مستديمة بالضرب وما شابه كلها أمور تشكل بالطبع جرائم في القانون ، و لا يلزم أن يكون فعل الدفاع
ايجابي فيتحقق الدفاع و لو عن طريق الامتناع كما إذا هاجم شخص آخر فهاجمه كلب المعتدي عليه فتركه
هذا الأخير حتى أصاب المعتدي بجروح ، كما يجوز أن يكون فعل الدفاع منطويا على جريمة ضد المال
أيضا كمن حبس بغير وجه حق أو اختطف فيكون له حق تكسير الباب أو الحائط أو
إتلاف المكان بطريقة تيسر له خروجه .
و يجب أن يوجه الدفاع لمصدر الاعتداء فلا يجوز لمن يهاجمه شخص أن يوجه فعل دفاعه إلي غيره
أو من يهاجمه كلبا أن يوجه فعل الدفاع إلي صاحبه .
و الشرط الثاني من شروط فعل الدفاع هو أن يكون فعل الدفاع هذا متناسبا مع الخطر الذي تعرض له
المدافع و التناسب يكون موجودا إذا استخدم المدافع اقل الوسائل تسببا للضرر أو إذا لم تكن هناك غير
وسيلة وحيدة للدفاع عن نفسه ، و يكون هذا التناسب نسبي و تراعى ظروف كل حالة على حدة و ما قد
يسفر عنه الاعتداء من حالة الذعر و الهلع ، بالقياس إلي الشخص العادي و ما يتوقع أن يكون رد
فعله في موقف كهذا ، و فعل الدفاع الشرعي ليس مطلقا فقد قيده المشرع المصري بألا
يصل للضرب المبرح أو المؤدي لعاهه مستديمة مثلاً.
اترك تعليقاً