مبدأ الشرعية وأنواع الجرائم في الشريعة الإسلامية
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
أمين الفحلي ꞉ طالب باحت بسلك الماستر تخصص العلوم الجنائية والأمنية
تمهيد ꞉
يقوم مبدأ الشرعية على انه لا تعتبر أفعال الأفراد وسلوكياتهم جرائم الا ادا نص القانون صراحة على دلك ووضع لها عقوبة معينة . بشرط أن يكون دلك القانون قد صدر قبل ارتكاب الفعل أو وقوع السلوك المراد عقابه˛ ويرجع أصل هده القاعدة الى تطور تاريخي طويل بدأ مند العهد الجمهوري للقانون الروماني وانتهى باقرارها في اعلان حقوق الإنسان والمواطن الذي صدر مع الثورة الفرنسية وفي قانون نابوليون . وهده القاعدة هي تقنين وتطبيق لما نادى به الفقيه والعالم الايطالي بيكاريا في كتابه الذي تحت فيه عن الجرائم والعقوبات والدي صدر قبل الثورة الفرنسية ˛ حيت كانت المنظومة الجناية تتميز بثلاث خصائص ꞉ غياب المساواة أمام القضاء – تعسف القضاء – غياب الشرعية . لهذا جاء كل من بيكاريا وفيوربا وطالبوا بضرورة تأسيس منظومة جنائية تقوم على مبدأ الشرعية ومن خلال هذا المبدأ يمكن محاربة تلك الخصائص. وقد اكتسبت القاعدة كذلك بعدا عالميا من خلال اقرارها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتم التنصيص عليها في معظم دساتير العالم ˛ كما كانت كذلك الشريعة الإسلامية سباقة لاقرار هده القاعدة .
ادا ماهو أساس مبدأ الشرعية في الشريعة الإسلامية ؟ وماهي أنواع الجرائم ؟
سنقوم بمعالجة هدا الموضوع وفق التصميم التالي ꞉
الفقرة الاولى ꞉ الشرعية في الشريعة الإسلامية
الفقرة التانية ꞉ انواع الجرائم في الشريعة الإسلامية
الفقرة الاولى ꞉
في بداية الأمر يجب أن[1] نشير الى أنه ليس هناك نص صريح يقر هده القاعدة في التشريع الجنائي الإسلامي ˛ ومع ذلك فان استنتاج هده القاعدة ليس بالأمر الصعب والعسير . فمن بين الآيات القرآنية التي أشارت لهدا المبدأ نجد قوله تعالى ≤ وماكنا معدبين حتى نبعت رسولا ≥ (الاسراء). وقوله كدلك ≤وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعت في امها رسولا يتلو عليهم اياتنا ≥ (القصص) وقوله ≤ عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه ≥ (المائدة) .
ومن احاديت الرسول صلى الله عيه وسلم [إن الله حد حدودا ˛فلا تعتدوها ˛وفرض لكم الفرائض فلا تضيعوها ˛وحرم أشياء فلا تنتهكوها ˛وترك أشياء لا عن نسيان من ربكم ولكن رحمة منه لكم فاقبلوها ولا تبحتو فيها ].(مسلم)
وهده الآيات القرآنية والسنة النبوية التي أشرنا إليها سلفا تفيد أن الأصل في الشريعة الإسلامية أن استحقاق العقاب متوقف على سبق الإنذار ˛ ومن يقوم بفعل او سلوك معين لا يعاقب عليه إلا ادا سبقه نص تشريعي يوجب دلك العقاب .
ومن خلال هده الآيات والاحاديت جاء الفقه بقاعدة لاجريمة ولا عقوبة الا بنص وكذلك أن الأصل في الأفعال الاباحة .
وتطبيق هاتين القاعدتين في مجال الفقه الجنائي يعني حظر العقاب على أي سلوك أو فعل لم يرد نص بتجريمه والعكس صحيح .
وهدا يبين مدى مجانبة الصواب في الرأي القائل بان مبدأ الشرعية لاتعرفه الشريعة الإسلامية ولايمكن الأخذ به او وجوب إعماله في مثل هدا النظام.
ولا شك في أن جرائم الحدود والقصاص قد تقررت في التشريع الجنائي بنصوص خاصة بكل جريمة ˛ اما جرائم التعزيروهي المعاصي التي لا حد فيها ولا كفارة كما سنوضح لاحقا فان الأصل فيها هو التنصيص على الجريمة فقط دون العقوبة هده الأخيرة التي يترك أمرها للسلطة المختصة .
من خلال دلك يتبين أو نستنتج أن تطبيق مبدأ الشرعية في الشريعة الإسلامية ليس بالمفهوم المطلق والعام حيت يكون هدا المبدأ اكتر مرونة في جرائم التعزير .
الفقرة التانية ꞉
[2]الجرائم في النظام الجنائي الإسلامي اما جرائم حدود أو قصاص أو جرائم تعزيرية ˛ والتقسيم نفسه يجري في العقوبات اذ هي مقررة لهذه الجرائم ولازمة لها.
وجرائم الحدود والقصاص محدودة العدد مقررة بنص من الشارع سواء كان النص في القرآن الكريم او في السنة النبوية ˛ ولدالك لايمكن تصور الزيادة او النقصان في جرائم الحدود أو القصاص وكدالك ليس هناك مجال للتعديل في العقوبات المقررة لها ويستتنى من دلك جواز العفو من قبل المجني عليه او أوليائه في جرائم القصاص . أما جرائم التعزير فهي غير مقدرة العقوبة فحسب غالبية الفقه الإسلامي تقر بأنها جرائم بنفسها غير محددة أصلا وعقوباتها متروكة للسلطة المختصة .
ادا فالجرائم في النظام الجنائي الإسلامي هي ꞉
❶ الحدود
تعرف بكونها محظورات شرعية زجر الله عنها بعقوبة مقدرة تجب حقا لله تعالى . والمقصود بكونها تجب حقا لله تعالى هي أن منفعتها تعود للصالح العام بالدرجة الاولى˛ وجرائم الحدود أنواع من بينها ꞉
السرقة وعقوبتها هي قطع اليد من الرسغ
الزنا وهنا يجب أن نميز بين الزاني المحصن والغير المحصن فالبنسبة للحالة الأولى فعقوبته هي الرجم حتى الموت . أما الحالة الثانية فالعقوبة هي الجلد والإبعاد عن المكان أو القرية التي ارتكب فيها دلك الفعل .
جريمة القذف فالعقوبة المقررة لها هي الجلد ثمانين جلدة .
الحرابة وتسمى كذلك بالسرقة الكبرى وهي قطع الطريق على المارة والعقوبة هي قطع اليد والرجل .
وهناك جرائم أخرى أدخلها غالبية الفقه الإسلامي ضمن الحدود وهي ꞉
البغي ꞉يقصد بها خروج طائفة مسلحة على حاكم شرعي بغية عزله من الحكم .
شرب الخمر وعقوبته تعزيرية يمكن ان تتغير
الردة يقصد بها كفر المسلم بقول أو فعل يخرجه عن الإسلام ˛ وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في هدا الإطار [ ومن بدل دينه فاقتلوه] .
❷ القصاص
كلمة القصاص في أصل اشتقاقها اللغوي من فعل (قص) تعني القطع واتباع الأثر والمساواة بين جانبي الشيء ˛ ومن هنا جاء استعمالها للدلالة على إنزال عقاب بالجاني مساويا لجنايته فان قتل قتل هو أيضا ˛ ومايعنى بالقصاص هي تمس الأشخاص والحياة كالقتل والاعتداء والضرب والجرح .
❸التعزير
لم ترد كلمة التعزير في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية ˛ ومع دلك فقد أشار القرآن والسنة الى أفعال ورد الأمر بالعقاب عليها دون أن تحدد لها عقوبة معينة فكان أمر تحديد هده العقوبة وتوقيعها وتنفيدها يرجع للقاضي أو الحاكم الدي يراعي في دلك مجموعة من الظروف الشخصية منها والموضوعية .وقد عرف الفقهاء التعزير بأنه عقوبة غير مقدرة تجب حقا لله تعالى او لأدمي في كل معصية ليس فيها حدود ولا كفارة .
فالتعزير هو أوسع نطاق من حيت أنواع العقوبات في الفقه الجنائي الإسلامي ودلك راجع لمرونة قواعده.
الهوامش
_ محمد سليم العوا -أصول النظام الجنائي الإسلامي (دراسة مقارنة)-الطبعة التالتة- نهضة مصر .2006
_ابو الازهر – العقوبة في الفقه الإسلامي
[1]أصول النظام الجنائي الإسلامي (دراسة مقارنة)-الطبعة التالتة- نهضة مصر – محمد سليم العوا –
[2]– العقوبة في الفقه الإسلامي أبو زهرة
اترك تعليقاً