مرسوم العفو لايشمل لصوص المال العام
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
صدر يوم أمس السبت 22/أيلول لعام 2007 في سوريا المرسوم التشريعى رقم 56 تم بموجبه منح عفو عام عن بعض الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 17/7/2007، ومن غير المتوقع أن يشمل أعداداً كبيرة من السجناء الذين ضاقت السجون المكتظة بهم، نظراً لأنه اقتصر فقط على مرتكبي المخالفات وبعض مرتكبي الجنح أولاً،
وثانياً أنه لم يمض سوى أقل من تسعة أشهر على العفو السابق الذي صدر بنهاية عام2006، إلا أنه يسجل لأول مرة في مراسيم العفو عدم شمولها للجرائم المرتكبة من قبل سارقي قوت الشعب والمال العام ،وهذه نقطة إيجابية تستحق الإشادة والثناء، والتي سوف تترك صدىً طيباً وإيجابياً لدى أغلبية المواطنين، الذين كانوا يشعرون بالاستياء كلما تم العفو عن لصوص المال العام.
ولوحظ أن مرسوم العفو لم يستثن من العفو مرتكبي جرائم الجنايات الاقتصادية وحسب، بل استثنى أيضاً حتى الجنح المنصوص عليها في قانون العقوبات الاقتصادي رقم 37 لعام 1966 وتعديلاته. وهذا ما كنا نطالب به دائماً بعدم شمول مراسيم العفو مرتكبي تلك الجرائم، إلا إذا تمت إعادة كافة الأموال المسروقة مع التعويض إلى الخزينة العامة.
لأن من شأن عدم العفو عن هؤلاء المجرمين، أن يحد كثيراً من التطاول على المال العام الذي أصبح في السنوات السابقة في مهب الريح، نظراً لكثرة المعتدين عليه، والذين كانوا يجدون في مرسوم العفو ملاذاً لهم للخروج من السجن، وتبييض الأموال العامة التي سرقوها إما في مشاريع استثمارية وهمية، أوتهريبها إلى الخارج وإيداعها في البنوك الأجنبية لتساهم في رفاها الأجنبي، وجزء منها يقدم كمساعدات للكيان الصهيوني، وذلك على حساب فقرنا وضعف اقتصادنا.
والجديد أيضاً في مرسوم العفو، أنه ولأول مرة منذ عشرين عاماً يتم العفو”عن كامل العقوبة المؤقتة في الجنح والجنايات للمحكوم الذي أتم السبعين من العمر بتاريخ صدور هذا المرسوم التشريعي إذا كان قد اقترف الجريمة قبل إتمامه الستين من العمر”.وأيضاً عن كامل العقوبة المؤقتة أوعن العقوبة المؤبدة للمحكوم المصاب بتاريخ صدور هذا المرسوم التشريعي بمرض عضال غير قابل للشفاء.واستناداً لهذه الفقرة الأخيرة يمكن أن يتم إطلاق سراح العميد الدكتورعارف دليلة، كونه يعاني منذ سنوات من مرض عضال حسب ما نسمع ونقرأ عنه.
ولوحظ أيضاً أن مرسوم العفو لم يشمل مرتكبي الجنح المنصوص عليها في القانون رقم/1/ لعام/2003/المتعلق بمخالفات البناء، هذا القانون الذي كان من المفترض منطقياً أن يحد من انتشار الأبنية المخالفة، التي بقيت تتوسع وتنتشر أفقياً وعامودياً كالوباء.. فإلى متى يبقى الوطن والمواطن رهينة تجار وسماسرة الأبنية المخالفة خاصة، وتلك السياسات الخاطئة لأصحاب القرار.؟
وهذا يستدعي التشدد أكثر في المراقبة ومحاسبة أولئك المسؤولين عن استمرار توسع الأحياء المخالفة، ووضع حد لذلك الهدر الهائل للجهود والأموال العامة والخاصة على السواء ، وذلك من خلال الإفراج عن المخططات التنظيمية النائمة في الأدراج. والإسراع في بناء مساكن شعبية بأسعار مناسبة لحل أزمة السكن المتفاقمة. كما استثنى مرسوم العفو من أحكامه الجنح المنصوص عليها في القانون رقم 26 لعام 2001 المعدل والمتعلق بسرقة الطاقة الكهربائية.
أما باقي الجرائم المستثناة من العفو بموجب هذا المرسوم فهي تتكرر في كل مرسوم عفو وتتعلق بمرتكبي المخالفات وبعض الجنح.
ولهذه المناسبة كنا نأمل أن يكون مرسوم العفو أشمل وأوسع ليشمل في المقدمة جميع المعتقلين السياسيين والرأي والضمير وفي ويطوى إلى الأبد ملف الاعتقال السياسي من قاموس السياسة السورية.
إن سوريا اليوم بأمس الحاجة في هذه المرحلة المصيرية إلى كل جهد, بما في ذلك جهود أولئك المعتقلين الذين لايقلون وطنية عن أي واحد منا، وذلك من أجل تحقيق عملية الإصلاح والتغيير بالاستناد إلى الداخل السوري، وبالاستناد إلى شعبنا العظيم بمختلف قواه وفئاته بعيداً عن أي تهميش أو إقصاء، واستناداً إلى مفاهيم حقوق الإنسان التي كرستها المواثيق والعهود الدولية.وإن تحقيق ذلك سوف يردم الهوة الأخذة بالاتساع بين الحكومة ومواطنيها، وسيشكل دعماً إضافياً للموقف السوري ويحصنه، بوجه التحديات، ويساعد في إغلاق البوابات والمنافذ التي تستغلها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها في استمرار ممارسة الضغوط والتهديدات المباشرة بالاعتداء على بلادنا.
اترك تعليقاً