زواج الأطفال القاصرات جريمة مكتملة الأركان
زواج الأطفال القاصرات جريمة مكتملة الأركان تنتهك براءة الطفولة وتسلب الفتاة حقها في التمتع بحياة كريمة سوية فتهدد حاضرها وتسرق مستقبلها.
كما تتركها وحيدة بلا تعليم.. بلا مصدر رزق.. وتغتصب هويتها فلا هي طفلة ولا هي امرأةوالغريب ان هذه الجريمة تتم في شكل صفقة بين والد الفتاة وبين ثري عربي يريد ان يستمتع بضع ليال ثم يتركها ليعود الي وطنه بعد انقضاء حاجته منها مقابل مئات أو آلاف الجنيهات..فما أرخص هذه الصفقة وماأوضع هذا الأب الذي باع ابنته دون أن يشعر ولو للحظة بتأنيب الضمير.
زواج الأطفال قضية معروفة منذ زمن بعيد في قري ونجوع مصر والدولة بعيدة عنها لا تستطيع وقف هذه الجريمة لأنها ببساطة تخضع لعمليات تزوير في سن الطفلة وبموافقة أهلها ولذلك كان التصدي لهذه الجريمة أمرا بالغ التعقيد والصعوبة ولا مجال لوقفها أو منعها إلا بتوعية الأهل والأسر المصرية في هذه القري, هذه التوعية لابد أن تهتم بالتعليم أولا وبمنع ظاهرة تسريب الأطفال من المدارس ولا جدوي من أي حلول أخري فالتعليم هو الحل الأول والأخير.
انتبهت وزارة الدولة للأسرة والسكان ومعها المجلس القومي للطفولة والأمومة وحدة منع الاتجار بالأطفال وأيضا صندوق الأمم المتحدة للسكان, لهذه الجريمة البشعة وقامت باجراء دراسة استطلاعية عن زواج الأطفال من غير المصريين في يناير الماضي حيث تهدف هذه الدراسة الي محاولة التعرف علي أبعاد وجوانب هذه الجريمة في بعض قري محافظة6 أكتوبر للتعرف علي مدي انتشار زواج الفتيات الأطفال وأسبابها والاثار المترتبة عليها وماهي مقترحات مواجهتها.
وتناولت الدراسة التي أجريت علي عينة من2000 أسرة ومقابلة فرد واحد من كل أسرة خصائص أفراد الأسر ومدي موافقة المستجيبين علي زواج الأطفال بشكل عام ومن غير المصريين بشكل خاص وماهي الجنسيات الأكثر إقبالا علي هذا الزواج والعوامل التي تؤثر في قيمة المهور وأكثر اشكال الزواج انتشارا ورأي الطفلة في اختيار الزوج ودور الأسرة تجاه هذا الرأي وماهي الآثار المترتبة علي هذا الزواج.
وأهم نتيجة توصلت إليها الدراسة هي ان السبب في انتشار زواج الأطفال هو فقر الأسر وانخفاض دخلها وذلك لزيادة المهور التي يدفعها الأزواج غير المصريين.
وحول كيفية تعرف الأسرة بالزوج غير المصري أجاب85% من عينة الدراسة ان للسمسار الدور الأكبر في هذه المعرفة, هذا السمسار هو تاجر الرقيق في العصر الحالي هذا الشخص لابد ان يحاكم لاتجاره في بنات وطنه. أوضحت الدراسة ان أسباب موافقة الأهل علي هذا الزواج تنحصر في ان زواج البنت سترة والبنت مصيرها الزواج ولوقاية البنت من الانحرافات الجنسية وحتي تستطيع الأسرة رعاية باقي أخوات البنت ومساعدة الأسر اقتصاديا.. أما بالنسبة للآثار المترتبة علي هذا الزواج.. أقر85% بوجود أضرار منها ضياع حقوق الفتاة وسوء معاملة الزوج ومشاكل تتعلق بالطلاق والهجر بالاضافة الي هروب الزوج وأحيانا تكون زوجته حاملا مما يترتب عليه وجود مولود مجهول النسب وقد ينسب الي أحد أقارب الأم مثل الخال أو الجد من أجل استخراج الأوراق الرسمية لهذا المولود.
كل هذه المشاكل والآثار المترتبة علي زواج الأطفال معروفة لعينة الدراسة ومعوقة للمجتمع ككل ولكنها مستمرة وسوف تستمر والسبب الرئيسي هو الاحتياج المادي والفقر المدقع في الأسر وكذلك غياب التعليم فهي أسر جاهلة وفقيرة ومعدمة فكيف اذا نطالبها بالتفكير السليم وبضرورة حماية أطفالها وتوفير سبل رعاية سليمة كريمة لهم.. بالتأكيد هذه الأفكار بالنسبة لهم كلام جرائد غير مفهوم وغير عقلاني.
وفي هذا السياق تؤكد وزيرة الدولة للأسرة والسكان مشيرة خطاب ان زواج الفتيات الأطفال ينعكس سلبا علي مستقبل وحياة الفتاة بل وحياة أسرتها فهذه الفتاة تحرم من استكمال تعليمها الذي يتيح لها التنوير والتربية والرعاية السليمة لأبنائها ويفتح أمامها فرص المشاركة في المجتمع وفي تنمية ذاتها وأسرتها. كما أن هذا الزواج المبكر يكون علي حساب صحتها وبدنها الذي لم يكتمل نضجه بعد بحيث يتحمل مشقة الحمل والانجاب.
وأشارت الوزيرة الي الجدل الذي أثير حول مدي اتفاق رفع الحد الأدني لسن الزواج مع الشريعة (( اذ ان المادة31 مكرر من القانون رقم143 لسنة1994 بشأن الأحوال المدنية تنص علي أنه لا يجوز توثيق عقد الزواج لمن لم يبلغ سن18 من الجنسين وانتهي النقاش الي حق ولي الأمر في التدخل حماية للصالح العام, والمادة المذكورة تمت إضافتها بناء علي المقترحات المطروحة في إطار تعديلات قانون الطفل رقم12 لسنة1996 والتي صدرت بالقانون رقم126 لسنة2008 لتمثل نقلة جوهرية في مجال تمكين الطفل من جميع حقوقه دون تمييز لأي مبرر بين طفل وآخر فقانون الطفل المعدل هو وثيقة حقوقية أساسية تمثل مظلة تشريعية تندرج تحتها مسئوليات محددة للدولة نحو أطفالها والتزامها بتوفير الرعاية والحماية لهم من كافة المخاطر ومن الاستغلال والاتجار بهم وممارسة العنف ضدهم )) ..
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هل تستطيع الدولة ان تتدخل لتمنع تزوير سن الفتيات أو إعادة التسنين كما يحدث في قري مصر, وهل تستطيع الدولة ان تمنع الزواج العرفي غير الموثق الذي تلجأ إليه عدد كبير من الأسر ؟ وهل تستطيع الدولة ان تمنع والد الطفلة من اتمام صفقة بيع ابنته مقابل عدة آلاف من الجنيهات ؟ وهل تستطيع الدولة ان تتعرف علي السمسار تاجر الرقيق وهوو عادة لا يظهر أمام الأسر وانما يترك الصفقة لامرأة من القرية تقوم بتجهيز الجريمة حتي تكتمل أركانها ثم تأخذ الفتاة وتسلمها له ؟
الاجابة ببساطة ان الله لا يغير مابقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً