اليات الحماية الدولية للاجئين ومصداقيتها
تمهيد:-
من البديهي إن مشكلة اللجوء والنزوح ألقسري أصبحت من أكثر القضايا إلحاحا التي واجهت المجتمع الدولي طوال تاريخه، كون هذه الفئات من بين أكثر مجموعات الناس تعرضا للمعاناة، سواء كان ذلك نتيجة لصراع،أو اضطهاد، أو غير ذلك من أنواع انتهاكات حقوق الإنسان.
وبما أننا دخلنا الألفية الثالثة ، فان العالم بحاجة لمراجعة الآليات المعمول بها حاليا والخاصة بالحماية الدولية لمشكلة اللجوء والنزوح ألقسري ، كون التعامل مع تلك المشكلة في الماضي كان يتركز في الأساس في أماكن معينة وذات طبيعة مخصصة لحالات محددة، الأمر الذي يقتضي المراجعة الملحة بعد تزايد حالات اللجوء في السنوات الأخيرة .
ولم يتم النظر إلى قضية اللاجئين باعتبارها قضية دولية يتعين معالجتها على المستوي الدولي، ألا في الفترة التى اعقبت الحرب العالمية الأولي وتحديدا عندما ظهرت الى الوجود عصبة الامم، ومنذ ذلك الوقت كان التصدي لمشكلة اللجوء يسير ببطء وبصورة متقطعة واستمر الوضع حتي ادرك المجتمع الدولي ضرورة انشاء شبكة من المؤسسات والنظم القانونية التى تهدف الى توفير الحماية الدولية لمشاكل اللاجئين والتعامل معها بطريقة شاملة ،وحدثت نقطة التحول عام 1951 مع انشاء مكتب المفوض السامي لشؤون اللاجئين (المفوضية) وتبني اتفاقية الامم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين قد وفرا معا ولاول مرة اطارا قانونيا يهدف الى حماية اللاجئين وفقا لمعايير دولية.
ونجد ان المسؤولية الاولي عن حماية اللاجئين ومساعدتهم تقع على عاتق الدول خاصة بلدان اللجوء التي يفر اليها اللاجئون ، ويتأتي دور المفوضية في حث الدول وتشجيعها على الالتزام بأحكام اتفاقية عام 1951 وتمكين الدول من تقديم حماية كافية للاجئين في اراضيها وفقا لما هو وارد في تلك الاتفاقية.
وللمفوضية ولاية تقديم الحماية الدولية والحلول للاجئين عن طريق العودة الطوعية للوطن الذي يتبع له اللاجيء ،او الاندماج المحلي في بلدان اللجوء ،او اعادة التوطين في بلد اللجوء.
الا ان هناك ظروف ومتغيرات مستجدة تستدعي المراجعة الشاملة لسبل حماية اللاجئين ، بشكل يجعلها اكثر فعالية ، ولعل الاحصائيات خير دليل على ذلك ، فقد كانت المفوضية في اعقاب الحرب العالمية الاولي تتعامل مع نحو 400الف لاجيء وبنهاية العام 2007 ارتفع الرقم الى 30 مليون تقريبا، وكانت المفوضية تعمل في ذلك الوقت في اروبا فقط ، وبحلول عام 2007 اصبح لها مكاتب في 125 بلدا تنتشر عبر العالم، وكانت ميزانيتها عام 1955 بحدود 300 الف دولار وبحلول هذا العام تجاوزت ميزانيتها المليار دولار.
كل هذه التحديات تقتضي ،استعراض المعايير الدولية الخاصة بحماية اللاجئين ، مع التركيز على بعض الفئات كالنساء والاطفال وهذا ما سنتطرق اليه من خلال المحاور التالية:-
اولا:- المعايير الدولية الخاصة بحماية اللاجئين :-
نظرا لاضطرار الكثير من الاشخاص الى التخلي عن ديارهم ، والتماس الامان في اماكن اخري هربا من الاضطهاد والصراع المسلح والعنف السياسي ، بدأ المجتمع الدولي يتعامل مع هذه القضايا ،فصدرت الاتفاقية الدولية لعام 1951 ، وتم انشاء مكتب المفوض السامي لشؤون اللاجئين ،ولجعل الاتفاقية اكثر اتساقا وشمولا فقد صدر بروتوكول عام 1967 الذي الغي القيود الجغرافية ، بحيث اصبحت الاتفاقية تركز على الجانب الانساني لمشكلة اللاجئين ، على النحو الوارد في المادة الثانية من النظام الاساسي لمفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين التى ورد فيها(.. ليس لعمل المفوض السامي اية سمة سياسية بل هو عمل انساني واجتماعي ، القاعدة فيه ان يعالج شؤون جماعات وفئات اللاجئين..)
وهذه التفرقة مابين السياسي والانساني ،مكنت المفوضية من العمل في عصر الحرب الباردة وفي الفترات اللاحقة من الصراعات المسلحة على السواء.
ومن هنا تحددت الوظائف الاساسية لمفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين باعتبارها ذات شقين (سياسي وانساني) على النحو التالي:-
•1- زاد الاهتمام بقضايا اللجوء وذلك بسبب ازدياد اعداد اللاجئين في شتي انحاء العالم .
•2- اخذت سبل الحماية في الفترة الاخيرة تأخذ اشكالا جديدة ،فبالاضافة الى اعادة التوطين، اخذت توفر المساعدة المادية مثل الاغذية والمأوي ، وكذلك توفير الرعاية الصحية والتعليم وغير ذلك من الخدمات الاجتماعية ، بالاضافة الى تطوير بعض البرامج الخاصة بمساعدة بعض الفئات مثل النساء والاطفال وكبار السن.
•3- زيادة نطاق المستفيدين من الحماية ،بحيث اصبحت تشمل بالاضافة الى اللاجئين فئات اخري مثل النازحون داخل حدود بلادهم ،والعائدون(اللاجئون او الاشخاص النازحون داخليا الذين عادوا) وملتمسوا اللجو( الذين لم يتقرر بعد وضعهم الرسمي ) والاشخاص عديمي الجنسية ، والسكان المتأثرين بالحرب وغيرهم.
•4- كما تزايد بصورة كبيرة عدد القوي الفاعلة والمنخرطة بالبرامج الهادفة الى حماية اللاجئين وغيرهم من الاشخاص النازحين ومساعدتهم، بحيث اصبحت المفوضية تعمل مع وكالات الامم المتحدة الاخري ، واللجنة الدولية للصليب الاحمر ، وقوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة ، والمنظمات الاقليمية، ومنظمات حقوق الانسان، ومنظمات المجتمع المدني، والجمعيات الوطنية للهلال الاحمر والصليب الاحمر .
•5- كانت الحماية الدولية لمشاكل اللجوء في الماضي تتم بطريقة رد الفعل، اما حاليا فقد اخذت سبل الحماية منحي اخر قائم على الاخذ بالنهج الشامل لمواجهة مشكلة اللجوء والنزوح القسري ،وفق برامج بعضها معد سلفا ، والبعض الاخر تفرضة الظروف المستجدة عند حدوث حالة من حالات اللجوء التى تندرج ضمن ولاية المفوضية.
الا انه وعلى الرغم من ان للدول مصالح مشروعة في التحكم في الوصول الى اراضيها، فان عليها بنفس الوقت التزامات دولية تتمثل بتوفير الحماية للاشخاص الذين يفرون من الاضطهاد في بلدانهم.
مع ادراكنا ان هناك تحديات كبيرة تواجه مشكلة اللاجئين ،لعل اهمها ، التحديات التي تفرضها تزايد النزاعات المسلحة ،والطبيعة المتغيرة للنزاعات الدولية والمحلية (الداخلية)،والتحركات المتزايدة للسكان ، والتحديات التى تواجه العمل الانساني، وتقاعس المجتمع الدولي عن دعم المفوضية والبلدان المستضيفة للاجئين ماديا، كل هذه التحديات تقتضي مراجعة سبل الحماية بالتعاون بين كافة الدول ، ودعم برامج المفوضية بما يكفل لها من القيام باعمالها، وفق برامج طويلة الاجل،ومعالجة اسباب اللجوء ،وان تتحمل الدول التى تحتل بلدانا اخري مسؤولياتها بهذا الخصوص ،وان يتم التعامل مع مشكلة اللجوء كقضية انسانية بالدرجة الاولى بعيدا عن اية اعتبارت اخري.
ثانيا:- حماية اللاجئين وفقا لاحكام القانون الدولي الانساني:-
من المعلوم ان القانون الدولي الانساني هو فرع من فروع القانون الدولي العام ،وهو حيث النشأة نسبيا، حيث كان يسمي حتي نهاية الحرب العالمية الاولي (قانون الحرب) وبعد اقرار المجتمع الدولي بعدم مشروعية الحرب ، اصبح يسمي(قانون النزاعات المسلحة) وفي عام 1977 واثناء انعقاد المؤتمر الدبلوماسي ،اطلقت مفردة( الدولى الانساني) على القواعد القانونية التى تحدد حقوق وواجبات الاطراف المتحاربة، أي القواعد التي تسعي الى حماية ضحايا النزاعات المسلحة(قانون جنييف) وتنظم استخدام القوة ووسائل واساليب القتال( قانون لاهاي).
ونجد ان القانون الدولي الانساني يوفر سبل الحماية الخاصة باللاجئين ،كونهم يتمتعون بالحماية اذا كانوا تحت سلطة احد اطراف النزاع.
ففي حالة نشوب نزاع مسلح دولي، يتمتع موطنوا بعد فرارهم من الاعمال العدائية واستقرارهم في بلد العدو بالحماية بموجب اتفاقية جنييف الرابعة،على اساس انهم اجانب يقيمون في اراضي طرف في النزاع ،وتطلب الاتفاقية الرابعة الي البلد المضيف معاملة اللاجئين معاملة تفضيلية ، والامتناع عن معاملنهم كأجانب اعداء على اساس جنسيتهم ،كونهم لايتمتعون بحماية اية حكومة،وقد عزز البروتوكول الاول هذه القاعدة ، التى تطرقت الى حماية عديمي الجنسية.
ويتمتع اللاجئون من بين مواطني أي دولة محايدة في حالة اقامتهم في اراضي دولة محاربة بالحماية بموجب اتفاقية جنيف الرابعة،في حالة عدم وجود علاقات دبلوماسية بين دولتهم والدول المحاربة.
وفي حال احتلال اراضي دولة ما، فان اللاجيء الذي يقع تحت سلطة الدولة التى هو احد مواطنيها يتمتع بحماية خاصة ، اذ ان الاتفاقية الرابعة تحظر على دولة الاحتلال القبض على هذا اللاجيء ، بل تحظر عليها محاكمته او ادانته او ابعاده عن الاراضي المحتله.
واذا كانت المفوضية التابعة للامم المتحدة تقوم باجراءات الحماية والمساعدة وفقا للمعايير الدولية ، فان اللجنة الدولية للصليب الاحمر تقوم بنفس الدور وفقا لقواعد القانون الدولى الانساني ، ويقع على عاتقها مسؤولية مباشرة عن مصير اللاجئين الذين هم الضحايا المدنيين للنزاعات المسلحة او للاضطرابات ،بحيث تتدخل اللجنة الدولية فيما يخص اللاجئين الذين يشملهم القانون الدولي الانساني ، لكي يطبق المتحاربون القواعد ذات الصلة باتفاقية جنييف الرابعة ،وتحاول في مجال عملها الميداني ان تزور هؤلاء اللاجئين وتوفر لهم سبل الحماية والمساعدة الضرورية.
وغالبا ما لا يتمتع اللاجئون بالحماية بموجب القانون الدولي الانساني،اذا كان البلد المضيف ليس طرفا في نزاع مسلح ، او ليس عرضه لاي نزاع داخلي ، عندها يتمتع اللاجئون بالحماية بموجب قانون اللاجئين ،وكقاعدة عامة لاتتدخل اللجنة في هذه الحالة الا بصفة فرعية ، ان كانت هي المنظمة الوحيده في الميدان ، اما اذا حلت محلها مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين بالعمل ،فانهما تؤديان عملهما معا ويسمح تشاورهما وتنسيق جهودهما على نحو وثيق باغاثة الضحايا على افضل وجه .
وتتمثل مسألة اعادة اللاجئين الى اوطانهم من المشاغل الرئيسية للجنة الدولية ، وحتي اذا لم تشارك كقاعدة عامة في عمليات اعادة اللاجئين الى اوطانهم ، فانها تطلب من الدول والمنظمات المعنية ان تحدد بالضبط موعد وشروط عودة اللاجئين الى اوطانهم.
اما فيما يتعلق بالاشخاص المهجرون داخل بلدانهم ، فاذا ارغم المدنيين على ترك موطنهم بسبب الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الانساني ، فانهم يتمتعون بالحماية بموجب هذا القانون ، ويجوز ان تتعلق هذه الحماية بالقانون المطبق في النزاعات المسلحة الداخلية ، لان هذين النوعين من النزاعات قد يؤديان الى تشريد السكان داخل بلدهم، وبالنسبة الى عمليات التهجير الناجمة عن أي نزاع مسلح دولي، فأن الاشخاص المهجرين بصفتهم مدنيين فهم موضع حماية من اثار الاعمال العدائية، واذا فر السكان المدنيون من موطنهم بسبب نزاع داخلي، فانهم يصبحون موضع حماية مشابهة للحماية المنصوص عليها في حالة نشوب نزاع مسلح دولى..
كما يحظر البروتوكول الثاني (المادة 17) الترحيل القسري للمدنيين ،اذ لايجوز الامر بترحليهم الا بصفة اسثنائية ، اذا تطلب ذلك دواعي الامن او اسباب عسكرية ملحة ،وفي هذه الحالة يجب اتخاذ الاجراءات الممكنة لاستقبال السكان المدنيين في ظروف مرضية من حيث المأوي والارضاع الصحية والعلاجية والسلامة والتغذية، وهذا مانصت عليه الماده السابعة من النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية التى اعتبرت الترحيل القسري للسكان من قبيل الجرائم ضد الانسانية.
ومن الملاحظ ان القانون الدولي الانساني يعتمد نهجا شاملا يستهدف الحفاظ على حياة السكان المدنيين كافة ،واذا لم تذكر فيه مسألة ترحيل السكان المدنيين بشكل موسع ، فان ذلك لايعني اطلاقا انه لا ينص على الحماية القانونية ، كون القواعد التى بني عليها القانون الدولي الانساني تقوم على حماية فئات عديدة من اهمها السكان المدنيين ومن ضمن حقوق هذه الفئة حظر ترحليها قسريا.
وبالتالي فان اللاجئين والاشخاص المهجرين بصفتهم ضحايا للنزاعات المسلحة او الاضطربات الداخلية فانهم يدخلون ضمن اختصاص اللجنة الدولية للصليب الاحمر ، ويستفيدون من اعمال الحماية والمساعدة التي توفر للسكان المدنيين عامة ، والتى من المفيد تلخيصها بما يلي:-
•1- حماية السكان المدنيين واحترام القانون الدولي الانساني والمبادي الانسانية.
•2- زيارة الاشخاص المحرومين من الحرية.
•3- تقديم المساعدة الطبية العاجلة واعادة التاهيل.
•4- تقديم المساعدة في مجال الصحة .
•5- توفير المواد الغذائية العاجلة.
•6- مباشرة الانشطة الرامية الى اعادة الاتصالات بين افراد العائلات المشتتة بسبب الحرب او الاضطربات.
من كل ما تقدم:-
نجد ان الحماية الدولية للاجئين ،ضرورية خصوصا في هذه الفترة التى ازدادت فيها حالة اللجوء ، وبحاجة الى موقف من المجتمع الدولي ،يتمثل في ايجاد حلول لاشكالية اللاجئين والاشخاص المهجرين ،ومواجهة التحديات الخاصة باللجوء التى فرضتها الاحداث التى عصفت بالعالم وخصوصا في اواخر القرن الماضي ، وان يتم دعم المنظمات الدولية العاملة في هذا المجال، ودعم الدول المستضيفة للاجئين.
وبذلك نكون قد استعرضنا سبل الحماية الدولية الخاصة باللاجئين في اطار الامم المتحدة وعلى ضوء احكام اتفاقية عام 1951 والبروتوكول الملحق بها ، كما تطرقنا الى سبل الحماية بموجب احكام القانون الدولي الانساني ، ودور اللجنة الدولية للصليب الاحمر بهذا الصدد ، الا اننا نجد ان بعض الفئات من اللاجئين بحاجة الى حماية خاصة وهم الاطفال والنساء وهذا ما سنتطرق اليه من خلال المحاور التالية.
ثالثا:- حماية الاطفال اللاجئين:-
تعتبر المعاهدات الدولية مهمة للاطفال اللاجئين كونها تحدد المعايير الخاصة بحمايتهم، فعندما تصادق دولة ما على اية معاهدة دولية، فان حكومة هذه الدولة تتعهد امام المجتمع الدولي ،بأنها سوف تسير وفقا للمعايير والقواعد التى حددتها الاتفاقية.
وتحدد اتفاقية عام 1951 المعايير التى تنطيق على الاطفال، اذ اعتبرت أي طفل لديه خوف ما يبرره من التعرض للاضطهاد من جراء الاسباب التى اوردتها الاتفاقية يعتبر(لاجئا) ، حيث نصت على عدم جواز ارغام أي طفل يتمتع بمركز اللاجيء على العودة الى بلد المنشأ ، كما تطرقت الاتفاقية الى عدم جواز التمييز بين الاطفال والراشدين في مجال الرعاية الاجتماعية والحقوق القانونية ، كما اقرت الاتفاقية احكام خاصة بتعليم الاطفال اللاجئين.
والمعاهدة التى تحدد المعايير التى تتعلق بالاطفال هي اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 ، ولئن كانت اتفاقية حقوق الطفل ليست معاهدة خاصة باللاجئين ، الا ان الاطفال اللاجئين مشمولون باحكامها ، لان جميع الحقوق المنصوص عليها في هذه الاتفاقية تمنح لجميع الاشخاص الذين لاتتجاوز اعمالاهم 18 عاما ، ودون أي نوع من انواع التمييز.
وتعتبر اتفاقية حقوق الطفل مهمة لجميع الاطفال اللاجئين لانها تحدد معايير شاملة فهي تغطي تقريبا كل ناحية من نواحي حياة الطفل.
وقد اكتسبت اتفاقية حقوق الطفل اهمية خاصة بالنسبة للاطفال اللاجئين بسبب المصادقة شبه العالمية عليها ، كما تطبق مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين اتفاقية حقوق الطفل على اعمالها عن طريق استخدامها هذه الحقوق كمباديء توجيهية ، وتنص سياسة المفوضية بشأن الاطفال اللاجئين على ان اتفاقية حقوق الطفل باعتبارها اتفاقية صادرة عن الامم المتحدة وتحظي باجماع عالمي عليها، فان تشكل اطارا مرجعيا لعمل المفوضية، كون من مبادي اتفاقية حقوق الطفل ايلاء مصالح الاطفال الفضلي الاعتبار الاول ، ومفردة الطفل الواردة في اتفاقية حقوق الطفل تشكل (الطفل اللاجيء).
ومن اجل رفاهية الاطفال اللاجئين ،تحث المفوضية جميع الدول والوكالات الدولية والمنظمات غير الحكومية على احترام المعايير التى حددتها اتفاقية حقوق الطفل.
ومن اجل ذلك تبنت مؤتمرات القمة العالمية الخاصة بالاطفال بعض الاهداف ادرجت الاطفال اللاجئين بموجبها ضمن فئة الاطفال الموجودين في ظروف صعبة للغاية ،
وعليه يمكن ايجاز اليات حماية الاطفال اللاجئين بما يلي:-
•1- اعطاء الاجراءات الخاصة بالاطفال اللاجئين الاعتبار الاول لمصالح الطفل الفضلي.
•2- اعطاء الطفل اللاجيء الحق بالاشتراك مع بقية افراد مجموعته في ان يتمتع بثقافته وممارسة شعائره الدينية.
•3- حق الطفل الذي يقع ضحية أي شكل من اشكال الاساءة او الاهمال في التأهيل البدني والنفسي واعادة الاندماج الاجتماعي.
•4- يجب على الدول ان تتخذ الاجراءات الرامية الى خفض وفيات الرضع والاطفال، وان تعمل على تطوير الرعاية الصحية الاولية للاطفال ،مع اتخاذ الاجراءات الخاصة بتعليمهم.
•5- وجوب توفير الامن والحرية الشخصية للطفل اللاجيء
•6- الوقاية من حالات الاعاقة وعلاجها.
•7- للطفل الذي يسعي للحصول على مركز اللاجيء الحق في تلقي الحماية والمساعدة الانسانية .
•8- وجوب التعاون بين الدول الاطراف من اجل حماية الطفل اللاجيء ومساعدته للبحث عن والديه وافراد اسرته .
وبذلك نجد ان الاطفال بحاجة لرعاية وحماية بشكل افضل من الراشدين خصوصا اذا عرفنا ان النسبة الاكبر من اللاجئين على صعيد العالم اجمع هم من الاطفال والنساء وهم الاكثر تعرضا لانتهاك حقوقهم .
رابعا:- النساء وحق اللجوء:-
حيث ان النساء وكما اسلفنا من اكثر فئات اللاجئين تعرضا لانتهاك حقوقها،فقد اثرت الحركة الرامية الى تحقيق الاعتراف بالمساواه في الحقوق بين الرجال والنساء ، على الاتفاقيات الخاصة بحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني.
ففي عام 1979 اعتمد المجتمع الدولي اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة التى انضمت اليها لغاية الان الغالبية العظمي من دول العالم .
اما ضمان حماية اللاجئات فلا يتطلب الالتزام بمعاهدة 1951 والبروتوكول الملحق بها فحسب، بل ايضا الالتزام بالصكوك الدولية الاخري مثل الاعلان العالمي لحقوق الانسان، واتفاقيات جنيف الاربع والبروتوكولات الملحقة بها، والعهدين الدوليين لحقوق الانسان، والاعلان بشأن حماية النساء والاطفال في حالات الطواريء والنزاعات المسلحة ، واتفاقية الرضا بالزواج، والحد الادني لسن الزواج، وتسجيل عقود الزواج، والاتفاقية الخاصة بجنسية المراة المتزوجة، واتفاقية حقوق الطفل،ومع ان الدول قد لا تكون بشكل فردي اطرافا في جميع هذه الاتفاقيات ،فهي تقدم اطار معايير دولية لحقوق الانسان من اجل الاضطلاع بانشطة حماية ومساعدة متعلقة باللاجئات.
وحيث ان الكثير من المعاناة الانسانية تتولد اليوم في جميع انحاء العالم بسبب حالات النزاع المسلح التىيحرم فيها الافراد من ممارسة اغلبية حقوقهم الاساسية ،ولا يتمكنون فيها من الاعتماد الا على الحماية التى يمنحها لهم القانون الدولي الانساني ، وتجدر الاشارة في هذا الصدد الى ان النساء يتعذبن بصورة خاصة في مثل هذه الحالات.
وتطرقت اتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة ، لكافة الاحكام الخاصة بحماية المرأة ، والتى يمكن الاحاله اليها في حال وجود المرأة في اماكن اللجوء ،وبنفس الوقت يمكن اعمال اتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949 ، والتى تطرقت لضمان حماية النساء الحوامل والامهات الرضع ، وبهذا الصدد نصت الماده 27 من اتفاقية جنيف الرابعة على انه(… يجب حماية النساء بصفة خاصة من أي اعتداء على شرفهن لاسيما من الاغتصاب والاكراه على الدعارة واي اعتداء جنسي او أي صورة اخري من صور خدش الحياء العام…).
وبنفس الاتجاه تطرق اعلان وبرنامج فيينا الذين اعتمدهما المؤتمر العالمي لحقوق الانسان لعام 1993 ، على ان انتهاكات الحقوق الاساسية للنساء في حالات النزاع المسلح تخالف المباديء الاساسية لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني ، وان هذه الانتهاكات تقتضي اتخاذ تدابير فعالة بصورة خاصة ، وشدد برنامج العمل ايضا على انه ينبغي ان تشتمل الانشطة الاساسية لمنظومة الامم المتحدة على نشاط يتعلق بالمساواه في الفرص والحقوق الاساسية للمرأة.
وفي عام 1994 تم تعيين مقرر خاص ، تشمل ولايته بعض جوانب اوضاع النساء في فترات النزاعات المسلحة ، وفي عام 1998 قدم المقرر الخاص تقريره الذي اوصي فيه باعادة النظر وتقييم الاتفاقيات الدولية بحيث تدرج فيها المعايير الحديثة العهد اللمتعلقة بالعنف ضد النساء في زمن الحرب ، وبهذا الصدد اعترف المؤتمر العالمي الرابع بشأن النساء ،الذي نظمته الامم المتحدة في بكين 1995 ضوابط لحماية النساء اثناء النزاعات المسلحة ،وهذا ما اكده المؤتمر الدولي السادس والعشرين للصليب الاحمر والهلال الاحمر المنعقد عام 1996 وكذلك المؤتمر الدولي السابع والعشرون لعام 1999 ومؤتمر بكين لعام 2000.
ويمكن من خلال استعراض الجهود الدولية ،بأن هناك طائفة من الحقوق يجب مراعاتها ،خصوصا اذا كانت الفئة المستهدفة هي النساء والتى يمكن ايجازها بما يلي:-
•1- يحب حظر كافة اشكال العنف الجنسي واعمال الدعارة في اماكن اللجوء ،مع الاخذ بعين الاعتبار المباديء التوجيهية للوقاية منها والتصدي لها التى اقرتها الامم المتحدة.
•2- وجوب العمل على لم شمل الاسر المشتتة في اماكن اللجوء خصوصا المرأة المتزوجة واطفالها.
•3- وجوب العمل على القيام بالاجراءات القانونية فيما يتعلق بالمرأة الحامل من حيث الامور الخاصة بالصحة الانجابية وتسمية المولود وتسجيله.
•4- حظر كافة اعمال الاغتصاب والرق الجنسي اثناء فترة النزاعات المسلحة.
•5- وضع البرامج المدروسة فيما يتعلق بالصحة والتغذية والرعاية الاجتماعية والتعليم والتأهيل.
واذا كنا نشدد على وجوب توفير الحماية والمساعدة الضرورية للاجئين بشكل عام ، فان الاطفال والنساء ، بحاجة رعاية فضلي ، الامر الذي يقتضي وجوب المراجعة الشاملة الدورية لكافة الاتفاقيات الدولية المعمول بها بهذا الصدد ،لكي توفير الضمانات الكفيلة بحماية حقوق الاطفال والنساء اللاجئين بشكل افضل ووفقا لمعايير حقوق الانسان ومبادي القانون الدولي الانساني والاتفاقيات الخاصة باللجوء.
خامسا:- التحديات التى تواجه قضية اللجوء ومصداقيتها:-
بما اننا دخلنا الالفية الثالثة ،وما نشهده من تأثيرات ومتغيرات عديدة ،ابرزها العولمة واحادية القطب وتزايد حالات النزاع المسلح ، فاننا نجد ان قضية اللجوء وبشكل عام بعيدة عن تلك المتغيرات ، حيث نجد ان الالتزام السياسي الذي اظهره المجتمع الدولي في التصدي للجوء والنزوح القسري في بعض البلدان كان غائبا في بلدان اخري.
ويتجلي افتقار الالتزام السياسي للدول ، بحل مشاكل اللاجئين ،بشكل واضح في مرحلة ما بعد الصراع ،وذلك عندما تنحسر الاضواء التى تسلطها وسائل الاعلام الدولية على تلك المشاكل ،وكثيرا ما يعود اللاجئين والاشخاص النازحون الى اماكن يتطلب الامر فيها تدعيم السلام الهش والمصالحة واعادة التاهيل والتعمير ، الامر الذي يترتب عليه بقاء الفجوة مابين المساعدة الانسانية ومعونة التنمية الاطول اجلا.
ونجد ان الكثير من بلدان العالم ،تتخذ بعض التدابير التقييدية على نحو متزايد لردع اللاجئين ،وقامت الكثير من البلدان بالتنسيق فيما بينها لغايات الحد من قدوم اللاجئين ،دون ان يرافق ذلك التنسيق بحث الاسباب التى دفعتهم الى اللجوء ،حتي ادت تلك السياسات الى وصم اللاجئين بانهم اناس يحاولون التحايل على القانون.
ولمعالجة هذه التحديات يحب على المجتمع الدولي ، ان يدرك ان ملتمسي اللجوء والنازحين دفعتهم اخطار واسباب خارجة عن ارادتهم للبحث عن مكان امن ، وان الدول معنية بتطبيق الالتزامات المفروضة على عاتقها بموجب الاتفاقيات الدولية ، الامر الذي يقتضي التعامل مع قضية اللاجئين بابعادها الانسانية بعيدا عن المتغيرات السياسية ،سيما وان ارقام اللاجئين وصلت في الفترة الاخيرة الى مستويات لايمكن المرور عليها مرور الكرام ،بل لا بد من التعامل معها بجدية اكثر،فاذا كنا نتحدث الان – 2008- عن وجود اكثر من 35 مليون لاجيء منهم اكثر من مليوني لاجيء عراقي في ثلاثة بلدان- الاردن وسوريا وتركيا – الامر الذي يفرض تفعيل الاليات الدولية بشكل افضل وان تقوم الدول بما هو مفروض على عاتقها بموجب التزامتها الدولية.
اما عن مصداقية هذه الاليات فاعتقد انها الان على المحك وخصوصا على ضوء تعامل المجتمع الدولي مع قضية اللاجئين العراقيين واقول ذلك لما يلي:-
•1- عدم قيام الدول – دول الاحتلال – بمسؤولياتها كدول احتلال والتسبب بمشكلة اللجوء
•2- عدم توفير الدعم المالي الكافي للمنظمات الدولية التى تتعامل مع قضايا اللجو للقيام بواجباتها على النحو المنشود.
•3- عدم دعم الدول المستضيفه لاعداد كبيرة من اللاجئين وخصوصا الدول التى تعاني الامر الذي يجعل الوضع مستقبلا يزداد تعقيدا اذا لم نتعامل مع قضية اللجوء كقضية انسانية بالدرجة الاولي ، بعيدا عن المصالح السياسية الضيقة ،كون اعداد اللاجئين – وللاسف – في تزايد مستمر
القاضي الدكتور محمد الطراونةباحث في مجال حقوق الانسانوالقانون الدولي الانساني
اترك تعليقاً