اجتماع الجرائم و تشدد العقوبات
اجتماع الجرائم وتعدد العقوبات
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
تتعدد العقوبات اذا تعددت الجرائم التي ارتكبها نفس الشخص فالقانون يقرر لكل جريمة عقوبة فإذا كانت الجريمة المرتكبة واحدة فلا تثور مشكلة تعدد العقوبات .
أما اذا ارتكب المتهم عدداً من الجرائم فالأصل أن يفرض عليه عدد من العقوبات بقدر عدد الجرائم التي ارتكبها ويؤيد ذلك انه اذا ارتكب المتهم جريمة ثم ارتكب أخرى فلا يمكن ان تكون احدى الجريمتين سبباً للاعفاء من العقوبة المقررة للأخرى .
المبحث الاول : شروط التعدد .
على انه أيا كان المظهر الذي يتخذه التعدد في الفعل الجرمي يلزم لوجوده شرطان :
1- الشرط الأول :
يشترط لوجود التعدد بالمعنى المقصود في المادة /204/ من قانون العقوبات السوري أن يرتكب شخص واحد جريمتين او أكثر . ولمعرفة ما اذا كانت هناك جريمة واحدة أو جرائم متعددة يجب ان ينظر الى ظروف الواقعة سواء من الوجهة المادية او من الوجهة الشخصية .
ا – من الوجهة المادية :
الجريمة هي فعل اي حركة من حركات الجسم يقصد بها احداث تغيير في الخارج فإذا كان الفعل واحد فالجريمة واحدة مع ملاحظة ان وحدة الفعل مستقلة عن النتيجة فالاهمال قد ينتج عنه قتل عدة اشخاص مع ذلك لا يوجد الاجريمة واحدة على أنه يجوز أن تعتبر عدة افعال جريمة واحدة كما هو الشأن في الجريمة المستمرة والمتتابعة وجريمة الاعتياد لأن القانون يشترط هذا التعدد حتى تتكون الجريمة في عناصرها .
ب – أما من الناحية الشخصية :
فان وحدة القصد والتصميم قد تجمع بين الافعال المتعددة بحيث تعتبر بمجموعها جريمة واحدة وهذا يحدث في حالتين .
– حالة الجريمة التي تنفذ بعد افعال متلاحقة كسرقة منقولات منزل على دفعات وضرب شخص عدة ضربات .
– حالة الجريمة التي تقترن بها ظروف مشددة عينها القانون بحيث اذا اخذت هذه الظروف منفردة تكون بذاتها جرائم معاقب عليها كاكسروالمفاتيح المصنعة والاكراه الذي يصحب السرقة . وذلك ان هذه الظروف اذا كان من شأنها تسهيل جريمة أخرى فهي بالمقابل جزء لا ينفصل عن هذه الجريمة .
2- الشرط الثاني :
يشترط أيضا أن لا يكون الجاني قد حكم عليه حكماً مبرماً من اجل احدى هذه الجرائم عند ارتكابه الجريمة الاخرى . وبذلك يختلف تعدد الجرائم عن التكرار (العود) .
ففي الحالتين يرتكب الشخص عدة جرائم ولكن التكرار لا يكون إلا اذا صدر حكم قطعي في الجريمة الأولى قبل وقوع الجريمة الثانية .
* * *
صور التعدد أو انواعه
يميز الشراح عادة بين نوعين من تعدد الجرائم واجتماعها :
– اجتماع الجرائم المادي أو التعدد الحقيقي واجتماع الجرائم المعنوي أو التعدد الصوري .
– واجتماع الجرائم المادي أو التعدد الحقيقي هو الذي تتوافر له عناصر الاجتماع او التعدد تعبيراً عن حقيقة الواقع .
أما الاجتماع المعنوي او التعدد الصوري فهو اجتماع أو تعدد حكمي و اذا اطلق لفظ الاجتماع او التعدد عليه فإنما يطلق على سبيل المجاز اذا لا تتوافر له عناصر الاجتماع أو التعدد وهو يتحقق اذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة .
أي اذا وقع تحت طائلة عدة نصوص قانونية . وفي الواقع لا يوجد في هذه الحالة تعدد جرائم بل يوجد تعدد نصوص . او تعدد اوصاف قانونية لأن الامر لا يتعلق بوقوع عدة جرائم بل بمخالفة عدة قوانين مثال : اذا ضرب شخص اخر بقصد قتله ولم ينشأعن الضرب الا تعطيل عن العمل أكثر من عشرين يوم . فهذا الفعل يكون في ان واحد جناية شروع بالقتل وجنحة ايذاء مقصود .
واذا استولى شخص على مبلغ من النقود بواسطة استعمال سند دين مزور فإنه يعد مرتكب لجريمة احتيال وجريمة استعمال مزور .
وكذلك الحلاق الذي يجري عملية جراحية لمريض يعد فعله ايذاء ويقع تحت طائلة قانون العقوبات كما يقع تحت طائلة أحكام قانون مزاولة المهن الطبية .
* * *
الاجتماع المعنوي للجرائم
1- تعريفه 2 – حكمه 3- حلاته
1- تعريفه :
يعني التعدد الصوري للجرائم أو اجتماع الجرائم المعنوي حالة ارتكاب المتهم فعلاً واحداً ترتبت عليه نتيجة مادية واحدة ولكن هذا الفعل ونتيجته ينطبق عليهما أكثر من نص من نصوص قانون العقوبات وبذلك تكون النتيجة المادية الواحدة محققة اعتداء على نصوص قانونية مختلفة واعتداء على حقوق متعددة يحميها القانون فتكون من الوجهة القانونية نتائج متعددة بعدد الحقوق التي يقع عليها الاعتداء .
2- حكمه :
لا تتعدد العقوبات في حالات التعدد الصوري بل تفرض عقوبة واحدة ، هي العقوبة الأشد من بين العقوبات المتعددة التي يقررها القانون للفعل بأوصافه المتعددة فتتعين المقارنة بين النصوص القانونية المتعددة التي يخضع لها الفعل ثم اختيار النص الذي يقرر العقوبة الأشد وتطبيقه دون غيره على الفعل .
وقد عالج المشرع اجتماع الجرائم المعنوي في مادتين من مواد قانون العقوبات وهما المادتان /180/و/181/ منه فبحث بالمادة /180/ كيفية الملاحقة والحكم في حال التعدد فنصت على مايلي :
أ- اذا كان للفعل عدة أوصاف ذكرت جميعها في الحكم على أن يحكم القاضي بالعقوبة الاشد .
ب- على أنه اذا انطبق على الفعل نص عام ونص خاص أخذ بالنص الخاص .
وتطرق بالمادة /181/ عقوبات الى عدم جواز الملاحقة من أجل الفعل الواحد إلا مرة واحدة ما لم تتفاقم النتائج بعد الملاحقة الأولى فيغدو الفعل قابلاً لوصف أشد.
نصت المادة /181/على مايلي :
1- لا يلاحق الفعل الواحد إلا مرة واحدة .
2- غير أنه اذا تفاقمت نتائج الفعل الجرمية بعد الملاحقة الأولى وأصبح قابلا لوصف أشد لوحق بهذا الوصف وأنفذت العقوبة الاشد دون سواها
فاذا كانت العقوبة المقضي بها سابقا قد انفذت أسقطت من العقوبة الجديدة .
والذي يهمنا من هذا البحث بيان موضوع الملاحقة الجزائية في حال اجتماع الجرائم المعنوي ونتائج هذه الملاحقة والذي تحكمه المادة /180/ عقوبات عام .
ان عبارة اجتماع الجرائم المعنوي لا تعني بالضرورة وجود عدة افعال مادية جرمية مرتكبة من قبل المدعى عليه ويكفي ان يكون هناك فعل مادي واحد له عدة أوصاف قانونية (محكمة النقض في 1/7/1965 مجموعة القواعد الجزائية ص 651 بند 1215) .
وبالتالي نجد أنفسنا أمام جرم تطاله بالعقاب نصوص جزائية مختلفة ، ومن الامثلة على اجتماع الجرائم المعنوي :
أ- جرم الفحشاء بقاصر لم يتم الخامسة عشرة من عمره المرتكب في محل عام ، فهذا الجرم ينطبق على أحكام المادة /495/ عقوبات الباحثة في الفحشاء والمادة /517/ المتعرضة لجرم مخالفة الاداب العامة .
ب- اطلاق الرصاص على شخص بقصد قتله ، اذا فضلاً عن الوفاة الحاصلة للشخص المقصود بالقتل اصابة اخر لا علاقة له بالجرم وتعطيله عن العمل بشكل دائم فهذا الفعل يخضع لأ حكام المادتين 533 و 535 عقوبات الباحثتين في القتل القصد او العمد وفقاً للنية الجرمية المبيتة من الفاعل والمادة 543 الباحثة بالتعطيل الدائم .
ففي المثالين السابقين والامثلة المشابهة ، يوجد فعل مادي واحد له اوصاف متعددة النتائج أو نتائج مختلفة ، لذا فان المشرع أطلق عليه عبارة اجتماع الجرائم المعنوي .
3- حالاته :
هناك حالات من التعدد المادي للجرائم تدخل في مفهوم اجتماع الجرائم
المعنوي أيضا (رغم تعدد الافعال المادية الجرمية ) لسبب الرابطة القوية التي تربط بين بعضها البعض بصورة لا تقبل التجزئة . كارتكاب الموظف جرم التزوير بقصد ارتكاب الاختلاس أو تغطيته . وقد نص المشرع المصري على هذه الحالة في 32/2 قانون عقوبات المصري ولا يوجد نص مماثل له في قانون العقوبات السوري .
وعلى ضوء ذلك فإن حالات التعدد المعنوي للجرائم ، اما أن تتناول :
أ- وحدة الفعل مع تعدد أوصافه أو النتائج الناجمة عنه وهذه هي الحالة الغالبة .
ب- تعدد الجرائم تعدداً ماديا بصورة لا تقبل التجزئة .
الحالة الأولى : وحدة الفعل مع تعدد اوصافه أو النتائج الناجمة عنه .
1- وحدة الفعل :
ولايلزم في وحدة الفعل أن يتكون من عمل مادي واحد ، بل قد يتكون من مجموعة أعمال مادية معاقب على كل واحد منها أو غير معاقب . والمهم أن يكون الفعل بمجموعه معاقب عليه ، بصرف النظر عن تكونه من عمل واحد أو عدة اعمال مختلفة . كما هو الامر فيمن يطلق رصاصة على شخص فتقتله ويجرح آخر أو يضرب شخص عدة ضربات بيده في آن واحد . وفي المثال الاخير تشكل كل ضربة جرما مستقلا ، وان كانت المعاقبة تنصب على مجموع الضربات باعتبارها تشكل جرم الايذاء المقصود .
وقد يصعب الامر في بعض الجرائم كجرم ذم الموظف وجرم التسبب بالوفاة أو الايذاء المرتكب بواسطة النقل .
ففي جرم الذم الواقع على موظف والمتضمن تعريضاً بسلوكه الشخصي والوظيفي في آن واحد ذهب الاجتهاد الى وجود تعدد مادي للجرائم وعدم وجود تعدد معنوي .
وفي جرم التسبب بالوفاة أو الايذاء المرتكب باحدى وسائط النقل التي خالف سائقها أنظمة وقوانين السير كما لو ساقها بدون اجازة ودهس شخصا فأماته أو أذاه أو ساقها بسرعة رغم حمله الاجازة فسبب ضرراً للغير . ففي هاتين الحالتين نجد أنفسنا أمام جرمين ، قيادة السيارة بدون اجازة او بسرعة قبل ارتكاب جرم الوفاة او الايذاء فكل وضع يؤلف حالة جرمية مستقلة ، لذا نكون امام اجتماع مادي للجرائم لامعنوي .
–
وتستثنى من ذلك حالة ما اذا كانت مخالفة السير مسببه بصورة مباشرة لجرم التسبب اذ تغدو هنا عنصرا من عناصر الجرم وشرطاً من شروط قيامه عملاً بأحكام المادة 188 عقوبات التي نصت على أنه ( يكون الخطأ اذا نجم الفعل الضار عن الاهمال أو قلة الاحتراز أو عدم مراعاة الشرائع والانظمة ) .
2- تعدد الأوصاف أو النتائج :
كما هو الحال في جرم الفحشاء المرتكب بصورة علنية أو في جرم التسبب بالوفاة أو الايذاء الذي احدث نتائج مختلفة ، او في جرم الشروع بالقتل الذي سبب الاجهاض . ففي هذه الجرائم يوجد فعل مادي واحد ينطبق عليه وصفان بالنسبة للمثال الاول واحدث نتائج جرمية بالنسبة للمثالين الثاني والثالث لذا لا تتم الملاحقة الا بالنسبة لوصف جرمي واحد وهو وصف الجرم الاشد ( قرار محكمة النقض بند 1215 ، ص 651 مجموعة القواعد القانونية الجزائية ) .
ويتحدد الجرم ذوالوصف الاشد في ضوء المادة 178 عقوبات الباحثة في الوصف القانوني للجرم وكيف يتحدد والمراد 37-42 الباحثة في انواع العقوبات بصورة عامة .
– النتائج التي تترتب على الملاحقة بالجرم الاشد :
1- اذا صدر عفو عام شمل الجرم ذا الوصف الاشد دون الجرم ذي الوصف الاخف فان الملاحقة تعتبر منتهية ولا يجوز الملاحقة بالوصف الاخف لأن الجرم ذا الوصف الأشد هو قصد الفاعل من ارتكابه .
2- وتتم الملاحقة من قبل النيابة العامة بالوصف الاشد على أن تشير في ادعائها الى باقي الأوصاف وينجم عن ذلك أنه اذا كانت ملاحقة الوصف الأشد غير مستجمعة شرائطها القانونية كعدم وجود ادعاء شخصي أو شكوى وكان القانون يستلزمهما فان الملاحقة تتم بالوصف الذي يليه في الشدة .
3- ان الحكم بعقوبة الوصف الاشد ينهي المسؤولية الجزائية عن الفاعل بالنسبة لسائر الاوصاف الاخرى حتى ولو لم يشر اليها في ادعاء النيابة العامة أو في حكم المحكمة .
اترك تعليقاً