بقلم ذ أحمد المؤذن
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
طالب باحث في سلك ماستر إفتحاص إدارات الدولة و الجماعات الترابية بسطات
تحت عدد: 389
التعليق على قرار محكمة النقض ، قرار رقم 2/1138 المؤرخ في 04/12/2014 ، المديرية العامة للضرائب ضد رشيد بن بوغالب الدكالي
يثير قرار محكمة النقض هذا إشكالية تعذر تسليم الملزم بالضريبة إشعار تصحيح ثمن الضريبة الواجب أداءه بإعتباره (الاشعار ) شرط أساسي في مسطرة التصحيح، خصوصا إرجاع الاشعار ببيان ” غير مطالب به ” المنصوص عنها في المادة 219 من المدونة العامة للضرائب.
للتعليق على هذا القرار لابد من إستعراض الوقائع و الحيثيات و المنطوق
1- الوقائع
يهدف القرار أن المدعي قام ببيع القطعة الارضية غير المحفظة المسماة التوطية الكائنة بمحارث مدشر بن محمل جماعة البحراويين عمالة الفحص بن مكادة بثمن 400.000.00 درهم بتاريخ 13/11/2007 و أنه تقدم بالتصريح بالبيع بدى الادارة الضريبية بتاريخ 15/11/2007 و أدى مبلغ 12.000.00 درهم و بعد عدة سنوات توصل بإعلان ضريبي أْشعر بمقتضاه أنه مدين بمبلغ 288.225.00 درهم ناتج عن المراجعة، إذ قام برفع دعوى للمحكمة الادارية بالرباط بتاريخ 08/07/2013 مطالبا بالحكم ببطلان مسطرة فرض الضريبة التكميلية عن الارباح العقارية بما يترتب عن ذلك من آثار قانونية و إحتياطيا بإجراء الخبرة بدعوى أن الادارة خرقت مسطرة التصحيح بعدم توصله بأي إشعار، ثم ان الثمن غير صحيح بعدم مطابقته للواقع؛ لكون العقار غير محفظ؛ واقع بمنطقة نائية؛ و بإعتبار الخطأ الواقع في مساحته؛ و بإعتبار بيعه بعد مدة وجيزة من إقتنائه؛ و بإعتبار أن الادارة لم تقم بمراجعة رسوم التسجيل.
دفعت المدعى عليها الادارة الضريبية أنها سلكت مسطرة التصحيح من خلال توجيهها إليه رسالة مضمونة الوصول رجعت بملاحظة ” غير مطالب به “، أما بخصوص الثمن المعتمد من طرفها تدفع الادارة أنه مطابق للواقع و قد إستندت على رسوم مقارنة متوفرة، و بعد تبادل الدفوعات رفضت المحكمة الادارية الطلب مما دفع بالمدعي إلى إستئناف الحكم.
و في المرحلة الاستئنافية قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم الابتدائي و ببطلان مسطرة الفرض التكميلي المنازع فيه، مما أدى بطالبة النقض – الادارة – إلى نقض القرار الاستئنافي.
2- الحيثيات
حيث بالرجوع إلى أوراق الملف يستفاد أن الاشكال يقع بأن طالبة النقض تقر بأنها سلكت المسطرة التصحيحية فيما يخص التبيلغ، و المطلوب للنقض يقر بدوره بأنه لم يتوصل بأي إشعار.
وحيث أن المطلوب للنقض يؤكد بأن الادارة خرقت مقتضيات المادة 224 من المدونة العامة للضرائب بإعتبار عدم توصله بأي إشعار بإعادة تقدير ثمن البيع ة مبلغ التصحيحات .
وحيث ان طالبة النقض أثبتت في أوراق الملف أنها إحترمت المادة 224 من نفس المدونة من خلال توجيهها إليه رسالة مضمونة الوصول رجعت بملاحظة ” غير مطالب به “.
وحيث أن طالبة النقض تطعن في قرار محكمة الاستئناف الذي قال أن مدلول ” غير مطالب به” لا يفيد تحقق الاشعار مما تبقى معه مسطرة التصحيح الضريبي المباشرة مع الستأنف عليه موضوع الطعن الراهن قد تمت خلافا لمقتضيات المادة 244 من المدونة العامة للضرائب.
وحيث أن الادارة باشرت إجراءات التصحيح داخل أجل 60 يوم المنصوص عليه في المادة 224 من المدونة العامة للضرائبو وجهن للمطلوب في النقض رسالة تصحيح أولى عبر البريد المضمون في عنوانه المحدد في التصريح المدلى به مع إحترام المادة 219 من المدونة العامة للضرائب المتعلقة بكيفية التبليغ و أن مسؤولية الادارة تنحصر في هذا الحد، و عدم إستجابة الملزم قد تكون نتيجة لعدم إستجابة الملزم لمساعي التي قامت بها مصالح البريد .
وحيث أن محكمة الاستئناف قضت أن عبارة ” غير مطالب به ” المضمنة بالرسالة المحتج بها من طرف إدارة الضرائب لا تفيد تحقق الاشعار من طرف إدارة البريد و بضرورة إلالتحاق بمصالحها لسحب الطي البريدي؛ و بتخلف الملزم عن ذلك يجعل مسطرة التصحيح قد تمت مخالفة لمقتضيات المادة 224 من المدونة العامة للضرائب.
و حيث أن المادة 219 من نفس المدونة تنص على أنه إذا تعذر تسليمها ( الرسالة ) إلى الخاضع للضريبة … عندما يتم توجيه الوثيقة في رسالة مضمونة مع إشعار بالتسلم … و ثم إرجاع الوثيقة مذيلة ببيان غير مطالب به … يعتبر الظرف مسلما بعد إنصرام أجل عشرة أيام الموالية لتاريخ إثبات تعذر التسليم .
و حيث أن رجوع الطي بعبارة غير مطالب به يعتبر تبليغا صحيحا بعد مرور 10 أيام الوالية لتاريخ تعذر التسليم و أن المقترض أن إدارة البريد لا تختم الرسالة بالعبارة المذكورة إلا بعد إشعار الموجه إليه بضرورة الحضور لمصالحها بسحب الرسالة مما لا يجعل مجال معه لتكليف الادارة الضريبية بإثبات ذلك الذي يبقى مسألة واقع يمكن التحقق منها من طرف محكمة الموضوع بحسب كل حالة على حدة عن طريق إجراءات التحقيق المخولة لها قانونا و هو ما لم تقعله مما يجعل قرارها معللا تعليلا فاسدا عرضة للنقض.
3- المنطوق
قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه و بإحالة القضية على نفس المحكمة مصدرته للبث فيها من جديد طبقا للقانون و هي مكونة من هيئة أخرى و بتحميل المطلوب في النقض الصائر
4- التعليق
قواعد المساطر الجبائية هي قواعد جوهرية وملزمة يترتب عن خرقها اكتساب حق أو ضياعه، فهي بذلك ترتبط أشد الارتباط بالإلزام الضريبي، ويقصد بالمسطرة الجبائية ” مجموعة القواعد والشكليات المتبعة لإنجاز العمل الإداري”، وتحتل هذه المساطر مكانة مهمة بالنسبة لسير نشاط الإدارة الضريبية من جهة، وبالنسبة للملزم الضريبي من جهة ثانية.
وترافق المسطرة الجبائية الضريبة من تأسيسها إلى غاية المنازعة فيها وذلك عبر مساطر الإنشاء الضريبي( التصريح أو التقدير) أو تصحيح الربط الضريبي، ومسطرة المنازعة في الضريبة سواء أمام الإدارة، اللجان الضريبية، أو أمام القضاء الإداري. و سنقتصر في تعليقا هذا على إجراء التبليغ بإعتباره الوسيلة المتنازع حولها في هذا القرار .
مسطرة التبليغ
مسطرة التبليغ تعد من ضمانة لحقوق الملزم و في آن نفسه شرط أو قيد على سلطات الادارة في مواجهة الملزم و يعد التبليغ في اللغة هو الإيصال و في المعجم الضريبي يعتبر كل وثيقة تستعملها الإدارة من اجل إعلام الملزم بالمسطرة الضريبية التي تمارسها في حقه، والغاية من إيصال هذه الوثيقة هي قطع التقادم بالنسبة للإدارة وفتح آجال جديدة للتقادم بالنسبة للملزم سواء للجواب أو التظلم.
ويحتل موضوع التبليغ أهمية قصوى بالنظر للاعتبارات التالية
التبليغ يحفظ حق الملزم في الإعلام حتى لا تأخده الإدارة على حين غرة ·
التبليغ يمكن الملزم والإدارة من احتساب اجل التقادم بصورة صحيحة تنظيما للمعاملات بينهما ·
التبيلغ هو الآلية الأساسية لتجسيد المسطرة التواجهية التي تمكن كل طرف من عرض مواقفه وملاحظاته بغية التوصل إلى آتفاق بالتراضي حول الأساس الضريبي الجديد ·
وقد عرفت مسطرة التبليغ عدة تطورات ومرت بمراحل متعددة طرق التبليغ وتطورها عبر القوانين المالية
عرف القانون الجبائي المغربي ثلاثة مراحل أساسية فيما يتعلق بكيفية تبليغ المراسلات إلى الملزمين. وهي مرحلة ما قبل 1995 ومرحلة قانون المالية لسنة 1995 ، وأخيرا قانون المالية 2005 الذي احتوى في جنباته كتاب المساطر الجبائية، وقد تم تجميع هذه النصوص في إطار المدونة العامة للضرائب بقانون المالية لسنة 2007
أ- التبليغ قبل سنة 1995
تتميز هذه المرحلة بتنوع وسائل التبليغ المنصوص عليها في القانون الضريبي المغربي، بحيث نلاحظ وجود عدة أساليب للتبليغ حسب تنوع الضرائب، وهكذا نجد التبليغ عن طريق الأعوان القضائيين، وكان هو السائد في رسوم التسجيل والتمبر، بينما كان أسلوب التبليغ بالبريد المضمون هو المعمول به في الضرائب المباشرة، غير أن لا شيء كان يمنع الإدارة من اللجوء إلى السلطات الإدارية لهذا الغرض خاصة في المناطق النائية.
ورغم ذلك، فإن الممارسة الإدارية في هذا المجال كانت تعتمد التبليغ بالبريد المضمون، إلى أن أصبحت هذه الوسيلة هي القاعدة، وتتم عن طريق وضع المراسلة المراد إبلاغها للملزم داخل ظرف يحمل عنوان هذا الأخير، أو تبعث إليه عارية من أي ظرف لكنها مصحوبة بشهادة التسلم ذات اللون الأحمر.
بل إن الإدارة ولقطعها مدة تقادم التحصيل كانت تعمد إلى إرسال عدة إنذارات، وهي تعلم مسبقا أنها سترجع بنفس الملاحظة، وتتمسك في مواجهة الملزم بناء عليها بقطع التقادم، الشيء الذي كان يفرز أوضاعا مأساوية بالنسبة لبعض الملزمين الذين يفاجؤن بمديونيتهم للخزينة العامة بمبالغ تكاد تعادل قيمة المعاملة.
ب- التبليغ في قانون مالية 1995
أمام هذه المشاكل التي أثيرت بسبب ما اعتبر عدم التبليغ، تدارك المشرع الأمر وأدخل تعديلات مهمة على هذه المسطرة خلال قانون المالية لسنة 1995، حيث نظم عملية التبليغ بطرق أخرى أضيفت إلى المراسلة بالبريد المضمون
حيث نصت المادة 15 منه : ” إذا تعذر تسليم التبليغ المقرر بالعنوان الذي حدده الخاضع للضريبة في إقراراته، أو عقوده، أو مراسلاته المدلى بها إلى المفتش التابع له، مكان فرض الضريبة عليه لأي سبب من الأسباب غير الامتناع من تسلمه، بوشر التبليغ المذكور بواسطة المأمورين المحلفين التابعين لإدارة الضرائب، أو أعوان كتابة الضبط، أو الأعوان القضائيين، أو بالطريقة الإدارية، ويجب أن يقوم العون المبلغ بتقديم الوثيقة المراد تبليغها على المعني بالأمر في ظرف مغلق ويثبت التسليم بشهادة تحرر في نسختين وفق مطبوع تقدمه الإدارة، وتسلم نسخة من هذه الشهادة إلى المعني بالأمر”
إلا أن هذه المادة خضعت بدورها لتعديلات إذ استبدلت بالمادة 13 من قانون المالية لسنة 1996، وكذا بالمادة 10 من قانون المالية رقم 00-55 للسنة المالية 2001.
وباستقراء هذه المادة يتبين بأنها جاءت بمقتضيات جديدة، كل ما يمكن القول عنها أنها خولت الإدارة الجبائية إمكانيات وصلاحيات واسعة ومبسطة تمكنها من إجراء عملية التبليغ دون التقيد بأي مسطرة، إذ يكفيها تبليغ الخاضع للضريبة بعنوانه المصرح به لدى مفتش الضرائب، بالطرق المشار إليها بالمادة 10 ليعتبر التبليغ سليما من الناحية القانونية بعد انصرام 10 أيام لتاريخ إثبات تعذر ذلك التسليم ، وهو ما يخالف المقتضيات التشريعية التي كان معمولا بها في هذا الإطار.
ج- التبليغ من خلال كتاب المساطر الجبائية
عمل المشرع المغربي على جمع المقتضيات المتعلقة بالمراقبة والمنازعات في وعاء الضريبة داخل كتاب المساطر الجبائية الذي تضمنته المادة 22 من قانون مالية 2005.(4)
وهكذا أصبحت المادة 10 من الكتاب المذكور المرجع الوحيد فيما يتعلق بمسطرة التبليغ في القانون الضريبي المغربي، حيث تضمنت هذه المادة الصيغة النهائية التي جاء بها تعديل قانون المالية لسنة 2001 بالإضافة إلى مستجد تمثل في تحميل مسؤولية عدم توصل الملزم في الحالة التي تقوم فيها الإدارة بالتبليغ فيتعذر عليها بسبب ما ذكره القانون كالتالي :
إذا وقع تسليمها ·
بالنسبة للأشخاص الطبيعيين إما للشخص المعني إما بموطنه لأقاربه أو مستخدمين عنده أو لكل شخص آخر يسكن أو يعمل مع من وجهت إليه الوثيقة أو في حالة رفض تسلم الوثيقة المذكورة، بعد انصرام أجل العشرة أيام التالية لرفض التسلم ·
فيما يخص الشركات و الهيئات الأخرى المشار إليها في المادة 8 من القانون رقم 17.89 المتعلق بالضريبة العامة على الدخل، إلى الشريك الرئيسي أو الممثل القانوني للشركة أو مستخدميها أو أي شخص آخر يعمل مع الخاضع للضريبة الموجهة إليه ·
· إذا تعذر تسليمها إلى الخاضع للضريبة بالعنوان المدلى به إلى مفتش الضرائب عندما يتم توجيه الوثيقة في رسالة مضمونة الوصول مع إشعار بالتسلم أو بواسطة أعوان كتابة الضبط أو الأعوان القضائيين أو بالطريقة الإدارية ويتم إرجاع الوثيقة مذيلة
ببيان غير مطالب به، أو انتقل من عنوانه، أو عنوان غير معروف، أو غير تام، أو أماكن مغلقة أو أن الخاضع للضريبة غير معروف بالعنوان، في هذه الحالات يعتبر الظرف مسلما بعد انصرام أجل العشرة أيام التالية لتاريخ إثبات تعذر تسليم الظرف المذكور.
و قد حافظت المدونة العامة للضرائب الصادرة في قانون مالية 2007 على نفس المقتضيات، . وهي نفس المسطرة المعمول به حاليا و التي اعتبرها بعض الباحثين على أن أقل ما يقال عنها أنها أجهضت جميع الضمانات التي نص عليها قانون المالية لسنة 1995.
و هكذا فان تعذر الوصول الى الملزم والمبني على اساس رفض التسلم يقوم مقام التبليغ الصحيح بعد مرور عشرة ايام على هذا التعذر اما رجوع الرسالة بعبارة “غير مطالب به” فهو كان لا يعتبر تبليغا وفق ما استقر عليه الاجتهاد القضائي منذ مدة طويلة
وسيرا على هذا المنحى يرى البعض بان على الادارة ان تثبت لجوءها الى مسطرة البريد المضمون اولا، واثبات هذه الوسيلة في تبليغها، و الا ترتب عن ذلك بطلان الاجراء المبلغ خلافا لذلك سواء كانت مسطرة تصحيح او غيرها بالنسبة للضريبة على الشركات والضريبة العامة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة ورسوم التسجيل والضريبة على الارباح العقارية والضريبة المهنية والضريبة الحضرية، ويعتبر تبليغا صحيحا ذلك الذي يتم وفق هاته المسطرة بالنسبة للضرائب، اعلاه، وينتج بالتالي جميع اثاره، لكن على ان تحترم شروط معينة فيما يرجع لمكان التسلم والشخص المسلم له يترتب على ذلك ان منازعة الملزم في طبيعة المسطرة المتبعة قبل فرض الضريبة عليه، يعني ضرورة الادلاء بالرسائل التي وجهت للملزم والتي رجعت بعبارة ” عنوان ناقص” او ” غير مطالب به” الى القضاء على حالتها دون فتحها .
مسطرة تصحيح أسس الضريبة
الأصل في الالتزام الضريبي أن يتم ربطه إما عن طريق التصريح الذي يتقدم به الملزم، أو عن طريق الإدارة بواسطة أعوانها واللجن المتخصصة في ذلك، حسب نوعية الضريبة والآليات التشريعية والقانونية المعمول بها في هذا المجال.
ويفرض القانون على الملزم التصريح ببداية النشاط الخاضع للضريبة لتمكين الإدارة من التعرف على نشاطه : التصريح بالحصيلة الخاضعة للضريبة بالنسبة للضريبة العامة على الدخل والضريبة على الشركات، التصريح برقم الأعمال الخاضع للضريبة على القيمة المضافة، ثم التصريح بانتهاء النشاط الخاضع للضريبة .
لكن هذه المرحلة ليست نهائية لكون المشرع منح للإدارة كما للملزم فرصة تدارك الأخطاء والاغفالات التي يمكن أن تقع في مرحلة الربط، سواء كان السبب في ذلك هو عدم التصريح أو السهو من طرف الإدارة.
كما أن لا شيء يمنع الملزم من أن يعمل على تصحيح الربط الضريبي الذي يراه غير مناسب
وتتميز هذه المسطرة بوجود وسيلتين للتصحيح، تؤديان إلى نتائج مسطرية مختلفة وهما : تصحيح الضريبة عن طريق تقويم التصريح المدلى به من طرف الملزم، وهي مسطرة تواجهية بين هذا الأخير و الإدارة، توفر للطرفين إمكانية الحوار وتبادل الحجج من أجل الوصول إلى تقدير مناسب للوعاء الضريبي
والوسيلة الثانية هي الفرض التلقائي الذي تقوم به الإدارة بشكل انفرادي إما بناء على مقتضيات قانونية عند عدم تقديم الملزم للإقرار الضريبي، أوعدم إرفاق التصريح بالوثائق اللازمة لفرض الضريبة، أوعند عدم مسك المحاسبة بشكل منتظم، أو بناء على توقف المسطرة التواجهية في مرحلة من المراحل. و سنقتصر في تعليقنا هذا على مسطرة التصحيح بإعتبارها هي الاشكال الاساس في قرارنا هذا .
الأصل كما قلنا في الالتزام الضريبي هو التصريح بالنتيجة الضريبية من طرف الملزم أمام الإدارة الضريبية بشكل تلقائي، خاصة بعد التعديلات الأخيرة بجميع دول العالم التي منحت الأسبقية للتصريح بالضريبة على التحديد التلقائي للإدارة، بناء على الإحصاءات التي تقوم بها وذلك لإشراك الملزم في عملية الفرض الضريبي ولتقوية الثقة بين الإدارة والملزم، خاصة باعتبار المكلف أنه الوحيد القادر على تقدير فعلي صحيح للمادة الضريبية .
لكن الملزم قد يحاول إخفاء بعض أسس فرض الضريبة، أو بعض المبالغ المحجوزة برسم الدخول المتكونة من الأجور، أو الأثمنة أو التصاريح التقديرية المعبر عنها في العقود والاتفاقات.
هنا يحق لمفتش الضرائب الدعوة إلى تصحيح وتقويم أسس الضريبة، وهذه الأسس والمبالغ والأثمان المشار إليها أعلاه ناتجة عن إقرار الخاضع للضريبة أو رب العمل أو المدين بالإيراد أو ناتجة على فرض الضريبة بصورة تلقائية. وفي هذه الحالة يبلغ المفتش إلى الخاضعين للضريبة وفقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 من المدونة العامة للضرائب رسالة التبليغ الأولى والرسالة الثانية يدعوهم فيها للإدلاء بملاحظاتهم داخل الأجل المضروب لذلك و هو 30 يوم .
بيد أنه توجد مسطرتان لتصحيح التصريح بالضريبة: المسطرة العادية لتصحيح الضرائب والمسطرة السريعة لتصحيح الضرائب ويقصد بهذه الأخيرة : المسطرة المتعلقة بتصحيح الربط الضريبي التي تتطلب نوعا من السرعة في حفظ حقوق الخزينة من الضياع، وتهم بعض الحالات المنصوص عليها في المادة 221 من المدونة العامة للضرائب الجديدة وتتميز هذه المسطرة بضرورة إجبار الملزم على أداءه للضرائب قبل المنازعة فيها.
وقد أثارت هذه المسطرة عدة منازعات بين الملزم والإدارة أمام القضاء الجبائي، وإن كان الغالب منها مرتبط بمسطرة التبليغ السابق مناقشتها، إلا أنه هناك إشكالات ذات أهمية لا تقل شأنا عن مسطرة التبليغ. وفي هذا السياق فإن المحاكم الإدارية المغربية ألزمت القابض بأن يدلي بوسائله التقديرية للتأكد من صحتها عند تصحيح الضريبة وفق أسس جديدة خلافا لما تقدم به الملزم، وهو موقف شجاع من شأنه أن يدفع القابض إلى إعادة تقدير المادة الضريبية، و القيام بالتحريات الدقيقة ما دام أنه خاضع لمراقبة القضاء.
و عليه وكما قلنا سلفا ان الاجتهاد القضائي كان يعتبر أن الرسالة التي ترجع بملاحظة “غير مطالب به ” لا تفيد تحقق الاشعار و هذا ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف في قرارنا هذا متجاهلة المادة 219 من المدونة العامة للضرائب المتعلقة بكيفية التبليغ إذ في فقرتها الاخيرة ” … تعتبر الوثيقة مبلغة بصورة صحيحة ….. 2- إذا تعذر تسليمها إلى الخاضع للضريبة بالعنوان المدلى به إلى مفتش الضرائب عندما يتم توجيه الوثيقة في رسالة مضمونة الوصول مع الاشعار بالتسلم ……و تم إرجاع الوثيقة مذيلة ببيان ” غير مطالب به ” …..، في هذه الحالات يعتبر الظرف مسلما بعد إنصرام أجل العشرة أيام الموالية لتاريخ تعذر تسليم الظرف المذكور “، و بالتالي فالقرار الاستئنافي تجاهل أجل العشرة أيام و إعتمد فقط عبارة غير مطالب به تعد أن التبليغ لم يتم .
و ختاما نؤكد أن قرار النقض كان صائبا جملة و تفصيلا فيما تبين أو قدّم لها من دفوعات ، حتى التعليل الذي جاء به هذا القرار الذي أكد تعذر تسليم الملزم للإشعار لا يقع على عبء الادارة الضريبية مادامت أنها قامت بالتبيلغ و رجع ببيان ” غير مطالب به ” و مرور أجل عشرة أيام على هذا التعذر و عدم مجيء الملزم لتسليم الظرف في هذا الآجل مما يؤكد أن الادارة إحترمت الاجراءات المسطرية المقررة قانونا و حتى أن المشرع إستعمل لفظ توجيه و ليس تبليغ في المادة 219 من المدونة العامة للضرائب و لا يعني التسليم أو التبيلغ ، أما ما نطقت به فهو أمر منطقي و قانوني و يعد مسألة واقع فإن محكمة النقض محكمة قانون و أن الادارة الضريبية إحترمت القانون فيما يخص مسطرة تصحيح الضريبة خاصة مسألة التبيلغ المقررة في المادة 219 من المدونة العامة للضرائب مما يجعل دفوعات المطلوب للنقض ضعيفة ، أما دفوعاته بعدم التوصل و دفوعات الادارة بالارسال و دليل البريد بالارسال و رجوعه ببيان غير مطالب به تبقى مسألة واقع كما ذكرنا و محكمة النقض ليس من صلاحياتها النظر في الواقع فقط المسائل القانونية .
بقلم ذ أحمد المؤذن
طالب باحث في سلك ماستر إفتحاص إدارات الدولة و الجماعات الترابية بسطات
اترك تعليقاً