المسئولية الجنائية للصحفي
المحامى زامل شبيب الركاض*
تعتبر الصحافة هي السلطة الرابعة والمرآة التي ُتوضح الإيجابيات والسلبيات في كل المجتمعات، حيث تتمتع الصحافة دولياً بالحرية اللازمة لتأدية رسالتها السامية في حماية حقوق المجتمع ومؤسساته، ولكن هذا لا يعني إطلاق حرية الصحافة دون ضوابط شرعية ونظامية تحدد مسئوليتها وتحاسبها على أخطائها(إن وجدت)، وتتحقق مسئولية الصحفي الجنائية إذا ترتب على فعله ضررا بالغير سواء كان ضررا مباشرا أو غير مباشر أو أن يكون ما فعله الصحفي أثناء تأدية عمله المهني عملا يخالف الشرع والنظام.
والصحفي يكون مسئولا جنائيا اذا قام بارتكاب أي فعل ينتج عنه ضرر بشخص ما أو ينال من استقرار المجتمع وأمنه، ويترتب على ذلك العقوبة كجزاء للمسئولية الجنائية، ولا يجوز فى المسئولية الجنائية الصلح ولا التنازل لان الحق فيها عام للمجتمع، والقاعدة القانونية فى المسئولية الجنائية أنه لا عقوبة بلا جريمة، ولا جريمة بلا نص والفعل المرتكب قد تترتب عليه المسئولية الجنائية والمدنية فى آن واحد كالقتل والسرقة والضرب والسب والقذف فكل فعل من هذه الأفعال يحدث ضرراً بالفرد والمجتمع فى نفس الوقت، وبذلك يكون من ارتكب هذا الفعل مسئولا ً مسئولية جنائية جزاؤها العقوبة، ومسئولا ً مسئولية مدنية جزاؤها التعويض، والفعل قد تترتب عليه المسئولية الجنائية فقط اذا لم يلحق ضررا ً بأحد كما فى جرائم الشروع والاتفاق الجنائى.
ومن جهة أخرى فإن المسئولية الجنائية للصحفي تنشأ في حالة كتابة أو نشر أمور عن أفراد تخالف الواقع والحقيقة مما يعد قذفا أو سبا ويعرف القذف بأنه إسناد للغير بواسطة إحدى الطرق أمورا أو أفعال لو كانت صادقة لأوجبت عقابه أو احتقاره في المجتمع، كما يعرف السب بأنه كل قول يتضمن خدشاً للحياء وتعريضا بالشرف والاعتبار، ونؤكد بأن جرائم القذف والسب التي تكون بواسطة النشر فى الصحف والمطبوعات تعد من قبيل الأفعال المجرمة التي تحتاج الى عقوبة مركبة لتوافر جريمة القذف والسب مع جريمة التشهير، بمعنى أن الصحفي يعد مسئولا مدنيا وجنائيا في مثل هذه الحالات.
ونخلص إلى أن المسئولية الجنائية للصحفي تنتفي بمراعاة الضوابط المنظمة للعمل الصحفي والتي مناطها حماية المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحقوق العامة واحترام الحياة الخاصة للمواطنين وعدم الاعتداء على شرفهم وسمعتهم أوانتهاك حدود الشرع والنظام، وبالجملة يعتبر النشر جرما جنائيا اذا تحقق الضرر بالمجتمع أو كان النشر يتعلق بالمساس بأمن الدولة، وتبقى العقوبة الجنائية مسألة تقديرية تخضع لسلطة لجنة النظر في المخالفات الصحفية لتقدير العقوبة التعزيرية المناسبة مثل الإيقاف عن العمل الصحفي والتعزير بالمال في الحق العام متى ثبت توفر القصد الجنائي بتعمد إتيان الفعل المادي للجريمة الصحفية.
اترك تعليقاً