ماذا تعرف عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ؟
الوكالـة الدولية للطاقـة الذريـة International Atomic Energy Agency (IAEA) هي إحـدى المنظمات المتخصصة التابعة للأمـم المتحـدة بدءاً من تاريخ 29 تموز/يوليو عام 1957، وهو تاريخ اكتمال إيداع وثائق التصديق على دستورها من ثماني عشرة دولة، وهو العدد المطلوب لدخول ميثاقها حيز النفاذ، وتسعى هذه الوكالة إلى التوسع في استخدام الطاقة الذرية في الأغراض السلمية لدفع التقدم الاقتصادي والاجتماعي وتطويره، باستخدام هذه الطاقة في توليد الكهرباء لزيادة موارد الطاقة المحركة في العالم، وكذلك باستخدام الإشعاعات النووية في مجالات الطب والزراعة والصناعة من دون أن يسبب هذا الاستخدام خطراً على الصحة العامة أو على السلم الدولي، وتدرس الوكالة الظروف الاقتصادية والفنية في البلاد فيما يتعلق بالمجال الذري، وفي ضوء نتائج هذه الدراسة توفر المعونة الفنية من خبراء ومواد ُتستخدم في المجال النووي، كما تعقد الاجتماعات العلمية وتشجّع الأبحاث النووية، وتجمع وتنشر كل ما يصلها من معلومات وبيانات علمية وفنية في المجال النووي، كما تعمل وسيطاً في سبيل تبادل الخبرات والمعونات الخاصة باستخدام الطاقة الذرية بين الدول، كما ُتعنى الوكالة أيضاً بالمشكلات التي تنجم عن استخدام هذه الطاقة كمشكلة التخلص من النفايات المشعة وحماية العاملين بالمنشآت الذرية.
وتتكون الوكالـة الدولية للطاقـة الذريـة من ثلاثة أجهزة، هي المؤتمر العام، والمجلس التنفيذي، والأمانة العامة التي يرأسها المدير العام. وتضم الوكالة حـالياً (2004م) في عضويتها مئة واثنتين وعشرين دولة، بما في ذلك الدول الخمس النووية الكبرى.
أهداف الوكالة الدولية للطاقة الذرية
أشارت المادة الثانية من النظام الأساسي للوكالة إلى أن أهداف الوكالة تتلخص في:
ـ نشر الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية والتعجيل بذلك: وهذا يعني أن الوكالة قد وضعت نصب عينيها هدفاً جليلاً ومركباً، وهو ليس نشر الاستخدامات السلمية للطاقة النووية فحسب، بل السعي إلى التعجيل بذلك، مستهدفةً تفعيل استخدام هذه الطاقة في السلام العالمي وزيادتها وتحسين الصحة وزيادة الرخاء في العالم.
ـ عدم استخدام المعونة والمساعدات التي تقدمها الوكالة في خدمة الأغراض العسكرية: وهو الهدف الذي حددته المادة الثانية من النظام الأساسي في فقرتها الثانية، وفي إشارة إلى أهمية هذا الهدف أكدت الوكالة بذل طاقتها للتأكد من عدم استخدام المعونة المقدمة منها لخدمة الأغراض العسكرية، ويبدو أن هذا الهدف أكثر صعوبة من سابقه، ويزيد من صعوبة تحقيق الهدفين معاً، وذلك لارتباط الجانب العسكري بالجانب الأمني ورفض بعض الدول عقد اتفاقات محددة في هذا المجال بمسوغ الاختلاف في طبيعة مقتضيات الأمن بين الدول، وخاصةً بين الدول الحائزة أسلحة نووية والدول غير الحائزة.
مبادئ عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية
أما المبادئ التي تلتزم بها الوكالة في عملها فقد أشارت إليها الفقرة (ب) من المادة الثالثة وهي أن تعمل وفقاً لمقاصد الأمم المتحدة ومبادئها الرامية إلى تقرير السلم والأمن الدوليين، ووفقاً لسياسة الأمم المتحدة الهادفة إلى تحقيق نزع السلاح على نطاق عالمي مضمون، وأن توزع مواردها بطريقة تضمن فعالية استخدامها وعموم نفعها، ولا تجعل مساعدتها خاضعة لأي شروط تتعارض مع أحكام النظام الأساسي، وأن تراعي الحقوق المطلقة التي تتمتع بها الدول.
العلاقة بين الوكالة ومنظمة الأمم المتحدة
للوكالة الدولية للطاقة الذرية علاقة خاصة وفريدة بجهاز الأمم المتحدة، تختلف عن علاقة الوكالات المتخصصة الأخرى الدائرة في فلك نظام الأمم المتحدة، فهي علاقة أكثر وثوقاً بالمنظمة من علاقة الأجهزة الأخرى بها من ناحية، ومن ناحية أخرى فالوكالة أكثر استقلالية عن المنظمة في نواحٍ أخرى:
ـ مظاهر ارتباط الوكالة بمنظمة الأمم المتحدة: تتجلى هذه العلاقة الوثيقة من خلال:
ـ التزام الوكالة بإرسال تقاريرها الدورية مباشرةً إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بدلاً من المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وُترسل أيضاً تقارير عرضية إلى مجلس الأمن وإلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
ـ التزام الوكالة بإبلاغ الجمعية العامة ومجلس الأمن عن مخالفة التزامات الضمانات (تحويل استخدام الطاقة النووية إلى الأغراض العسكرية). وعند توقيع جزاءات الوكالة قد يتدخل مجلس الأمن.
ـ يحق لمجلس محافظي الوكالة مخالفة مجلس الأمن مباشرةً، ومن حق مجلس الأمن أن يطلب مباشرةً تزويده بالمعلومات.
ـ وجود تمثيل متبادل ومستمر بين المنظمتين.
ـ مظاهر استقلالية الوكالة عن منظمة الأمم المتحدة: ليست الوكالة جهازاً فرعياً تابعاً للأمم المتحدة، بل هي منظمة دولية مستقلة ذات علاقة خاصة بمنظمة الأمم المتحدة، وتبدو ملامح استقلال الوكالة من خلال عدّة أمور لعل أبرزها:
1ـ ما جاء في المادة الأولى من اتفاق الوصل بين الوكالة والأمم المتحدة التي تنص على أن الوكالة تُعد منظمة دولية مستقلة استقلالاً ذاتياً وتعمل تحت رعاية الأمم المتحدة.
2ـ استقلال الوكالة في توقيع الجزاءات على الدول المخلة بالتزاماتها.
3ـ ضعف سلطة الجمعية العامة للأمم المتحدة في الرقابة على ميزانية الوكالة الدولية للطاقة الذرية مقارنةً بالوكالات والأجهزة الأخرى.
ولابد من الإشارة أخيراً إلى أن الأهداف التي سعت الوكالة إلى تحقيقها ظلت بعيدة المنال حتى اليوم، بسبب العراقيل السياسية التي كانت ُتوضع في ظل الحرب الباردة التي كانت سائدة، ثم بعد انتهاء الحرب الباردة بسبب ازدواج المعايير والبعد عن الموضوعية وسيطرة الدول النووية الكبرى وهيمنتها على نشاط الوكالة وتسخيرها لتحقيق أهدافها الخاصة في فرض قيود تقنية على بعض الدول دون بعضها الآخر بحجج واهية بعيدة عن مبادئ العدالة وعلى أساس تقويم خاطئ وتنبؤات غير سليمة ووفق مزاج سياسي أيديولوجي بحت لا يتيح تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص.
اترك تعليقاً