الشهادة” كموضوع للاثبات الجزائي
الشهادة في القانون تقوم على “إخبار شفوي يدلي به الشاهد في مجلس القضاء يعد يمين يؤديه على الوجه الصحيح لما قد يكون قد عاينه او ادركه بحاسة من حواسه كالبصر في حالة مشاهدته للجاني وهو يطلق الرصاص او يطعن المجني عليه بالخنجر او كالسمع في حالة همس وتلقي السمع لعبارات القذف والسب التي صدرت من الجاني في حق المجني عليه و الشهادة تجمع بين الاهمية و الخطورة في الاثبات الجنائي فمن حيث الاهمية قد تستنير المحكمة بالدليل المستمد من الشهادة لكشف الحقيقة بل و ان الشهود هم عيون القضاء وآذانه اما من حيث الخطورة فقد تكون الشهادة هي الوسيلة الوحيدة التي اصبحت ممكنة في يد القضاء بعد تعذر الوسائل الاخرى, فيعتمد عليها القاضي لاثبات التهمة او نفيها، وحينئذ قد يدلي الشاهد بوقائع مخالفة للحقيقة اما لعدم دقة ذاكرة الشاهد حيث يكون قد راوده النسيان وإما لتأثره بمصلحة شخصية يتحصل عليها من وراء شهادته فيترتب على ذلك إدانة شخص بريء عوض المجرم الحقيقي.
وترد الشهادة امام القضاء على كل واقعة مادية لا تثبت في المستندات كما قد تشمل ايضا كل ما يصور المتهم في مخيلة القاضي بشان سمعته وحالته الادبية لان ذلك مما يساعد القاضي على تحديد خطورة المتهم الاجرامية وعلى العموم فهي تنصب على كل ما يتصل بالدعوى وتكون منتجة فيها لكن على المحكمة ان تمتنع عن سماع شهادة الشهود بشان وقائع ترى فيها وضوحا كافيا لاقامة العدالة.
و الشهادة موضوع الاثبات الجزائي تستنبط من الشاهد الذي تحققت فيه الشروط اللازمة الموضوعة لضمان عدالة لا تعول، ولا شك في عدالة القضاء الذي يأتي بناءا على شهادة شاهد عادل وهو شرط يتحرى القاضي تداركه بكل جدية من مميزات الشخص وملامحه الطبيعية كاستقراره في الحديث امام القضاء او تغيره وشحوب الوجه الملازم بالتردد او انضباطه الملازم بالطمأنينة وعلى العموم فللقاضي حرية التقدير من هذا الجانب
لان عدالة الشاهد تميزها استقامته وليس هناك ضابط محدد يقف على معرفة هذه الاستقامة و بالتالي فيرى الاستاذ “اغليس بوزيد” ان الفاصل في ذلك هو كل ما لا يثير و لا يلحق الشك في الوقوف عليه مما اته الشاهد من اقوال عن المتهم و افعاله الجرمية لكن ذلك لا يخرج عن كونه ظاهرة العدالة التي يتميز بها الشاهد، حيث لا يكتفي بها القاضي اذا طعن الخصوم او محاميهم في الشاهد.
وبالتالي ان للقاضي وسع النظر في السوابق العدلية الخاصة بالشاهد ليتحرى استقامته مناط العدالة المشروطة.
كما يعتبر من عدالة القضاء ان ياخذ القاضي الجزائي يقينه من الشاهد المميز ، الحر ، و المؤدي اليمين كلما لا تتعارض صفته في الدعوى مع صفته كشاهد وقد جاء في قرار لمحكمة النقض المصرية ” فالشهادة تقتضي بداهة العقل و التمييز لان مناط التكليف فيها هو القدرة على ادائها ومن ثم فلا تقبل شهادة المجنون او الصبي” فهي باطلة لا قيمة لها في الاثبات حتى على وجه الاستدلال.
وحرية الاختيار فغي اداء الشهادة شرط ضروري من حيث ضمان مشروعية الدليل الذي يفترض وجوب الحصول عليه من غير اكراه مادي او معنوي باي قدر كان.
ولا تصح الشهادة في الاثبات الجزائي من غير حلف اليمين وصيغتها ان يرفع الشاهد يده اليمنى امام القاضي قاسما “اقسم بالله العظيم ان اتكلم بغير حقد ولا خوف وان اقول كل الحق ولا شيء غير الحق” وتسمع شهادة القصر الى سن السادسة عشر بغير حلف اليمين, وذلك وفقل لنص الفقرة الثانية من المادة 93 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري وهذا فضلا عما اوردته الفقرة الاولى من هذه المادة من وجوب ذكر الاسم و اللقب و السن و المهنة.
ولقد استقر الفقه على ان الشهادة التي تؤدى بدون يمين تعتبر مجرد أقوال وقد يترتب على تخلفها بطلان الحكم الصادر بناءا عليها.
اترك تعليقاً