عمل المرأة في المحاماة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله. وأعظم الرضوان، وأوسع الرحمات على صحابة رسول الله الكرام ، ومن تبعهم بإحسان ممن ساروا أشواطاً طويلة في طريق تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على ديار المسلمين. وأصدق الدعوات للمسلمين أن يهديهم الهادي، ويردهم إلى دينهم رداً حسناً وينصرهم على أنفسهم ، وأعدائهم ليعملوا على تحقيق النظام العالمي الجديد الذي يريده خالق الكون
قال تعالى { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (الأنعام:153)
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102)
{ )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1)
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما }( الأحزاب 70 – 71 )
أما بعــــد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله ،وخير الهدي هديُ محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكُلَّ محدثة بدعة ، وكلَّ بدعة ضلالة ،وكل ضلالة في النار.
وبعد :
إن المحاماة هي مهنة الرجال دون النساء ،”لأن الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض “(1) فالرجل أقوى من المرأة وأجلد في خوض معركة الحياة ،وتحمل مسوؤلياتها .
أما المرأة ففي عملها قول و تفصيل .
يرتبط عمل المرأة المسلمة بالدعوة إلى تحريرها عن طريق رفع الحجاب وإزالة النقاب ،وتدرجت هذه الدعوة الآثمة من رفع الحجاب و التعليم المختلط إلى تشجيع المرأة على العمل خارج منزلها .
وبعد معارك ضارية بين دعاة الحق و أصحاب تقليد المرأة الأوربية و التشبه بها خرجت المرأة من حصنها لتقاسم الرجل لقمة عيشه متشبهة بالمرأة الأوربية التي وقفت فريسة المؤامرة الصهيونية عن طريق شراء اليهود أو أصحاب الرأسمال عمل النساء والأطفال بأبخس الأثمان في المعامل المستحدثة وكانت الخطوة الأولى في تهتك المرأة و جنوح الأحداث في المجتمع الغربي اللاديني.
ثم تتابعت الخطوات ،وانتهت المرأة الغربية ومقلدتها إلى سلعة رخيصة في سوق الرقيق الأبيض .وقد أحس بعض نساء الغرب بهذه الفاجعة الواقعة عليهن . فقالت الكاتبة الأنكليزية أجاثا كريستي :”إن المرأة مغفلة ،لأن مركزها في المجتمع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم فنحن النساء نتصرف تصرفاً أحمق ،لأننا بذلنا الجهد الكبير خلال السنين الماضية ،للحصول على حق العمل و المساواة في العمل مع الرجل .. والرجال ليسوا أغبياء ،فقد شجعونا على ذلك معلنين أنه لامانع مطلقاً من أن تعمل الزوجة ،وتضاعف دخل الزوج ومن المحزن أننا أثبتنا نحن النساء أننا الجنس اللطيف الضعيف ،نعود اليوم لنتساوى في الجهد والعرق الذي كان من نصيب الرجل وحده. ولعل الأحداث التي مرت بها الدول الغربية خلال الحربين العالميتين دفعت بالمرأة الغربية الى العمل لنقص عدد الرجال ، وفقدها عائلها في الحرب.
أما مجتمعنا المسلم ،فظروفه تحتلف اختلافاًجذرياًعن المجتمع الغربي ، ففي مجتمعنا زيادة هائلة في الأيدي العاملة والرجال يعانون من البطالة الظاهرة والباطنة. رغم كل هذا يضع دعاة تقليد الغرب أصابعهم في أذانهم متذرعين بكل حجة بأنه “لاسبيل إلى حل مشاكلنا الا بمساواة المرأة بالرجل وإخراجها من ظلمات عصر الحريم إلى نور عصر نور المدينة -حسب دعواهم -لتشارك في بناء المجتمع الحديث مجتمع الحرية والعدالة والرفاهية .ولامجال لسعادة المرأة -حسب زعمهم- إلابخروجها الى العمل الذكوري خارج المنزل ، فتحقق ذاتها وتؤكد شخصيتها . وقد صدقت الكثيرات هذا الضلال واضللن.
تقول الكاتبة الملحدة نوال السعداوي بصريح العبارة:”لاشك بأن أول خطوة لتحرير المرأة هو أن تكون منتجة وعاملة في المجتمع ،بشرط أن تنال عن عملها أجراً ولا تعمل بغير أجر.اِن الاستقلال الاقتصادي هو أول خطوات المرأة للتحرير،لأن استقلال المرأة اقتصادياً عن زوجها سوف يعطيها الفرصة والقوة أن ترفض اذلاله لها ،وسوف يمكنها من الاعتماد علىنفسها اذا طلقها أو هددها بالطلاق ،فالمرأة في حاجة إلى استقلال نفسي بحيث تتغلب على الأزمات التي تواجهها من الرجل بسبب خروجها عن وصايته وطاعته. وهي في حاجة للاستقلال في الشخصية وثقة بالنفس لتواجه المجتمع بسبب خروجها عن النمط التقليدي لمفهوم الأنثى”(!)
المرأة بعملها خارج المنزل وما يتجه لها من استقلال الشخصية ،يوهن علاقتها الزوجية ويضعف ارتباطها بزوجها وحاجتها إليه،ويجعلها قادرة على هجر الشؤون الزوجية لأتفه الأسباب ، والمرأة بخروجها للعمل ربما تكسب بعض المال من استقلالها المادي ولكنها ستكون عرضة لتبلد مشاعر الأمومة و الأحاسيس اللطيفة , و ستصبح غير الراغبة في أن تكون أماً , و إذا أضطرت لأن تكون أماً لطفل في يوم ما ، فإن طفلها هذا سيتسبب لها في مشاكل تقف عقبة في تأدية واجبات عملها الخارجي , و القيام بواجب التنشئة السليمة إذ تضطرها التزامات العمل و الوظيفة إلى أن تكل أمره إلى غيرها من المرضعات و الحاضنات , فيفقد الطفل أهم ما تعطيه الأم هو العاطفة والحنان و لــبن الأم و الوجدان (2)
يقول الشيخ جمال الدين الأفغاني : ( إن عمل المرأة و واجباتها نحو زوجها و أولادها أهم بكثير من صناعات الرجل و أن ترك المرأة مملكتها (بيتها ) و أن تزاحم الرجل في شقائه لجلب العيش الذي لو فرضنا أنها أفادت بعض الفائدة المادية فيه و عاونت فيه , لا شك بأن الخسارة تكون من وراء تركها المنزل و تدبيره , والطفل و تربيته , أعظم بكثير من تلك المنفعة التي لا تبقي على الأخلاق )(3)
و تقول لجنة الفتوة لجامع الأزهر :
((إذا كان الرجل قواماً على المرأة و أفضل منها بالفطرة و في العقل و المقدرة فأنها مأمورة بالقرار في البيوت و عدم الاختلاط باجانب منها , و إن المرأة راعية في بيتها , و إن إسناد هذه الولاية و الوظائف إليها يعوق أداء رسالتها في الزوجية و الأمومة , و قد جرى التطبيق في الصدر الأول في الإسلام على حرمانها من هذه الولايات و الوظائف , و أن المرأة تختلف عن الرجل في كثير من الأحكام ، و يرجع ذلك إلى طبيعة المرأة ، و ما فطرت عليه من خصائص جسمية و نفسية تحول دون أن يكون لها القدرة على هذه الولايات و الوظائف ))(1)
بعد أن بسطنا القول في عمل المراة بشكل عام و بيّنا حكم الإسلام فيه ، أتكلم عن عمل المراة في مهنة المحاماة محاولاً تبيين حكم الإسلام على مزاولة المرأة المسلمة لهذه المهنة بشكل خاص رب قائل يقول : أن من حقها أن تدافع عن أختها ونفسها ، لأنها تفهم طبيعتها و نفسيتها أكثر من الرجل ، لذلك يحق للمراة أن تمتهن هذه المهنة مثلها مثل الرجال .
فرد على هذا الأدعاء بأدلة عقلية و نقلية من القرآن الكريم و السنة النبوية و الإجماع ، و المصلحة المشروعة.
1-القرآن الكريم :
ا – قال تعالى : {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (النساء:32)
قال الإمام الشوكاني مفسراً هذه الآية الكريمة (فيه النهي عن أن يتمنى الإنسان ما فضل الله به غيره من الناس عليه ، فإن ذلك من عدم الرضى بالقسمة التي قسمها الله عن عباده على مقتضى إرادته ، و حكمته البالغة ، و فيه أيضاً نوع من الحسد المنهى عنه إذا صحبه إرادة زوال تلك النعمة عن الغير )(1)
و دلالة هذه الأية عندي – و الله اعلم – أن للرجال مهناً و أعمالاً لا يجوز أن تعمل بها المرأة الحرة أو حتى أن تتمناها ، وذلك أن للنساء أعمال و مهام لا يحق للرجل أن يعمل بها أو يتمناها .
و الدليل على صحة هذا الاجتهاد أن النساء قديماً تمنين أن يكون لهن حظ مما ذهب به الرجال .
فقد روي أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه و سلم ، و معها نسوة ، قالت : ليت كتب الله علينا الجهاد كما كتبه على الرجال ، فيكون لنا من الأجر مثلما لهم (2) ، فنزل قوله تعالى {و لا تتمنوا ما فضل الله به …….)
و هناك دليل أبين و أوضح مبني عن أسماء بنت يزيد الأنصارية ، أنها أتت النبي صلى الله عليه و سلم ، وهو بين أصحابه ، فقالت بأبي و أمي أنت يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك ، إن الله عز و جل بعثك إلى الرجال و النساء كافة فآمنا بك و بإلهك و أنا معشر النساء محصورات ، مقصورات ، قواعد بيوتكم ، و مقضى شهواتكم ، و حاملات أولادكم و أنكم – معشر الرجال – فضلتم علينا في الجمع و الجماعات و عيادة المرضى ، و شهود الجنائز ، و الحج بعد الحج ، و أفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله عز و جل و إن الرجل إذا خرج حاجاً أو معتمراً ، أو مجاهداً حفظنا لكم أموالكم ، و عزلنا لكم أثوابكم ، و ربينا لكم أولادكم أفلا نشارككم في هذا الأجر و الخير ؟
فألتفت النبي صلى الله عليه و سلم إلى أصحابه بوجهه كله ، ثم ، فقال :
أفهمي أيتها المرأة . و أعلمي من خلفك من النساء ، أن حسن تبعل المرأة لزوجها و طلبها مرضاته ، و اتباعها موافقته ، يعدل ذلك كله ، فأنصرفت المرأة ، وهي تهلل}(1)
رحم الله هذه الصحابية ،التي فقهت دور المرأة و وظيفتها في المجتمع ، و يا ليت رجال و نساء هذا العصر يفقهون ما عقلت .
ب – قول الله تبارك و تعالى { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) (النساء:34)
الشاهد في هذه الآية قوله تعالى {الرجال قوامون على النساء }.
قال أبو الأعلى المودودي عليه رحمة الله : ( أنت ترى أن الله تعالى يأتي الرجال القوامة بكلمات صريحة ، و يبين للناس الصالحات بميزتين اثنتين :
الأولى : أن يكن قانتان ،
و الثانية : أن يكن حافظات لما يريد الله تعالى أن يحفظه في غيبة أزواجهن )(3).
و قال الزمخشري (1)غفر الله لنا و له (إنما كانوا مسيطرين عليهن بسبب تفضيل الله بعضهم و هم الرجال على بعض و هن النساء و فيه دليل على أن الولاية إنما تستحق بالفضل لا بالتغلب و الاستطالة ، و القهر ، و قد ذكروا في فضل الرجال العقل و الحزم و القوة و الكتابة و الفروسية و الرمي و أن منهم الأنبياء و العلماء و فيهم الأمامة الكبرى و الصغرى و الجهاد و الأذان و الخطبة و الأعتكاف ……)(2) .
ج- قال تعالى { )وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (الأحزاب:33)
البيان الإلهي يأمر نساء المسلمين بلزون بيوتهن ، لأن ذلك أزكى لهن و أطهر (و إن كان الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه و سلم فقد دخلت غيرهن فيه بالمعنى . و هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء ، كيف و الشريعة طافحة بلزوم النساء بيتوهن و الإكفاف عن الخروج منها إلا للضرورة ، فأمر الله تعالى نساء النبي صلى الله عليه وسلم بملازمة بيوتهن و خاطبهن بذلك تشريفاً لهن و نهاهن عن التبرج )(4)
د – قول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً) (الأحزاب:53)
في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسائلة النساء من وراء حجاب لحاجة تعرض أو مسألة يستفتين فيها .
ذلك أن المرأة كلها عورة و لا يجوز ظهورها إلا للضرورة ، فكيف تستقيم مهنة المحاماة مع أوامر هذه الآية وأمثالها و نواهيها .
إذا احتج محتج أن هذه الأية أنزلت في زوجات النبي صلى الله عليه و سلم وأن حكمها يقتصر عليهن دون غيرهن من النساء .
فإننا نقول بما قال أهل العلم : أن هذه الآية أنزلت في زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم بيد أن حكمها يشمل جميع نساء المسلمين لعموم اللفظ بخصوص السبب ، فليس من المعقول أن تحجب نساء الرسول و تترك نساء المسلمين متبرجات ، كما يريد اللادينيون . فالآية خصت بالذكر زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم لأنهن قدوة نساء المسلمين إلى يوم الدين يقتدين بهن و بسلوكهن فيكسبن الحياة الدنيا و نعيم الأخرة .
2- السنة النبوية : إذا كان القرآن الكريم حمال أوجه ، يستطيع من في قلبه مرض تأويله بما يأمره به هواه . فإن السنة مبينة لمجمل القرآن ، و مفسرة له تصرح بما لا مجال للشك بحرمة عمل المرأة إلا بما يوافق طبيعتها و يحافظ على عفافها وأنوثتها .
ا – قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (لن يفلح قوم ولو أمرهم أمرآة )(2)
هذا بيان من الرسول صلى الله عليه و سلم لما يجوز لأمته و ما لا يجوز و نهيًّ لأمته عن مجاراة هؤلاء في إسناد شيء من الأمور الهامة إلى المرأة ، و قد ساق ذلك بيان من شأنه أن يبعث على الأمتثال و هو أسلوب القطع بأن عدم الفلاح ملازم لتولية المرأة أمر من أمورها . و المستفاد من هذا الحديث منع كل امرأة في كل عصر أن تتولى أي أمر من الولايات العامة ، و هذا العموم تقيده صيغة الحديث و أسلوبه . و في هذا الحديث بيان على عدم فلاح الموكل إذا وكل أمره إلى امرأة وبالتالي لايجوز عمل المرأة في هذه المهنة الخاصة بالرجال فقط -والله أعلم –
a- قول الرسول صلى الله عليه وسلم :” لايخلون رجل وامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان”(1)
إن عمل المحاماة يحوي بين طياته كثيراً من الأسرار التي تهم الموكلين ، فالموكل يختلي مع موكل لشرح ظروف القضية وملابساتها ، وفي كثير من الأحيان يمنع المتهم من مقابلة أحد من ذويه باستثناء محاميه الذي يصبح صلة الوصل الوحيدة له بالعالم الخارجي .
ولاجرم أن هذه الأمور تخالف مخالفة صريحة أوامر هذا الحديث ونواهيه ،لأن المحامية سوف تختلي بمن وكلها ، ولايخفى على أحد أن كثيراً من الموكلين من شرار العالم ومجرميه .
3-الإجماع :
جرى العمل منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم ، وحتى العصور التي كانت الشريعة الإسلامية هي الحاكمة لشوؤن العباد ،على بقاء المرأة داخل بيتها ، ولم يسند إلى أية امرأة حكم أي إقليم أو ولاية قضاء ولا قيادة جيش أو سرية .
قال ابن قدامة *:”المرأة لا تصلح للإمامة العظمى ولا لتولية البلدان ولهذا لم يول النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من خلفائه ولا من بعده امرأة قضاء ولا ولاية بلد فيما بلغنا ولو جاز ذلك لم يخل من جميع الزمان غالباً “(2)
وقد قمت بنقل هذا النص لأنه يتكلم على القضاء ، وقد قست عمل المرأة في القضاء على عملها في المحاماة للتشابه الكبير بين المحاماة و القضاء .
4-المصلحة :
من المبادىء المقررة في الشريعة الإسلامية “درء المفاسد مقدم على جلب المصالح “(1) .فإذا تعارضت مفسدة ومصلحة قدم دفع المفسدة غالباً ،لأن أعتناء الشرع بالمنهيات أشد من أعتنائه بالمأمورات .
فامرأة تتميز جسمانية ونفسية معينة تجعلها أقل من الرجل فضلاً عن مرورها بعوارض (2) من شأنها أن تقلل من كفائتها .مع العلم أن الإسلام يساوي المرأة مع الرجل في الشرف و الكرامة .
قال تعالى : ( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ) (آل عمران:195)
وقال تعالى : ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) (النساء:124)
وأعتقد أن الإسلام قد سمح للنساء ببعض الأعمال على سبيل الضرورة فقط ، كأن تعمل المرأة معلمة لتعليم الإناث وطبيبة لمعالجة النساء أو أن تعمل أي عمل ضمن هذه الشروط :
1- ألايكون لعمل المرأة تاثيراً سلبياً على حياتها العائلية .
2- ألا يؤثر عملها على عمل الرجل ، كأن تكون سبباً في قطع عيشه . فالمرأة تقبل أن تعمل بأجر زهيد على عكس الرجل الذي يطلب العمل ليغني نفسه ومن يكفله . أما معظم النساء فيعملن لشراء الكماليات وغيرها ، مما يؤدي إلى انتشار البطالة في صفوف الرجال .
3- أن يتوافق عملها وطبيعتها الأنثوية ، فالمحاماة مثلاً لا تتوافق و طبيعة المرأة وأنوثتها ، فهذه المهنة تحتاج إلى جرأة عظيمة في الدفاع عن المتهم ، وهذه الجرأة لا تتوفر في معظم النساء على عكس الرجال .
أيضاً إن المحاماة تضر صاحبها إلى السفر لمدة طويلة لا تتفق وأحكام السفر المفروضة على المرأة المسلمة .
نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم لا تسافر المرأة ثلاثا إلا ومعها ذو محرم ) .
قال : الإمام الماوردي (1) “المرأة لايجوز أن تتوكل إلابأذن زوجها ،لأنه أمر يحوج إلى الخروج “(2)
والجدير بالذكر أنه أنه ليس للمرأة في ولاية إنديانا الأمريكية حق ممارسة مهنة المحاماة ،لأن دستورها يحرمها من هذا الحق .وكذلك قواعد القانون العام الإنكليزي في نظر الفقة لا تعط هذا الحق .(3)
ويتبين مما تقدم من الأدلة النقلية و العقلية أن القواعد العامة للشريعة الإسلامية قد نهت المرأة المسلمة عن امتهان المحاماة بل جعلتها حلٌ لرجالها دون نسائها ، والله أعلم .
وأخيراً فأنّي لا أدّعي أنّ هذا البحث قد أصاب المحز وطبق المفصل ، وخلا من كل عيب وسلم من كل نقص ، وأعتقد تمام الإعتقاد أنه مهما بالغت بتحريره وتهذيبه ، فلابد من وجود هفوات وعثرات ومآخذ تثير الإنتقاد لأني غير المعصوم أهل للخطأ والنسيان
قال تعالى :{ ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه إختلافاً كثيراً } (سورة النساء، الآية 82) .
الآية الكريمة : تدل دلالة قاطعة على أن كل ماكان من عند غير الله لابد أن يوجد فيه التناقض لكثير الذي لا يسلم منه إلا من عصمه منه الله تعالى
فالكمال لله وحده جلّ جلاله ، والنقص من جبلة البشر وكل واحد عرضة للصواب والخطأ ، ومأخوذ من قوله ومردود عليه ، ولا عصمة إلا لأنبياء الله ورسله ، فما كان من هذا البحث من صواب فهو بتوفيق من الله وبفضله ورحمته،وما كان فيها من خطأ فمنّي وأسأل الله سبحانه وتعالى العفو والعافية .
ويستحسن الختام بقول الخطّابي ” في ختام مقدمه لتفسير غريب الحديث :
” أما سائر ما تكلمنا عليه فإنّا أحقّاء بأن لا نزكيه ، وأن لا نؤكد الثقة به وكل من ثر منه على حرف أو معنى يجب تفسيره ،فنحن نناشده الله في إصلاحه ،وأداء حق النصيحة ،فإن الإنسان ضعيف لا يسلم من إصلاحه ، وأداء حق النصيحة فيه ، إلا أن يعصمه الله بتوفيقه..
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً