الوعي و الثقافة القانونية
تسعى المجتمعات المتحضرة الى خلق وعي عام لدى أفرادها من خلال نشر الثقافات المتعلقة بالجوانب الصحية والبيئية والقانونية والأمنية وما شابه ذلك ذات الصلة بمنظومة المجتمع والدولة ، حيث أن المجتمع الواعي قادر على التصدي لكل الهجمات التي تستهدف كينونته وأسسه التي نشئ عليها ، ومن جزئيات الوعي العام ( الوعي القانوني) الذي يحصن المجتمع تجاه خروقات أفراده لنواميسه الناشئة عن تجاربه التي مرَ بها ، ومن هذا نرى أن الوعي القانوني إذا ما أريد له أن يتحقق وان ينتشر فمن الواجب على أفراد المجتمع أنفسهم تحقيق ذلك الأمر ، لأن المؤسسات مهما بلغ بها الأمر من تملك الوسائل والإمكانيات لا تستطيع تحقيق الهدف ما لم يكن الفرد ساعياً إليه لتعلق ذلك الأمر بالذات الإنسانية والفكر الذي يحمله الفرد .
ومن السبل التي من الممكن أن نحصن بها مجتمعنا من الجريمة ما يلي : ـ
التوسع في طرح الثقافة القانونية من خلال البرامج الإعلامية المسموعة والمقروءة والمرئية ، وقد لاحظنا تأثير الصفحات القانونية في رفع مستوى الوعي القانوني لدى المواطن ، حيث دأبت صحفنا اليومية على تخصيص صفحات وزوايا قانونية، وقد ساهم هذا الأمر في إقبال المواطنين المتزايد على قراءة المواضيع المطروحة فيها ومن ثم العودة إلى المتون القانونية أو المختصين في الجانب القانوني لمعرفة مراكزهم القانونية ، لان جماهيرية تلك الصحف وأسلوب الطرح المتبع في عرض المواضيع القانونية ،الذي يبتعد عن تعقيد الطرح الأكاديمي التخصصي ويقترب من عمومية المشكلة وتعلقها بالجانب الحياتي اليومي للمواطن ، وهذا النجاح في مجال الإعلام المقروء يدعونا إلى مناشدة الدوائر المعنية للنهوض بمستوى التثقيف والإرشاد القانوني في مجال الإعلام المسموع والمرئي .
إيجاد مناهج تعليمية في بعض المراحل الدراسية تتعلق بالمعرفة القانونية وبشكل مبسط حتى يكون الطالب مؤهل لتقبل الالتزامات التي يمليها عليه القانون النافذ ويؤديها بشكل صحيح ومنسجم مع الشرعية القانونية ، وكذلك يمارسه حقوقه التي كفلها القانون بالشكل الذي لا يتقاطع مع حقوق الآخرين.
الوسيلة الأخرى تتمثل بمحو الأمية لأننا سنتمكن من الوصول إلى ما ننشد من تطور حضاري وتامين وعي قانوني لدى كافة أبناء المجتمع ، وذلك لان الفرد الذي لا يقرأ ولا يكتب من الصعب عليه أن يفهم حقوقه والتزاماته المدونة في متون القوانين والقرارات والأنظمة إذ أن مشاغل الحياة اليومية لا تمكنه من أن يستمع للآخرين تحت وازع الإنصات والإصغاء من اجل التعلم ، لذا يتحتم على كل فرد أن يسعى جاهداً لتعليم نفسه ومحو أميته أولاً ومن ثم التحرك على أفراد مجتمعه وعندها سنصل بأيسر السبل الى هدفنا المتمثل ببث الوعي القانوني لدى عامة الناس ، لان الوعي القانوني يرتبط ارتباط وثيق بالهيئة الاجتماعية فإذا الفرد خرق القانون فان عمله هذا يقترن بالاعتداء على حقوق الآخرين ، ومن ذلك يتبين لنا أن التعليم ومحو الأمية هو السبيل الأوفر حظاً في مسعى الساعين الى نشر الوعي القانوني ، كما أن التعلم والتعليم من الواجبات التي فرضتها الشريعة الإسلامية السمحاء ، التي احتوت الدين الحنيف ، الذي بداء أول بشائره بفعل الأمر (إقراء) فجعل ذلك فرضاً على كل مسلم .. ومن ذلك كله نأمل أن تتظافر جهود المؤسسات والدوائر وجعله شعار لكل فرد وعائله وكذلك السعي الحثيث لأستقطاب التلاميذ الذين تركوا مقاعد الدراسة وتحفيزهم على العودة الى صفوفهم الدراسية ، وعند ذاك سوف نصل الى تحقيق هدفنا بوجود وعي قانوني لدى كافة الأفراد وكذلك نضمن وجود مجتمع واعي ومدرك لحقوقه والتزاماته ومن ثم سنتمكن حينها من أن نسمع صدى كتابات المختصين في كافة المجالات لدى عامة الناس وهذا الأمر لا يقف عند حد الوعي القانوني بل يتعداه الى كافة المجالات الحياتية الأخرى
بقلم القاضي سالم روضان الموسوي
اترك تعليقاً