سيادة الدولة على مواردها الطبيعية ..؟
2011-08-15 حسن حافظ *
لاتعد السيادة الوطنية ناجزة ،مالم تسيطر الدولة على مواردها الطبيعية بشكل كامل ، فهي جزء لا يتجزأ من السيادة الاقليمية ،لأن من جملة مايرد في تعريف السيادة هو : صلاحية الدولة في ممارسة سلطاتها على جميع الاشخاص والاشياء ضمن حدود تلك الدولة …فالاستقلال السياسي لايعتبر كاملا ،مالم يتعزز بالاستقلال الاقتصادي ،بالعمل على استغلال الموارد الطبيعية ،والذي يتعلق بحرية العمل ،حيث يتم التعبير عنه والتأكيد عليه وفقا لنصوص ميثاق الامم المتحدة ،كما وردت في قرارات عديدة اصدرتها الجمعية العامة للامم المتحدة ..كما ورد في قرارها المرقم 1803 الذي اعلنت عنه ،والذي جاء لينص على مايلي (حق الشعوب والامم في السيادة الدائمة على مواردها الطبيعية التي يجب ان تمارس في صالح التنمية القومية ولرفاهية شعب الدولة المعنية ) لذا ووفقا لهذا القرار يمكننا ان نفسر المفهوم الحقيقي لطريقة استخدام الموارد الطبيعية ،وطريقة تسويقها ،بحيث يتمكن فيها الشعب من الحصول على اكبر المنافع والمردودات الاقتصادية…!
وهكذا نجد انه ياتي في مقدمة تلك الموارد هي موارده النفطية ،التي يتطلب استخراجها وانتاجها ،مهارة فنية عالية ،كما تتطلب توفر امكانات تقنية عالية ،والتي تعتمد اساسا على راس المال اولا ،اضافة الى ذلك التراكم الكمي والنوعي للخبرات ثانيا، سواء ماكان منها محليا ام اجنبيا ،لان بعض الدول مازالت بحاجة الى التقنيات الجديدة التي تقذف بها الابتكارات الجديدة والمكتشفات الحديثة ،فما لم يكن متوفراً سابقا بسهولة ،امكن الان تذليل الكثير من الامور العلمية في طريقة الكشف عن الموارد وتحديد مواقع المناجم والمعادن وكميتها ،وبقيةالثروات الاخرى،اذ اصبح الان بالامكان تصويرها جواً عن طريق الاقمار الصناعية العلمية ،والتي تعطي معلومات عن كل موقع وحدوده وابعاده ،ومدى جدواه الاقتصادية والتجارية ..ولعل من البداهة القول ،ان المنفعة العامة يتعين ان تطغى على المنافع الخاصة ،سواء أكانت داخلية ام خارجية ،فاذا ماحان يوم تاميم شركات النفط الاحتكارية الاجنبية بتاريخ 1/6/ 1972 في العراق ، بعد ان ابقت الدولة على الحصة الفرنسية لاسباب ٍسياسية واقتصادية ،لان ذلك القرار جاء ليعبر عن الاستخدام الأمثل لموارد البلد ، وكان الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم قد اعلن قبل ذلك عن قانون رقم 80 الشهير الذي يقضي بالسيطرة على موارد النفط ومنابعها كافة في الاراضي العراقية ،بعد ان قضى طويلا في المفاوضات مع الشركات الاحتكارية انما دون الوصول الى نتيجة تذكر، وكانت الحركات الوطنية في زمانه قد طرحت في ادبياتها وفي تظاهراتها الشعار المعروف (مطلب شعبنا من النفط 70% ) وهكذا تم ولاول مرة تأسيس شركة النفط الوطنية ، التي لها الحرية التامة في وضع القواعد والشروط الخاصة باعطاء صلاحيات الحفر في العمليات التنقيبية والتصرف بمواردها الطبيعية ،وذلك لان مصلحة الامة فوق اية مصلحة اخرى سواء أكانت فردية ام كانت شركات ،فليست هناك وسيلة للضغط على الدولة في ممارسة حريتها الكاملة لهذا الحق ،الذي سيمكن الدول النامية ذات الموارد الطبيعية الغنية بالثروات ،كبلدنا الذي يمتلك خزينا احتياطيا هائلا من النفط ،والذي يمتلك الكثير من المقومات في استخراج وتصدير منتجاتها وثرواتها الى الخارج ،لكي يكمل استقلاله الاقتصادي ..ولابد لنا من الاشارة الى القرار الذي اتخذته الجمعية العمومية بتاريخ 14/ 12/1962 والذي ورد فيه- فقرة 1-( ان من حق الشعوب والامم السيادة الدائمة على ثرواتها ومواردها الطبيعية ، والذي يجب ان يمارس في صالح تنميتها القومية و- لرفاهية – شعب الدولة المعنية ..)
اما الفقرة الثانية فقد تركت للدول فيها ( حق التحري عن هذه الموارد والتصرف بها ،وكذلك استيراد رؤوس الاموال المطلوبة لتحقيق هذه الاغراض ) وهذا القرار ياتي ايضا بمثابة دعم تام لمبدأ سيادة الدولة على مواردها الطبيعية في ضروة تحقيق( رفاهية ) شعب الدولة المعنية ..كما ورد في قرار اتخذته الجمعية العامة للامم المتحدة،في دورتها الخامسة والعشرين المنعقدة بتاريخ 11 كانون الاول 1970 إذاعتبر هذا القرار بان (حق السيادة على الموارد الطبيعية بالنسبة للاقطار النامية أمر لايمكن التنازل عنه وذلك لغرض تعجيل تنميتها الصناعية ) ومعها تدفق راس المال الى هذه الاقطار ،اضافة الى نقل التكنولوجيا ..كما طالبت باعداد تقرير شامل حول السيادة الدائمية على الموارد الطبيعية .. وهكذا نرى الاشارة الى مبدأ (السيادة !)الدائمة والكاملة بما في ذلك التملك والاستخدام والتصرف ،فقد ورد صراحة في ميثاق الحقوق والواجبات في دورتها التاسعة والعشرين اضافة الى التاكيد على مفهوم التعاون الدولي وخاصة في اتجاه التنمية الاقتصادية للاقطار النامية ،ويمكن ترجمة هذا التعاون الدولي على شكل قروض او استثمارات لرؤوس الاموال او تبادل السلع والخدمات والمعلومات وتحسين شروط التجارة الدولية عن طريق نظام اقتصادي جديد ،يعمل على الاقلال من الفجوة الواسعة بين الاقطار النامية وبين الاقطار المتطورة ..واذا كانت الشراكة بين شركة النفط العالمية هي اختيار جيد لسياسة متوازنة ،كما يدعو الى ذلك الكثير من الخبراء المتخصصين في قطاع النفط …! فقد حددت مهام واختصاصات وزارة النفط والثروة المعدنية بموجب المرسوم التشريعي رقم 121 لعام 1970 ثم بالقانون رقم 45 لعام 2001 بحيث غدت مهاتها واختصاصاتها ،فهي بالاضافة الى الاشراف على المؤسسات والشركات والجهات التابعة ومتابعة تنفيذها عن طريق العمل على تأمين التحويل اللازم لمشاريعها الانتاجية والاستثمارية بالتعاون مع الجهات العالمية عن طريق الاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز ،في المناطق التي لم تستكشف سابقا في البرّ والبحر ،وذلك بالتعاقد مع شركات عالمية للتنقيب عن النفط واستكشافه على اساس المشاركة في (الانتاج الاضافي ) وكذلك العمل على زيادة تصدير المنتجات النفطية ،على كافة المديات : القريبة منها والبعيدة واذا علمنا ان العراق له اتفاقيات مع الجانب السوري بغية انتاج حقول النفط المستثمرة من قبل الشركة السورية للنفط مع تطوير قطاع التكرير في مصفاة النفط في بانياس وتأهيل وتحديث مصفاة النفط في حمص ..ولا حاجة لذكر المشاريع الستراتيجية بالعمل على تطوير حقول الغاز وتصديره الى الاسواق العالمية مع زيادة انتاج وتكرير المشتقات النفطية وتطويرها ،وزيادة عدد مصافي النفط وتوزيعها على المحافظات حسب الحاجة ،فان هناك مجالات اخرى واذا عرفنا مجال عمل الثروة المعدنية التي تعمل بدورها على تطوير وتحسين استثمار منتجات الثروة المعدنية من الفوسفات والرخام والاسفلت والطف البركاني والاسفلت الطبيعي وسواها ، من خلال بناء مصانع لغسيل الفوسفات وتطوير صناعة هذه المنتجات ،لادركنا مدى الطموحات الكبيرة والتي يحتاج تحقيقها الى تنفيذ اكبر ،لياتي مردودها الكبير على خزينة الدولة بغية رصد مبالغ اكبر نحو تحقيق رفاهية مثلى للشعب المحروم من ابسط المتطلبات الحياتية والخدمية ..
*كاتب عراقي
اترك تعليقاً