مقال قانوني مميز حول الموانع المؤقتة للزواج
أ / مصطفي بيلساني
أن من موانع الزواج موانع مؤقتة ، فبعض النساء تحرم في حال معينة لسبب قد يزول فيعود الحل للأصل .
و المحرمات المؤقتة كثيرة , فقد يكون سبب التحريم لتعلق حق الغير كحرمة زواج المتزوجة أو المعتدة ، وقد يكون السبب لحق الشرع كالمطلقة ثلاثاً بالنسبة لمن طلقها , وغير ذلك من الأسباب .
وسنذكر أحكام التحريم المؤقت المجمع عليه بين الفقهاء و ما هو موضع اختلاف بينهم , للتمييز بين حل الزواج الذي يعتبر ركن انعقاد , و حل الزواج الذي يعتبر شرط صحة .
1 ـ زوجة الغير أو معتدته :
لا يجوز لأحد أن يتزوج زوجة الغير أو معتدته , سواء أكانت عدة وفاة أو طلاق أو دخول بشبهة أو زواج فاسد ، و ذلك لتعلق حق الزوج بزوجته المعتدة ( المعتدة زوجة حكمية ) .
و ذلك لحرص الشارع على حفظ الأنساب , و مراعاة لحق الزوج , و الابتعاد عما يؤدي إلى العداوة و البغضاء و إشاعة الفوضى في المجتمعات .
وقد أجمع فقهاء المسلمين على تحريم زواج المتزوجة , سواء أكان زوجاً مسلماً أم كان غير مسلم ، فقد ورد في القرآن الكريم صراحةً هذا التحريم بقوله سبحانه وتعالى : ﴿ والمحصنات من النساء ﴾ عطفاً على قوله تعالى : ﴿ حرمت عليكم أمهاتكم و بناتكم وأخواتكم و عماتكم ﴾ .
والمراد من المحصنات في هذه الآية جميع ذوات الأزواج ، فتكون المحصنات في هذه الآية كالأمهات في تحريم الزواج بهن .
واتفق الفقهاء أيضاً على تحريم زواج المعتدة من الغير , سواء أكان السبب طلاقاً أو وفاة , حتى تنتهي العدة فيجوز التزوج بها إذا لم يكن هناك مانع آخر ، لقوله سبحانه و تعالى : ﴿ ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ﴾ ، أي لا تعقدوا النكاح إلا بعد انتهاء المدة التي فرضها الله على المعتدة بعد فرقة زوجها .
ويضاف إلى هذه المعتدات المعتدة من زواج فاسد أو دخول بشبهة , لأن مظنة وجود الحمل و الحرص على حفظ الأنساب و عدم اختلاطها قائمة في جميع هذه الحالات .
ومع اتفاق الفقهاء على حرمة زواج المعتدة اختلفوا في الآثار المترتبة على هذا الزواج إذا تم بالدخول :
# فقال المالكية : يفرق بينهما و لا تحل له أبداً .
# وقال الحنفية و الشـافعية : يفرق بينهما وإذا انقضت العدة فلا بأس في تزويجه إياها مرة ثانية .
و أما زواج الرجل بمعتدته فجائز , فإن كان الطلاق رجعياً راجعها , و إن كان بائناً بينونة صغرى عقد عليها عقداً جديداً .
و مما يتصل بهذا الموضوع زواج المرأة المزني بها ، فقد ذكر الفقهاء أنه يجوز زواجها سواء بالنسبة لمن زنى بها أو لغيره إن كانت غير حامل .
و أما الحامل من زنا فقد اختلف الفقهاء في حل زواجها بغير من زنا بها :
# فقد قال أبو حنيفة : يجوز العقد عليها , لكن لا يجوز الدخول بها حتى تضع حملها .
# و قال أبو يوسف و زفر : لا يجوز العقد عليها حتى تضع حملها .
و أما زواج الحامل من زنا ممن زنا بها فجائز قبل وضع حملها .
و قال بعض الفقهاء بعدم حل زواج الزانية مطلقاً .
2 ـ المطلقة ثلاث طلقات بالنسبة لمن طلقها :
إذا طلق الزوج زوجته الطلقة الثالثة حرمت عليه , لأن الطلاق الذي شرع الله فيه للزوج مراجعة زوجته أو زواجها بعقد جديد هو الطلاق الأول و الثاني , لقوله سبحانه : ﴿ الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ﴾ .
فإذا طلق الطلقة الثالثة فقد حرمت عليه حرمة لا يحلها عقد و لا مراجعة , لقوله تعالى : ﴿ فإن طلقها ( أي الطلقة الثالثة ) فلا تحل له بعد حتى تنكح زوجاً غيره ﴾ .
و في تحريم الزوجة على زوجها بعد الطلقة الثالثة حمل للزوج على التريث و التروي فلا يقدم على ذلك إلا بعد تأمل و تفكير في عواقب و نتائج تصرفه .
و كذلك فإن الزوجة حين تعلم خطورة الأمر فإنها لا تخلق الأسباب الداعية للشقاق و الخلاف و النزاع فتبذل جهدها في سبيل الحفاظ على التمسك برباط الزوجية و عدم التفريط في الحقوق و الواجبات المتبادلة .
على أن الشارع أجاز تقديراً لظروف خاصة قد تعترض حياة أحد الزوجين فيما لو تزوجت الزوجة بعد انتهاء عدتها من الطلقة الثالثة , ثم طلقها زوجها الثاني و مضت عدتها منه أيضاً ,
و كان زواجها دون تواطؤ على عقد مؤقت أو صورية لعقد يقصد منه التحليل ، ففي هذه الحالة إذا أراد زوجها الأول العودة إليها جاز له أن يعقد عقداً جديداً للزواج بها .
( في السطر السابق هناك خطأ في الكتاب في الصفحة /131/ السطر السادس بدل زوجها الثاني زوجها الأول ).
أما في غير هذه الصورة فلا يجوز للزوج الأول الزواج بها , لأن العقد المؤقت أو الذي يقصد منه التحليل عقد غير جائز ، لأنه لا يحقق شروط صحة الزواج الذي شرعه الله مؤبداً لإنجاب الأولاد و إيجاد الألفة و المودة بين الزوجين .
و لا خلاف بين الفقهاء في تحريم المطلقة ثلاث طلقات بالنسبة لمن طلقها لثبوت حكمها في القرآن الكريم حتى تنكح زوجاً غيره ، إنما الخلاف في وقوع الطلقات الثلاث دفعة واحدة أو على دفعات متعددة .
3 ـ الجمع بين الأختين أو من في حكمهما :
يحرم على الزوج الزواج بأخت زوجته ما دامت في عصمته حقيقة أو حكماً ، و ذلك لقوله سبحانه و تعالى : ﴿ و أن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف ﴾ , عطفاً على قوله تعالى : ﴿ حرمت عليكم أمهاتكم ﴾ .
و بموجب هذا النص القرآني لا يحل للرجل أن يتزوج الأخت على أختها حتى يطلقها و تنتهي عدتها , لأن المنع هو في الجمع بين الأختين في وقت واحد , و ذلك خشية أن تتأثر الصلة بين الأختين – و هي من أقوى أنواع القرابة – إلى ما يفسدها من الخلاف الذي ينشأ غالباً بين الضرائر من النساء .
و لما كانت هذه العلة موجودة أيضاً في الجمع بين العمة و ابنة أخيها و الخالة و ابنة أختها ، فقد أكد هذا المعنى النبي صلى الله عليه و سلم بقوله برواية أبي هريرة ( رضي الله عنه ) :
« لا يجمع بين المرأة و عمتها و لا بين المرأة و خالتها » .
و يلحق بحرمة الجمع هذا حكم التحريم بالرضاع , لقوله عليه السلام يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، فلا يجوز للرجل أن يجمع بين أختين بينهما رضاع ، ولو كانتا أجنبيتين من حيث القرابة ، ولا بين المرأة و عمتها أو خالتها من الرضاع .
و قد استنبط الفقهاء قاعدة للجمع بين امرأتين بينهما قرابة فقالوا : كل امرأتين إذا جعلت موضع إحداهما ذكراً لم يجز له أن يتزوج الأخرى ، فالجمع بينهما باطل , وذلك كالأختين نسباً أو رضاعاً .
فمثلاً لو أن رجلاً أراد أن يتزوج زوجة ثانية بينها و بين زوجته قرابة ، و لتكن خالتها مثلاً قلنا : لو فرضنا بنت الأخت رجلاً حرمت عليه الأخرى لكونها خالة ، و لو فرضنا الخالة رجلاً حرمت عليه الأخرى لكونها بنت أخته ، فهذه قرابة تثبت الحرمة من الجانبين .
أما لو كانت الحرمة من جانب واحد كالجمع بين المرأة و زوجة أبيها : لو فرضنا المرأة رجلاً حرمت عليه زوجة أبيه ، بينما لو فرضنا زوجة الأب رجلاً لم تحرم عليه ابنة زوجته من غيرها ، فالجمع بينهما جائز بخلاف الإمام زفر من فقهاء الحنفية حيث قال بالحرمة و لو من جانب واحد .
أما إذا طلق الزوج زوجته و مضت عدتها جاز له أن يتزوج قريبتها المحرم عليه الجمع بينهما , و ذلك لانتفاء المانع المحرم المؤقت .
هذا إذا كانت العدة من طلاق رجعي دون خلاف بين الفقهاء ، أما المعتدة من طلاق بائن فقد اختلف الفقهاء فيها :
# الشافعية و المالكية قالوا : إذا طلق الرجل زوجته طلاقاً بائناً جاز له الزواج بمن لا يجوز الجمع بينها و بين زوجته التي طلقها و لو لم تمض العدة , و ذلك لأن الطلاق البائن يقطع الزوجية خلافاً للطلاق الرجعي .
# و قال الحنفية : إن الطلاق البائن لا يقطع الزوجية تماماً لبقاء بعض آثار الزواج كالنفقة , و لهذا لا يجوز الجمع في عدة الطلاق البائن .
ـ حكم زواج الجـمع بين الأختين :
إذا أقدم الرجل على الزواج بامرأتين لا يجوز الجمع بينهما فما هو الحكم المترتب على ذلك ؟ للجواب يجب أن نفصل عدة حالات لهذا الحكم :
أ ـ إذا تزوج الرجل بعقد واحد و وقت واحد امرأتين لا يجوز الجمع بينهما :
فإن كانت إحداهما تحل له , و الأخرى لا تحل له , كما لو كان بينه و بينها رضاع محرم ، فالعقد صحيح على الأولى و باطل علـى الثانية .
و أما إن كان لا مانع بإحداهما , كما لو كانتا أختين ، فالعقد باطل على المرأتين معاً .
ب ـ أما إن تزوج بعقدين مختلفين : فالعقد الأول صحيح إذا توافرت فيه الشروط المطلوبة , و العقد الثاني غير صحيح .
ج ـ أما إذا جهل التاريخ بين العقدين و كان كل منهما صحيحاً من حيث الشروط و لم نعلم أسبقية أحدهما : فنعتبر العقدين فاسدين لعدم وجود مرجح يثبت أولوية أحدهما في الإنشاء على الآخر .
$$ سكت القانون عن بيان نوع العدة التي إذا انقضت جاز للزوج أن يتزوج أخت زوجته أو من هي في حكمها , هل هي عدة طلاق رجعي أم عدة طلاق بائن .
و المرجع في هذا هو المذهب الحنفي ، فإذا طلق الزوج زوجته مثلاً فلا يجوز له الزواج من أختها حتى تنتهي عدتها ـ إن كان لها عدة ـ سواء أكانت عدة من طلاق رجعي أم من طلاق بائن , لأن بعض أحكام النكاح لا تزال في العدة , و لو بعد الطلاق البائن كالنفقة مثلاً , و ثبوت النسب , كما لو جاءت بولد خلال العدة .
و خالف في هذا الشافعية ـ كما ذكرنا ـ و قالوا إن الطلاق البائن يقطع الزوجية فيجوز للمطلق أن يتزوج أخت زوجته المطلقة بائناً و لو لم تنته عدتها .
أما عدة الطلاق الرجعي , فلا خلاف بين الفقهاء على أنها تعتبر اسـتمراراً لعقد النكاح الثابت .
$$ و قيد القانون المتزوج إذا أراد الزواج بأخرى بالقدرة على الإنفاق و وجود المســوغ الشرعي . فقد قالت المادة 17 :
للقاضي أن لا يأذن للمتزوج بأن يتزوج على امرأته إلا إذا كان لديه مسوغ شرعي , و كان الزوج قادراً على نفقتهما .
4 ـ المرأة التي لا تدين بدين سماوي :
يحرم على المسلم أن يتزوج بمن لا تدين بدين سماوي لقوله تعالى : ﴿ و لا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ، و لأمة مؤمنة خير من مشركة و لو أعجبتكم ﴾ .
و المشركة هي امرأة لا تدين بدين من الأديان السماوية , و لا تؤمن بكتاب و لا
رسول , و تنكر وجود الخالق سبحانه و تعالى .
و المرتدة تأخذ حكم المشركة فلا يحل الزواج بها , لأنها بردتها عن دين الإسلام فقد أنكرت دينها فلا تقر على عملها فوجبت عقوبتها لخروجها على دين الدولة الإسلامية و عقيدة الأمة المسلمة .
و السبب في ذلك هو ما بين المسلم و التي لا تدين بدين سماوي من اختلاف في الفكر و العقيدة مما ينشأ عنه تباين في السلوك و المفاهيم و النظرة إلى الحياة ، و يترتب عليه الخلاف و النزاع و الشقاق , و لا يحقق السعادة و الألفة التي حرص الإسلام على وجودها بين الزوجين .
و لما كان بين الكتابيات – كالمسيحية و اليهودية – و بين الدين الإسلامي بعض نقاط في التشابه و التلاقي من حيث الإيمان بالله و بالأنبياء فقد أجاز القرآن الكريم للرجل أن يتزوج المسيحية أو اليهودية , لأنه في نظام الأسرة المسلمة هو القيم على إدارتها و توجيهها و إليه ينسب الأولاد , كما أنه المسؤول الأول عن تربيتهم و توجيههم بما يقدمه لهم من نصح و إرشاد و إنفاق مادي .
و أجاز الفقهاء الجمع بين المسلمة و الكتابية ، و في هذه الحالة يجب العدل بين الزوجتين بدون تفرقة من حيث الحقوق الزوجية .
أما زواج المسلمة بغير المسلم فهو باطل بإجماع المسلمين و اتفاق المذاهب والقوانين الإسلامية على ذلك , لقوله سبحانه و تعالى : ﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن ، الله أعلم بإيمانهن ، فإن علمتموهن مؤمنات ، فلا ترجعوهن إلى الكفار ، لا هن حل لهم ، و لا هم يحلون لهن ﴾ .
5 ـ الفرقة بسبب اللعان :
إذا اتهم الزوج زوجته بالفاحشة أو نفى نسبة ولدها منه ، ولم يستطع إثبات دعواه وأصرت الزوجة على نفي هذه التهمة ، حلف الـزوج أيماناً مخصوصة و حلفت الزوجة كذلك أمام القاضي , ثم يفرق بينهما , لأنه من المقرر أن من يتهم زوجته بالزنا دون إثبات ذلك بأربعة شهود عدول يعاقب بحد القذف لقوله تعالى :
فإذا تم ذلك فقد حرمت الزوجة على زوجها و وجب التفريق بينهما ، و لا يجوز له العودة إليها و لو بعقد جديد حتى يكذب نفسه و يقام عليه حد القذف عند الحنفية , خلافاً لجمهور الفقهاء الذين قالوا بالحرمة المؤبدة .
و سبب ذلك أن الثقة بين الزوجين بعد هذا الاتهام أصبحت مفقودة و من الصعب – بل من المستحيل – استمرار هذه الحياة الزوجية محاطة بالريب و الشكوك و الظنون .
$$ لقد سكت قانوننا عن بيان حكم اللعان و الإيلاء و الظهار سكوتاً تاماً ، و لا بد لتوضيح هذه الأحكام من الرجوع إلى المصدر الحنفي , حسب إحالة المادة 305 .
و على هذا من لاعن زوجته فإنها تحرم عليه حرمة مؤقتة ، حتى إذا كذب الزوج نفسه بعد ذلك و أقيم عليه حد القذف فيجوز له أن يعود لزوجته بعقد جديد .
هذا هو رأي الحنفية خلافاً لجمهور الفقهاء .
6 ـ المرأة الخامسة لمن كان متزوجاً أربع زوجات :
أباح الإسلام للرجل أن يتزوج أربع زوجات ليس بينهن قرابة محرمة , و حرم عليه زواج الخامسة حتى يطلق إحدى زوجاته و تمضي عدتها , سواء أكانت العدة من طلاق رجعي أو بائن .
و قد ورد ذلك في القرآن الكريم و السنة النبوية و الإجماع :
أ ـ القرآن الكريم : قوله تعالى ﴿ فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع , فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ﴾ ، أي أحل الله لكم ذلك , لأن طاب معناها هنا أحل .
ب ـ السنة النبوية : و قد وردت عدة أحاديث تمنع الرجل الزواج بما زاد على أربع زوجات ، فمن ذلك أن غيلان الثقفي أسلم و له عشر نسوة أسلمن معه , فقال له الرسول صلى الله عليه و سلم : « أمسك أربعاً و فارق سائرهن » .
ج ـ الإجماع : و قد انعقد إجماع الأمة على ذلك دون خلاف , منذ نزول القرآن حتى عصرنا الحاضر .
و بهذا فقد أباحت الشريعة الإسلامية تعدد الزوجات ، و تبدو لنا حكمة ذلك إذا عرفنا أن هذه الشريعة جاءت عامة شاملة لكل الأمم و لمختلف العصور , فكان لابد لتشريع هذه صفاته من أن يوجد الحلول لكل أمر واقع أو متوقع , و لو كانت نسبة وقوعه واحداً من ألف , أو مرة واحدة لكل جيل من الناس أو لقووم دون قوم في فترة من الزمان .
و الزواج كما شرعه الله فيه سكن للنفس و راحة للضمير و القلب ، و استقرار للحياة و الوجدان ، قد تعترضه بعض العقبات على نطاق الأفراد أو الجماعات ، فقد يصاب الفرد بعقم زوجته أو بمرض مزمن يلم بها و هو حريص على عدم فراقها ، و قد تفقد الأمم بكوارث و نكبات نسبة كبيرة من شبابها فيزيد عدد النساء أضعافاً عن عدد الرجال ، و قد تكون نسـبة الإناث في جماعة من الجماعات أكثر من نسبة الذكور .
ـــ فما هو الحل لمثل هذه الحالات ؟
إن الأمم الأجنبية وجدت الحل رخيصاً , حيث أباحت معاشرة النساء دون قيد أو شرط ، فسدت باب تعدد الزوجات ، و فتحت أبواباً أخرى … فنشأ عن هذا عشرات الألوف من الأولاد المتشردين و غير الشرعيين في الشوارع , حتى اضطرت بعض الدول للاعتراف بشرعيتهم لكثرة أعدادهم , فزادت البلاء برفعها عن هذه الجريمة النكراء العار , حيث جعلت آثار الزنا كآثار الزواج الصحيح .
أما القرآن الكريم فقد ذكر الحل صريحاً و واضحاً حين الحاجة إليه فأباح تعدد الزوجات الذي كان معروفاً لدى العرب دون قيد , فجاءت حكمة التشريع الإسلامي بثلاثة قيود :
1 ـ حصر العدد بأربع زوجات فقط .
2 ـ العدل بين النساء .
3 ـ و القدرة على الإنفاق .
$$ لم توضح المادة 37 من القانون عدة الزوجة الرابعة حتى يحل للزوج الزواج بخامسة . و المرجع في هذا هو المذهب الحنفي .
# والمذهب الحنفي يقول : على الزوج أن ينتظر حتى تنتهي عدة الزوجة الرابعة ولو كان الطلاق بائناً , لأن الطلاق البائن لا يقطع الزوجية تماماً , لبقاء بعض آثار الزواج كالنفقة .
# أما الشافعية و المالكية قالوا : لا يجب على الزوج الانتظار حتى تنتهي عدة الزوجة الرابعة إذا كان الطلاق بائناً , لأن الطلاق البائن يقطع الزوجية خلافاً للطلاق الرجعي .
أي اختلف الفقهاء إذا كانت العدة من طلاق بائن ، أما العدة من طلاق رجعي فلا خلاف بين الفقهاء على أنها لا تحلل الزواج بالخامسة .
$$ ومن الشروط التي وضعها الشارع لإباحة تعدد الزوجات شرط القدرة على الإنفاق على زوجاته , و على من تجب عليه نفقتهم من الأقارب ، غير أن القانون اقتصر على القدرة على الإنفاق على الزوجين .
ثم إن القانون لم يوضح لنا ما هي النفقة التي إن عجز عنها منعه القاضي من التعدد , هل هي نفقة الموسر أم نفقة الفقير ؟
و على كل حال لا بد من القول بأن شرط الإنفاق هو شرط عام في جميع حالات الزواج ، ولو للمرة الأولى , و أمر تقديره يعود للزوج نفسه لقوله صلى الله عليه و سلم : « يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج » ، و لأن عدم القدرة على الإنفاق ظلم للزوجة و ضرر بها .
و العقد في جميع الحالات عقد صحيح , لأن هذا الشرط لا يعتبر من شروط صحة الزواج حتى يفسده عدم توافره , لأن فساد العقود لا يتعلق بأمور احتمالية متوقعة , لأن المال غادٌ و رائح ، فقد يصبح فقير اليوم غنياً غداً أو العكس .
اترك تعليقاً