مقال قانوني مميز عن الوعد بالبيع في القانون المغربي
مقال للأستاذ :
عسيلة ياسين
هيئة المحامين بالدار البيضاء
الوعد بالبيع هو تعبير عن إرادة حرة في مجلس العقد يترتب عنه نشوء التزام تعاقدي في ذمة الواعد و يقابله حق شخصي للموعود له، يلتزم بمقتضاه الواعد أن يبيع عقاراً بثمن معين و ينقل ملكيته و يقوم بتسليمه إذا تعهد الموعود له خلال مدة معينة بشرائه وفق الشروط المتفق عليها.
يلتزم الواعد بمقتضى الوعد بالبيع أن يبيع عقارا بثمن معين إذا رغب به الموعود له خلال مدة معينة، و يعلق الطرفان انعقاد عقد البيع النهائي على إجراء معين كعقده في محرر رسمي ، أو يوقفان تنفيذ الالتزامات الناتجة على إبرام عقد سلف بنكي والتوقيع عليه لتسديد ثمن البيع.
يستوجب عقد الوعد بالبيع وحدة مجلس العقد و يحتاج إلى شـروط إبرام العقد بوجه عام، وهي الشروط العامة المطلوبة في محل الالتزام المتمثلة في التراضي والمحل و السبب المشروع و الخلو من عيوب الإرادة المثمتلة في الغلط و التدليس و الإكراه و الغبن الإستغلالي.
تحدد وحدة مجلس العقد مكان وزمان التعاقد وكذلك تمكن من معرفة المحكمة المختصة إذا ما ثار نزاع بشأن العقد، والقانون الواجب التطبيق.
ينقسم مجلس العقد إلى نوعين، مجلس العقد الحقيقي ومجلس العقد الافتراضي. و المجلس الحقيقي هو المجلس الذي يجتمع فيه المتعاقدان في مكان واحد يضمن سرية التعاملات ويكون حضورهم شخصي حيث يبدأ التعاقد بالتفاوض ثم الإيجاب وينتهي بالقبول أو الرفض، أما مجلس العقد الافتراضي فيماثله التعاقدات بين غائبين من حيث المكان وحاضرين من حيث الزمان.
يتميز الوعد بالبيع المبرم عن بعد باستعمال الوسائل التكنولوجية الحديثة التي تحول دون الحضور الشخصي للمتعاقدين.
ينتهي الوعد بالبيع بإبرام البيع النهائي، فيتم التسليم حين يتخلى البائع أو نائبه عن العقار ويضعه تحت تصرف المشتري بحيث يستطيع حيازته بدون عائق و يقوم بتسليم مفاتيح المباني، بشرط ألا يكون ثمة عائق يمنع المشتري من وضع اليد عليها؛ ويكون الثمن واجب الوفاء فوراً، ويلتزم المشتري بتحمل مصروفات أداء الثمن وتلك التي يقتضيها الصرف والتوثيق والتسجيل و التمبر اللازمة و يلتزم البائع بتسليم العقار ويلتزم كذلك بضمان التعرض والاستحقاق ويلتزم بضمان العيوب.
نتناول في هده الدراسة الممارسة المهنية لتوثيق عقود الوعد بالبيع و نعالج إشكالاتها العملية استنادا إلى اجتهادات محكمة النقض و نقف عند الجوانب القانونية التي تتعلق بنشوء الوعد بالبيع أو بالشراء، و جوانب أخرى مرتبطة بآثاره و بتنفيذه.
: المطلب الأول
الشروط الموضوعية و الشكلية لنشوء الوعد بالبيع
أ – الشروط الموضوعية لنشوء الوعد بالبيع
تحديد الشيء المبيع و الثمن – 1
يشترط لانعقاد الوعد بالبيع تحديد الشروط الجوهرية للبيع المراد إبرامه، وجميع شروط البيع التي يريدها المتعاقدان، فيجب إذاً اتفاق الواعد والموعود له على تحديد العقار، ويجب اتفاقهما على تعيين الثمن.
و في هذا الإطار أقر المجلس الأعلى أن البيع يكون تاما بمجرد التراضي على البيع و الشراء و تحديد العقار و الثمن، و لا يعتبر الاتفاق المتضمن لذلك مجرد وعد بالبيع بل عقدا. (قرار م.أ 90 1981/03/20 قضاء المجلس الأعلى)
كما أكد المجلس الأعلى أن العبرة في العقود بالمضمون ليس بالعنوان؛ فالعقد الذي يتضمن رضا الطرفين و التزامهما بالبيع و الشراء، و الذي يتفقان فيه على الثمن و ، العقار و بقية الشروط الأخرى، عقد بيع. (قرار م.أ 3598 2003/12/16 قضاء المجلس الأعلى)
الوعد بالبيع بمثابة بيع إذا اتفق طرفاه على المبيع والثمن فيتم إبرامه عن طريق توافق إرادتين أو أكثر، حيث يكون التعبير عن الإرادة تبادليا.
أشار قرار المجلس الأعلى عدد 3784 المؤرخ في 2004/12/29 ملف مدني عدد 2003/4056 أن الواعد ملزم بتسليم العقار وفق المواصفات و المساحة الموجودتين في عقد الوعد بالبيع و التصميم المرفق به، و لما تبين للمحكمة وجود إختلاف واضح بين القطعة الأرضية موضوع الرسم االعقاري و بين تصميم القطعة الأرضية موضوع عقد الوعد بالبيع الموضوعة رهن إشارة المشتري، فإنها قضت بفسخ العقد و رد الثمن و التعويض.
يقع صحيحا الوعد ببيع جزء محدد من الفضاء الطليق أو الهواء العمودي الذي يرتفع فوق بناء قائم فعلا.
يجب تعيين العقار المراد بيعه و تحديد مساحته وموقعه وحدوده و يجب أن تكون الشروط الخاصة المتعلقة بالتجزئات و المجموعات السكنية و تقسيمات الأرض مؤكدة و محققة.
و في هدا الإطار يستوجب الوعد ببيع بقعة أرضية صالحة للسكن شروطا مطلوبة بمقتضى ظهير 1-92-7 بتاريخ 15 دو الحجة 1412 ( 17 يونيو 1992) المرتبط بالتجزئات و المجموعات السكنية و تقسيمات الأرض، و لا يجوز بأي حال من الأحوال إبرام عقود الوعد ببيع بقع أرضية أو عقود البيع أو الكراء أو القسمة إلا بعد الحصول على القبول المؤقت من طرف الجماعة لأشغال تجهيز التجزئة.
و قد أكد المجلس الأعلى على أنه يمنع على البائع أن يبيع أرضا مجزأة قبل أن تصادق المصالح المختصة على التجزئة؛ و في حالة المخالفة يعتبر البائع قد دلس عل المشتري. (قرار م.أ 1653 1986/07/03 قضاء المجلس الأعلى)
الوعد ببيع البناء في طور الإنجاز يشمل الأرض التي أقيم عليها، كما يشمل ملحقاته المتصلة به اتصال قرار كالأبواب والنوافذ والمفاتيح التي تعتبر جزءا متمما للأقفال. ويشمل كذلك الأرحية والأدراج والخزائن المثبتة فيه، وأنابيب المياه والمواقد المثبتة بجدرانه.
ولا يشمل الوعد ببيع البناء في طور الإنجاز الأشياء غير الثابتة التي يمكن إزالتها بلا ضرر، ولا مواد البناء المجمعة لإجراء الإصلاحات ولا تلك التي فصلت عنه بقصد استبدال غيرها بها.
ويشمل الوعد ببيع العقار في طور الإنجاز كذلك الخرائط وتقدير المصروفات، والحجج والوثائق المتعلقة بملكيته إذا تعلقت بحجج ملكية العقار وبغيره من الأشياء التي لا تدخل في الوعد بيع.
يجب أن يتضمن العقد وصف العقار محل الوعد ببيان مشتملاته و البناءات ونوعه وموقعه ومساحته، و الاسم الذي يعرف به العقار و رقم الرسم العقاري أو رقم مطلب التحفيظ ؛
كما يجب أن يتضمن العقد كذلك بيان الحقوق العينية العقارية المترتبة على الملك و الحجوزات التحفظية و الرهون مع التنصيص على أصحابها بذكر أسمائهم الشخصية والعائلية، وصفاتهم، وعناوينهم وحالتهم المدنية وجنسيتهم وإن اقتضى الحال اسم الزوج والنظام المالي للزواج أو كل اتفاق تم طبقا لمقتضيات المادة 49 من مدونة الأسرة؛
تعيين الثمن – 2
يجب أن يكون الثمن الذي ينعقد عليه البيع معينا و يجب عند الضرورة تحديد طرق أداء الأقساط و تاريخها.
و قد ورد في قرار لمحكمة النقض رقم 1200 بتاريخ 19- 07-2000
ملف عدد 1056-1999 أنه لا يمكن اعتبار الاتفاق الموقع بين الطرفين وعدا بالبيع لعدم تضمينه ذكر الثمن محددا.
و جاء في قرار لمحكمة النقض رقم 939 بتاريخ 2011 03 1 ملف عدد 2009 7 01 1226 التعليل التالي ” حيث صح ما نعته الطاعنة ذلك أنه يتعين لانعقاد البيع أن يتفق الطرفان على تحديد الثمن، وإذا لم يقع تحديده وجب عليهما تعيين طريق تحديده في المستقبل، ولا يجوز أن يعهد ذلك إلى غيرهما، وأن المحكمة سلمت بأن المبلغ المؤدى لا يعدو أن يكون ثمنا مؤقتا وأمرت بإجراء خبرة لتحديد الثمن النهائي والمناسب استنادا إلى الفصل 479 من قانون الالتزامات والعقود مع أنه يتعلق بالمنقول لا بالعقار حسب صياغته تكون قد أساءت تطبيقه وعرضت قرارها للنقض.”
و قد ورد في أحد قرارات المجلس الأعلى (قرار م.أ 404 بتاريخ 31 -01- 2011 ملف عدد 1895- 2007 قضاء المجلس الأعلى) التعليل التالي ” لكن حيث إن محكمة الإستئناف حينما اعتبرت أن عقد الوعد بالبيع المبرم بين الطرفين باطل لعدم توفره على ركن الثمن، لم تكن في حاجة إلى سلوك إجراءات التحقيق المنصوص عليها في الفصل 55 من قانون المسطرة المدنية للتحقيق من الخلاف الحاصل بين الطرفين في مقدار الثمن ما دام أن عدم حصول التراضي على الثمن يؤدي إلى البطلان المطلق الذي يستتبع اعتبار العقد معدوما. وبذلك فالمحكمة لم تخرق المقتضيات المحتج بها والفرع على غير أساس”
يجب أن يضمن في عقد الوعد بالبيع كيفية وآجال أداء باقي الثمن و قد جاء في القرار الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 05 -04- 2011
تحت عدد 1569 ملف عدد 2009 – 7 – 1 – 4432 التعليل التالي
” لكن حيث إنه وعملا بمقتضيات الفصل 238 من قانون الالتزامات والعقود فإن الأداء الذي يحصل من الدائن للشخص الذي يعينه هذا الأخير لقبض الدين يعتبر صحيحا، وأن تعيين الشخص المؤهل لقبض الدين من طرف الدائن لا يشترط أن يكون كتابيا وإنما يمكن استخلاصه من أوراق الملف ومنها التصريح المضمن بجلسة البحث المنجز من طرف المقرر وبالهدي على ذلك فإنه وخلافا لما تمسك به الطاعن بالرجوع إلى تصريحاته المضمنة بمحضر جلسة البحث المنعقدة بواسطة المقرر يتبين أنه أجاب عن سؤال من المقرر أنه اتفق مع المدعي على أن يؤدي هذا الأخير باقي الأقساط المخصصة لنقل ملكية الأرض موضوع النزاع المطلوب في النقض إما إليه شخصيا للمدعى عليه وإما أن يدفعها للوكالة الخاصة بالسكن العسكري، وأن الثابت من أوراق الملف ولا سيما وصل الإبراء المضاف للملف أن المطلوب أدى باقي الثمن المتفق عليه في العقد إلى الوكالة المذكورة إبراء لذمة الطالب من باقي ثمن اقتنائه للقطعة الأرضية محل عقد الوعد بالبيع المذكور، وأن هذا الوعد بالبيع إذا كان قد نص على طريقة محددة لأداء المطلوب لباقي الثمن فإن إقرار الطالب الصريح بالسماح للمطلوب بأداء باقي الثمن المتفق عليه في العقد إلى دائنة الطالب المشار إليها يجعل الوفاء الحاصل لهذه الأخيرة مبرئا لذمته من باقي الثمن، وأن المحكمة لما اعتبرت المشتري قد سدد جميع ما في ذمته من ثمن شرائه للقطع الأرضية موضوع الدعوى وأن وفاءه نيابة عن البائع ولفائدة الوكالة المذكورة هو وفاء صحيح ويبرئ ذمة المطلوب تجاه الطالب لكون هذا الأخير قد استفاد منه فإنها لم تخرق مقتضيات الفصل 238 من قانون الالتزامات والعقود المحتج به كما أنها لم تخرق الفصل 230 من نفس القانون المحتج به ما دام أن الطالب قد قبل بإرادته وموافقته على أن يتم أداء باقي الثمن إما إليه مباشرة أو إلى الوكالة البائعة له حسبما أشير إليه بمحضر جلسة البحث وذلك حيادا على الشرط المضمن بعقد الوعد بالبيع المتضمن كيفية وآجال أداء باقي الثمن وأن المحكمة لما اعتبرت ذلك الأداء صحيحا ورتبت على ذلك أحقية المطلوب في مطالبة الطالب بإتمام إجراءات البيع معه في شان القطعة الأرضية موضوع الوعد بالبيع فإنها تكون قد بنت قرارها على أساس قانوني ولم تخالف إرادة الطرفين والوسيلة لذلك غير مرتكزة على أساس”
الإبراء من مسبق الثمن الحاصل من أحد الواعدين المتضامنين لا يسوغ الاحتجاج به على الآخرين، وهو لا يبرئ ذمة الموعود له من مسبق الثمن إلا في حدود حصة من أبرأه.
و اتحاد الذمة الحاصل بين أحد الواعدين المتضامنين وبين الموعود له لا يترتب عليه انقضاء الالتزام إلا بالنسبة لهذا الواعد.
يختلف مسبق الثمن عن العربون حيث أن العربون هو المبلغ المؤدى لضمان تنفيذ الالتزام الأصلي أي ما يعطيه أحد المتعاقدين للآخر بقصد ضمان تنفيذ تعهده أما مسبق الثمن فهو جزء من الثمن.
ورد في القرار الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 14 -03- 1995
تحت عدد 931 أنه إذا كان المبلغ المدفوع مسبقا من طرف المشتري هو المعبر عنه قانونا بالعربون في الفصلين 288 و 289 فإن دلالته و إعطائه حكمه القانوني و هل هو جزء من الثمن فينعقد به البيع باتا أم أنه مجرد عربون مصحوب بخيار العدول عندما يكون منوطا بنية المتعاقدين، و هي مسألة موضوعية يستقل قضاة الموضوع باستخلاصها من وقائع الدعوى و بنود العقد. لما اعتبرت المحكمة أن المبلغ الذي اعترفت الطاعنة بقبضه كتسبيق هو جزء من الثمن و ليس عربونا فإنه لم يبقى مجال الاحتجاج بالفصلين 288 و 289 من قانون الالتزامات و العقود.
يقع على الموعود له الذي أدى مسبق الثمن الالتزام بدفع باقي الثمن في التاريخ وبالطريقة المحددين في العقد كأن يحصل أداء باقي الثمن داخل أجل محدد أو في أقساط معينة من وقت إبرام العقد النهائي، ما لم يتفق المتعاقدان على ابتدائه من وقت آخر.
التضامن شخصيا بأداء باقي ثمن البيع بين الموعود لهم يشار إليه صراحة في عقد الوعد بالبيع.
يثبت التضامن بين الموعود لهم، إذا كان كل منهم ملتزما شخصيا بأداء باقي ثمن البيع بتمامه، و يحق للواعد أن يجبر أيا منهم على أداء هذا الدين كله أو بعضه لكن لا يحق له أن يحصله إلا مرة واحدة.
يكون الالتزام تضامنيا بين الموعود لهم بمقتضى عقد الوعد، ولو التزم أحد الموعود لهم بطريقة تخالف الطريقة التي التزم بها الآخرون. كما إذا كان التزامه مثلا معلقا على شرط أو مقترنا بأجل وجاء التزام موعود له آخر باتا منجزا. ولا يعيب نقص أهلية أحد الموعود لهم الالتزام المتعاقد عليه من الآخرين.
الإشهاد الرسمي بأداء باقي ثمن البيع والمُقاصة الواقعة بين أحد الموعود لهم والواعد يبرئ ذمة جميع الموعود لهم الآخرين.
و الإشهاد الرسمي بالإبراء من باقي ثمن البيع لأحد الموعود لهم المتضامنين يفيد الآخرين ما لم يظهر الواعد صراحة رغبته في عدم حصول الإبراء إلا لذلك الموعود له وبالنسبة إلى حصته من الدين.
يتفق أطراف العقد في حضرة الموثق على أن الواعد له كامل الحق في تجزئة ما باقي من ثمن البيع لصالح أحد الموعود لهم و يبقى له الحق في الرجوع على الآخرين بالتضامن، بكل ما باقي من ثمن البيع.
و يجوز أن يتفق أطراف العقد على أن يتحمل الموعود لهم التزامات و أن يقبلوا إعطاء ضمانات مقابل التوقيع على محضر الصلح المبرم بين الواعد وبين أحد الموعود لهم و الإبراء مما باقي من ثمن البيع.
تجدر الإشارة أن العلاقات بين الموعود لهم المتضامنين تنظم بمقتضى أحكام الوَكالة والكفالة.
أشار قرار المجلس الأعلى عدد 5353 المؤرخ في 2011/12/06 ملف مدني عدد 2010/763 إنه بمقتضى الفصل 234 من قانون الالتزامات والعقود فإن أداء الثمن أو عرضه الموجب لصحة الدعوى الناتجة عن تنفيذ الالتزام يختلف باختلاف الإجراء المقرر في العقد أو القانون أو العرف، ولا تطبق مقتضيات الفصل 275 من نفس القانون المحتج به والمتعلقة بالعرض العيني إذا كانت شروط العقد تقتضي خلاف ذلك، فإذا كان الطرفان قد اتفقا في عقد الوعد بالبيع على تسديد بقية الثمن من القرض الذي سيحصل عليه المشتري من البنك الوطني للقرض الفلاحي، فإنهما بذلك يكونان قد ارتضيا الخضوع للإجراءات الخاصة المتعارف عليها لدى مثل هذه المؤسسة حيث لا يتم الإفراج عن مبلغ القرض إلا بعد قيام المتبايعين بالتوقيع على عقد البيع النهائي وتسجيله بالرسم العقاري وهو التوقيع الذي لم يقم الطالب بإنجازه في نطاق تنفيذ ما تضمنه التزامه بالرغم من تعهد البنك المذكور بأداء الثمن بعد التوقيع على العقد النهائي وتوجيه إشعار بذلك إلى الموثقة قبل انصرام الأجل المحدد في العقد للأداء حسب الثابت من وثائق الملف، إذ يعتبر هذا التعهد بمثابة عرض خاص لأداء الثمن من شانه أن يؤدي إلى براءة ذمة المدين به ويرفع عنه حالة المطل، وبذلك يكون المطلوب في النقض قد وفى نصيبه من الالتزام على الوجه المقرر في العقد الذي تضمن الالتزام بالحصول على القرض وبحسب ما يقتضيه العرف الجاري في هذا الشأن يحق له معه المطالبة بإجبار الطالب على تنفيذ ما تعهد به والمتمثل في التوقيع على عقد البيع النهائي الذي رفض القيام به بدون عذر مقبول، والمحكمة لما قضت على هذا النحو تكون قد جعلت لقضائها أساسا صحيحا دون أن تخرق الفصول المحتج بها مما يجعل الوسائل بدون أساس.
الأهلية الواجبة – 3
يشترط لصحة الوعد بالبيع أن يكون الواعد كامل الأهلية وقت إبرام.
بمقتضى قانون الإلتزامات و العقود فإن الأب الذي يدير أموال إبنه القاصر أو ناقص الأهلية، والوصي والمقدم وبوجه عام كل من يعينه القانون لإدارة أموال غيره، لا يجوز لهم إجراء أي عمل من أعمال التصرف على الأموال التي يتولون إدارتها، إلا بعد الحصول على إذن خاص بذلك من القاضي المختص، ولا يمنح هذا الإذن إلا في حالة الضرورة أو في حالة النفع البين لناقص الأهلية.
و يتم بيع العقار المأذون به في المزاد العلني طبقا للإجراءات المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية.
و نستعرض فيما يلي أحكام الأهلية المضمنة في مدونة الأسرة التي تنص على أن كل شخص بلغ سن الرشد القانوني المحدد في 18 سنة شمسية كاملة ولم يثبت سبب من أسباب نقصان أهليته أو انعدامها يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه وتحمل التزاماته ، و أنه ألا يخضع الولي لرقابة القضاء القبلية في إدارته لأموال المحجور، ولا يفتح ملف النيابة الشرعية بالنسبة له إلا إذا تعدت قيمة أموال القاصر مائتي ألف درهم (200 ألف درهم). وللقاضي المكلف بشؤون القاصرين النزول عن هذا الحد والأمر بفتح ملف النيابة الشرعية إذا ثبتت مصلحة المحجور في ذلك.
إذا تعدت قيمة أموال المحجور مائتي ألف درهم (200 ألف درهم) أثناء إدارتها، وجب على الولي إبلاغ القاضي بذلك لفتح ملف النيابة الشرعية، كما يجوز للمحجور أو أمه القيام بنفس الأمر.
يجب على الولي عند انتهاء مهمته في حالة وجود ملف النيابة الشرعية، إشعار القاضي المكلف بشؤون القاصرين بوضعية ومصير أموال المحجور في تقرير مفصل للمصادقة عليه.
في جميع الأحوال التي يفتح فيها ملف النيابة الشرعية يقدم الولي تقريرا سنويا عن كيفية إدارته لأموال المحجور وتنميتها وعن العناية بتوجيهه وتكوينه.
إذا أراد النائب الشرعي القيام بتصرف تتعارض فيه مصالحه أو مصالح زوجه، أو أحد أصوله أو فروعه مع مصالح المحجور، رفع الأمر إلى المحكمة التي يمكنها أن تأذن به، وتعين ممثلا للمحجور في إبرام التصرف والمحافظة على مصالحه.
بمقتضى مدونة الأسرة فإن الوصي أو المقدم لا يقوم بالتصرفات الآتية، إلا بعد الحصول على الإذن من القاضي المكلف بشؤون القاصرين:
1 – بيع عقار أو منقول للمحجور تتجاوز قيمته 10.000 درهم أو ترتيب حق عيني عليه؛
2 – المساهمة بجزء من مال المحجور في شركة مدنية أو تجارية أو استثماره في تجارة أو مضاربة؛
3 – تنازل عن حق أو دعوى أو إجراء الصلح أو قبول التحكيم بشأنهما؛
4 – عقود الكراء التي يمكن أن يمتد مفعولها إلى ما بعد انتهاء الحجر؛
5 – قبول أو رفض التبرعات المثقلة بحقوق أو شروط؛
6 – أداء ديون لم يصدر بها حكم قابل للتنفيذ؛
7 – الإنفاق على من تجب نفقته على المحجور ما لم تكن النفقة مقررة بحكم قابل للتنفيذ.
قرار القاضي بالترخيص بأحد هذه التصرفات يجب أن يكون معللا.
طبقا لأحكام مدونة الأسرة لا يحتاج إلى إذن بيع منقولات تتجاوز قيمتها خمسة آلاف درهم (5000 درهم) إذا كانت معرضة للتلف، وكذلك العقار أو المنقول الذي لا تتجاوز قيمته خمسة آلاف (5000 درهم) بشرط أن لا يستعمل هذا البيع وسيلة للتهرب من المراقبة القضائية.
لا تطبق الأحكام المذكورة إذا كان ثمن المنقولات محددا بمقتضى القرارات والأنظمة وتم البيع بهذا الثمن.
و نستعرض فيما يلي بعض أحكام الأهلية المضمنة في قانون الإلتزامات و العقود و التي تنص على أن البيع والمُعاوضة والكراء لمدة تزيد على ثلاث سنوات والشركة والقسمة وإبرام الرهن التي يجريها في مصلحة القاصر أو المحجور عليه أو الشخص المعنوي من ينوب عنهم وفي الشكل المقرر في القانون، تكون لها نفس قيمة التصرفات التي يجريها الراشدون المتمتعون بأهلية مباشرة حقوقهم. ولا تسري هذه القاعدة على التبرعات المحضة، حيث لا يكون لها أدنى أثر ولو أجريت مع الإذن الذي يتطلبه القانون، ولا على إقرار لدى محكمة يتعلق بأمور لم تصدر عن النائب نفسه.
إذا تعاقد القاصر وناقص الأهلية بغير إذن الأب أو الوصي أو المقدم فإنهما لا يلزمان بالتعهدات التي يبرمانها، ولهما أن يطلبا إبطالها وفقا للشروط المقررة بمقتضى هذا الظهير. غير أنه يجوز تصحيح الالتزامات الناشئة عن تعهدات القاصر أو ناقص الأهلية، إذا وافق الأب أو الوصي أو المقدم على تصرف القاصر أو ناقص الأهلية. ويجب أن تصدر الموافقة على الشكل الذي يقتضيه القانون.
و لا يجوز للمتعاقد الذي كان أهلا للالتزام أن يحتج بنقص أهلية الطرف الذي تعاقد معه.
تجدر الإشارة أن الوعد البيع المعقود من المريض في مرض موته، إذا أجري لأحد ورثته بقصد محاباته، كما إذا بيع له شيء بثمن يقل كثيرا عن قيمته الحقيقية، أو اشتري منه شيء بثمن يجاوز قيمته، لا يصح إلا إذا أقره باقي الورثة.
وعد البيع المعقود مـن المريض لغيـر وارث يصح في حدود ثلث ما يبقى في تركته بعد سداد ديونه ومصروفات جنازته.
جاء في قرار المجلس الأعلى الصادر بتاريخ 2/10/2002 تحت عدد 674 أنه لا يشترط لإبطال العقد لسبب المرض أن يكون الشخص فاقد الوعي، بل يكفي أن تكون إرادته معيبة بسبب المرض. إن إحضار الموثق لمصلحة العلاج و إشهاده البيع يجعل البائع غير حر في تصرفه.
حق الأجانب في إمتلاك العقارات – 4
لا يجوز للأجانب حيازة العقار داخل المغرب ما دامت غير مقرونة بالشراء و الترخيص من الجهة المختصة.
جاء في القرار الصادر عن غرفتين بالمجلس الاعلى بتاريخ 24/ 06/ 03 تحت عدد 1917 الملف المدني عدد 195/ 01 أنه ” بمقتضى المادة 60 من عقد الجزيرة الخضراء المبرم سنة 1908، فإن حق تملك الاجنبي غير المواطن المغربي للعقار بالمغرب انما يكون بطريق الشراء فقط و بإذن من الدولة المغربية ، ولذلك فإن حيازته للعقار داخل المغرب لا يكسبه ملكيته و .لو طالت ما دامت غير مقرونة بالشراء و الترخيص من الجهة المختصة .مجرد عدم الإدلاء بالإذن المذكور يكفي و حده لاعتبار الشراء لاغيا بصرف النظر عما يتعلق بالدفع بعدم مخاطبة القاضي على رسم الشراء و اقرار الدولة المغربية بملكية الطالبة و وجود مطلب التحفيظ.” (قرار صادر عن غرفتين بالمجلس الاعلى بتاريخ 24/ 06/ 03 تحت عدد 1917 الملف المدني عدد 195/ 01).
بيانات عقد الوعد بالبيع الخاصة بأطراف العقد – 5
يقتضي نشوء الوعد بالبيع صحيحا تحديد هوية المتعاقدين مع التأكد من اسمهما الشخصي والعائلي و اسم الأب وصفتهما ومحل سكناهما وحالتهما المدنية وجنسيتهما وإن اقتضى الحال اسم الزوج والنظام المالي للزواج أو كل اتفاق تم طبقا لمقتضيات المادة 49 من مدونة الأسرة، ويتضمن في حالة الشياع نفس البيانات المذكورة أعلاه بالنسبة لكل شريك مع التنصيص على نصيب كل واحد منهم، وإذا كان أحد الأطراف شخصا اعتباريا فيجب بيان تسميته وشكله القانوني ومقره الاجتماعي واسم ممثله القانوني؛ و ذكر مراجع بطاقة التعريف الوطنية أو أي وثيقة أخرى تعرف بهويته، عند الاقتضاء؛ و تعيين عنوان أو موطن مختار للمتعاقدين؛
يجوز إبرام عقد الوعد بالبيع لفائدة شركة في طور التأسيس شرط أن يتضمن العقد ما يفيد توكيلا خاصا من المساهمين في رأسمال الشركة و تعهدهم بمصادقة الجمع العام على العقد.
ب – الشروط الشكلية المطلوبة في عقد الوعد بالبيع
يقتضي إبرام العقد الشروط العامة المطلوبة في محل الالتزام المتمثلة في التراضي والمحل و السبب المشروع و يجب تضمينه في محرر ثابت التاريخ أو محرر رسمي.
إذا كان المبيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا، وجب أن يجري وعد البيع كتابة في محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ. ولا يكون له أثر في مواجهة الغير إلا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون.
يتم تصحيح الإمضاءات بالنسبة للعقود المحررة من طرف المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض لدى رئيس كتابة الضبط للمحكمة الابتدائية التي يمارس بدائرتها إذا تعلق الأمر بالتصرفات العقارية المتعلقة بنقل الملكية أو إنشاء حقوق عينية عليها أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها أو غيرها أو إدا تعلق الأمر بالإيجار المفضي إلى تملك العقار.
تجدر الإشارة أن الشكلية الرسمية المرتبطة بعقود بيع العقارات أو بالتصرفات المرتبطة بالضمانات الشخصية أو العينية لا تجيز إبرامها في محررات إلكترونية و تستوجب حضور الأطراف في مجلس العقد.
كما يقتضي توثيق المعاملات المتعلقة بمدونة الأسرة كالزواج الطلاق، الوصية، الميراث…… حضور الأطراف في مجلس العقد حيث لا يمكن إبرامها في محررات إلكترونية.
بمقتضى الفصل 432 من قانون المسطرة المدنية فإن العقود المبرمة بالخارج أمام الضباط والموظفين العموميين المختصين لا يقع تنفيدها إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية إلا إذا نصت الاتفاقيات الدبلوماسية على خلاف ذلك.
المطلب الثاني التمييز بين عقد الوعد بالبيع و بعض العقود المطلب المدنية
1 – إختلاف عقد الوعد بالبيع الملزم لجانب واحد عن عقد الوعد بالبيع الملزم لجانبين
قد يكون الوعد بالبيع أو بالشراء وعداً ملزماً لجانب واحد فقط خلال الأجل الدي حدده الأطراف في العقد لإظهار الرغبة في ممارسة الخيار فيتم البيع النهائي ويسقط الوعد بالبيع أو بالشراء الملزم لجانب واحد.
)promesse unilatérale(
و قد يكون الوعد بالبيع و بالشراء ملزماً لجانبين خلال مدة معينة فيعد مالك الشيء الموعود له أن يبيعه الشيء إذا رغب هذا الآخر في شرائه خلال مدة معينة، و يعد الموعود له مالك الشيء أن يشتري منه الشيء إذا رغب المالك في بيعه خلال مدة معينة.
)promesse synallagmatique(
يوقف طرفا عقد الوعد الملزم لجانبين بالبيع و بالشراء تنفيذ هذه الالتزامات إلى حين إبرام عقد البيع النهائي خلال الأجل المحدد و إذا إنقضت الأجل و امتنع احدهما دون مبرر عن تنفيذ إلتزامه بإبرام عقد البيع النهائي، يجوز بالتالي للطرف الآخر جبره على تنفيذ هذا الالتزام عن طريق استصدار حكم قضائي يقوم مقام عقد البيع النهائي.
يختلف الوعد بالبيع الملزم لجانب واحد عن الدعوة إلى التفاوض قبل إعطاء إيجاب نهائي بشأن التعاقد باعتبارها مجرد رغبة في التعاقد تسبق مرحلة القبول ولا يترتب عليها بذاتها أي أثر قانوني.
و الوعد الملزم لجانب واحد لا يعتبر بيعاً معلقاً على شرط لأن الموعود له لم يتعاقد وقت الوعد بالبيع تحت شرط واقف أو فاسخ.
الوعد بالشراء الملزم لجانب واحد هو التزام قانوني تعاقدي في ذمة الواعد
يتعهذ بمقتضاه الواعد أن يشتري عقاراً محدد بثمن معين إذا تعهد الموعود له خلال مدة معينة بتقرير الخيار و بيعه وفق الشروط المتفق عليها.
يختلف الوعد بالبيع عن الإيجاب بالبيع ، فالوعد بالبيع عقد يقوم باتفاق إرادتين على إحداث أثر قانوني ويبقى معه إلتزام الواعد قائما حتى بعد موته أو حدوث نقص في أهليته ، وملزم لأطرافه بمجرد إبرامه في حين أن الإيجاب بالبيع هو تعبير عن إلتزام بإرادة منفردة يسقط إذا لم يقبل قبل موت الموجب أو وضعه تحت الحجر.
لا يرتب الوعد بالبيع الملزم لجانب واحد أي التزام للواعد له بخلاف الوعد بالبيع الملزم لجانبين، الذي يلزم كل من المتعاقدين بإبرام العقد الموعود بناء على إرادتهما و إلتزامهما المتبادل بالإيجاب و القبول.
أحيانا يتفق الموعود له بالبيع و الموعود له بالشراء في وقت و مكان واحد على موعد لممارسة كل واحد منهما لحق الخيار الممنوح له، فينصهر العقدان أي عقد الوعد بالبيع و عقد الوعد بالشراء في عقد الوعد الملزم لجانبين و الذي ينتهي بإبرام عقد البيع النهائي إذا تضمنت الوعود المتقابلة نفس أوصاف العقار و نفس المقتضيات التعاقدية.
2- إختلاف عقد الوعد بالبيع عن العقد ألابتدائي
يختلف الوعد بالبيع عن العقد ألابتدائي التمهيدي باعتبار هدا الأخير مجرد تمهيد لعقد بيع نهائي.
فالعقد الابتدائي هو عقد بيع استوفى جميع أركان العقد وشروطه كبيان العقار والثمن.
تتميز العقود العقود التمهيدية و التحضيرية الإلكترونية التي يبرمها الأطراف قبل تحقيق العقد النهائي بسرعة إبرامها؛ مما يحتم ضرورة تنظيمها و تحديد طبيعة المسؤولية المدنية المتعلقة بها.
تبرز جليا الحاجة إلى سد الفراغ التشريعي المتعلق بتنظيم العقود التحضيرية التي يبرمها الأطراف قبل تحقيق العقد النهائي.
يتضمن قانون الالتزامات و العقود بعض صور العقود التمهيدية السابقة إلى التعاقد النهائي، و نذكر منها خاصة عقد البيع الابتدائي للعقار في طور الإنجاز (فصل 618 و مايليه من ق.ل.م).
تجدر الإشارة أن معظم العقود الرسمية المبرمة في إطار بيع العقار في طور الإنجاز هي عقود تمهيدية تثمتل في الوعد بالبيع الملزم لجانبين و تتضمن على الخصوص كافة العناصر و الشروط الواردة في العقد الابتدائي.
يقتضي عقد البيع الابتدائي لعقار في طور الإنجاز شروطا خاصة مطلوبة بمقتضى ظهير الالتزامات و العقود، و لا يجوز بأي حال من الأحوال إبرامها إلا بعد الحصول على مراجع الضمانة البنكية أو أي ضمانة أخرى أو التأمين عند الاقتضاء، و على شهادة الانتهاء من أشغال الأساسات مسلمة من لدن المهندس المختص و تصاميم المعمارية بدون تغيير وتصاميم الإسمنت المسلح ونسخة من دفتر التحملات و رخصة البناء.
يصعب عمليا على المنعش العقاري الحصول على ضمانة بنكية أو أي ضمانة أخرى أو التأمين . لتجاوز هذا الإشكال اقتضت الضرورة إبرام عقد وعد ملزم لجانبين بالبيع و بالشراء بدون ضمانة بنكية مما يحول دون استرجاع الموعود له للأقساط المؤداة في حالة عدم تطبيق العقد.
يستوجب إبرام العقود ألابتدائية تقديم واجب النصح بكل تجرد للأطراف و تدليل الصعوبات القانونية و كدا اقتراح الإطار القانوني الأمثل لإبرامها.
تعمد بعض الشركات العقارية إلى تحرير ما يصطلح عليه بعقود “حجز العقار ” مقابل أداء الموعود له Contrat de réservation في طور الانجاز مبالغ مالية لضمان الحجز مما يشكل خرقا لمقتضيات الفصل 3-618 من قانون الإلتزامات و العقود التي توجب أن يحرر عقد البيع الابتدائي للعقار في طور الانجاز في محرر رسمي أو بموجب عقد ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة ويخول لها قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطلان.
3 – إختلاف عقد الوعد بالبيع عن اتفاق الأفضلية
يخضع اتفاق الأفضلية عند نشؤه للشروط العامة المقررة لصحة العقود الواردة في قانون الالتزامات و العقود، و يلتزم بمقتضاه البائع إذا رغب في البيع أن يمنح حق الأفضلية للموعود له قبل غيره لإبرام العقد النهائي خلال أجل محدد سلفا و أن يمتنع بعدم إبرام تصرف مع الغير.
ينتج عن عدم إحترام إلإلتزام العقدي للواعد الناشئ عن اتفاق الأفضلية، حق الموعود له في المطالبة بتعويض الضرر.
حق الموعود له بالأفضلية معلق على شرط واقف لا يكون نافذا إلا إذا تحقق الشرط ، وهو أن يرغب البائع في البيع له دون غيره.
ينص الإتفاق أنه بعد وفاة المستفيد، ينتقل إلى الورثة حق الأفضلية، طالما لم يعبر الأطراف في العقد عكس دلك.
و يرتب الإتفاق بالتفضيل حقا عينيا للمستفيد في مواجهة البائع، معلقا على شرط واقف، قابل لتقييد في الرسوم العقارية.
4 – بعض صور عقود الوعد
و من المعتاد إبرام بعض عقود الوعد كعقد الوعد ببيع شقة، و عقد الوعد بالإيجار، و عقد الوعد بالنشر، و عقد الوعد بالقرض، و عقد الوعد برهن رأسمال شركة و عقد الوعد بالإستشهار الرياضي وغيرها من العقود المدنية و التجارية.
كما تستوجب كذلك مزاولة مهنة الصيدلة إبرام عقود سابقة إلى التعاقد النهائي كعقد الوعد باقتناء المحل الذي يأوي الصيدلية، أو عقد الوعد بتجديد الكراء.
يقتضي نقل الأنشطة المهنية من صيدلية إلى صيدلية أخرى موجودة إبرام عقود سابقة إلى التعاقد النهائي كعقد الوعد باقتناء الأصل التجاري للصيدلية
المطلب الثالت الإلتزام عن الغير
1 – الوعد بالإلتزام بصفة متعهد عن الغير
بمقتضى الفصل 36 من ظهير الالتزامات و العقود يجوز الالتزام عن الغير على شرط إقراره إياه، وفي هذه الحالة يكون للطرف الآخر أن يطلب قيام هذا الغير بالتصريح بما إذا كان ينوي إقرار الاتفاق. ولا يبقى هذا الطرف ملتزما إذا لم يصدر الإقرار داخل أجل معقول، على أن لا يتجاوز هذا الأجل خمسة عشر يوما بعد الإعلام بالعقد.
و ينص الفصل 37 من ظهير الالتزامات و العقود أن الإقرار يعتبر بمثابة الوَكالة، ويصح أن يجيء ضمنيا وأن ينتج من قيام الغير بتنفيذ العقد الذي أبرم باسمه. وينتج الإقرار أثره في حق المقر فيما يرتبه له وعليه من وقت إبرام العقد الذي حصل إقراره ما لم يصرح بغير ذلك، ولا يكون له أثر تجاه الغير، إلا من يوم حصوله.
في إطار الإلتزام عن الغير ينص عقد الوعد بالبيع صراحة على أن المتعاقد بصفة متعهد عن شركة في طور التأسيس ملزم بموافقة المتعهد له بشراء العقار الموعود به، و البيع يكون نهائيا بممارسة الشركة حق الخيار.
و يجوز في بعض الحالات الإلتزام بالنيابة عن شخص سيحل محل الشركة و الإدلاء بالوكالة الخاصة المتعلقة بالشراء النهائي عند ظهور رغبة المتعهد له في ممارسة حق الخيار.
كما يجوز في حالات أخرى أن ينص عقد الوعد بالإلتزام بالشراء عن عديمي أو ناقصي الأهلية و ورثتهم.
يجب أن يرد في عقد الوعد ما يفيد انتقال الالتزام بموافقة المتعهد له إلى الورثة. إدا رفض المتعهد له إبرام عقد الشراء أو المصادقة على عقد الشراء فإن المتعهد أو ورثته يكونون ملزمين بأداء التعويض المنصوص عليه في العقد.
إن رفض المتعهد له الإدلاء بالوكالة الخاصة المتعلقة بالشراء النهائي و الامتناع عن ممارسة حق الخيار في الأجل المحدد يوازي رفض إبرام العقد النهائي.
2 – الوعد ببيع ملك الغير
الوعد ببيع ملك الغير يترتب عنه بيع صحيح إذا أقره المالك أو إذا كسب الواعد فيما بعد ملكية الشيء.
وإذا رفض المالك الإقرار، كان للموعود له أن يطلب فسخ عقد الوعد بالبيع. وزيادة على ذلك، يلتزم الواعد بالتعويض، إذا كان الموعود له يجهل، عند إبرام عقد الوعد بالبيع أن الشيء مملوك للغير.
ولا يجوز إطلاقا للواعد أن يتمسك ببطلان عقد الوعد بالبيع بحجة أن الشيء مملوك للغير.
المطلب الرابع بعض البنود الخاصة المضمنة في الوعد بالبيع
1 – الشـرط
يعلق المتعاقدان اتفاقهم على أمر مستقبل وغير محقق الوقوع.
فعلى سبيل المثال يعلق الأطراف عقد الوعد باقتناء الأصل التجاري للصيدلية على شرط فاسخ يتمتل في الحصول على أصل قرار الإذن بالإحداث أو النقل المحصل عليه و تضمين هدا الإذن على أصل الدبلوم وفقا لأحكام الظهير الشريف رقم 1.59.367 بتاريخ 21 من شعبان 1379 (19 فبراير 1960) بتنظيم مزاولة مهن الصيادلة وجراحي الأسنان والعقاقيريين والقوابل
و قد يعلق المتعاقدان أحيانا عقد الوعد باقتناء الأصل التجاري للصيدلية على شرط فاسخ يتمتل في حصول الموعود له على قرض في وقت محدد، و يعتبر هذا الشرط متخلفا إذا انقضى الوقت دون أن يقع الأمر.
و قد يعلق المتعاقدان كدلك اتفاقهم على الإدلاء بشهادة التقسيم والملف التقني إذا تعلق الأمر بالوعد ببيع قطعة أرضية مستخرجة من الرسم العقاري الأصلي.
إذا علق الموعود له على شرط عدم إمكانية نزع جزء من ملكية عقار من أجل المصلحة العامة في وقت محدد، فإن هذا الشرط يتحقق إذا انقضى الوقت من غير أن يقع الأمر. وهو يتحقق كذلك إذا أصبح، قبل فوات الأجل، مؤكدا أن الأمر لن يقع. وإذا لم يحدد أي أجل، فلا يتحقق الشرط إلا إذا أصبح مؤكدا أن الأمر لن يقع.
إذا علق التزام على شرط حصول الموعود له على قرض عقاري في وقت محدد، اعتبر هذا الشرط متخلفا إذا انقضى الوقت دون أن يقع الأمر.
إذا علق التزام على شرط حصول الواعد على رفع اليد عن حجز عقاري أو تصفية الوضعية الضريبية أو إكمالإجراءات تحفيظ العقار في وقت محدد، اعتبر هذا الشرط متخلفا إذا انقضى الوقت دون أن يقع الأمر. وفي كلتا الحالتين، لا يجوز للمحكمة أن تمدد الأجل.
وإذا لم يحدد أي أجل في كلتا الحالتين، أمكن أن يتحقق الشرط في أي وقت، ولا يعتبر متخلفا إلا إذا أصبح مؤكدا أن الأمر لن يقع.
ورد في القرار الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 07-06- 2011
تحت عدد 2719 ملف عدد 2009- 7- 1–4736 التعليل التالي
” وكان المطلوب ضده قد أودع الثمن لدى الموثق الموكول له إبرام عقد البيع النهائي بتراضي طرفيه قبل حلول الأجل المتفق عليه وهو 12/11/2005 في حين تواني الطالب عن تنفيذ التزاماته المقابلة بتصفية الوضعية الضريبية وإكمال إجراءات تحفيظ العقار داخل هذا الأجل مما يكون معه متماطلا دون إنذار، فإن المحكمة لما اعتبرت أن العقد لا يفسخ حكما إلا إذا امتنع الطرفان معا عن تنفيذ التزاماتهما الناشئة عنه رغم حلول الأجل وفي هذه النازلة فإن المطلوب ضده نفذ التزاماته طبق بنود العقد ومن حقه إجبار الطاعن على تنفيذ التزاماته المقابلة وتكون بذلك قد ردت ضمنيا الدفع بمقتضيات الفصلين 112 و114 من ق ل ع اللذين لا ينطبقان على النازلة، علما بأن عدم استخراج رسم عقاري خاص بالمبيع لا يعتبر عائقا مانعا من إتمام البيع مادام أن الطاعن لم يثبت تعذر ذلك بموجب مقبول قانونا، والوسيلة لذلك غير مرتكزة على أساس ”
إذا علق الالتزام على شرط واقف، و لحق العقار عيب أو نقصت قيمته بخطأ الواعد أو بفعله، كان للموعود الخيار بين أن يتسلم العقار على الحالة التي يوجد عليها وبين أن يفسخ العقد، مع ثبوت الحق له في التعويض في الحالتين. اللهم إلا إذا اتفق الطرفان على خلاف ذلك.
لتحقق الشرط أثر رجعي يعود إلى يوم الاتفاق على الالتزامات المتبادلة، إذا ظهر من إرادة المتعاقدين أو من طبيعة الالتزام أنه قصد إعطاؤه هذا الأثر.
لا يجوز للواعد الملتزم تحت شرط واقف أن يجري قبل تحقق الشرط، أي عمل من شأنه أن يمنع أو يصعب على الموعود له مباشرة حقوقه التي تثبت له إذا ما تحقق الشرط.
بعد تحقق الشرط الواقف، تفسخ الأفعال القانونية التي أجراها الواعد في الفترة القائمة بين نشوء الالتزام وتحقق الشرط، وذلك في الحدود التي يمكن فيها أن تضر بالموعود له، مع عدم الإخلال بالحقوق المكتسبة بطريقة سليمة للغير حسني النية.
2 – الغرامة التعاقدية
إذا اتفق المتعاقدان على أن العقد يفسخ عند عدم وفاء أحدهما بالتزاماته وقع الفسخ بقوة القانون، بمجرد عدم الوفاء.
يجوز للمتعاقدين أن يتفقا في حضرة الموثق أو المحامي على التعويض عن الأضرار التي قد تلحق الواعد من جراء عدم الوفاء بالالتزام الأصلي كليا أو جزئيا أو التأخير في تنفيذه.
يحدد أطراف العقد مبلغا يتم تسديده كغرامة تعاقدية عن عدم وفاء أحدهما بالإلتزام.
يمكن للمحكمة تخفيض التعويض المتفق عليه إذا كان مبالغا فيه أو تعسفيا أو الرفع من قيمته إذا كان زهيدا، ولها أيضا أن تخفض من التعويض المتفق عليه بنسبة النفع الذي عاد على الواعد من جراء التنفيذ الجزئي.
و قد ورد في قرار المجلس الأعلى أن الغرامة التعاقدية المتداولة تسميتها بالشرط الجزائي هي اتفاق مسبق على التعويض عن الأضرار التي تلحق الواعد من عدم الوفاء بالالتزام الأصلي جزئيا أو كليا أو عن التأخير في التنفيذ. ويتعين على من يريد المطالبة بها أن يقيم دعوى نظامية لا مجرد دفع لتتأكد المحكمة من توفر شروط الحكم بها من عدمه و تعديلها بالزيادة أو النقصان (القرار عدد 605 الصادر بتاريخ 23 ماي 2007 في الملف التجاري عدد 367/3/1/2007 )
في حالة تنفيذ الإلتزام يتم خصم مبلغ الغرامة التعاقدية من ثمن البيع.
الطبيعة القانونية للغرامة التعاقدية تتمثل في أنها تشكل تعويضا تعاقديا عن تضييع فرصة التعاقد في ظروف أحسن و تضييع الوقت في المزيد من البحت عن مشتر آخر.
و الضرر هو ما لحق الواعد من خسارة حقيقية وما فاته من كسب متى كانا ناتجين مباشرة عن عدم الوفاء بالالتزام. وتقدير الظروف الخاصة بكل حالة موكول لفطنة و نظر المحكمة السديد، التي يجب عليها أن تقدر التعويضات بكيفية مختلفة حسب خطأ المدين أو تدليسه.
إذا كان عدم تنفيذ الالتزام راجعا إلى سبب خارج عن إرادة المتعاقدين وبدون أن يكون الموعود له في حالة مَطْـل، برئت ذمة هذا الأخير، ولكن لا يكون له الحق في أن يطلب أداء ما كان مستحقا على الطرف الآخر.
حيث أن الموعود له يملك حق استرجاع مبلغ الغرامة التعاقدية إذا تبين له مثلا أن القطعة الأرضية موضوع الرسم االعقاري غير صالحة لبناء مجمع عقاري أو أنها مثقلة برهون أو مرفقات غير معلنة.
إذا كانت استحالة التنفيذ راجعة إلى فعل الواعد أو إلى أي سبب آخر يعزى إليه بقي للموعود له الحق في أن يطلب تنفيذ الالتزام.
المطلب الخامس ممارسة حق الخيار في إطار الوعد بالبيع خلال الأجل المحدد
1 – الأجل المحدد لممارسة حق الخيار
بمقتضى ظهير الالتزامات و العقود يجوز لكل من الطرفين أو لأحدهما أن يحتفظ لنفسه بالحق في أن يصرح خلال أجل محدد بما إذا كان يريد الإبقاء على العقد أو يريد فسخه.
و ينص الفصل 29 من ظهير الالتزامات و العقود أن ” من تقدم بإيجاب مع تحديد أجل للقبول بقي ملتزما تجاه الطرف الآخر إلى انصرام هذا الأجل، ويتحلل من إيجابه إذا لم يصله رد بالقبول خلال الأجل المحدد.”
و ينص الفصل 30 من ظهير الالتزامات و العقود أن ” من تقدم بإيجاب عن طريق المراسلة من غير أن يحدد أجلا، بقي ملتزما به إلى الوقت المناسب لوصول رد المرسل إليه داخل أجل معقول، ما لم يظهر بوضوح من الإيجاب عكس ذلك.
وإذا صدر التصريح بالقبول في الوقت المناسب ولكنه لم يصل إلى الموجب إلا بعد انصرام الأجل الذي يكفي عادة لوصوله إليه، فإن الموجب لا يكون ملتزما مع حفظ حق الطرف الآخر في طلب الغرامة التعاقدية من المسؤول قانونا.”
يشترط إذن لانعقاد الوعد بالبيع الملزم لجانب واحد أو الوعد بالشراء الملزم لجانب واحد، أن يحدد الواعد والموعود له الأجل التي يظهر خلاله الموعود له رغبته في إبرام البيع النهائي.
و قد لا تنص أحيانا بنود عقد الوعد بالبيع صراحة على تحديد الأجل الذي يظهر خلالها الموعود له رغبته في إبرام البيع النهائي، و لا يمكن التغاضي عن ذلك لأنه يمكن أن لا يبدي الموعود له رغبته على ألإطلاق ويكون بالتالي الالتزام أبديا و تعسفيا.
و عموما يحدد الأجل ضمنياً من الظروف المحيطة بالتعاقد و الأعراف و التقاليد أو القانون.
و في هدا الإطار ينص الفصل 604 من ظهير الالتزامات و العقود على أنه يجب على المتعاقد الذي احتفظ لنفسه بحق الخيار أن يصرح بما إذا كان يقصد إمضاء العقد أو نقضه خلال مدة ستين يوما تبدأ من تاريخ العقد بالنسبة إلى العقارات البلدية والأراضي الزراعية ومع ذلك يسوغ للمتعاقدين أن يتفقوا على أجل أقصر. وكل اشتراط لأجل أطول يكون باطلا، ويلزم إنقاصه إلى الآجال المبينة فيما سبق.
و في نفس السياق قضى المجلس الأعلى في القرار عدد 1879 – بتاريخ 22/5/1984 – ملف مدني عدد 3678/82 أنه ” متى احتفظ احد الطرفين في عقد البيع بحق الخيار، دون تحديد اجل لذلك في نص العقد، فان الخيار يكون محددا بمقتضى القانون، طبقا للفصول 112 و113 و603 و604 من قانون العقود والالتزامات.
إذا كان الطرف الذي احتفظ لنفسه بحق الخيار هو المشتري وترك الآجل ينقضي من غير ان يعلم الطرف الأخر بقراره، إعلاما قانونيا، فانه يفترض فيه، بقوة القانون انه قبل وليس للبائع متى لم يطالب من طرف المشتري بإتمام البيع إلا أن يطلب منه القيام بذلك، باعتباره دائنا له تطبيقا لمقتضيات الفصلين 608 و 254 من قانون العقود والالتزامات.
لا يقبل الطلب المضاد المقدم من طرف البائع، والرامي إلى التماس الحكم بفسخ الوعد بالبيع، إلا إذا أصبح المشتري بصفته مدينا له في حالة مطل وفق ما تقضي بذلك أحكام الفصل 259 من القانون المذكور.”
ويجوز الاتفاق في عقد الوعد بالبيع على ثبوت الحق للموعود له أو للواعد في نقضه خلال مدة محددة و الرجوع عنه. ويلزم أن يكون هذا الشرط صريحا.
الوعد بالبيع الذي يبرم معلقا على الشرط السابق يعتبر معلقا على شرط واقف، مادام العاقد الذي احتفظ لنفسه بحق الخيار لم يظهر، صراحة أو ضمنا في الأجل المتفق عليه، إرادته في أنه يقصد إمضاء العقد أو نقضه.
الأجل المحدد بمقتضى اتفاق المتعاقدين قاطع فلا يسوغ للمحكمة تمديده ولو كان المتعاقد الذي احتفظ لنفسه بالخيار لم يستعمل حقه لسبب خارج عن إرادته.
إذا ترك المتعاقد الذي احتفظ لنفسه بحق الخيار الأجل ينقضي من غير أن يعلم الآخر بقراره افترض فيه بقوة القانون أنه قد قبل.
2 – ممارسة حق الخيار في إطار الوعد بالبيع
أ ـ قبل ظهور رغبة الموعود له في ممارسة حق الخيار خلال الأجل المحدد
ينص الفصل 18 من ظهير الالتزامات و العقود الصادر بتاريخ 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) أن الالتزامات الصادرة من طرف واحد تلزم من صدرت منه بمجرد وصولها إلى علم الملتزم له.
و بهذا الخصوص يكون الوعد بالبيع أو بالشراء وعداً ملزماً لجانب واحد فيلزم الواعد بالبقاء على إلتزامه خلال الأجل التي حددت في العقد لإظهار الرغبة في إبرام البيع النهائي بمجرد وصوله إلى علم الملتزم له الذي لا يتعهد بشرائه.
يجب أن يتفق الطرفان في وقت و مكان واحد على موعد ممارسة حق الخيار الممنوح للموعود له، كي يعتبر الوعد بالبيع منتجا لأثاره.
ويعدّ الطرف الأخر موعوداً له ولا يلتزم بشيء، فهو إن أراد أظهر رغبته في البيع أو الشراء، فيتم البيع النهائي، وإن أراد لم يظهر هذه الرغبة، فلا يتم البيع النهائي ويسقط الوعد بالبيع أو بالشراء الملزم لجانب واحد.
لا يكون الواعد ملزما بنقل حق الملكية أو أي حق عيني و يمتنع بالبيع باعتباره مالكاً بالتصرف في العقار أو إنشاء حق عيني عليه قبل الأجل المحدد لظهور رغبة الموعود له في ممارسة حق الخيار.
لا يرتب الوعد بالبيع الملزم للواعد أي التزام للموعود له بشراء العقار.
الحق في ثمار العقار وملحقاته والزيادات الطارئة عليه يبقى موقوفا خلال الأجل المقرر للخيار، وتؤول هذه الأشياء مع العقار نفسه لمن يكسب ملكيته نهائيا.
قبل إظهار رغبته في ممارسة حق الخيار خلال الأجل المحددة، يقوم الموعود له بإجراء دراسة فنية للمشروع العقاري المزمع إنجازه. إذا مارس خياره في الشراء في الأجل المعين، فإن البيع النهائي يكون تاما.
إذا رفض الموعود له شراء العقار الموعود به، سقط حقه في ممارسة الخيار و إذا مارس خياره في الشراء بعد انقضاء الأجل المعين سقط حقه في الخيار.
يعدّ حق الموعود له قبل ظهور رغبته في الشراء خلال الأجل المحدد حقاً شخصيا.
.
إن لم يمارس الموعود له حق الخيار في إبرام العقد الموعود به قبل انقضاء الأجل المتفق عليه سقط الوعد بالبيع، إلا أن انصرام الأجل لا يغني الواعد و الموثق على توجيه إنذار إلى الموعود له لدعوته لإظهار رغبته خلال أجل جديد معين بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل أو عن طريق مفوض قضائي، اللهم إذا تبت ما يفيد تنازله عنه.
إذا انقضت الأجل المحدد لممارسة حق الخيار قبل موت الموعود له، لم يعتبر ورثته في حالة مَطْـل إلا إذا وجه الواعد إلى الموعود له أو وكيله إنذارا صريحا بتنفيذ التزام موروثهم. و إذا كان بين الورثة قاصر أو ناقص أهلية، وجب توجيه الإنذار لمن يمثله قانونا.
إذا مات الموعود له انتقل الخيار إلى ورثته الذي ثبت لهم حق الخيار.
ب ـ بعد ظهور رغبة الموعود له في ممارسة حق الخيار خلال الأجل المحدد
يرتب الوعد بالبيع التزاماً يتمثل في إبرام عقد بيع نهائي مع الموعود له إذا أظهر هذا الأخير رغبته في الشراء خلال الأجل المحدد..
إذا وافق الموعود له على شراء العقار الموعود به، فإن البيع يكون نهائيا بممارسة حق الخيار و لا حاجة لإيجاب جديد من الواعد.
إذا اختار الموعود له ممارسة حق الخيار و إمضاء العقد في الميعاد المحدد بمقتضى الوعد بالبيع أصبح الوعد البيع باتا، واعتبر الشيء مملوكا للموعود له من يوم إبرام العقد.
و البائع يكون ملزما بنقل حق الملكية إلى المشتري و التقييد في الرسم.
يتحقق قبول الموعود له و ظهور رغبته في ممارسة حق الخيار خلال الأجل المحدد بإنذاره الواعد بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل أو عن طريق مفوض قضائي.
إن ضعف القدرات الذهنية و العقلية للواعد بعد ظهور رغبة الموعود له في ممارسة حق الخيار خلال الأجل المحدد لا يحول دون تمام البيع.
كما أن وفاة أحد من الواعدين بعد ظهور رغبة الموعود له في ممارسة حق الخيار خلال الأجل المحدد لا يحول دون تمام البيع.
إن ممارسة الموعود له حق الخيار خلال الأجل المحدد بعد رجوع الواعد عن إلتزامه يمنع أي تطابق للإرادتين بالإيجاب و القبول و يحول دون تمام البيع.
ينتهي الوعد بالبيع بإبرام البيع النهائي، فيتم التسليم حين يتخلى البائع أو نائبه عن العقار ويضعه تحت تصرف المشتري بحيث يستطيع حيازته بدون عائق و يقوم بتسليم مفاتيح المباني، بشرط ألا يكون ثمة عائق يمنع المشتري من وضع اليد عليها؛ ويكون الثمن واجب الوفاء فوراً، ويلتزم المشتري بتحمل مصروفات أداء الثمن وتلك التي يقتضيها الصرف والتوثيق والتسجيل و التمبر اللازمة و يلتزم البائع بتسليم العقار ويلتزم كذلك بضمان التعرض والاستحقاق ويلتزم بضمان العيوب.
يفقد الموعود له الحق في رفض مشتراه، إذا صدر منه أي فعل يدل على رغبته في اعتبار نفسه.
يتحمل الواعد الالتزام بتسليم العقارات في الحالة التي كانت عليها عند الوعد بالبيع و التخلي عنها بعد ظهور رغبة الموعود له في ممارسة حق الخيار خلال الأجل المحدد بشرائها، و يلتزم كدلك بوضعها تحت تصرف الموعود له بحيث يستطيع حيازتها بدون عائق و يتسلم مفاتيحا إذا كانت من المباني ؛
و يلتزم كدلك الواعد بالإمتناع عن إستبدال الأبواب أو أي تغيير فيها ابتداء من هذا الوقت.
و في حالة إجراء أي تغيير يباشر الموعود له فورا إجراءات المعاينة بواسطة مفوض قضائي.
و لا يجبر الواعد على تسليم العقار، ولو كان قد منح أجلا للوفاء بباقي الثمن إذا أفلس الموعود له خلال الأجل المحدد لممارسة حق الخيار بدون علم الواعد أو إذا قزم الضمانات المقدمة منه لضمان الوفاء على وجه يعرض الواعد لخطر ضياعه عليه.
وجب على الواعد الالتزام بالكف عن كل فعل أو مطالبة ترمي إلى التشويش على الموعود له أو حرمانه من المزايا التي كان له الحق في أن يعول عليها، بحسب ما أعد له العقار والحالة التي كان عليها إبتداءا من وقت إلتزامه بالوعد بالبيع.
يتفق المتعاقدان أحيانا على أن عقد الوعد بالبيع يفسخ عند عدم وفاء أحدهما بالتزاماته و يقع الفسخ بقوة القانون، بمجرد عدم الوفاء.
و تصرف الواعد في العقار خلال الأجل المحددة لممارسة الخيار يوازي عدم وفاءه بالتزاماته و يقع الفسخ بقوة القانون.
بمجرد ممارسة حق الخيار و شراء العقار يلتزم الواعد أيضا بقوة القانون بأن يضمن للموعود له الاستحقاق الذي يقع ضده، بمقتضى حق كان موجودا عند الوعد بالبيع.
وجب على الواعد الالتزام أيضا بما يفيد رفع اليد إذا كانت العين مثقلة بحقوق ارتفاق غير ظاهرة أو بحقوق أخرى لم يصرح بها عند الوعد بالبيع .
بعد ممارسة حق الخيار و شراء العقار قد توجه على الموعود له دعوى بسبب العقار، و يجب عليه أن يبلغ الواعد بدعوى الاستحقاق، عند تقديم المدعي البينة على دعواه. وإذ ذاك تنبهه المحكمة بأنه إذا استمر في الدعوى باسمه الشخصي، يعرض نفسه لضياع حقه في الرجوع على الواعد، فإذا فضل، برغم هذا التنبيه، أن يدافع مباشرة في الدعوى فقد كل حق في الرجوع على الواعد
ج – التعويض عن عدول الموعود له عن ممارسة الخيار خلال الأجل المحدد
يحتفظ الموثق بمبلغ يتم تسديده كتعويض عن امتناع الواعد امتناعا كليا عن بيع العقار لشخص أخر إلى غاية انقضاء ممارسة حق الخيار خلال الأجل المحدد.
في حالة ممارسة الخيار خلال الأجل المحددة وإظهار الواعد لرغبته في الشراء يتم خصم مبلغ التعويض من ثمن البيع و أداء ما بقي منه.
الطبيعة القانونية لهذا التعويض تتمثل في أنه يشكل الثمن المقابل لحق استئثار الموعود له بممارسة الخيار خلال الأجل المحددة و الذي يؤدي الرجوع عنه إلى تضييع فرصة التعاقد في ظروف أحسن و إلى تضييع الوقت في المزيد من البحت عن مشتر آخر.
الالتزام بحق استئثار الموعود له بممارسة الخيار خلال الأجل المحددة يتحول عند عدم الوفاء به إلى تعويض عن ضياع الوقت.
يملك الموعود له حق استرجاع مبلغ التعويض إذا تبين له مثلا أن القطعة الأرضية موضوع الرسم االعقاري غير صالحة لبناء مجمع عقاري أو أنها مثقلة برهون أو مرفقات غير معلنة.
بانقضاء الأجل المحددة لممارسة حق الخيار يوجه الواعد إلى الموعود له أو إلى وكيله إنذار بتنفيذ التزامه في أجل معين تحت طائلة اعتباره في حالة مطل و مطالبته بمبلغ التعويض المودع لدى الموثق؛
و لا يكون الإنذار واجبا إذا رفض الموعود له صراحة تنفيذ التزامه أو أصبح مستحيلا.
المطلب السادس الإجراءات الوقائية لحفظ حقوق أطراف العقد
1- العرض و الإيداع
أ- إجراءات العرض و الإيداع
بمقتضى الفصل 189 من ظهير الالتزامات و العقود لا يجوز لأحد أن يباشر الدعوى الناتجة عن الالتزام، إلا إذا أثبت أنه أدى أو عرض أن يؤدي كل ما كان ملتزما به من جانبه حسب الاتفاق أو القانون والعرف.
فإدا مارس الموعود له حق الخيار خلال أخر يوم من الأجل المحدد و أودع مبلغ الشيك لدى الموثق و أظهر إرادته بالتوقيع على العقد يكون البيع النهائي تاما على الرغم من رفض الواعد التوقيع أمام موثق.
نعتقد أن العرض و الإيداع بين يدي الموثق أو المحامي صحيح و منتج لأثاره طالما استند على اتفاق الأطراف حيث تكون الوديعة إختيارية.
وجب على الموعود له أن يقوم بعرض ثمن البيع على الواعد عرضا حقيقيا، فإذا رفض الواعد قبضه، كان له أن يبرئ ذمته بإيداعه في صندوق المحكمة.
لا ضرورة للعرض الحقيقي من جانب الموعود له إذا كان الواعد قد سبق أن صرح له بأنه يرفض قبول تنفيذ الالتزام؛
وهذا ما سار عليه العمل القضائي حيث جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بفاس:
«حيث إنه كان على المستأنف عليه لكي يبرىء ذمته و ينفذ الإلتزام بعرض و إيداع ما بقي بذمته من الثمن، كان عليه أن يعرضه على الواعد بالبيع عرضا حقيقيا كما رسمت ذلك النصوص القانونية 275 و 279 و 280 من قانون الإلتزامات والعقود».
قرار عدد 370/2009، صادر بتاريخ 23/09/2009، في الملف عدد 576/08/8، غير منشور.
و الفقه و القانون و القضاء مجمعون على أن العرض الذي لا يعقبه الإيداع الفعلي للشيء لا يبرئ ذمة المدين، والإيداع لا يحلل المدين من نتائج مطله إلا بالنسبة للمستقبل، أما الآثار التي كانت مترتبة على هذا المطل يوم حصول الإيداع فهي تبقى على عاتقه.
و يصبح المدين في حالة مطل بمجرد حلول الأجل المقرر في السند المنشئ للالتزام.
و تجدر الإشارة إلى أنه إذا اتفق المتعاقدان على أن العقد يفسخ عند عدم وفاء أحدهما بالتزاماته، وقع الفسخ بقوة القانون، بمجرد عدم الوفاء.
هنا تكمن خطورة الوعد بالبيع المعلق على شرط موقف، فمن جهة، عدم احترام مسطرة العرض و الإيداع، قد يضيع الحقوق على أحد أطراف العقد، لكنه من جهة أخرى، قد يكون مبررا لإعمال المسؤولية المدنية للموثق.
«ففي غياب شهادة الإيداع أو ما يقوم مقامها من محضر العرض العيني و الإيداع داخل الأجل و الذي تنظمه مقتضيات المادة 171 من قانون المسطرة المدنية، فإن المستأنف لم يثبت فعلا إبراء ذمته داخل الأجل المتفق عليه كأجل فاسخ ملزم لطرفيه».
محكمة الاستئناف بالرباط، قرار عدد 154، صادر بتاريخ 13/12/2007، في الملف عدد 75/2007/13، مجلة المعيار عدد 42، ص 217.
بل أبعد من ذلك، ذهب قرار لمحكمة الاستئناف بفاس إلى أن العرض العيني بين يدي الموثق غير مقبول أصلا، لكون هذا الأخير ليس طرفا في العقد أو وكيلا، ما لم تنص بنود العقد على ما يخالف ذلك بحيث جاء فيه:
«حيث إن وضع السيد .. شيكين بالمبلغ الباقي من الثمن بين يدي الموثق و لو ثم بتاريخ 24/12/2007، فإن ذلك لا يعني أنه عرض تنفيذ الإلتزام و أودع قيمته وفق ما وقع التصحيح عليه في العقد ووفق ما يقتضيه القانون، وذلك لأن العقد لا يتضمن انصراف إرادة الطرفين إلى مكان عرض و إيداع الباقي من الثمن بين يدي الموثق، كما أن هذا الأخير ليس وكيلا و له الصفة في قبض الباقي من الثمن».
محكمة الاستئناف بفاس، قرار عدد 370/2009، صادر بتاريخ 23/09/2009، في الملف عدد 576/08/8، غير منشور.
ب- حجية العرض و الإيداع بين يدي الموثـق
لكن في أحسن الأحوال، و ما لم يدل المشتري بشهادة مستوفية للشروط الشكلية المتطلبة قانونا حتى تكون لها حجية أمام القضاء، فإن ذلك يكون مبررا للدفع بعدم صحة إجراءات العرض العيني و الإيداع:
وهذا ما أوضحه و فصل فيه قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط جاء فيه: «مساطر إيداع المبالغ المالية بمكاتب الموثقين تستلزم الإدلاء بشهادة إيداع صادرة من مكتب الموثق لها حجية رسمية ممسوكة بانتظام طبقا لقواعد المحاسبة لمكاتب التوثيق، و تتضمن رقما تسلسليا و هوية الطرف المودع و الطرف المودع لفائدته كاملة و المبلغ المودع بالحروف والأرقام، و طبيعة الأداء نقدا أو شيكا، مع الإشارة إلى المعاملة موضوع الإيداع، وضبط التاريخ باليوم و الشهر و السنة، و مذيلة بتوقيع الموثق، و مخاطب عليها بخاتمه و مطابقة لما هو مضمن بسجلاته و التي ينبغي تضمينها نفس البيانات بصورة منتظمة متتابعة يوما بعد يوم، «الفصل 26 من ظهير 4 ماي 1925 المعدل بظهير 15 يوليوز 1946، و المقتضيات القانونية التي يحيل عليها ظهير 4 ماي 1925 بالفصل 20 منه» وذلك تحت الرقابة المزدوجة لكل من قابض التسجيل و وكيل الملك، تفاديا لكل الأخطاء و الأخطار وضمانة للمتعاقدين عند الخلاف لتحديد مسؤولية كل واحد منهما».
محكمة الاستئناف بالرباط، قرار عدد 154، صادر بتاريخ 13/12/2007، في الملف عدد 75/2007/13، مجلة المعيار عدد 42، ص 217.
أما الإدلاء بمجرد إشهاد بالحضور فإنه لا يخلي ذمة المشتري و لا يفيد الإيداع الفعلي للمبالغ و هذا ما كرسه نفس القرار المشار إليه أعلاه:
«الإشهاد بحضور المشتري، الصادر عن الموثق في اليوم المحدد لإنجاز العقد النهائي للبيع، لا يفيد الإيداع الفعلي لباقي الثمن المتفق عليه».
ورد في القرار الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 17 -05- 2011
تحت عدد 2348 ملف عدد 2009 – 7 – 1 – 4712 أنه
” لما كان إثبات العرض والإيداع لا يتحقق من مجرد حضور طرفي العقد أو أحدهما لدى الموثق الذي ارتضيا التعاقد أمامه بل لا بد من حصول ذلك العرض والإيداع والذي يجب أن يتم داخل الأجل المحدد بالوعد بالبيع تحت طائلة اعتبار العقد مفسوخا بقوة القانون بمجرد انصرام ذلك الأجل ما دام أن الطرفين ارتضيا ترتيب أثر الفسخ الصريح للعقد بعد انتهاء الأجل المحدد لتنفيذ الالتزام فإنه لما ثبت للمحكمة أن الوعد بالبيع المبرم بين الطرفين حدد تاريخ أداء الثمن المتفق عليه داخل أجل شهرين من إبرامه وينتهي في أقصى تقدير في 11/12/2006 وأن الطاعنة لم تدل بما يفيد أداءها للثمن المتفق عليه عن طريق الموثق أو للبائعين وأن حضورها لدى الموثق على فرض ثبوته لا يعفيها من تنفيذ التزامها بإبراء ذمتها داخل الأجل واعتبرتها لذلك قد أخلت بالتزامها الملقى على عاتقها ورتبت جزاء الفسخ على عقد الوعد بالبيع المذكور فإنها تكون قد بنت قضاءها على أساس قانوني والوسيلتان لذلك غير مرتكزتين على أساس”
و في نفس السياق قضى المجلس الأعلى في القرار عدد 3080 – بتاريخ -28 – 6 – 2011 ملف مدني عدد 3035/2010 ” أنـه لما تأكد للمحكمة من
الوعد بالبيع أنه نص على أجل 31/10/2007 لتنفيذ كل طرف ما التزم به والتي من جملتها أداء الثمن علما أن الوعد أبرم من طرف موثقة وتضمن أن تسديد الثمن يتم يوم التوقيع على العقد النهائي وأنه يتم إنجاز هذا العقد من طرف الموثقة مما يدل على اسناد إبرام العقد النهائي لها لذلك ينبغي إيداع الثمن عندها طبقت الفصل 577 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على أنه على المشتري دفع الثمن في التاريخ وبالطريقة المحددين في العقد وبذلك لم يكن المشتري في حاجة لتطبيق مقتضيات الفصل 275 من نفس القانون ”
و في نفس الإطار قضى المجلس الأعلى في القرار عدد 3078 – بتاريخ 28 – 6- 2011ملف مدني عدد 4631/2009″ أن إيداع ثمن البيع عند الموثق وإن كان يعتبر تنفيذا لالتزام المشتري فإن الموثق لا يعتبر مودعا عنده بمفهوم الوديعة الاختيارية بل إن الإيداع عنده يتم في إطار الصلاحيات التي خولها له ظهير 1925 المنظم لمهنة التوثيق العصري ”
لكي يكون العرض الحقيقي صحيحا يجب أن يوجه إلى الواعد المتمتع بأهلية قبض الدين، أو إلى من تكون له ولاية القبض عنه، وفي حالة إفلاس الواعد يجب أن يحصل العرض لمن يمثل كتلة دائنيه؛ و أن يحصل من موعود له متمتع بأهلية أداء الدين، ولو كان أحدا من الغير يعمل باسم الموعود له ولإبراء ذمته؛ و أن يحصل عن كل ما يجب أداؤه كتمن بيع؛ وأن يكون الأجل قد حل؛ و أن يكون الشرط الذي علق عليه الوعد بالبيع قد تحقق؛ و أن يجري العرض في المكان المتفق عليه لحصول الأداء فإن لم يحدد الاتفاق لحصول الأداء مكانا، وجب إجراء العرض لشخص الواعد أو في مكان إبرام العقد الرسمي. و يجوز أيضا أن يحصل العرض في جلسة المحكمة.
العرض الذي لا يليه الإيداع الفعلي للشيء لا يبرئ ذمة الموعود له، والإيداع لا يحلل الموعود له من نتائج مَطْـله إلا بالنسبة للمستقبل. أما الآثار التي كانت مترتبة على هذا المَطْـل يوم حصول الإيداع فهي تبقى على عاتقه.
و قد قضى المجلس الأعلى بنقض و ابطال القرار المطعون فيه الذي قضى على الطاعن بإتمام البيع مع المطلوب دون أن يتأكد من قيامه بتنفيذ التزامه أولا و هو أداء بقية الثمن، وفي حالة رفضه إيداعه بصندوق المحكمة على الرغم من تمسك الطاعن بمقتضيات الفصل 234 من قانون الالتزامات و العقود التي تقضي بأنه أدى أو عرض أن يؤدي كل ما كان ملتزما به من جانبه.
و ورد في القرار عدد 5640 الصادر بتاريخ 9 دجنبر 1999 في الملف المدني عدد 867/95 أن الدعوى الرامية إلى تنفيذ التزام تبادلي لا تكون مسموعة إلا إذا أثبت رافعها أنه أدى أو عرض أن يؤدي ما كان ملتزما به من جانبه حسب ما اتفقت عليه أو حسب القانون أو العرف طبقا للفصل 234 من قانون الالتزامات و العقود و يكون الحكم في هذه الحالة بعدم قبول الدعوى لا برفضها.
يجب على الموعود له أن يخطر الواعد بالإيداع الذي وقع لمصلحته فور حصوله، وإلا وجب عليه التعويض.
ينتهي حق الموعود له في سحب الشيء الذي وقع إيداعه إذا حصل على حكم حاز قوة الأمر المقضي يقرر صحة عرضه وإيداعه؛ أو إذا صرح بتنازله عن حقه في سحب الشيء الذي أودعه.
مصروفات العرض الحقيقي والإيداع، عندما يكونان صحيحين، تقع على عاتق الموعود له. وتقع على عاتق الواعد ، إذا سحب الشيء الذي حصل إيداعه.
2 – التقييد الإحتياطي
نؤكد أن الحقوق التي تنشأ عن الوعد بالبيع هي حقوق شخصية لا تدخل في نطاق التحفيظ العقاري و قد ورد بهدا الخصوص في قرار المجلس الأعلى الصادر بتاريخ 2-5- 2007 عدد 1467 أن قاعدة التطهير الخاصة بالحقوق العينية لا تشمل الحقوق الشخصية و لا تسري على عقد الوعد بالبيع و حق التعرض يتبت لأصحاب الحقوق العينية و ليس لأصحاب الحقوق الشخصية المخولة بمقتضى عقد الوعد بالبيع.
لا يترتب عن الوعد بالبيع أي حق عيني للموعود له و لا ينقل إطلاقا ملكية الشيء أو الحق الموعود ببيعه، بل يخوله حقا شخصيا خلال مدة الوعد.
إن الدعاوى الرامية إلى استحقاق عقار محفظ أو إسقاط عقد منشئ أو مغير لحق عيني لا مفعول لها تجاه الغير إلا من تاريخ تقييدها بالرسم العقاري تقييدا احتياطيا.
و يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار محفظ أن يطلب تقييدا إحتياطيا للإحتفاظ مؤقتا بهدا الحق و لضمان رتبته.
وقد قضى المجلس الأعلى أن تاريخ التقييد الاحتياطي في عقار محفظ هو الذي يعتبر لتعيين رتبة التسجيل اللاحق للحق .
قرار عدد 929 صادر بغرفتين بتاريخ 22 مارس 2006 في الملف المدني عدد 744/ 1/ 4/ 01 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى ـ الإصدار الرقمي مايو 2007 عدد 67 ص 302
التقييد الاحتياطي إجراء وقائي وتحفظي و مؤقت يضمن الحفاظ على حقوق محتملة إلى حين تحقق الشروط الشكلية الضرورية للوعد البيع لجعل الحق العيني قابلا للتسجيل النهائي.
يضمن طلب التقييد الاحتياطي من طرف المحافظ بالرسم العقاري بناء على عقد الوعد بالبيع الذي يثبت الحق على العقار؛
إن تاريخ التقييد الاحتياطي هو الذي يحدد رتبة التقييد اللاحق للحق المطلوب الاحتفاظ به.
تحدد في عشرة أيام مدة صلاحية التقييد الاحتياطي المطلوب بناء على عقد الوعد الملزم للواعد ولا يمكن خلال هذه الأجل قبول أي تقييد آخر لحق يقتضي إنشاؤه موافقة الأطراف.
تنحصر في شهر مدة صلاحية التقييد الاحتياطي بناء على إدلاء الطالب بنسخة من مقال دعوى في الموضوع مرفوعة أمام القضاء.
يقدم طلب إلى المحافظة العقارية المختصة مرفقا بالسند المثبت للحق المدعى فيه، وبما يفيد أداء الصائر؛ و يسجل هذا التقييد بنظير الرسم العقاري.
يشطب على هذا التقييد الاحتياطي تلقائيا، بعد انصرام الأجل المذكور، ما لم يدل طالب التقييد بأمر صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية طبقا لأحكام الفصل 85 من مدونة الحقوق العينية.
يحدد مفعول التقييد الاحتياطي الصادر بناء على أمر من رئيس المحكمة الابتدائية في ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ صدوره، ما لم ينجز التقييد النهائي للحق، وتكون هذه الأجل قابل للتمديد بأمر من رئيس المحكمة الابتدائية شريطة تقديم دعوى في الموضوع، ويستمر مفعول هذا التمديد إلى حين صدور حكم نهائي.
وفي جميع الحالات لا يصدر رئيس المحكمة الابتدائية الأمر بالتقييد الاحتياطي إلا بعد تأكده من جدية الطلب.
لا يمكن لطالب التقييد الاحتياطي أن يقدم أي طلب جديد بناء على نفس الأسباب.
يمكن اللجوء إلى رئيس المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرة نفوذها العقار، بصفته قاضيا للمستعجلات للأمر بالتشطيب على التقييد الاحتياطي كلما كانت الأسباب المستند عليها غير جدية أو غير صحيحة.
اترك تعليقاً