القاضي يطبق القانون والمحكم يطبق العدالة
القاضي يطبق القانون والمحكم يطبق (( العدالة ))
القاضي يطبّق القانون والمحكّم يطبّق العدالة
قانون التحكيم السوري: الضمانة القانونية لحماية المستثمر
التحكيم هو أسلوب اتفاقي قانوني لحلّ النزاع بدلاً من القضاء ـ والبداية تكون باتفاق الأطراف ـ الذي يعدّ الأساس في عملية التحكيم، حيث يتفق طرفا النزاع على اللجوء إلى التحكيم للفصل في كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بشأن علاقة قانونية معينة عقدية، كانت أو غير عقدية، والتحكيم هو كسائر العقود لاينعقد إلا برضاء الأطراف و توافر الأهلية “المادة 9/ ف1″، إضافة إلى ضرورة صياغته كتابياً وإلا كان باطلاً وفقاً لنص “المادة 8″، ولا يلزم القانون إبرام عقد تحكيم منفصل بل يمكن أن يرد في عقد أو وثيقة رسمية أو عادية أو في محضر مرّر لدى هيئة التحكيم التي تمّ اختيارها، أو في أي وسائل متبادلة عادية كانت أو مرسلة بوسائل الاتصال المكتوب “البريد الإلكتروني ـ الفاكس ـ التلكس” إذا كانت تثبت تلاقي إرادة مرسلي العقد على اختيار التحكيم وسيلة لفضّ النزاع.
وبذلك نجد أن المشرّع السوري أوجب بأن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً و إلا كان باطلاً، والكتابة هنا شرط شكلي وضعه المشرّع ورتّب على تخلّفه البطلان، وهذه الكتابة ليست لمجرّد الإثبات فقط، بل لانعقاد الاتفاق على التحكيم.
وخرج عن القواعد العامة ولم يشترط في بعض الحالات أن يكون موقّعاً بخط اليد، واكتفى بأن يكون متبادلاً دون توقيع كما هي الحال في “البريد الإلكتروني ـ الفاكس ـ التلكس” طالما أنه يثبت تلاقي إرادة مرسليه على اختيار التحكيم.
ولم يشترط القانون السوري بيانات معيّنة يتعين أن يتضمنها اتفاق التحكيم باستثناء مانصت عليه” المادة 7″ بضرورة أن تشمل مشارطة التحكيم المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلاً، وذلك لأن تحريرها يأتي بعد قيام النزاع وينبغي تعيّن موضوع هذا النزاع لتحدّد ولاية المحكّمين، أما شرط التحكيم فلايتطلب ذلك لأن النزاع لم ينشأ بعد.
عدم جواز التحكيم
حدّد القانون رقم 4 لعام 2008 في المادة التاسعة منه المسائل التي لايجوز التحكيم فيها بالمسائل التي لا يجوز فيها الصلح، أو المخالفة للنظام العام أو المتعلقة بالجنسية، أو بالأحوال الشخصية باستثناء الآثار المالية المترتبة عليها.
ونصت “المادة 519” من القانون المدني على أنه:
“لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو بالنظام العام، ولكن يجوز الصلح على المصالح المالية التي تترتب على الحالة الشخصية، أو التي تنشأ عن ارتكاب إحدى الجرائم”.
وفي غير المسائل السابقة يمكن إجراء التحكيم وفقاً لما يلي :
يجوز إجراء التحكيم سواء أكانت العلاقة بين الطرفين عقدية أم غير عقدية، فإذا كانت عقدية وضع شرط التحكيم في العقد أو في اتفاق مستقل عن العقد حسب إرادة الطرفين، أما إذا كانت العلاقة غير عقدية فيجوز الاتفاق على عرض هذا الأمر على التحكيم.
يجوز إجراء التحكيم بين الأفراد، وبين الشركات، وبين شخص من أشخاص القانون الخاص “سواء أكانوا أفراداً طبيعيين أم أشخاصاً اعتباريين” وبين شخص من أشخاص القانون العام.
حيث نجد أن المشرّع السوري في الفقرة الثانية من المادة الثانية عمد إلى إبقاء التحكيم في منازعات العقود الإدارية خاضعاً لأحكام المادة 66 من نظام العقود الصادر بالقانون رقم 51 لعام 2004 التي نصّت على مايلي:
آ– القضاء الإداري في الجمهورية العربية السورية هو المرجع المختص للبتّ في كل نزاع ينشأ عن العقد.
ب – يجوز أن ينصّ في دفاتر الشروط الخاصة والعقد على اللجوء إلى التحكيم وفقاً للأصول المتبعة أمام القضاء الإداري، وتشكّل لجنة التحكيم برئاسة مستشار من مجلس الدولة يسميه رئيس مجلس الدولة وعضوين تختار أحدهما الجهة العامة ويختار المتعهد العضو الآخر.
جـ- يمكن أن ينصّ في العقود الخارجية بموافقة الوزير المختص بالذات على جهة تحكيمية خاصة خلافاً لأحكام البندين “آ و ب” السابقين.
3- التحكيم في المسائل التجارية بصفة أساسية والمسائل المدنية غير المخالفة للنظام العام، وبصفة عامة التحكيم في العلاقات ذات الطابع الاقتصادي عقدية أم غير عقدية.
إنهاء الإجراءات
راعى المشرّع السوري الهدف والغاية من التحكيم بضرورة سرعة الفصل في النزاع، فنصّ على أنه يجب على هيئة التحكيم أن تصدر الحكم خلال المدة المتفق عليها بين الأطراف، وفي حال عدم تحديد المدة وجب أن يصدر الحكم خلال مدة 80 يوماً من تاريخ انعقاد أول جلسة لهيئة التحكيم، وفي حال تعذّر عليها الفصل في النزاع ضمن الآجال المذكورة، أجّل التحكيم لمدة لا تزيد عن 90 يوماً لمرة واحدة.
وبعد صدور حكم التحكيم، تتمتع أحكام المحكّمين وفق أحكام هذا القانون بحجية الأمر المقضي وتكون ملزمة وقابلة للتنفيذ تلقائياً من قبل الأطراف أو بصفة إجبارية إذا رفض المحكوم عليه طوعاً تنفيذه بعد إكسائه صيغة التنفيذ.
بطلان الحكم
راعى المشرّع السوري الموازنة ما بين ضرورة سرعة الفصل في النزاع بالتحكيم وبين ضرورة إصلاح ما قد يشوب الأحكام من أخطاء وقرر رفع الدعوى ببطلان التحكيم – بعيداً عن طرق الطعن المقررة بالنسبة لأحكام القضاء، وحدد الأسباب التي يمكن أن تُبنى عليها دعوى بطلان التحكيم تحديداً حصرياً في “المادة 50” وهي:
إذا لم يجد اتفاق تحكيم أو كان هذا الاتفاق باطلاً أو سقط بانتهاء مدته، أو إذا كان أحد طرفي التحكيم وقت إبرامه فاقد الأهلية أو ناقصها، أو تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم تبليغه تبليغاً صحيحاً بتعيين محكّم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته، أو إذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي اتفقت الأطراف على تطبيقه، أو إذا تم تشكيل هيئة التحكيم على وجه مخالف للقانون أو لاتفاق الطرفين، أو إذا فصل حكم التحكيم في مشكلات لا يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود هذا الاتفاق، أو إذا وقع بطلان في إجراءات التحكيم أثّر في الحكم، أو إذا صدر حكم التحكيم مخالفاً للنظام العام في سورية.
وترفع دعوى البطلان خلال مدة 30 يوماً التالية لتاريخ تبليغ حكم التحكيم للمحكوم عليه، وتختص بها محكمة الاستئناف المحددة والمعرّفة في “المادة 3” من القانون الخاص بالتحكيم.
وتفصل المحكمة في هذه الدعوى خلال تسعين يوماً تبدأ من تاريخ اكتمال الخصومة “المادة 51”.
توسيع المجالات
وسّع المشرّع السوري من مجال انطباق قانون التحكيم على كل من التحكيم الداخلي والتحكيم التجاري الدولي، ولعب دوراً إيجابياً من خلال منح قضاء الدولة سلطة مساعدة التحكيم والرقابة على أعماله في تدعيم فاعلية التحكيم حتى يتمكن من أداء دوره على المستويين المحلي والدولي.
اترك تعليقاً