مقال قانوني موجز عن المسئولية المدنية و الجنائية عن إصابات الملاعب
كثيرا من نتسائل عن من يتحمل مسؤولية الاعب المصاب فى الملاعب خاصتا ان كان لاعبنا المفضل او امل منتخبنا و نتسائل هل يوجد قانون ما يحميه من هذا الاذى قررت البحث فى الامر ووجدت استشارة بخصوص الامر ووضعتها بين ايديكم مع بعض الاضافات
**
ان المطلب القانونى الذى يبتغيه المتضرر لا يلزم بالضرورة أن يكون حصيلة إجراءا جنائيا لا يفيد المتضرر مباشرة, و إنما يمكن أيضا أن يكون حصيلة إجراءا مدنيا, طبقا لقواعد التعويض عن الضرر الناشئ عن الخطأ , أو الإهمال , أو الرعونة, طبقا للقوانين المدنية ,
تضمن السؤال عدة أمور تتطلب الحديث عن الحلول القانونية لمشاكل إصابات الرياضيين,هذا سيقودنا إلى الحديث عن الحلول التى يوفرها التقاضى مدنيا, و أيضا الحلول المترتبة على رفع دعوى جنائية .
إذا اعتبرنا أننا سنتحدث مثلا عن اصابة فى مباراة ملاكمة نتجت من لطمة من ملاكم, موجهة إلى وجه أو جسم غريمه, و تسببت فى جرح عميق فى خد الغريم و أبسط توصيف لهذا الفعل,( لو لم يحث على حلبة الملاكمة), هو إدراجه تحت وصف ” الضرب المفضى إلى جرح قطعى “.
هنا , يمكننا أن نشرح دور القانون و القضاء فى التعامل مع هذه المشكلة .
و لكن, كثيرا ما يحدث لبس عندما نتكلم عن الحلول القضائية و خاصة فى مثل هذه القضايا, فأول ما يرد إلى الذهن هو أن الإعتداء بالضرب هو جريمة, و أن لكل جريمة عقاب, مستمد من قانون العقوبات .
و لكن , إذا فهمنا دور القانونين , المدنى و الجنائى, سنرى أن بعض الأمور يمكن توصيفها بأنها جريمة,كما يمكن وصفها أيضا بأنها “أخطاء مدنية”, و تسمى بالإنجليزية Torts .
و دور القانون الجنائى أصلا هو حماية المجتمع و الدولة من أفعال تضر الصالح العام, بما فيه حقوق المواطنين الشخصية, و التى يرى المجتمع أن تكون حمايتها بمعرفة الدولة .
و لكن, يختلف دور القانون المدنى,( الذى يهدف أساسا إلى حماية الحقوق الشخصية التى لا يحميها القانون الجنائى ), ليس فقط لأن الفعل نفسه قد لا يكون مُجرّما, و لكن أسلوب إتيان هذا الفعل قد يضر بمصالح آخرين, و هنا يتدخل القانون المدنى لكى يرسم للمواطنين حدود حرياتهم .
إذن , فالقانون المدنى يحمى المواطن من إساءة إستعمال حق مواطن آخر, فى حين أن القانون الجنائى يعاقب من يقوم بعمل يخل بأمن الدولة , و يعاقب كل من يتعدى على حرية و حياة و أمن المواطن .
و لنشرح ذلك بأمثلة :
إذا اعتدى شخص على آخر بالضرب مثلا, فهذا الفعل فى نظر القانون يشكل أمرين :
الأول : الإعتداء على حق المواطن فى أن يكون آمنا, و هذا يُدخل الفعل فى دائرة المحظورات, و يعاقب مرتكب الفعل لإرتكابه جريمة الضرب( و تسمى هنا جنحة ضرب ).
الثانى: قد يرى الشخص المضروب أنه لا يهمه أن يُحبس من ضربه , بقدر إهتمامه بالحصول على علاج للإصابة, و التعويض عن الألم, و فقد الرزق نتيجة التبطل عن العمل .
هذا التعويض لن يحصل عليه غالبا فى الحكم الجنائى الصادر ضد المتهم بضربه, و لكن فى استطاعة المضروب أن يلجأ إلى القضاء المدنى مطالبا بالتعويض عن الضرر الناشئ عن الضرب, و الذى أثبت بحكم المحكمة أن هذا الضرر قد نشأ كنتيجة مباشرة لواقعة الضرب .
و مثال آخر سيشرح الفرق بين القانون المدنى, و القانون الجنائى .
إذا اشترى شخص بضاعة من شخص آخر, و رفض المشترى دفع الثمن متحججا أن السلعة ليست جيدة, فإن هذا الخلاف هو خلاف مدنى, تنظره المحاكم المدنية , و لكن لو أن البائع قد أوهم المشترى أنه يبيع له مصنوعات ذهبية, فى حين أن ما باعه له هو صفيح مطلى, هنا يكون تكييف هذه الواقعة هى النصب, و يمكن محاكمة البائع جنائيا, و لكن ذلك لن يسقط حق المشترى المدنى فى استرداد نقوده, فضلا عن تعويضه عن المتاعب التى عانى منها, و تكاليف القضية … الخ .
و القانون الجنائى يتطلب ( فى معظم الأحوال) الإمتناع عن القيام بأعمال محددة لأن القيام بها يضر الصالح العام, مثل قيادة السيارات بسرعة تزيد عن السرعة القانونية. أو عدم تعاطى المخدرات, أو المتاجرة فيها.. الخ .
و لكن القانون المدنى لا يقصد به المنع, بقدر ما يقصد به التنظيم, فالقانون المدنى لا يقول أن استعمال أجهزة التكييف ممنوع, و لكنه يقول أن أساءة إستعمال هذه الأجهزة , أذا ترتب عليها إزاعج للمواطن , فإن إستعمالها فى ظروف خاصة يكون ممنوعا بأمر من المحكمة .
و القانون المدنى لا يقول أنك لا تستطيع زرع شجرة فى حوش منزلك, و لكن القانون يقول أن هذه الشجرة لا يجب أن تسبب جذورها ضررا للبيوت المجاورة , و أن فروعها لا يجب أن تتعدى حدود الأرض المملوكة .
و لا يقول القانون المدنى أنك لا تستطيع رى حديقتك, و لكن القانون المدنى سيجلعلك تدفع تعويض إذا أغرقت مياهك مزروعات جارك .
تتشابه القوانين التى تصدر من أنظمة مختلفة, و إن اختلفت لغتها, أو بعض تفاصيلها , و لكن تقدم تقنية الإتصالات , و حتمية مشاركة عديد من الدول فى نشاطات متشابهة, مثل الرياضة مثلا, جعل الفروق بين هذه القوانين فروق تجميلية .
لهذا, فإن الوسيط فى هذا المجال هو القانون الإنجليزى, الذى اهتم إهتماما كبيرا بحق المواطن فى حماية حقوقه الشخصية, و تتضمن :
إسمه
حريته
صحته و حياته
ممتلكاته
أسرته
حقوقه الفكرية
حريته فى التحرك و الإنتقال
و قد خصص القانون الإلجليزى العرفى Common Law فى قسمه المدنى المعروف بإسم Law of Torts , عديدا من القوانين, التى جاءت نتيجة أحكام قضائية مستقرة, مازالت تعتبر مرجعا فقهيا فى مواد القانون المدنى .
و قد حظت حرية الصحة بقدر كبير من اهتمام المحاكم, و خاصة عندما ظهرت رياضات مثل المصارعة, و الملاكمة, و الرجبى, و الرياضات التى قد تسبب إصابات , أو جروح, أو حتى الوفاة .
و المبدأ الأساسى وهو مبدأ تقبل مخاطر الممارسة, و الذى يسمى باللاتينية :Volenti non fit injuria
أى أن الإصابة لا تعتبر إعتداء متى كان المصاب متقبلا لها .
و طبعا, فى مختلف الرياضات, توجد قواعد لكل رياضة ,
و إصابة لاعب قد تنتج عن :
· خروجه هو عن قواعد اللعبة ,
· أو خروج غيره عن قواعدها ,
· أو خروج كليهما عليها
· إو تواجد ظروف خارجية, مثل شغب جمهور عدائى
· أو قد تكون ظروف مناخية غير متوقعة .
و لكن الخشونة فى الملاعب قد تصاعدت فى الأزمنة الحديثة, مما دفع عديد من الدول إلى أصدار تشريعات تنظم قواعد التقاضى فى المنازعات التى تنتج عن نشاط رياضى .
لم تلجأ كل الدول إلى إصدار تشريعات جديدة, و كانت إنجلترا من هذه الدول التى أكتفت بالقوانين الموجودة, و التى دائما ما يطرأ عليها تغيير قضائى غير ملموس, و لكن يعكس حس الشارع, و يفسر الأحداث طبقا لتطوراتها, إخراجا لها من جمودها .
و لكى ينجح شخص فى الحصول على تعويض من خصمه بسبب إصابة نتجت عن إهمال أو خطأ,( وهو الأسلوب الذى يتبعه معظم الرياضيين طالبى التعويض) فإن على المدعى أثبات :
1 – أن المدعى عليه مدين له بواجب الحرص و الرعاية Duty of care, و يمكن شرح ذلك بأيجاز, فعندما تقود سيارة, يجب أن تكون حريصا و تتجنب إصابة المشاة .
2- أن المدعى عليه لم يقم بواجب الحرص و الرعاية, و كما فى المثال السابق , قاد السيارة بسرعة رغم أن المصاب كان يعبر الطريق من المكان المخصص للعبور
3- أن المدعى قد أصيب نتيجة عدم إلتزام المدعى عليه بواجب الحرص, أى أن الإصابة كانت نتيجة مباشرة لرعونة قائد السيارة مما أدى إلى إصابة المدعى
هذه هى القواعد التى تتطلبها المحكمة لكى تجد المدعى عليه مخطئ, و عليه دفع التعويض المناسب .
كان أنصار ” قبول المخاطر يعفى الغير من المسئولية” فى الماضى يعتقدون أن هذا المبدأ سيعفى المخطئ من المسئولية المدنية إذا تجاوز الخطأ, أو لم يلتزم بواجب الحرص و الرعاية. و لكن التطور الذى حدث فى التشريعات, بالإضافة إلى أتجاه القضاء رفض تطبيق هذا المبدأ على إطلاقه, فقد تغيرت نظرة المحاكم, و كانت الظروف التى ذكرتها عاليه من ضمن الأمور التى أدخلتها المحاكم فى الإعتبار عند نظر مثل هذه القضايا .
و اللاعب, عندما يلتزم بأصول اللعبة, فهو هنا قد التزم بالعنصر الأول المطلوب من المواطن , , Duty of care ) و لكنه لو خالف قواعد اللعب, فهنا, لا يجوز منع المصاب من حقه فى التعويض بحجة أنه قد قبل المخاطرة مقدما ,
و درجة قياس قبول المخاطرة تقيمه المحكمة بمعيار :الرجل العاقل العادى .
أى أن التصرف الذى أحدث الضرر, إذا رآه الرجل العادى قد تجاوز حدود المصرح به فى اللعبة, فقد تجاوز مسبب الضرر حقوقه, و أصبح ملزما بدفع تعويض .
يمكن تلخيص ما سبق فى الآتى :
*- كثير من الرياضيين اليوم يرفعون قضايا على :
1- شركاء اللعبة
2- مدرب الفريق
3- مدرب الفريق الآخر
4- منظم المباراة
5- صاحب النادى
6- صاحب الإستاد
7- الجهة المحتضنة لنوع معين للرياضة .
و يمكن للمصاب الإلتجاء إلى نصوص القانون المدنى لكى يحصل قضائيا على تعويض عن الألم و المعاناة, الناتجين عن إصابة سببها عنف فى الملعب, فضلا عن تعويض إضافى فى حالة فقد الدخل طوال فترة العلاج .
و للحصول على تعويض من شخص بسبب إصابة أحدثها لاعب, أو حدثت نتيجة إهمال مدرب, أو مدرس, أو حكم, أو متفرج, فإن هذا الشخص يجب أن يكون قد تصرف تصرفا غير معقول أو غير مقبول فى مثل هذه الظروف( نظرية الرجل العاقل العادى), فضلا عن توافر عدم المبالاة, أو قلة الإهتمام, أو عدم التيقظ, أو الإهمال .
و مما يعقد المشكلة هو أن قبول اللاعب مخاطر الرياضة قد يفهم منه أن عليه أن يتحمل الإصابة مهما كانت الظروف, و لكن التشريعات الحديثة فى بعض الدول, و تطور نظرة القضاة فى دول أخرى فرض معايير أخرى, و جعل الضرر مقترن بمقدار الخطأ الذى ارتكبه مسبب الإصابة, و هل كانت الإصابة نتيجه طبيعية متوقعة , أم كانت نتيجة إهمال, أو غلظة, أو تهاون, أو عدم إهتمام, أو تسرع .
و ليس غريم اللاعب فقط, أو شريكه فى المقابلة هو من يمكن محاسبته عن مسؤولية الإصابة , فإن الحكم يكون مسئولا إذا لم يوقف مقابلة الملاكمة بعد أن وقع اللاعب الآخر نتيجة لكمة ” نوك أوت ”
كما أن اللاعب الذى يصاب نتيجة قطع حبال حلبة الملاكمة أو المصارعة, و سقوطه خارجها, يمكنه رفع الدعوى على النادى, أو الجهة المنظمة للمباراة .
و أيضا, يمكن للاعب الذى فقد وعيه, و فقد الماتش, نتيجة إرتفاع شديد فى درجة حرارة التكييف مما أثر على قدرته الجسمانية, مقاضاة أصحاب النادى, أو الصالة ..
كما يمكن مقاضاة إدارة الملعب إذا أدى تأخر حضور رجال إسعاف الملعب لإسعاف اللاعب الذى وجد صعوبة فى التنفس .
كل ما تم ذكره أعلاه يقع تحت طائلة القوانين المدنية, حيث أن الغرض منها حماية حق المتضرر, و ضمان حصوله على تعويض مناسب .
و لكن هناك حالات يمكن أن ترفع فيها دعوى جنائية ,
و ذلك إذا ثبت أن ملاكم إستمر فى ضرب غريمه, و تعمد إيذائه, لأن الإخير نافسه فى حب فتاة .
أو إذا ثبت أن الملاكم رفض التوقف عن ضرب غريمه رغم تنبيه الحكم, و ضرب الجرس بشدة عدة مرات, و انتهى الأمر بوفاة المجنى عليه .
وهذه هى حالات نادرة, و لكنها حدثت, و صدرت فيها أحكاما جنائية فى كل من اليابان, و الولايات المتحدة .
**
كل ما سبق دكره ما هو الا قانون و يبقى العرف الرياضى والاخلاق الرياضية مختلفة عن دالك فلم يسبق لنا ان سمعنا عن لاعب قاضى زميل له لانه عامله بخشونة و تسبب له فى ضرر او الحكم فغالبا النادى الدى يلعب به هو من يلتزم بالمصاريف. الملاحظ انو هناك أمثلة كثيرة بالنسبة للاعبى الملاكمة والسبب أن هده الرياضة تتسبب فى أذى كبير لاصحابها قد يكلفهم ذالك حياتهم كما حصل للملاكم الاندونيسي أنيس دوي موليا أو الملاكم المكسيكي مارتن سانشيز
وهدا لا يمنع ان ملاعب كرة القدم تحدث فيها حالات وفاة و قد سبق ان حصل الامر للاعب المغربى يوسف بالخوجة فى لقاء ديربى لكن لم يكن بسبب ضربة من احدهم لكن بسكتة قلبية. وهو هو امر عادى فى ملاعب الكرة فنادر ما يكون بسبب ضربة من الخصم .
فرغم أن القانون قد نظم اصابات الملاعب الا ان العرف الرياضي يختلف تماما عن القوانين الوضعية أتمنى ان أكون قد قربتكم من الموضوع رغم أنه موضوع قوانينه ماتزال مجهولة او غير معروفة حتى بالنسبة للمعنين بالامر .
منقول… ارجو ان يكون حقق الافادة
اترك تعليقاً