التحكيم .. الفصل الأسرع في النزاعات لكبح الخسائر المالية
بداية؛ التحكيم هو اتفاق بين طرفين أو أكثر على أن يحيلا إلى التحكيم جميع أو بعض المنازعات المحددة التي نشأت أو قد تنشأ بينهما في شأن علاقة نظامية محددة، تعاقدية كانت أم غير تعاقدية، سواء أكان اتفاق التحكيم في صورة شرط تحكيم وارد في عقد، أم في صورة مشارطة تحكيم مستقلة. ولأجل أن التحكيم يحتوي على مزايا كثيرة يفضلها أصحاب الأعمال؛ فإن التحكيم يعد مهما جدا كوسيلة من وسائل الفصل في النزاعات التجارية.
مزايا التحكيم:
هناك عدة مزايا للتحكيم على القضاء، وسنستعرض أهمها لتوعية التجار وأصحاب الأعمال بها، ومن أهم تلك المزايا؛ الإسراع في فض النزاع، وذلك لأن المحكمين يكونون عادة متفرغين للفصل في هذه الخصومة، في من تيسر لهم البدء فورا في إجراء التحكيم وإنهائه في وقت أقصر بكثير مما يتم في المحاكم، كما أن النظام يحدد مددا محددة لأجل الفصل في النزاع التحكيمي بخلاف القضاء، وهذا فيه مصلحة ظاهرة في الإسراع في إيصال الحق لصاحبه، وللوقت أثر مهم على الحق المتنازع عليه وخاصة في القضايا التجارية، وأن سرعة الإنجاز عامل مهم لنجاحها، والبطء في اتخاذ القرار يجعل الأضرار تتنامى وتتضاعف، حتى إن الخسائر المالية التي يتكبدها أطراف النزاع جراء عدم الفصل تفوق بكثير أجرة التحكيم، حيث يخسر الطرفان خسارة كبيرة نتيجة تعطل العمل وبطء إجراءات المحكمة.
كما أنه في التحكيم غالبا يتلافى الخصمان العداوة والبغضاء التي قد تحصل بينهما، وذلك لأن أساس التحكيم يقوم على مبدأ أن الحَكَم مختار من قبل الخصوم أنفسهم، اختاروه بطيب نفس منهم، وهذا الشخص المختار حائز على ثقتهم، ما يجعل الحكم كأنه صدر بشكل توافقي، فكثيرا ما يقع نزاع بين تاجرين في أحد العقود، ثم يحكموا طرفا ثالثا في هذه النزاع، ولا يمنعهم هذا من الاستمرار في التعامل التجاري بينهما، بل إن هذا يزيد ثقة بعضهما ببعض، بخلاف التنازع أمام القضاء، فهو كثيرا ما يقوض التعامل التجاري بين طرفي العقد بسبب قيامه على المشاحة.
كما أن التحكيم يخفف العبء المالي على الدولة، ما يعني مساهمة المواطن في هذا الجانب من خلال إفشاء التحكيم وإعماله في تحقيق المصلحة العامة للبلد.
ومن أهم مميزات التحكيم كونه يتيح للمتنازعين فرصة اختيار محكمين أصحاب تخصص دقيق في موضوع النزاع، يسهم في فهم سريع ودقيق لموضوع الخلاف وخاصة في بعض القضايا الفنية الدقيقة التي قد لا تتوافر في القاضي الذي ينظر في مختلف القضايا، ويعتمد على رأي أهل الخبرة، وبالتالي يكون المحكم المتخصص أفهم للقضية وأسرع في الفصل من غيره.
إضافة إلى أن التحكيم يتيح الطمأنينة للشركات الكبيرة متعددة الجنسيات ولا ترغب في الخضوع إلى قوانين أجنبية لا تعرفها عند وقوع نزاع، ودون التحكيم لا تطمئن على مستقبلها التجاري فيما لو خضعت لقانون البلد غير المعروف بدقة، لكون بعض البلدان يتأثر القضاء بالظروف السياسية للدولة، ويخشى المتعامل من الخارج على مصالحه التجارية لو تم الترافع أمام قضاء هذا البلد، فالتحكيم يعطي طمأنينة لأولئك التجار من تأثر القضاء بما يجري في بلادهم.
ومن فوائد التحكيم أن المحكمين يملكون صلاحية تحديد المدة التي يرونها ملزمة للمحكم لإنهاء النزاع، وعلى المحكم أن يلتزم بذلك وهذه ميزة لأصحاب النزاعات لا يمكن توفيرها عن طريق القضاء، إضافة إلى أن نظام التحكيم وضع مدة كحد أعلى للفصل في النزاع.
ومن المزايا المهمة أيضا؛ أن التحكيم يتيح فرصة كبيرة للسرية في المعاملة المتنازع عليها، إما لكون عقودها تتضمن أمورا سرية، أو لكون النزاع ذاته لا يرغب الطرفان في معرفة الآخرين بوجود نزاع بينهما، فيؤثر في مصالحهما التجارية أو غير ذلك.
كما يتيح التحكيم مخرجا في مسألة تنازع القوانين، فالمنازعات التجارية الدولية، كثيرا ما تكون محل تنازع القوانين، فطرف يريد أن تكون في بلده مستندا إلى أنظمة بلده وآخر يريدها في بلده مستندا إلى أنظمة بلده أيضا، والتحكيم يحدد الجهة بطريقة تطمئن الشخص منذ البداية، كما يتيح التحكيم للناس أيضا فرصة اختيار مكان التحكيم، فبعض الناس قد لا يرغب في الذهاب إلى محاكم بلد ما، فيمكن من خلال التحكيم الاتفاق على مكان التحكيم الذي يرغبان فيه.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً