السلطة القضائية في العراق / الادارة و الشؤون المالية / مدحت المحمود
رئيس مجلس القضاء الأعلى ـ رئيس المحكمة الاتحادية العليا
رغم إن مبدأ استقلال القضاء قد إستقر في ضمير الإنسانية ، وأخذ موقعه في كل المواثيق الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان والتي تعتمد في وجودها على وجود قضاء مستقل قوي ، وكذلك وثقته دساتير الدول كافة على اختلاف أنظمتها السياسية .. إلا أني أجد أنه لا زال يحتاج إلى مزيد من الإيضاح والى مزيد من تسليط الضوء على مضامينه وبيان انعكاساته على الدولة الحديثة وعلى سيادة القانون وعلى المؤسسات الدستورية وعلى المواطنين وعلى حركة الاستثمار والحركة الاقتصادية بصورة عامة وعلى النشاط الاجتماعي.
فدولة القانون هي دولة المؤسسات الدستورية وليست دولة أفراد ، وكل مؤسسة من هذه المؤسسات لها مهامها ومسؤولياتها وتداخل الاختصاصات أو تجاوزها بين هذه المؤسسات من شأنه أن يغيّب المسؤوليات ويضّيع التخصص وبالتالي نكون امام حالة تسيب وانفلات في تأدية الواجبات وممارسة الحقوق ، لذا اختارت الدول مبدأ فصل السلطات لتأمين الوضوح في الاختصاص وتحديد المسؤوليات بين المؤسسات الدستورية في الدولة … ومن هذه المؤسسات السلطة القضائية التي تحتاج الى قضاء مستقل لتؤدي مهامها .
واستقلالية القضاء أمر لم يستقر في ضمير الإنسانية من اجل اعطاء المزايا للقضاة … ولكن من اجل مصلحة المواطنين جميعاً اذ لابد أن تكون في الدولة مؤسسة تضبط حركة بقية السلطات وتضعهم موضع المسائلة أذا ماحادوا عن طريق الدستور والقانون.
وجمهورية العراق قد تبنت في دستورها النافذ سنة 2005 مبدأ استقلال القضاء ومبدأ فصل بين السلطات حيث نصت المادة (47) منه (تتكون السلطات الاتحادية ، من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، تمارس اختصاصاتها ومهماتها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات .) ونصت المادة (87) منه على (السلطة القضائية سلطة مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكامها وفقاً للقانون .)
ونصت المادة (88) منه على (القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة .)
والقضاة عند ممارستهم لمهامهم ، يمارسونها وفق إجراءات رسمها القانون … فهم ليسوا فوق القانون وإنما في إطاره يمارسون مهامهم فعند نظرهم الدعوى أو المعاملة المدنية يطبقون الإجراءات والاحكام الواردة في قانون المرافعات المدنية وإذا كانت الدعوى أو المعاملة المنظورة تخص المجال الجزائي فيطبقون الإجراءات والاحكام المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية بالإضافة إلى الإجراءات الأخرى التي تنص عليها بعض القوانين التي تضم قواعد إجرائية كقانون الاستملاك وقانون الإثبات وقانون التنفيذ وكذلك الاجراءات التي أستقرت كأعراف أستقر التعامل عليها ، اما في الجانب الموضوعي فالقاضي يطبق القواعد والنصوص الموضوعية الـواردة فـي القوانين على وفق واقعة الدعوى المعروضة امامه مدنية كانت أو جزائية كالقانون المدني والقانون التجاري وقانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات والقوانين الأخرى كل في مجاله.
والقاضي حينما يمارس مهامه ويطبق القوانين اجرائية كانت أو موضوعية يخضع إلى رقابة قضائية متدرجة ومحكُمّة فهو يخضع في سلوكه القضائي وفي إجراءاته إلى رقابة رئيس محكمة الاستئناف في منطقته كما تنص على ذلك المادة (55/ثانياً _ أ) من قانون التنظيم القضائي رقم (160) لسنة 1979 (( لرئيس محكمة الاستئناف حق الإشراف على جميع القضاة والمحاكم في منطقته ، وتفتيشها ، وإبداء التوجيهات المقتضية ، والتنبيه إلى كل ما يقع خلافاً لواجبات الوظيفة وحسن سير الإعمال الإدارية والحسابية وعليه أن يقدم تقريراً سنوياً عن القضاة في منطقته إلى (وزير العدل) (حل محله رئيس مجلس القضاء الأعلى بموجب (القسم السابع) من الأمر رقم (12) لسنة 2004) ويتضمن التقرير ملاحظاته عن سلوك كل منهم ومدى التزامه بواجباته وعن الأمور الإدارية والمالية في محكمته ، وما يرى بنتيجة إشرافه ، وتودع هذه التقارير في الاضبارة الشخصية للقاضي)) .
كما يخضع إلى رقابة هيأة الإشراف القضائي بموجب المادة (13) من قانون الإشراف العدلي رقم (124) لسنة 1979 التي تنص (( تختص هيأة الإشراف العدلي بالرقابة والإشراف على أعمال 1- المحاكم المرتبطة (بوزارة العدل) (حل مجلس القضاء الأعلى محل وزارة العدل ومنذ أيلول من عام 2003 ) )) .
وتخضع القرارات والاحكام التي يصدرها القضاة كافة إلى طرق الطعن التي رسمها القانون بموجب المادة (168) من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 وهي : الاعتراض على الحكم الغيابي ، والاستئناف والتمييز وتصحيح القرار التمييزي ، وإعادة المحاكمة ، واعتراض الغير …. ستة طرق للطعن حددها القانون يتاح بموجبها للخصم في الدعوى او المعاملة الطعن بالقرار او الحكم الصادر اذا وجد فيه ما يستوجب ذلك ، وإذا ما وجدت المحكمة التي تتولى النظر في الطعن المقدم على القرار او الحكم المطعون فيه خطأ سواء في تطبيق القانون او في تفسيره او تأويله او في الإجراءات فأنها تنقض هذا القرار او الحكم بقرار مسبب وتعيده الى نفس القاضي او إلى قاضٍ غيره لتطبيق القانون بشكل صحيح ، اما اذا وجدت ان وراء هذا الخطأ (غرض خاص) دفع القاضي لأرتكابه فهي بالإضافة الى النقض تشعر مجلس القضاء الأعلى بذلك لمحاكمته من لجنة قضائية ، فاذا ثبت لهذه اللجنة ارتكاب القاضي خطأ مقصوداً او كان ذلك الخطأ بدافع غير مشروع فتوقع عليه إحدى العقوبات المنصوص عليها في المادة (58) من قانون التنظيم القضائي والتي تتدرج تبعاً لحجم الفعل المرتكب وتنتهي هذه العقوبات بإنهاء خدمة القاضي من القضاء ، إضافة إلى حق الخصم باللجوء إلى التشكي من القاضي اذا ما وجدت إحدى الحالات المذكورة وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادة (286) من قانون المرافعات المدنية وكذا طلب رد القاضي وفقاً للمادة (91) من نفس القانون إذا توفر احد اسباب الرد كما ان للخصم المتضرر تحريك الدعوى الجزائية ضد القاضي وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادة (234) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 اذا ثبت ان الحكم او القرار الذي أصدره كان غير حق وكان نتيجة التوسط لديه…
فهل هناك من رقابة وجزاءات أقوى مما تقدم ذكره على أعمال القضاة!!
وهل هناك من ضمانه للخصوم وللمجتمع أقوى واشمل من هذه الضمانات التي تؤمن حياد وموضوعية وعدالة القضاء … اذاً الاستقلالية القضائية لاتعني التحكم او غياب الرقابة على القضاة عند ممارستهم لمهامهم بل كل ما في الأمر .. أن تدقيق أعمال القاضي ورقابته تتم من جهات قضائية عليا لها من الخبرة والكفاءة ما يمكنها من مراقبة سلوك القاضي واحكامه وقراراته ، وتميز القرار او الحكم الصائب من غير الصائب الذي يصدره لان هذا الاختصاص لا يمكن ان يمارسه غير الجهات القضائية شأنها في ذلك شأن أي عمل تخصصي فعمل الطبيب أوالمهندس أوالمحامي لايمكن تقييمه الا من مختص في مهنته.
هذا جانب من جوانب استقلال القضاء ، اما الجانب الأخر فهو ما أوردته المادة (88) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 ونصها (… لايجوز لأية سلطة التدخل في القضاء او في شؤون العدالة).
وذكرته المادة (2) من قانون التنظيم القضائي (القضاء مستقل لاسلطان عليه لغير القانون).
وهذا الحظر على التدخل في عمل القاضي سواء كان لصالح احد الخصوم او للإضرار به وسواء كان بصورة مباشرة ، او بطريقة غير مباشرة كاللجوء الى الصحف والفضائيات للتأثير على القاضي لإصدار القرار او الحكم في الدعوى المنظورة امامه بغير الحق وخلافاً للقانون ، ورغم أن هذه الأفعال ـ أي التدخل في الشؤون القضائية ـ معاقب عليها جزائياً حسب نص المواد (233ـ 235) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 ، إلا أنها في الحقيقة وبعيداً عن المساءلة الجزائية تشكل خرقاً فاضحاً للعدالة ، ذلك أن التدخل لصالح احد الخصوم يعني أن ذلك الخصم ليس على حق في دعواه أو في دفعه ، وتعني الاستجابة له الإضرار بالخصم الأخر وسلب حقه المشروع …
وهذا هو الظلم بعينه ، لذا يلزم ان يحُترم حياد القضاء ليبقى بعيداً عن أي تأثير يبعده عن تطبيق القانون وتحقيق العدالة وهذا مايحتم على الكافة فرداً كان او سلطة الامتناع عن التدخل بشؤون القضاء وتركه يطبق القوانين بأمانة وحياد واللجوء إلى طرق الطعن القانونية اذا ما وجدوا ان القرار او الحكم الذي أصدره القاضي مخالف للقانون ، فاستقلال القاضي عند إصدار الحكم هو الطريق السليم للوصول إلى العدل وضمانه أكيدة في تطبيق القانون على الجميع بمستوى واحد دون النظر إلى أي اعتبار عدا تحقيق العدل … فكيف نصل إلى هذا وهل هناك من ضمانة أو ضمانات تحول دون التدخل بشؤون العدالة أو التأثير على استقلالية القرار القضائي !!
نعم هناك قواعد ومحددات استقرت عليها الدول التي تؤمن بسيادة القانون وباستقلال القضاء كرستها المواثيق الدولية واستقرت في دساتير الدول وفي قوانينها التي تنظم شؤون القضاء ومن هذه القواعد والمحددات :
· اختصاص السلطة القضائية باختيار وتعيين القضاة وأعضاء الادعاء العام والمساعدين وإدارة شؤونهم كافة دون تدخل من السلطات الأخرى ووفق معايير شفافة في مقدمتها الكفاءة والنزاهة ، ذلك ان من أولويات حياد القاضي ان يكون منتمياً للسلطة القضائية وان يكون بعيداً عن التيارات السياسية حتى لا يكون لهذه التيارات تأثير في حياده اذا ما تولت هي اختياره او تعيينه لأن القضاء بحكم رسالته هو لكل المجتمع لالفئة منه ، لذا حظر الدستور على القاضي الانتماء الى أي حزب او منظمة سياسية او العمل في أي نشاط سياسي (المادة 98/ثانياً) وبعكسه اذا ما أعطينا لسلطة من السلطات غير السلطة القضائية حق تعيين القاضي او ترقيته او إدارة أي شأن من شؤونه فانه سيكون رهين تلك السلطة او الأغلبية التي تملكها في البرلمان وهو ما يدفع من يريد الوصول إلى القضاء ، او يدفع القاضي الذي يريد الترقية غير المشروعة او غيرها من الشؤون الخاصة بالتشبث لدى تلك السلطة او الانتماء المصلحي لها مضحياً بحياده وبرسالته وهذه مصادرة قاسية لرسالة القضاء وأستقلاليته.
· الميزانية المالية للقضاء : ان من ضمانات استقلال القضاء ان تكون له ميزانية مستقلة توضع من السلطة القضائية ذاتها مراعية في ذلك السياقات المتبعة من بقية السلطات وفي ضوء الحالة المالية للدولة .. وبخلاف ذلك يكون وضع الميزانية المالية من غير السلطة القضائية للسلطة القضائية صورة من صور التدخل بشؤون القضاء والتأثير على استقلاليته وحرف إستراتيجياته وخططه في التوسع والتطوير وتقريب العدالة من الناس ومصادرة خيارات تحديد رواتب القضاة بما يحفظ كرامتهم ويحصنّهم من المغريات والحاجة.
ومن التطبيقات العمليه للمبادئ المتقدم ذكرها وفي سبيل ترسيخ قواعدها وبعدما تم اعادة تأسيس مجلس القضاء الأعلى عام 2003 وتحديد اختصاصاته بالأمر رقم (35) لسنة 2003 والأمر رقم (12) لسنة 2004، وأستقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية بفصل المحاكم والادعاء العام وهيأة الإشراف القضائي بالكامل عن وزارة العدل وأصبحت إدارتها بيد مجلس القضاء الأعلى الذي يتشكل من رئيس المحكمة الاتحادية (رئيساً) ورئيس محكمة التمييز الاتحادية ( نائباً للرئيس )، ونواب رئيس محكمة التمييز الاتحادية ورئيس الادعاء العام ورئيس هيأة الإشراف القضائي ورؤساء المناطق الاستئنافية البالغة ستة عشر منطقة ( أعضاء ) ، كما تم ربط منتسبي المحاكم والأجهزة القضائية من الموظفين والحراس القضائيين والفنيين بمجلس القضاء الأعلى ونقلت ملاكاتهم وتخصيصاتهم المالية من وزارة العدل إلى مجلس القضاء الأعلى ، وكذلك تم نقل ملكية المباني التي تشغلها المحاكم والأجهزة القضائية ، فكان لزاماً تشكيل دوائر للقيام بهذه المهام وبناءاً عليه تم تأسيس ( الإدارة العامة) لمجلس القضاء الأعلى الذي يتولى ادارة السلطة القضائية في العراق وترتبط الأدارة العامة برئيس السلطة القضائية ـ رئيس مجلس القضاء الأعلى ـ ادارياً وضمن الإدارة العامة تم تشكيل دوائر متخصصة يرأس كل منها مدير عام يعاونه عدد كاف من الموظفين وهذه الدوائر هي:
· دائرة شؤون القضاة وأعضاء الادعاء العام .
وتختص بتنظيم كل ما يتعلق بأمور القضاة وأعضاء الادعاء العام ابتداء من التعيين ومروراً بالترقيات حتى الاحالة على التقاعد وتشكيل المحاكم واصدار الاوامر القضائية بذلك وكذلك تنظيم عقد جلسات مجلس القضاء الدورية الذي يتولى اتخاذ القرارات الخاصة بإدارة شؤون القضاة وأعضاء الادعاء العام . وتتكون الدائرة عدة اقسام .
· دائرة الشؤون الإدارية والحراسات القضائية.
انطلاقاً من النهج الذي اختطه مجلس القضاء الأعلى بادارة شؤون الموظفين ولتأمين حسن سير العمل في المجلس بادر ومنذ تأسيسه عام 2003 إلى زيادة عدد الموظفين وحسب الحاجة ، كما أسس جهازاً متخصصاً بالحراسات القضائية وأوكل كل ذلك الى دائرة الشؤون الادارية والحراسات القضائية ، وتعمل الدائرة على تطوير برنامج أدارة الموارد البشرية والإدارة المكتبية والإعمال المتعلقة بالخدمات . وتعتبر الدائرة من الدوائر المهمة في دعم الموارد البشرية وترتيب احتياجات مجلس القضاء الأعلى من الموظفين .
وتتكون الدائرة من (4) اقسام وعدد منتسبيها من الموظفين في مركز الدائرة وفي المحاكم والأجهزة القضائية (5845) منتسب وعدد الحراس القضائيين (5292) حارس .
· دائرة العلاقات العامة والشؤون القانونية .
وهي الدائرة المختصة بتنظيم العلاقات الداخلية والخارجية بين مجلس القضاء والمؤسسات الخارجية والداخلية ، وإبداء الرأي القانوني وتمثيل مجلس القضاء الأعلى امام المحاكم وإعداد تقارير إحصائية شاملة بأعمال المجلس والقضاة والمحاكم ونشر نشاطات السلطة القضائية وتحديثها على موقعها الالكتروني ، علماً أن الدائرة تتكون من (5) أقسام وعدد منتسبيها (39) منتسب.
· دائرة الشؤون المالية .
أن من الضمانات الرئيسة لاستقلال القضاء ـ كما تقدم ذكره ـ أن تكون للسلطة القضائية موازنة مالية مستقلة عن بقية مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية ، ويلزم أن تخطط هذه الموازنة وتنفذ من السلطة القضائية ذاتها مراعية في ذلك السياقات المتبعة من بقية السلطات في الدولة ، في ضوء الحاجات الحقيقية وفي ضوء أستراتيجية تخطط من السلطة القضائية ووفق رؤى تنشد التطوير المستمر ورفع الكفاءات وتحقيق رسالة القضاء ، وبخلاف ذلك يكون وضع الموازنة المالية للسلطة القضائية من سلطة أو جهة أخرى صورة من صور التدخل بشؤون القضاء والتأثير على أستقلاليته وحرف أستراتيجيته وخططه في التوسع والتطوير وفي تقريب العدالة من الناس ومصادرة خيارات تحديد رواتب القضاة وأعضاء الادعاء العام ومنتسبي السلطة القضائية من الموظفين وربما يؤدي ذلك الى ما لا يحفظ كرامتهم ولايحصنهم من المغريات والانزلاق وراء اشباع الحاجات اللازمة .
لذا حرص الدستور العراقي في المادة (91/ثالثا) منه على إناطة أعداد الموازنة المالية السنوية الخاصة بالسلطة القضائية بمجلس القضاء الأعلى الذي يمثل هذه السلطة في العراق ، ومن ثم عرضها على مجلس النواب مباشرة للموافقة عليها دون المرور بوزارة المالية والتي تتولى مد مفردات الموازنة بالمال بعدما يصادق مجلس النواب على موازنة السلطة القضائية بقانون ، وفي سبيل تنفيذ احكام المادة (91/ ثالثا) من الدستور وضمان استقلال الجانب المالي للسلطة القضائية تحصينا لها من التدخل والتأثير انشأ مجلس القضاء الأعلى دائرة متخصصة تسمى ( دائرة الشؤون المالية ) يرأسها مدير عام ويعمل بها عدد كافٍ من الموظفين تم اختيارهم من الاكفاء المشهود لهم بالنزاهة وتم تأهيلهم على أحدث الأساليب في إعداد الموازنة المالية السنوية بالتنسيق مع البنك الدولي في حينه (سنة 2004) ومنذ ذلك التاريخ تتولى هذه الدائرة إعداد الموازنة بعد الرجوع إلى المحاكم والأجهزة القضائية للوقوف على احتياجاتها من القضاة والموظفين ومن المباني والأثاث وفي ضوء الخطة المعدة وتقديمها إلى مجلس النواب الذي يتولى مناقشة مفرداتها وبعد تصديقها ، تتولى دائرة الشؤون المالية تنفيذ مفرداتها اما مباشرة أو بالأشراف على تنفيذها من قبل المحاكم والأجهزة القضائية الأخرى حيث ترسل دائرة الشؤون المالية لهم التخصيصات لأنفاقها في الوجوه المخصصة ووفق قواعد حسابية غاية في الدقة وتحت رقابة قسم التدقيق في الدائرة المذكورة وفي هيأة الإشراف القضائي وفي ديوان الرقابة المالية التي يتواجد منتسبوه بشكل يومي للمراقبة والتأكد من صحة الصرف . وقد مر على هذه التجربة ـ أعداد وتنفيذ الموازنة المالية السنوية للسلطة القضائية ـ ست سنوات (2004ـ 2010) الاعتيادية منها والاستثمارية (المباني والتأثيث ) ولم يظهر او يؤشر أي خلل لا في أعداد الموازنة ولا في تنفيذها ، حيث لم تسجل الأجهزة الرقابية كافة أي فساد مالي أو اداري لدى السلطة القضائية. وان هذه الموازنة تنشر في نهاية كل سنة بكل تفاصيلها في موقع السلطة القضائية .
وتضم دائرة الشؤون المالية عدد من الأقسام والفروع تبعاً لمهام الدائرة ويبلغ عدد الأقسام في دائرة الشؤون المالية (9) أقسام وعدد منتسبيها في مركز الدائرة (118) موظف من مختلف الاختصاصات. وتحرص الإدارة العامة في مجلس القضاء الأعلى على إشراكهم في دورات وندوات تطويرية لرفع كفاءتهم ومواكبة التطورات الحاصلة في مجال الاختصاص.
أن استقلال السلطة القضائية بإعداد موازنتها السنوية المستقلة وتنفيذها أو الإشراف على تنفيذ مفرداتها وفق خياراتها وفي ظل رقابة من أجهزة الرقابة القضائية وديوان الرقابة المالية صورة تتكامل مع بقية الصور في رسم استقلال القضاء في العراق . وقد بلغ المبلغ المخصص في الميزانية الاعتيادية والميزانية الاستثمارية لمجلس القضاء الأعلى للسنوات من 2004الى 2010 كما موضح بالجدول أدناه:
اولاً ـ الميزانية الاعتيادية
السنة
| التخصيص
|
|
2004
| 36.691.489.000
| ستة وثلاثون ملياراً وستمائة وواحد وتسعون مليوناً واربعمائه وتسعه وثمانون ألف دينار
|
2005
| 42.997.890.958
| اثنان واربعون ملياراً وتسعمائه وسبعة وتسعون مليوناً وثمانمئة وتسعون الفاً وتسعمائة وثمانية وخمسون ديناراً.
|
2006
| 68.417.403.500
| ثمانية وستون ملياراً وربعمائه وسبعة عشر مليوناً واربعمائة وثلاثون الفاً وخمسمائة دينار.
|
2007
| 130.732.440.000
| مائه وثلاثون ملياراً وسبعمائة واثنان وثلاثون مليوناً واربعمائة واربعون الف دينار
|
2008
| 192.997.247.101
| مائه واثنان وتسعون ملياراً ووتسعمائه وسبعة وتسعون مليوناً وومئتان وسبعة واربعون الفاً ومائه ودينار واحداً.
|
2009
| 448.264.609.941
| اربع مائه وثمانية واربعون ملياراً و ومئتان واربعه وستون مليوناً وستمائه وتسعه الاف وتسعمائه وواحد واربعون ديناراً
|
2010
| 289.217.325.000
| مئتان وتسعه وثمانون ملياراً وومئتان وسبعه عشر مليوناً و ثلاثمائه وخمسه وعشرون الف دينار.
|
ثانياً ـ الميزانية الاستثمارية
السنة | التخصيص | |
2005 | 23.000.000.000 | ثلاثة وعشرون مليار دينار |
2006 | 23.000.000.000 | ثلاثة وعشرون مليار دينار |
2007 | 25.000.000.000 | خمسه وعشرون مليار دينار |
2008 | 25.000.000.000 | خمسه وعشرون مليار دينار |
2009 | 25.500.000.000 | خمسه وعشرون ملياراً وخمسمائة الف مليون دينار |
2010 | 21.500.000.000 | واحد وعشرون ملياراً وخمس مائه الف مليون دينار |
أهم منجزات السلطة القضائية في العراق بعد استقلالها عن السلطة التنفيذية:
ـ تشكيل المحكمة الاتحادية العليا بموجب الأمر رقم (30) لسنة 2005 الذي كرسته المادة (92) من دستور جمهورية العراق لتأمين الرقابة الدستورية وتفسير نصوص الدستور.
ـ زيادة عدد القضاة حيث كان عددهم عام 2003 (573) قاضياً وحالياً بلغ عددهم (1267) قاضياً ، كما شهد الجهاز القضائي زيادة عدد القاضيات حيث كان عددهم (7) قاضيات في حين يبلغ عددهم في الوقت الحاضر (67) قاضية.
ـ صدور القانون رقم (27) لسنة 2008 قانون رواتب القضاة واعضاء الادعاء العام والذي تم بموجبه زيادة رواتب القضاة واعضاء الادعاء العام بما يعادل عشرة اضعاف رواتبهم السابقة إضافة إلى منحهم مخصصات خطورة و مخصصات مهنيه .
ـ صدور القانون رقم (10) لسنة 2010 وبموجبه أصبح اعضاء الادعاء العام كافة قضاة واستمرارهم بالعمل في جهاز الادعاء العام ، يتمتعون بكل مزايا وحقوق القضاة.
ـ إنشاء (قصر العدالة) في كل من الرصافة والكرخ والبصرة والانبار وبابل اضافة الى فتح عدد من المحاكم في اغلب الاقضية والنواحي التابعة للمحافظات وفتح محاكم متخصصة بنظر نوع معين من الدعاوى كالمحكمة المتخصصة بقضايا النشر والإعلام ومحكمة البداءة المتخصصة في الدعاوى التجارية ومحكمة التحقيق المختصة بالنظر في قضايا الارهاب والجريمة المنظمة.
ـ فتح مكاتب تحقيق قضائية تتكون من قاضٍ أو أكثر وأحد أعضاء الادعاء العام وعدد كافٍ من المحققين القضائيين لتلقي الشكاوى مباشرة تسهيلاً على المواطنين وتأمين سرعة انجازها بدلاً من الذهاب الى مراكز الشرطة.
ـ تشكيل مكاتب للبحث الاجتماعي تتولى القيام بالبحث الاجتماعي في محاكم الاحوال الشخصية ومحاكم المواد الشخصية في دعوى الطلاق والتفريق والنفقة والحضانة وغيرها من الدعاوى الاخرى التي ترى المحكمة ضروة اجراء البحث الاجتماعي فيها ، وكذلك اجراء البحث الاجتماعي في محاكم الاحداث.
ـ سعى المجلس إلى حصول القضاة على قطع أراضي للسكن في اماكن سكنهم.
ـ تشييد أربعة عمارات سكنية في كل من جانبي الكرخ والرصافة /بغداد وانشاء (50) دار في جانب الكرخ لتأمين السكن الآمن واللائق للقضاة .
ـ تمت زيادة عدد منتسبي المجلس من الموظفين حيث كان يبلغ عددهم عام 2003 (2431) موظف وقد بلغ عدد الموظفين في عام 2010 (5806) موظف وزيدت رواتبهم بما يتناسب مع مستوى المعيشة إضافة إلى منحهم مخصصات خطورة.
ـ تم أنشاء (معهد التطوير القضائي) وربطه بمجلس القضاء الاعلى بتاريخ 16/9/2009 ويتولى التدريب المستمر للقضاة ومنتسبي السلطة القضائية كافة وفق خطط سنوية تتضمن اعداد الدورات .
ـ تم تأسيس شبكة الكترونية تربط مقر مجلس القضاء الأعلى برئاسات محاكم الاستئناف كافة وشبكة الكترونية تربط المحاكم الفرعية بالمقر بواسطة الانترنت تؤمن تناقل البريد الالكتروني في أقصى سرعة توفير للجهد والوقت.
ـ تم انشاء موقع الكتروني خاص بالسلطة القضائية تنشر فيه قرارات المحكمة الاتحادية وقرارات محكمة التمييز وأخبار مجلس القضاء الأعلى ونشاطاته.
ـ تشييد صرح لمقر مجلس القضاء الأعلى يضم المحكمة الاتحادية والإدارة العامة لمجلس القضاء الأعلى ومحكمة التمييز الاتحادية ورئاسة الادعاء العام ورئاسة هيأة الإشراف القضائي وتبلغ مساحته الكلية ( 500ر17م2) ويتوقع تسليمه في بداية عام (2012) وبكلفة مقدارها (20) مليار دينار. التحديات التي تريد التأثير على استقلال القضاء :
أن التصدي للتحديات التي تؤثر على استقلال القرار القضائي وحياده ركيزة من ركائز استقلال القضاء ، ويلزم ان يكون التصدي متكافئاً مع حجم التحديات ومستمراً ودون هوادة ، وعلى كافة الجوانب ، منها ما يخص القاضي ذاته وذلك بوضع قواعد للسلوك القضائي بما يعطي القاضي المناعة الكافية لمقاومة ميل النفس وتعينه على الابتعاد عن الإغراءات ، ومنها التصدي لوسائل الضغط والتهديد التي تأتي بصور مختلفة ومن مصادر مختلفة ،… ومن وسائل التصدي تامين السكن ومحل العمل الآمن واللائق واللحاق بركب التطور واستخدام التقنية الحديثة ومنها رفع كفاءة العاملين في المؤسسة القضائية في كل المجالات ومنها نشر الثقافة القانونية وتوضيح دور القضاء في ترسيخ حكم القانون وبيان انعكاسات ذلك على الوطن والمواطن وزرع الإيمان لدى السلطات والإفراد باحترام استقلال القضاء لان استقلاله يشكل ضماناً لأمن المجتمع ولتأسيس دولة القانون … أنها تحديات كبيرة …. ولكن الأكبر منها إيمان القضاء برسالته وإيمانه بان كل المخلصين إلى جانبه في تحدي التحديات … ومن الله التوفيق …
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً