مقال قانوني هام حول المعالجات القانونية لنزاعات الأراضي في السودان
محمد محمود أبو قصيصة
قاضي المحكمة العليا نائب رئيس القضاء
عنيت القوانين بالملكيـة العقارية وحيازة الأراضي واستغلالها لأغراض السكن والزراعة والصناعة وغيرها . وكانت القوانين تهتم بحماية المواطن ولذلك سعت إلي تنظيم الحقوق العقارية وتخطيط الأراضي وتوزيعها وتخصيصها للأغراض العامة والخاصة.
ومن أجل ضمان حسن تنظيم استغلال الأراضي في الحضر والريف ، أنشأت الدولة سلطات مختلفة للإشراف علي الأراضي وتقسيمها ووضع شروط استغلالها . وأصبحت الحكومة هي المالك لكل الأراضي والمنوط بها تولي كل ما يتعلق بالأراضي . ولما كان الغرض هو إتاحة الفرص للمواطنين للاستفادة من الأراضي أعطت القوانين سلطات واسعة للجهات الإدارية لتنظيم استخدام الأرض . ولكن إعطاء السلطات الواسعة قد يحمل من في يدهم هذه السلطات إلي التغول بما يعد تجاوزا لهذه السلطات . وكان علي القانون أن يسبغ الحماية علي المواطن من تجاوز السلطات أو إساءة استخدامها . كما أن أصحاب هذه السلطات هم أيضاً في حاجة إلي الحماية عند ممارسة سلطاتهم . وسعي القانون أيضاً لحمايتهم من تشدد المواطنين الذين يدعون مصلحة ما ومن الفضوليين من المواطنين الذين يثيرون مشاكل لا مصلحة لهم فيها.
ومشاكل الأراضي ذات شقين . شق منها بين المواطن والمواطن والشق الآخر بين المواطن والدولة ممثلة في سلطات الولاية.
والمشاكل بين المواطن والمواطن قد تكون في العقارات المسجلة والعقارات غير المسجلة . وفي العقارات المسجلة ينعقد الاختصاص للمحاكم وفق الوثائق والمعاملات بين أطراف النزاع . وهذه تكون عادة في البيع والرهن والإجارة والإرث وما يتفرع من ذلك.
علي أن اعقد المشاكل تكون في العقارات غير المسجلة . هذه العقارات وإن كانت غير مدرجة في السجل ، إلا أنها تعتبر مسجلة باسم الحكومة والحكومة هي المالك لها . ومن يمد يده إلي هذه العقارات إما أن يكون متعدياً أو أن يكون حائزاً عن طريق السماح من المالك الذي هو الحكومة ممثلة في المجالس المحلية ، وقد خصها قانون الحكم المحلي لسنة 1995م بذلك.
هذه العقارات غير المسجلة قد تكون في المدن وقد تكون في القرى . وفي الحالتين فان قانون الحكم المحلي يخص المحليات بالتوصية بتخطيط الأراضي وبالتصرف في أراضي القرى . راجع جدول اختصاصات المجالس وسلطاتها الملحق بقانون الحكم المحلي.
في الأماكن غير المخططة وغير المسجلة فان المواطنين ينتفعون بالأرض علي غير ملكية لها . وهذه المنفعة منفعة يحميها القانون . وقد تحتاج السلطات للأرض في وقت من الأوقات ، إما لتخطيط المنطقة أو لاستغلال الأراضي للأغراض العامة . وهنا تبرز المشاكل.
عندما صدر قانون الأراضي غير المسجلة في سنة 1970م وقد اعتبر كل الأراضي غير المسجلة كأنها مسجلة باسم الحكومة بدأت بعض الجهات الإدارية بالاستيـلاء علي الأراضي للأغراض العامة بموجب المادة 8(1) من ذلك القانون . ولكن المحاكم قالت انه إذا رأت الجهات الإدارية الاستيلاء علي الأرض بموجب المادة 8(1) فليس لها أن تنسـي المادة 8(3) و (4) التي تسمح بتعويض المنتفع أو وضع معالجة له . إذن فانه إذا أرادت الإدارة استخدام الأرض لأغراض عامة فإن عليها أن تجد حلاً لمن كان منتفعاً بالأرض ، وذلك يكون غالباً بإعطائه أرضاً بديلة . وقد اتبعت الإدارة ذلك فيما بعد وأحسنت تطبيقه المحافظــة الشمالية التي أصبحت ولايتي نهر النيل والشمالية الآن.
هذا فيه الحماية للمواطن الحائز للأرض من تعسف الإدارة . ولكن المواطن أخذ يطلب المزيد فاصبح متعسفاً في مواجهة الإدارة . ولابد للقانون أن يحمي الإدارة من هذا التعسف . وقد حدث هذا بالفعل في قضية في هذه الولاية عندما قرر المحافظ (سابقاً) إقامة منطقة سكنية في رقعة معينة من الأرض . واحتج المواطنون بأن هذه أرض أسلافهم منذ الماضي البعيد ، رغم أنها كانت غير مستخدمة ، فاقترح عليهم المحافظ موقعاً بديلاً . ولـم يرضوا بهذا الموقع البديل فاقترح عليهم موقعاً آخر ووضع لهم الخيار بين أحد هذين الموضعين . ورفضوا أيضاً ثم أقاموا دعوى إدارية ضد المحافظ . ورفضت المحكمة دعواهم . فهذا تعسف منهم اذ أن المحافظ وهو صاحب السلطة ، قد أتاح لهم التعويض وليس لهم شيء يتمسكون به . وليس في قولهم بأن الأرض أرض أسلافهم حجة ، فالأرض تخص الحكومة بحكم القانون ، وهم مجرد منتفعين ولهم علي المحافظ أن يعوضهم وقد عرض عليهم التعويض فلا شكوى لهم.
وإذا كانت الأرض ملك الدولة ويختص قانون الحكم المحلي بالتصرف فيها فإن تخصيص الأرض أو التصرف فيها لا يختصم فيه أمام المحاكم الجزئية . وهذه واحدة من المشاكل في القانون أري أن أعرض لها الآن.
لقد درج بعض المواطنين علي رفع دعواهم أمام المحاكم الجزئية فيما يختص بمنفعة الأراضي بموجب المادة 567 من قانون المعاملات المدنية . ونخشى أن قانون المعاملات المدنية لا ينطبق في هذه الحالات لأن منح الأراضي ومنفعتها لا يكون تحت قانون المعاملات المدنية حالياً وإنما تحت قانون الحكم المحلي . ويكون الاختصاص في هذه الحالة لمحكمة الطعون الإدارية وليس للمحكمة الجزئية . والمحكمة الجزئية تختص بالنزاع بين المواطن والمواطن . فإذا ظهر من الدعوي أن أحد الطرفين قد حصل علي منفعة الأرض من السلطات المحلية ، فعلي المحكمة الجزئية أن تشطب الدعوي ليكون الاختصاص أمام محكمة الطعون الإدارية.
إن تخصيص الأرض بوساطة السلطات تسبقه خطوات قانونية متعددة تبتدئ من حصر الأرض ومسحها وجمع المعلومات حولها وحول المتقدمين لها مع التحري الطويل ووضع فترة للاعتراض مع الاستئناف إلى السلطات المحلية الأعلى التي لها لجان للاستئناف . فليس النزاع بسيطاً ليعرض أمام المحكمة الجزئية ابتداءً، وإنما يتعين أن يعرض أمام المحكمة الإدارية التي عليها أن تستوثق من اكتمال الخطوات أمام السلطات الإدارية واستنفاد مراحل التظلم والمواعيد وأشياء أخرى كثيرة واردة في قانون القضاء الدستوري والإداري.
تحدثنا عن تخصيص الأراضي بواسطة السلطات الإدارية وفق نصوص قانون الحكم المحلي . وهذه الأراضي قد تكون لأغراض السكن أو الزراعة . وإذا كانت الأراضي في المدن فإن تخصيصها يكون عن طرق مكتبية مدونة وبإجراءات خطواتها مرسومة بدقة حسب اللوائح . أما في القرى فان بعض المجالس تعطي سلطاتها للجان شعبية أو لرجال الإدارة المحلية من كبار رجالات المنطقة وشيوخها . ولتوزيع الأراضي في هذه الحالات أعراف مستقرة وهي محفوظة في الصدور لم تمسها يد التشريع بعد ولكن الإدارة والمواطنين علي حد سواء يرتضونها ويتمسكون بتطبيقها ويرون فيها عدلاً . بل أن الشكاوي قد تثور إذا وزعت الأراضي علي غير العرف المستقر كاعتبار الأرض قفارا إن لم تكن كذلك . ماذا يحدث إذا نشأ نزاع حول حيازة هذه الأراضي ؟
في هذه الحالة يكون المدعي عليه هو الشيخ الذي قام بتوزيع الأراضي . وليس من الصواب تقديم القضية في مواجهة الشيخ أمام المحكمة الجزئية أو الريفية أو غيرها من المحاكم الابتدائية . ذلك لأن الشيخ في هذه الحالة يمثل المجلس . أي هو يمثل الحكومة . أي هو يمثل الإدارة . وفي هذه الحالة فان الشكوى ضد الشيخ لا تكون أمام المحكمة وإنما تكون بالطرق الإدارية أمام سلطات المجلس . فتوزيع الأراضي عملية إدارية . والتظلـم فيها يكون بالطريق الإداري . وتتدرج التظلمات بالطريق الإداري إلي آخر السلسلة الإدارية . وفي الغالب فإن المشكلة تحل عن هذا الطريق . وإذا لم تحل أمكن رفع الدعوي أمام محكمة الطعون الإدارية تحت قانون القضاء الدستوري والإداري.
والطريق الإداري عند التظلم ضد قرارات الشيوخ في توزيع الأراضي يكون وفق ما تنص عليه القواعد الموضوعة لدرجات التظلم تحت قانون الحكم المحلي . فقد تشكل لجان أهلية لنظر هذه التظلمات كاستئنافات في قرارات الشيوخ ، أو قد تشكل لجان ديوانية أو تشكل لجان مختلطة . كل هــذه سلطات إدارية تختص بها المجالس وتضعها وفق ما تري حسب ظروف منطقتها . إنما الشاهد آخر الأمر هــو أن التظلمات في توزيع الأراضي هي من شأن الإدارة وأن اللجوء لا يكون للمحاكم إلا بعد استنفاد وسائل الطعن الإدارية . وعنـد ذلك يكون الاختصاص للمحاكم التي هي محاكم الطعـون الإدارية.
هذا فيما بين المواطن والإدارة الرسمية أو الأهلية . أما النزاعات بين المواطن والمواطن فإن مكانها هو المحاكم الجزئية علي النحو المعتاد . فالمواطن يشتكي المواطن إذا رأي أنه تعدي علي أرضه . وإذ دافع ذلك المواطن بأن الأرض آلت إليه عن طريق الشيخ المعني ، كان علي المحكمة الجزئية أن تشطب الدعوي ويكون الاختصاص بعد ذلك للسلطات الإدارية حول قرار الشيخ الذي قرر تخصيص الأرض لهذا المواطن.
وقد عرضنا إلي قانون الحكم المحلي ، علينا أن نتعرض إلي غيره من القوانين التي تحكم التصرف في الأراضي . وننتقل إلي قانون التخطيط العمراني سنة 1994م . وهذا قانون حديث جمع قوانين سابقة في موضع واحد وهي قانون التخطيط العمراني سنة 1406هـ وقانون التصرف في الأراضي سنة 1406هـ وقانون إعادة تخطيط المدن سنة 1950م بعد إلغائها.
هذا القانون يغطي كل ما يتعلق بتخطيط الأراضي ومنحها والتصرف فيها لأغراض السكن والعمران والزراعة . ويرسم خطوات دقيقة مفصلة لمراحل متعددة تنتهي بمنح الأراضي والتعويض للمتضررين . وتضع لوائحه فرص الاستئناف أمام لجان الاستئناف لمن له اعتراض علي القرارات.
ويبدو أن كثيراً من القانونيين لا يهتمون بالرجوع إلي هذا القانون . ولو رجعوا إليه لوفروا علي أنفسهم مشاق كثيرة.
ذلك أن كثيراً من القضايا تفد إلي المحاكم للطعن في قرارات تخصيص الأراضي في الخطط الاسكانية . وهذه أعمال كبيرة يسبقها فحص مكثف لحالات المواطنين قبل توزيع الأراضي . ولكن المواطن الذي لا يرضي بالموقع الذي خصص له ، والذي يتمسك بالموضع السابق الذي كان يقيم فيه علي سبيل الانتفاع أو علي سبيل السماح ، يلجأ مباشرة للمحكمة . وهو يتقدم بطلب لوقف التنفيذ . ولك أن تتصور كم المشاكل الذي ينشأ بعد ذلك . فوقف التنفيذ يؤثر علي بقية المواطنين في الخطط الاسكانية . وهـو يعيق المشروع ويؤخر المواطنين الآخرين . ثم يـؤثر على الجيش الجرار من العاملين في التخطيط بوقفه لأعمالهم وهي أعمال عامة ، وعليها منصرفات كثيرة ونفقات آليات ومعدات وأمور كثيرة أعدت لأعمال التخطيط.
والذي يحدث أن الدعوي في المحاكم تستغرق زمناً طويلاً بطبيعة الحال ، ثم يصدر الأمر اخيراً من المحاكم العُلا بشطب الدعوي الإدارية لعدم الاختصاص ، وذلك لأن المدعي لم يستنفذ وسائل التظلم . ولو كان المدعي أو محاميه قد اطلع علي قانون التخطيط العمراني وعلي اللوائح السارية ، لعلم أن عليه أن يستأنف إلي لجنة الاستئنافات . وإذا تبع ذلك السبيل لتمكنت اللجان من حل مشاكله دون أن يوقف كل التخطيط . وهو في آخر الأمر إذا لم يتبع ذلك السبيل سيفقد دعواه إذا توجه إلي المحكمة ، لأن فترة الاعتراض تكون قد انقضت ويفقد فرصته للاستئناف أمام لجان الاستئناف.
وما زال المواطنون يعتقدون أن عليهم أن يتوجهوا إلي المحاكم عند النزاع في الأراضي . ولكن قانون التخطيط العمراني ولوائحه جعلت جهات تملك حل النزاع ، مثلها مثل المحاكم ، وهي لجان الاستئنافات . بل هي تكون الأدرى بحل النزاع لأن بين يديها ملفات البحث الاجتماعي ولوائح التخطيـط والمعلومات الفنية الضرورية . ولا يلجأ المواطن إلي المحاكم إلا إذا استنفذ هذه الخطوات . بل أنه في الغالب سيجد الحل المناسب لو اتبع هذه الإجراءات.
واشتداد التنازع في الأراضي يمثل هاجساً لبعض المحافظين والولاة في الكثير من الحالات ، إذ قد تتفرع منه تحرشات واضطرابات تؤدي إلي مشاكل أمنية تؤرق الإدارة . وفي مثل هذه الحالات فإن القانون بين يدي الوالي وهو قد يلجأ إلي قانون تسوية الأراضي وتسجيلها لإيقاف هذه المشاكل . في هذه الحالات فإن الوالي في واقع الأمر يتنازل عن الأرض ومشاكلها ويطلب إجراء تسوية الأراضي وتسجيلها . ولذلك إجراءات تتبع تنتهي بتعيين ضابط التسوية (قاضي التسوية) ومساعديه لإجراء التحقيقات ثم الحكم بالأرض بمن يقدم إثباته وتسجيل المتبقي باسم الحكومة . وهذا القانون أيضاً يرسم طريق الاستئناف من حكم التسوية.
من هذا العرض يتضح لنا أن مشاكل الأراضي وإن كانت كلها قانونية ، إلا أنها ليست كلها من اختصاص المحاكم . بل هي في الغالب الأعم من اختصاص السلطات الإدارية ولا تدخل المحاكم إلا في آخر السلسلة بعد انتهاء المراحل كافة.
وسلطات الجهات الإدارية هي سلطات تقديرية . وهذه أمور ليست من اختصاص المحاكم . فالثابت وبلا جدال أن المحاكم لا تتدخل في السلطة التقديرية للإدارة ، وإنما تتدخل فقط في حالات معينة هي :
1 – الخروج عن الاختصاص.
2 – مخالفة الشكل.
3 – مخالفة القانون.
4 – سوء استعمال السلطة.
أما تحديد المناطق ، والتخصيص ، وتحديد أماكن القطع المخصصة فكلها لا تقع في نطاق المحاكم.
لقد درج الكثير من المواطنين في حالة توزيع القطع أن يطعنوا متمسكين بمواقع كانوا منتفعين بها ولا يرضون بأن يرحلوا إلي غيرها ولكن تخطيط الأماكن ووضع الخطط السكنية يدعو بالضرورة إلي تغيير بعض المناطق . فهنالك طرق تشق ، وهنالك مرافق تنشأ ، وهنالك شروط صحية وأمور لا حصر لها تتطلب تغيير المواقع . وكل ما علي الإدارة هو أن توجد موضعاً للشخص الذي كان منتفعاً وليس بالضرورة الموقع الذي كان يقيم فيه سابقاً . وهذه سلطة تقديرية للإدارة لا تتدخل فيها المحاكم بحال ، إلا إذا أثبت المواطن أن هنالك سوء استعمال للسلطة أو مخالفة القانون.
وفي الكثير الذي عرض علي المحاكم لا تتوفر هذه العيوب ، اللهم إلا في حالة شهادة خلو النزاع . وفي هذه قول كثير . وإذا لم تصدر فيها لجان الاستئناف القرار الصحيح فإن الطعن أمام المحكمة سوف يكون في صالح المتضرر.
وندعو آخر الأمر لان يغير القانونيون من اعتقادهم بأن قانون المعاملات المدنية هو القانون الوحيـد المنطبق . القوانين المنطبقة هي قانون الحكم المحلي وقانون التخطيط العمراني وقانون تسوية الأراضي وتسجيلها ثم قانون المعاملات المدنية . ويكون الأخير في العلاقة بين المواطـن والمواطـن وليس في العلاقة بين المواطـن والدولة.
كما نري أن نعيد للذاكرة بأن رقابة المحاكم علي الإدارة ليست في الواقع رقابة علي عمل الإدارة فيما تؤديه وفق سلطات تلك الإدارة . فالإدارة لها السلطة التقديرية وهي تخرج عن اختصاص المحاكم . ذلك لأن أعمال الإدارة لا يعرفها إلا الإداريون . وليس للمحاكم أن تقرر ما هو الموقع الأصلح للتخطيط الزراعي أو السكني أو الصناعي ولا هو الموقع الأفضل الذي يخصص لمواطن دون غيره من المواطنين . ذلك أن تخصيص الأراضي يسبقه بحث اجتماعي وتحريات مطولة تصل بعدها الإدارة إلي قراراتها . ولا ينبغي أن يتدخل القضاء إلا في حالة مخالفة القانون أو مخالفة الشكل أو سـوء استعمال السلطة أو الخروج عن الاختصاص . كما ذكرنا.
ومن أعقد المشاكل ما يسمي بمكافحة السكن العشوائي . وهذه من اختصاص المجالس وفق الجدول المرفق بقانون الحكم المحلي.
وإذا اعتبرت السلطات أن من حازوا الأراضي في مناطق سكن عشوائية قد استقروا فيها وارتبطوا بها وكانوا منتفعين بها انتفاعا غير شكلي جاز لها أن تخطط المنطقة وأن تعيد تقسيم الأراضي لهم . وليس لهم بعد ذلك أن يحتجوا في المواقع التي تخصص لهم ، فقد منحوا أرضاً معترفاً بها بعد أن كانوا يقيمون إقامة غير منظمة وغير مسنودة بالأحوال الصحية والأمنية والتخطيطية إلي غير ذلك . وعلي المحاكم الجزئية أن لا تزحم نفسها بمثل هذه القضايا وأن لا تصرحها وأن تترك الدعاوى لتقام أمام المحاكم الإدارية . وهذه سوف تطبق القانون بأن تستوثق أن مقدم العريضة قد أكمل تظلمه إلي لجان الاستئناف وإلا أصبحت دعواه غير صالحة للنظر.
والله المستعان ،،،
ملحوظة المحرر :
هذا المبدأ الذي خطته هذه المقالة قد تبنته لاحقاً المحكمة العليا في الطعن 280 / 97 والمراجعة 50/98 وغيرها بأن أرست مبدأ عدم اختصاص المحاكم المدنية (الجزئية) في حالة ما إذا اتخذت جهة الإدارة قراراً بشأن أرض النزاع غير المسجلة سواء بمنحها أو منعها أو قيدها في سجلات المجلس أو أن تكون خاضعة للتخطيط أو تم حجزها … الخ ففي هذه الحالة علي المتضرر اللجوء إلي الجهات الإدارية وبعد استنفاد كافة طرق التظلم أن يلجأ إلي الطعن الإداري الذي تختص به محكمة الطعون الإدارية.
اترك تعليقاً