مقالة قانونية مميزة حول ضمانات حقوق الانسان في الدولة
مقال للمحامي : عصمت دوكه بتاريخ : 21/2/2011
ان أهم ضمانات حقوق الإنسان في الدولة لا تتوفر إلا عن طريق خضوع الدولة للقانون ويعني خضوع الدولة للقانون التزامها بقواعد الشرعية في كل مظاهر نشاطها التنفيذي والتشريعي والقضائي ولقيام الدولة القانونية يتطلب ذلك وجود أربعة عناصر أساسية :
العنصر الأول ويتمثل في وجود دستور يقيد من سلطان الدولة وينظم ممارسة السلطات فيها كما يحدد الحقوق والحريات العامة ودور الدولة في تأمينها .
أما العنصر الثاني فيتمثل في العمل بمبدأ الفصل بين السلطات ويعني مبدأ الفصل بين السلطات توزيع وظائف الدولة على
السلطات الثلاث : السلطة التشريعية وتختص بإصدار القوانين والسلطة التنفيذية وتختص بتنفيذ القوانين والسلطة القضائية وتختص بتطبيق القوانين على ما يعرض عليها من منازعات .
ووفقا لهذا المبدأ يكون لكل سلطة اختصاص معين لا يجوز لها الخروج عليه ، وإلا اعتدت على اختصاصات السلطات الأخرى غير أن مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث يجب ألا يكون فصلاً انعزالياً وكلياً وإنما يجب أن يكون فصلاً مرناً نظراً لأهمية التعاون وضرورة التكامل بين هذه السلطات الثلاث والتي يجب أن تتضافر من أجل دعم الدولة لذلك يجب لا تستأثر كل سلطة بالوظيفة المخولة لها أصالة بل يجب أن تتواصل هذه السلطات وتتحد في أداء أعمالها في حدود القانون وإذا ما فقد هذا التوازن فإنه يكون من الطبيعي أن تسعى السلطة التنفيذية بحكم استئثارها بمقاليد القوة والبطش وبشتى الطرق إلى احتواء كافة مؤسسات وسلطات المجتمع ومنها السلطة القضائية وذلك تعزيزا لمكانتها وفرضا لسلطاتها وعليه فإن مدى استقلال السلطة القضائية رهين بطبيعة العلاقات بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية فإذا سيطرت السلطة التنفيذية علي السلطة التشريعية وجعلتها كيانا ضعيفا ملحقا بها انعكس ذلك سلبا علي السلطة القضائية وإذا اختلت العلاقة بين السلطتين لصالح السلطة التنفيذية أحيط بالسلطة القضائية وفقدت إلي حد كبير استقلالها فتضيع حقوق المواطنين .
والعنصر الثالث هو خضوع الإدارة للقانون أو مبدأ سيادة القانون والذي يشكل عنصراً مهماً من عناصر الدولة القانونية إذ لا يجوز لأي جهاز من أجهزة الدولة التنفيذية أن تتخذ أي إجراء إلا بمقتضى القانون أو تنفيذاً له .
وأخيراً تمثل الرقابة القضائية العنصر الرابع من عناصر دولة القانون وإذا كان من الثابت من الناحية الفقهية والدستورية أن الدولة تنهض كنظام قانوني لحماية الحقوق والحريات عن طريق إصدار القانون الذي يقرر هذه الحماية ومن خلال السلطة القضائية التي تكفل الحماية المذكورة وعليه فإن إرادة القانون في حماية الحقوق والحريات لا تنتج آثارها بطريقة فعالة إلا إذا كفل القضاء هذه الحماية فالتدخل القضائي هو الذي يضمن فاعلية نصوص القانون بخلاف السلطة التنفيذية فإنها تعمل على مجرد تطبيق القانون دون أن تملك التأكد من سلامة هذا التطبيق وبالتالي لا تملك ضمانة الحماية التي يقررها القانون للحقوق والحريات على وجه أكيد .
إن دولة القانون هي التي توفر لكل مواطن فيها الضمانات الكافية لحماية حقوقه وحرياته ويتم تنظيم ممارستها بواسطة السلطة في إطار المشروعية وقد أكدت اللجنة الدولية للحقوقيين في مؤتمر نيو دلهي سنة 1959 م عدة نقاط ترسم مضموناً متميزاً وأكثر رقياً لمبدأ سيادة القانون :
1 – أن حقوق الإنسان قيد على الدولة .
2 – إن خضوع المشرع لمبدأ سيادة القانون يوجب وضع حدود منضبطة للعمل التشريعي
3 – إنه لا جدوى من إعلان مبدأ سيادة القانون وتأكيده في مجالات الإدارة والتشريع إذا لم يكفل حماية واقعية وحقيقية للمواطن في النطاق الجنائي بالتفرقة الأساسية بين ما يجوز أن يكون موضوعاً لإجراء إداري وبين ما يجوز أن يكون موضوعاً لإجراء جنائي وحيث يسمح باتخاذ إجراء جنائي فلا بد من توافر ضمانات صارمة .
اترك تعليقاً