الاختصاص الدولي للمحاكم العمانية المبني على المركز القانوني للمدعى عليه
يخلو المجتمع الدولي من تنظيم موحد للاختصاص القضائي الدولي بموجبه تلتزم به الدول كافة في توزيع الاختصاص على محاكمها، فكل دولة تضع قواعد قانونية تبين حالات الاختصاص الدولي لمحاكمها الوطنية، وتقوم هذه الدول بهذا الدور عن طريق الإسترشاد بالقواعد العامة أو الإستعانة بالضوابط الشائعة بين مختلف الدول في شأن هذا التحديد، من أجل – ولو بقدر بسيط – تحقيق بعض الانسجام بين قواعد الاختصاص القضائي الدولي حتى يتحقق أحد المبادئ الرئيسية المستقر عليها في القانون الدولي العام وهو مبدأ التعايش السلمي المشترك بين الدول.
من أجل ذلك وضعت سلطنة عمان عدة معايير لتحديد الاختصاص الدولي لمحاكمها، وأبرز هذه المعايير: الاختصاص الدولي للمحاكم العمانية المبني على المركز القانوني للمدعى عليه، حيث تنص المادة 29 من قانون الإجراءات المدنية والتجارية العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 29/2002 على أن “ تختص المحاكم العمانية بنظر الدعاوى التي ترفع على العماني ولو لم يكن له موطن أو محل إقامة في السلطنة، كما تختص بنظر الدعاوى التي ترفع على غير العماني الذي له موطن أو محل إقامة في السلطنة وذلك كله فيما عدا الدعاوى العقارية المتعلقة بعقار واقع خارج السلطنة”، ومن خلال النص يتبين أنه يحتوي على ضابطين للاختصاص الدولي المبني على المركز القانوني للمدعى عليه، هما: ضابط جنسية العماني، وضابط موطن أو محل إقامة الأجنبي في السلطنة.
أولا: الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم العمانية المبني على كون المدعى عليه عماني الجنسية:
تنص المادة 29 السابق الإشارة إليها على “ تختص المحاكم العمانية بنظر الدعاوى التي ترفع على العماني ولو لم يكن له موطن أو محل إقامة في السلطنة…”، ومن خلال النص نستنتج أنه يشترط لكي تكون المحاكم العمانية مختصة بنظر الدعوى المرفوعة على العماني شرط وحيد وهو شرط أن يكون المدعى عليه عماني الجنسية، ولا يهم بعد ذلك موطن هذا الشخص، سواء كان متوطنا أو مقيما في السلطنة أو خارجها، رغم أن الضرورات العملية تتطلب إقامته الشخصية في السلطنة حتى يمكن أن ينفذ عليه الحكم الصادر في صالحه، ولا تهم جنسية المدعي، فسواء كان رافع الدعوى عمانيا أم أجنبيا ما دامت الشروط العامة متوافرة فيه.
كما يثبت هذا الاختصاص ولو كان سبب العلاقة محل النزاع منشأها في سلطنة عمان أو في الخارج، وسواء كان القانون العماني هو القانون الواجب التطبيق أم القانون الأجنبي، وإطلاق لفظ العماني في النص يعني أن الاختصاص ينعقد للأشخاص العمانية الطبيعية والإعتبارية، ونص المادة 29 جاء عاما يشمل جميع الدعاوى سواء ما تعلق منها بالأحوال الشخصية أم العينية.
ثانيا: الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم العمانية المبني على كون المدعى عليه أجنبيا متوطن في السلطنة أو مقيما فيها:
يستند الاختصاص المقرر للمحاكم العمانية بناء على هذا المعيار إلى توافر صلة قوية بين شخص المدعى عليه والدولة العمانية يتمثل في تواجد موطنه أو محل إقامته في سلطنة عمان، ويوجد في القانون عدة أنواع من الموطن وهي: الموطن العام وهو المكان الذي يوجد فيه الشخص عادة بنية التوطن فيه، والموطن الخاص وهو المكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة أو حرفة ويعد موطنا له بالنسبة لإدارة الأعمال المتعلقة بهذه التجارة أو الحرفة، والموطن المختار وهو الموطن الذي يحدده المشرع بالنسبة للاشخاص الذين لديهم عارض يحول دون مباشرتهم حياتهم القانونية، أما محل الإقامة فهو المكان الذي يسكن فيه الشخص دون وجود نية التوطن فيه، وهذا يكون بالنسبة للشخص الطبيعي.
أما بالنسبة للشخص الإعتباري فإن مركز الإدارة هو الذي يؤخذ به بالنسبة له في تحديد الاختصاص الدولي للمحاكم العمانية.
إعداد/سالم محمد البادي.
راجع المقال الأستاذ الدكتور/ أشرف وفا محمد.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً