إن المنافسة المشروعة بين الشركات المماثلة ضرورة لابد منها لدعم الاقتصاد الوطني، ولكن إذا استغل عضو مجلس الإدارة أسرار إحدى الشركات على حساب الأخرى فتتحول المنافسة المشروعة إلى منافسة غير مشروعة. وذلك بتفضيله إحداهما على الأخرى والمتماثلة في الإنتاج وتلافياً لوقوع عضو مجلس الإدارة في الخطأ فقد حظرت القوانين على عضو مجلس الإدارة أن يتولى إدارة شركة مشابهة أو منافسة للشركة التي هو عضو في مجلس إدارتها وذات إنتاج مماثل. إن القانون العراقي قد حظر على رئيس وأعضاء مجلس الإدارة لإحدى الشركات أن يكون رئيساً أو عضواً في مجلس إدارة شركة أخرى تمارس نشاطاً مماثلاً(1). ولكنه استدرك أمراً عند حصولهم على ترخيص من الهيئة العامة فسوف يستثنون من هذا القيد، إلا أننا نرى أن رئيس مجلس الإدارة أو العضو سوف يحقق مصالحه الشخصية بموجب التأثيرات في المساهمين وانتزاع الموافقة فيفرغ النص من محتواه.
أما القانون الأردني وهذا هو شأنه فقد توسع في الحظر على رئيس وأعضاء مجلس الإدارة أن يكون عضواً في مجلس إدارة شركة تشابهها في عملها الذي هو عضواً في مجلس إدارتها أو المماثلة لها في غاياتها(2). أو تنافسها وأسهب في التأكيد ليس على حلقة رئيس وأعضاء مجلس الإدارة بل شمل كذلك أي موظف(3). وبشكل مطلق ويعمل في الشركة وله مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في العقود والمشاريع والارتباطات التي تعقد مع الشركة أو لحسابها حيث كان النص موفقاً لمنع التحايل الحادث حتى في المصالح غير المباشرة سواء بصورتها الواجهية المباشرة للشركة أو بصورتها الخفية من خلال النص بالعمل لحسابها واستثنى القانون الأردني أنواعاً معينة من عقود الأعمال حصراً(4). وهي المقاولات والتعهدات والمناقصات العامة التي يسمح فيها لجميع المتنافسين الاشتراك في العروض على قدم المساواة وإذا كان العرض الأنسب مقدماً من رئيس أو أعضاء مجلس الإدارة أو الموظفين فقد استثناه النص من الحظر ولكن بشرط أن يوافق ثلثا أعضاء مجلس الإدارة على عرضه ودون أن يكون له حق حضور جلسة المداولة في الموضوع المتعلق به وأجد أن مثل هذه العقود تحمل حصانتها ذاتياً لأنه يسبق تعاقدها أوطأ العطاءات مع تقييد تجديد هذه الموافقة سنوياً من مجلس الإدارة إذا كانت تلك العقود والارتباطات ذات طبيعة دورية متجددة وأردف النص ذكر العقوبة التي تكون ذات فاعلية عندما ترافق النص وذلك بالعزل من منصبه أو وظيفته في الشركة التي هو فيها.
إن لهذا الحظر الذي أكده القانون الأردني في مجال العقود العامة ومرونته في عقود مسماة أخرى أفاد منه حكمه لهذا الحظر هي مظنة تفضيل مصلحته على حساب أخرى عندما تتعارض المصالح ما بين الشركتين وحكمة الحظر متوافرة في كل الفروض(5). وأدعو المشرع العراقي أن يأخذ بالتوسع بالنص على حظر العاملين في الشركة كذلك من العمل في الشركات المماثلة حفاظاً على أسرار المهنة التي تؤكد نجاح شركة على حساب الأخرى. وقد نص على هذا القانون الأردني(6). بأنه حظر على رئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة المساهمة ومديرها أو أي موظف يعمل فيها أن يفشي إلى أي مساهم في الشركة والى غيره أية معلومات أو بيانات تتعلق بالشركة وتعتبر ذات طبيعة سرية بالنسبة اليها وكان قد حصل عليها بحكم منصبه في الشركة أو قيامه بأي عمل لها أو فيها وذلك تحت طائلة العزل والمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بالشركة وفي قرار الديوان الخاص بتفسير القوانين(7).
ويوضح انه لا يمكن التوفيق بين مصلحة شركتين متشابهتين في نشاطهما ومتماثلتين في غايتهما أو إذا كانت أحداهما تنافس الأخرى في نشاطها فالشخص المشترك في إدارة شركة لصنع أحذية الكتان والأحذية المطاطية لا يمكن أن يكون عضواً في مجلس إدارة شركة الدباغة. فإن الرأي أن صناعة أحذية الكتان والأحذية المطاطية وإن لم تكن مشابهة للصناعة التي تقوم بها شركة الدباغة إلا أنها تعتبر منافسة لها، ذلك لأن المنافسة بين السلع إنما تعني إمكان الاستعاضة بواحدة منهما عن الأخرى من قبل المستهلكين بغض النظر عن نوع المادة المصنوعة منها السلعة. إذ أن صناعة الجلود أخذت تتأثر تأثراً كبيراً وتتضاءل أمام منافسة المطاط والأقمشة المستعملة في هذه الصناعة. وعلى الرغم من أهمية تجنب المنافسة غير المشروعة فلم أجد نصاً قانونياً فرنسياً يسعفنا في الحظر على رئيس وأعضاء مجلس الإدارة فيها وقد يعلل ذلك بإحالة الموضوع على قواعد الأخلاق الاجتماعية التي لابد من عدم التقصير فيها ولكن جانباً من الفقه انتقد التشريع عدم وضع الشروط وأن تطبيق القواعد العامة لا يكفي لتحقيق أغراض الشركة(8).
____________________________
– م/ 110 ف ثانياً من قانون الشركات العراقي.
2- م/ 148 ف ب، من قانون الشركات الأردني.
3- م/ 148 ف ج، من قانون الشركات الأردني.
4- م/ 148 ف د من قانون الشركات الأردني.
5-د. عزيز العكيلي، شرح القانون التجاري، مصدر سابق، ص293.
6- م/ 158 من قانون الشركات الاردني.
7- رقم (11) لسنة 1963 المنشور في الصفحة 464ع 1681 من الجريدة الرسمية الأردنية الصادرة بتاريخ 1/5/1963 مشار إليه لدى فوزي محمد سامي، مصدر سابق، ص248.
8- د. أحمد شكري السباعي، مصدر سابق، ص384، هامش 638 ريبير وروبلو، ص645.
المؤلف : عالية يونس الدباغ
الكتاب أو المصدر : مجلس ادارة الشركة المساهمة الخاصة
الجزء والصفحة : ص38-41.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً