الموت وعلاماته
المؤلف : وصفي محمد علي
الكتاب أو المصدر : الوجيز في الطب العدلي
الموت : ـ توقف الحياة وهذا هو الموت الجسماني حيث تنقطع الاجهزة الجسمية عن اداء عملها ، اما موت الحجيرات فيحصل بعد ذلك بفترات زمنية تختلف باختلاف طبيعة النسج . فعضلات المتوفي تستمر على تفاعلها بالتيار الكهربائي مدة 20 – 30 دقيقة كما يظل الكبد يحول مادة (الكولاجين ) الى كلوكوز لمدة ساعتين او اكثر احيانا بعد الموت وتبقى الحيوانات المنوية حية في محفظتها لبضع ساعات وتتأثر الحدقة ببعض الادوية كالاتروبين لساعات عديدة وقد اتضح لي تأثير المادة عليها اثر التجارب التي قمت بها على العشرات من الموتى لفترة قاربت خمس ساعات . ذكر بعض الباحثين ان تفاعل الحدقة يستمر بعد الموت لمدة عشرين ساعة على الاكثر فتتوسع بعد 5 – 10 دقائق من تقطير محلول الاتروبين او الادرينالين في العين بمقدار 1 – 6 ملم ثم تعود الى حالتها الاصلية بعد ساعتين تقريبا . ان خير دليل على هذا هو نجاح عمليات الترقيع النسيجية حيث ينقل الجراحون بعض الاجزاء كالقرنية من جسم الميت الى الحي ولا يكتب لهذا الترقيع النجاح الا اذا كانت حجيرات النسيج المستأصل حية .
علامات الموت : ـ تحصل تغيرات في الجثة وتعتبر من علامات الموت نذكر اهمها :
1 ـ الصمل الموتي (1) ـ التيبس الموتي : ـ ترتخي العضلات الجسمية عقب الوفاة لفترة قصيرة ثم يظهر الصمل . وهو تقلص تدريجي في الياف العضلات الارادية وغير الارادية ويبدأ من الرأس حتى القدم ثم يزول تدريجيا بعد ذلك بنفس الترتيب الذي بدأ به . يظهر الصمل في اجفان العينين ثم ينتشر الى الاسفل فيشمل عضلات الوجه فالرقبة فالصدر فالبطن واخيرا عضلات الاطراف العليا ثم السفلى. فهو يصيب كل العضلات الارادية وغير الارادية ظاهريا وباطنيا فتضيق فتحة الحدقة ان كانت متوسعة ويظهر حجم القلب صغيرا وعضلات جدره متضخمة بتأثيره ، الامر الذي قد يؤدي الى خطأ الطبيب الفاحص معتقدا ان التضيق او التضخم مرضي المنشأ .تنكمش العضلات الانتصابية للشعر فيتحبب سطح الجلد وتنكمش الحويصلات المنوية فيندفع ما فيها من سائل منوي تشاهد آثاره على الحشفة او على الفخذين في بعض الحالات وقد يضلل هذا المظهر فيما اذا اعتقد بعلاقته بفعل جنسي .
اهميته : ـ
1 ـ تقدير زمن حصول الموت : ـ يبدأ الصمل بالظهور بعد حوالي 1 – 3 ساعات وقد يظهر قبل هذا ويعم كل الجسم بعد حوالي 8 – 12 ساعة ثم بدأ بالزوال بعد 24 ساعة في المواسم الحارة وبعد مضي 36 – 48 في المواسم المعتدلة وبعد مضي 72 ساعة او اكثر في المواسم الباردة حيث قد نشاهد الصمل احيانا في الطرفين السفليين بعد مرور 3 – 5 ايام على حصول الموت .
2 ــ معرفة وضعية الجثة : ـ يبقى الفم المسدود برباط واليد المعلقة الى الاعلى او الى الخلف على نفس الوضع بتأثير الصمل حتى بعد فك الرباط وعليه يمكن الاستدلال بالمظهر المشاهد على استعمال الاربطة في الوقت نفسه .
مظاهر تشبه الصمل الموتي :
تخثر الزلال العضلي : – تؤدي الحرارة العالية كما هو الحال في وقائع الحروق الى تخثر سريع في زلال العضلات الجسمية فتتقلص ولا يصيبها الصمل بل تبقى على حالها الى أن ترتخي بتأثير التفسخ ، يؤدي التخثر الزلالي الذي يحصل في الجسم بصورة غير متناسقة في العادة من حيث الدرجة الى قصر مجموعة دون اخرى من العضلات كعضلات الاطراف مثلا فتنفي مفاصلها ويأخذ الشخص المحترق هيئة الملاكم أو المصارع وقد يكون الانكماش شديداً لدرجة ان تتمزق بعض الالياف العضلية وعلى الطبيب أن يفحص منطقة التمزق بدقة للتأكد من أنه حيوي أو غير حيوي .
الجماد سوائل الجثة : – يتأخر ظهور الصمل كلما انخفضت درجة الحرارة ويتوقف كليا في درجة الصفر المئوي وما دون ذلك فتجمد حينذاك سوائل الجثة وتتيبس مفاصلها ما دامت الحرارة كذلك فاذا تغير المحيط واخرجت الجثة الى جو اعتيادي عادت سوائل الجسم الى حالتها الاولى ثم يبدأ الصمل حسب الاسلوب الذي مر ذكره .
التشنج (التوتر) الموتي : – تشنج عضلي حيوي يحصل قبيل الموت ويستمر مظهره فيشاهد آنياً عند وقوعه دون أن يظهر الارتخاء الأولى .
يحدث التشنج في وقائع الموت المصحوب باضطراب عصبي عنيف واجهاد فكري فيظهر عند المنتحرين والمحاربين والغرقى والمصابين بأضرار جرحية في المراكز العصبية .
ان حالة التشنج الموتي استمرار لحالة الانقباض التي حصلت وقت الحياة فيبقى الشخص المنتحر ماسكاً على السلاح الذي استعمله لازهاق روحه كما يبقى الجندي المتوفى المصاب في رأسه في خندقه وهو قابض على سلاحه ومتأهب للهجوم .
قد يتبادر الى الذهن بأن يمكن تمثيل التشنج الموتي بوضع سلاح في يد القتيل حتى تنقبض عضلاتها بتأثير الصمل على السلاح وبذلك يستطيع القاتل أن يخفي جريمته بحجة حصول الانتحار بيد أن تحقيق ذلك عمليا يكاد يكون مستحيلاً اذ يمكن تمييز التشنج عن الصمل بشدة التقلص العضلي .
أهميته : التشنج الموتي ظاهرة مهمة تحقيقيا أذ يستدل بها على حالة الانتحار .
2- البقع الموتية – الانتحار الدموي : – بقع دموية تظهر في الاجزاء السفلى من الجثة حسب وضعيتها نتيجة الارتخاء الاولى وامتلاء العروق الدموية بالدم المنحدر الى الاسفل مضافا لذلك عامل الجاذبية وخضوع السائل الدموي لقانون توازن السوائل بعد توقف القلب انعدام الضغط الدموي .
يظهر التلون في الجلد وفي باطن الجثة بشكل بقع لا تلبث ان تتسع ويشتد وضوحها فتندمج ببعضها مكونة بقعة واحدة كبيرة تتوضع في الوجه السفلي من الجسد باستثناء الاماكن المضغوطة بتأثير الجسد كالناحية القذالية والمنكبين والردفين والعقبين ان كانت الجثة على ظهرها كما انها لا تظهر في الاخاديد أي في المواضع المقابلة للأربطة المختلفة (حمالة الثدي . مشد الجذع . حزام . حامل سروال الخ) .
تظهر البقع الموتية أحياناً على هيئة مناطق متداخلة ببعضها أو متقاربة بلونين أحمر قاني وآخر داكن أو أزرق تقريباً ويعزي بعض الباحثين هذه الظاهرة الى وجود نسب متفاوتة من الهيموغلوبين المؤكسد والهيموغلوبين المختزل ويفسرها آخرون بتأكسد قسم من دم الجثة بأوكسجين ينفذ خلال الجلد واني شخصيا لا حظتها في القسم الظاهري من الجثث المحفوظة في ثلاجة معهد الطب العدلي – بغداد لعدة أيام ومن ناحية اخرى انها تشاهد في حالات الموت من البرد اذ ان التعرض له يؤدي الى تأخر أو توقف – تبعا لشدة البرد – تفكك الهيموغلوبين المؤكد بيد ان قابلية تأكسد الدم أقل تأثراً بهذا المحيط .
اهميتها : –
1- زمن وقوع الموت : – تبدا البقع في الظهور بعد الوفاة بساعة الى ثلاث ساعات وتبلغ أقصى وضوحها بعد 8-12 ساعة .يتغير موضع البقع اذا تبدل وضع الجثة ما دام الدم سائلا فاذا تخثر بعد بضع ساعات ثبتت البقع في مواضعها ويتم في العادة تخثر الدم بعد مدة 4-8 ساعات .
2- وضعية الجثة : تظهر البقع عند المشنوق في اسفل الرأس وفوق الاخدود وفي أسفل الاطراف وبوضوح في الأظافر وتظهر في جثة ملقاة على ظهرها على الوجه الخلفي من الجسد باستثناء المواضع التي يرتكز عليها وتظهر في الباطن في مؤخر الدماغ والرئتين والكبد والمعدة والامعاء وبقية أحشاء الجوفين الصدري والبطني أما مقدم الاحشاء المذكورة فباهت .
3- تكوين فكرة عن سبب الموت : تكون البقع حمراء زاهية في وقائع الاختناق بأول اوكسيد الكاربون وداكنة في بقية حالات الاختناق وبلون بني في وقائع التسمم بكلورات البوتاسيوم .
البقع قليلة الوضوح في وقائع الموت اثر النزف الدموي أو بداء فقر الدم أو بعد الموت من أمراض تسبب تخثرا دمويا سريعا وتكون شديدة الوضوح في حالات الاختناق وعند المصابين بزيادة كمية الدم .
4- الاستدلال على وجود الاربطة : يظهر موضع ضغط الرباط شاحبا وتختلف شحوبته تبعا لاحكام الربط ويمكن الاستدلال بوجود الاخدود على حصول الربط كما يمكن تمييز نوع الرباط من مظهر الاخدود ويستطيع الفاحص اضافة لما ذكر استنباط رأي عن الحالة الاجتماعية للمتوفي اذ يمكن أن يعرف انه كان يستعمل ساعة يدوية ذات رباط جلدي أو معدني أو كان يشد حزاما او يستعمل مشد حوارب أو أن امرأة تستعمل مشدا حول خصرها أو انها تلف رباطا قماشيا حول ساقيها وقدميها كما هو الحال عند البدويات عندنا .
3- التفسخ : – التعفن الموتي – انحلال تدريجي في انسجة الجثة بفعل الجراثيم يستمر حتى تفنى معالمها ويرافق ذلك تكوّن سوائل وأملاح وانبعاث غازات كريهة الرائحة في الغالب .
التفسخ من علامات الموت الاكيدة حيث لا يبقى مجال للشك في وقوع الموت بظهوره من وجهة علمية وقد اعتبر كذلك من قبل بعض رجال الدين فقد ذكر الشيخ (محمد ابن الحسن الحر العاملي (2)) رواية تنص على وجوب تأخير دفن جثة المشتبه في أمره الى ثلاثة أيام الى أن تظهر ريحه وذكر من هؤلاء المشتبه في أمرهم المصعوق والغريق والمبطون والمهدوم علية وقد كان القدماء من الافرنسيين يوصون بتأجيل دفن الموتى حتى يؤخذ اعتراف منه بموته فتوضع ورقة يكتب فيها بخلات الرصاص وهي مادة عديمة اللون كلمة – أنامت – ويضعونها في أنف المتوفي الى أن يظهر الكتابة بلون أسود وذلك بسبب تكون مركبات كبريتات الرصاص بعد تفاعل غاز البلاليع – الهايدروجين المكبرت – الناتج عن تعفن الجثة مع مادة خلات الرصاص .
اني اعتقد ان من الواجب الوظيفي والانساني على الطبيب أن لا ينظم شهادة الوفاة الا بعد التأكد من تشخيص حالة الموت وبذلك نحول دون حصول ما يقع من حوادث مؤسفة ناتجة عن دفن شخص اعتقد خطأ انه فارق الحياة . وهذا هو سبب ادعاء البعض بأن فلانا عادت له الحياة بعد موته .
العوامل المؤثرة علية :
يزداد نمو الجراثيم وينقص تبعا للعوامل الآتية وبسببها تتأثر درجة انتشار التفسخ او انعدام حصوله .
1- الحرارة : يتأخر كثيراً نمو الجراثيم اذا انخفضت حرارة الجثة الى الدرجة المئوية العاشرة او اذا ارتفعت الى درجة 45 مئوية والدرجات الملائمة لتكاثر الجراثيم وبالتالي حدوث التفسخ تتراوح بين 30-37 مئوية وهذا هو السبب في بطء سيره شتاء وظهور التحنيط الطبيعي في الجثث المدفونة في رمال صحراء البادية العراقية صيفا حيث الحرارة مرتفعة والجو جاف .
2- الهواء : – لا تعيش معظم الجراثيم بدون هواء ولهذا تتفسخ الجثث المعرضة للهواء قبل المدفونة في التراب والمدفونة في سرداب قبل المدفونة داخل صندوق خشبي والتربة الرملية ذات المسام تساعد على انتشار التفسخ ، اما التربة الصلصالية فتعرقله .تتفسخ الجثة المصابة بجروح ، اذ يدخل الهواء خلالها ، قبل جثة شخص آخر غير مصاب .
3- الرطوبة : – الماء لازم لنمو الجراثيم ولذلك يظهر التفسخ في الدم ويتأخر ظهوره في العظام وفي وقائع الموت بعد الاسهال الشديد والنزف الدموي الغزير والحرق وبسبب توفر الماء يسرع التفسخ في الجثث المدفونة في أرض رطبة أو المنتشلة من الانهار وفي وقائع الاستسقاء .
4- سبب الموت : – يظهر التفسخ بسرعة في المصابين بأمراض جرثومية ويتأخر ظهوره عند المتسممين بالزرنيخ والزئبق وبالمواد
السامة الاخرى المبيدة للجراثيم وكذلك في الحالات المرضية المصحوبة بجفاف الانسجة الجسمية او المترافقة بفقد سائلي كالتقيء المستمر والزحار .
5- العمر والبنية : – يتأخر ظهور التفسخ في جثث حديثي الولادة لخلو احشائها من الجراثيم وفي الاجسام الهزيلة ويسرع في سمان البنية .
6- المحيط المناسب : – يتأخر التفسخ في الجثة الملقاة في بئر ذات ماء مالح أو المدفونة في تربة تحوي الملح أو المواد الاخرى التي تعيق نمو الجراثيم .
مظاهره : – يتفسخ الدم قبل غيره فتنحل كرياته ويخرج الهيموكلوبين فيلون جدر العروق الدموية ثم ينفذ خلالها فتتلون الانسجة المحيطة بها .
يتحد غاز الهايدروجين المكبرت بعد تكونه أثر التفسخ مع عنصر الحديد مكونا كبريت الحديد الاخضر ، كما ان اتحاد الهيموكلوبين معه يكون كبريت الهيموكلوبين ذي اللوي البني فتظهر العروق الدموية كأغصان شجرة متفرعة غير مورقة تبدأ مقابل منطقة المصير الاعور ثم تمتد فتشمل جدار البطن والصدر والرقبة حتى تعم الجسد بكامله . تنحل الحجيرات الجسمية وتنفجر وتتجمع السوائل تحت البشرة على هيئة فقاعات وقد تنفجر هذه بتأثير ضغط الغازات الناتجة عن التفسخ أو بتأثير آلي فتتعرى مناطق من الادمة عن البشرة .تحوي الفقاعات سائلا انحلاليا كريه الرائحة وغازات مختلفة ا كبريتور الهيدروجين وثاني اوكسيد الكاربون والنشادر والهايدروجين والمثين وغير ذلك من الغازات .
يستمر التفسخ وينتفخ كيس الصفن بادئ الامر والبطر والوجه وتجحظ المقلتان ويتدلى اللسان ويسقط الشعر ثم الاظافر ويتشوه الجسم فيكون الاستعراف على الهوية صعبا جدا . يستمر تكون الغازات فتضغط على بعض الاحشاء فيتكون زبد تفسخي يظهر في الانف والفم لا يلبث ان يندفع فيشاهد قرب فتحتيهما كما يسبب ضغط الغاز خروج محتويات المعدة من فتحة الفم أو دخولها الطرق التنفسية فتكوّن مظهراً مضللا من مظاهر الزهق (الغصص) أو خروج الجنين من الرحم خلال فتحة المهبل أو المواد الغائطية من فتحة الشرج في بعض الحالات فيخيل للفاحص أن الحالة بسبب اجهاض في الاولي او تسمم في الثانية . وهكذا يستمر التفسخ في الجسم حتى تصبح الاحشاء عجينية القوام رغوية المظهر بسبب تكون أكياس مملؤة بالسائل وبغازات التفسخ وسرعان ما تنفجر فيتجمع سائل نتن في الجوف الصدري والبطني وتنعدم معالم الاحشاء بمرور الزمن حتى يتعذر تمييزها .
ايستفاد تحقيقياً من فحص الجثث المتفسحة ؟ : –
ان فناء الانجسة الرخوة يستغرق وقتا في الغالب يقارب عدة اسابيع او سنة أو اكثر وقد تبقى هي والعظام لبضع سنين أو اكثر احيانا تبعا للعوامل المهيئة او المعيقة لنمو الجراثيم ، ينبغي أن لا يتبادر الى الذهن أن تقدم التفسخ يسبب زوال الفائدة من فحص الجثة وتقديم معلومات مهمة تساعد على كشف سبب الوفاة ففي حوادث غير قليلة تمكنا من معرفة سبب الموت ومسير المقذوفات النارية بالرغم من بقاء الجثة مدفونة لمدة جاوزت السنة الواحدة بعدة أسابيع وقد كانت تربة القبر جافة متماسكة الذرات وكانت الانسجة الرخوة العضلية بحالة لا بأس بها أما الاحشاء فمنبثة على هيئة كتل بدأ فيها الجفاف بحيث تعذر تمييز طبيعة الانسجة المختلفة .
أهميته : –
1- زمن حصول الموت : – يستفاد من تطور التفسخ في الجثة لتقدير زمن حصول الموت ولا ينكر ما لهذا الامر من أهمية من وجهة تحقيقية ونظرا لتأثر سير التفسخ بعوامل عديدة – كما مر ذكره – فينبغي على المحقق لغرض الحصول على رأي طبي دقيق يتعلق بزمن حصول الموت تزويد الطبيب بمعلومات وافية تختص بالعوامل المذكورة ، كأن يذكر له ان الجثة كانت في الماء أو في العراء أو مدفونة في أرض رملية أو صلصالية أو مشبعة بالأملاح أو ان الجثة كانت داخل صندوق خشبي – تابوت – أو بدونه … الخ كي تدرس هذه العوامل وتؤخذ ينظر الاعتبار عند الاجابة على الاستفسار المتعلق بزمن وقوع الموت ويمكن القول ان تطور التفسخ في الهواء اسرع منه في الماء بمرتين وفي الارض بثمان مرات .
دلت مظاهر الالوف العديدة من الجثث التي فحصناها على أن التفسخ بدأ عادة في موسم الصيف خلال 12-24 ساعة وقد يظهر قبل ذلك احيانا فقد شوهد واضحا عند شخص انتحر بطلق ناري صوبه الى رأسه بعد مضي سبع ساعات ، اما في المواسم المعتدلة فيبدأ بعد مضي 1-2 يوم وبعد مضي 2-4 أيام في الشتاء البارد .
فيما يلي جدول يوضح تطور المظاهر التفسخية للجثة خلال الموسم المعتدل مستمد من مشاهدات تشريحية لعدة الوف من الجثث ويضع عشرات لجثث اخرى كانت مقبورة .
جدول رقم (1)
الزمن | مظاهر التفسخ |
1-2 يوم 2-4 يوم 5-7 يوم 8-12 يوم | انتفاخ في البطن والصفن . بقع تفسخية اكثر وضوحاً مقابل الاعوار . بقع تفسخية في معظم مناطق الجسم ، تدلي اللسان ، جحوظ العينين ، انتفاخ العروق الدموية ، تكون فقاعات وانفجار بعضها ، الدماغ عجيني القوام ، الاحشاء بحالة لا بأس بها . انسلاخ البشرة في مختلف نواحي الجثة ، فقاعات واسعة ، تجمع اليرقات الدودية حول الانف والفم والاعضاء التناسلية والشرج ، صعوبة تشخيص الجثة بسبب التفسخ المتقدم ، الدماغ بقوام سائل ، تغير معالم الاحشاء . سهولة اقتلاع الشعر والاظافر ، خروج محتويات المعدة وبروز الرحم والامعاء خلال منفذيهما ، انعدام معالم قسم من الاحشاء الداخلية كالرئتين والكبد والطحال وتشوه واضح في بقية الاحشاء ، أما القلب وعروقه والرحم والقصبات الهوائية فتبقى كلها محافظة على معالمها نسبياً . |
2-4 أسابيع 5-10 أسابيع | تفسخ متقدم ، سقوط الشعر والاظافر ، ظهور بعض عظام الرأس والوجه عارية ، تشوه الاحشاء الداخلية وصعوبة تمييزها . تفسخ متقدم جدا ، ظهور معظم عظام الجثة عارية عن الانسجة الرخوة ، كتل نسجية مبعثرة في جوف القحف والصدر والبطن بحيث يتعذر تشخيص طبيعتها . |
2- اعطاء فكرة عن سبب الوفاة : – التفسخ سريع التطور في أجسام الموتى بسبب آفة جرثومية وفي وقائع الاستسقاء وبطيء في حالات التسمم بالمعادن السامة المبيدة للجراثيم وفي الحروق وبعد النزف الدموي الشديد .
توقف الانحلال الجثي : – اذا كانت الجثة في محيط مشاكس لنمو الجراثيم كوجودها في الماء او في محل جاف شديد الحرارة تتأخر ثم تتوقف عملية الانحلال الجثي وتحتفظ حينذاك الانسجة الجسمية بما فيها من اضرار يمكن الكشف عنها فيما بعد وتشاهد فيها الظاهرتان التاليتان .
1- التصبن : – وهو تحول الانسجة الشحمية الى مادة شمعية بيضاء اللون مائلة للصفرة دهنية الملمس ذات رائحة زنخة أثر بقاء الجثة في الماء او في ارض رطبة .تتوقف التفسخ ويستبدل بها تحول حامض الزيت الى حوامض دهنية مركزة وذلك باتحادها بعنصر الهايدروجين . يحصل التصبن بعد بقاء الجثة في الماء لفترة لا تقل عن ثلاثة أسابيع ويتوقف التفسخ في الموضع الذي بدء فيه التصبن ويتم تصبن الجثة بكاملها خلال فترة تتراوح بين 6-12 شهرا . قد يشاهد التصبن والتفسخ في جثة واحدة لم يكمل تصبنها او لم تغمر بكاملها في الماء حيث يتصبن القسم المغمور ويتفسخ الباقي .ان التصبن لا يظهر في الاحشاء الداخلية بل ينحصر ظهروه في الطبقات الشحمية الخارجية وبذلك تحتفظ الجثة بشكلها وبظاهر الاصابات المختلفة المحدثة فيها لمدة طويلة جدا .
مظهره : – الجثة المتصبنة ذات ملمس ناعم دهنية القوام بيضاء اللون مائلة للسمرة أو الصفرة ، تذوب المادة المتصبنة في الكحول والايثر وتطفو على سطح الماء .
اهميته : –
أ- معرفة زمن بقاء الجثة في الماء .
ب- يستدل بوجوده على أن الجثة كانت في الماء .
جـ- تحفظ بواسطته مظاهر الاصابات الموجودة .
التحنيط : ظاهرة تحصل في الجثة بعد بقائها في محيط جاف شديد الحرارة كالصحراء العراقية في موسم الصيف .
تتبخر سوائل الجثة بفضل الحرارة والجفاف وتمتص الرمال القسم الاخر منها فيتوقف نمو الجراثيم فلا تتفسخ الانسجة .
مظاهره : – يتجعد الجلد ويتيبس فيكون كالمومياء رقي القوام غامق اللون وبالرغم من تغير مظهره فأنه يحتفظ بسعته السطحية
وتبقى الاضرار المحدثة فيه بحيث يمكن تثبيتها وتشخيصها بعد عدة سنين ويخف وزن الجثة فتكون حوالي ربع وزنها الاصلي بسبب الفقد المائي .
اهميته : –
أ- زمن حصول الموت : – يتم تحنيط الجثة بعد فترة زمنية تتراوح بين 4-6 أسابيع ، وقد تتحنط الجثث المقبورة في أرض جافة وذات مسام بعد فترة تتراوح بين عدة شهور الى سنة واحدة على الاكثر .
ب- يستدل بوجوده على ان الجثة كانت في محيط حار وجاف .
جـ – تحفظ بواسطته مظاهر الاصابات الموجودة .
____________________________
1 – فضلت استعمال كلمة الموتى بدل الرمي لان الرمة لغة بالضم قطعة من الحبل بالية وبالكسر العظام البالية وعليه فالصمل الرمي لا يفيد المعنى اما الموتى فيؤدي المعنى فضلا على ان الكلمة فصيحة وشائعة .
2- رسائل الشيعة . الجزء الأول ، 1323هـ صفحة 128 .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً