مبدأ الثبوت بالكتابة في القانون العراقي
القاضي حاتم جبار عودة الغريري
(…….. ومبدأ الثبوت بالكتابة هو كل كتابة تصدر من الخصم من شأنها ان تجعل وجود الحق المدعى به قريب الاحتمال) هكذا عرف قانون الاثبات رقم ١٠٧ لسنة ١٩٧٩ لهذا المفهوم القانوني كدليل من أدلة الإثبات في المادة ٧٨ منه.
وَمِمَّا تجدر الإشارة اليه ان مصطلح (مبدأ الثبوت بالكتابة)، إنما يراد به (بداية او مقدمة) للإثبات بالكتابة بعد تعزيزها بدليل آخر او قرينة، وقد أورده التشريع العراقي والتشريعات العربية التي أخذت به بصيغة (مبدأ ثبوت بالكتابة) وهي ترجمة لمصطلح فرنسي الأصل وترجمته الصحيحة (بداية ثبوت بالكتابة)، لذا ينبغي التفريق وعدم الخلط بين كلمة (مبدأ) والتي تعني ( القاعدة الكبرى او الأصيلة ) وبين مفهوم ( بداية الكتابة ) والتي تعني ( المقدمة او الخطوة الاولى للإثبات ) ومن هذا المنطلق فقد دعونا في بحثنا المقدم عام ٢٠١٠ الى الى اعادة صياغة نص المادة ٧٨ من قانون الاثبات النافذ وذلك برد المصطلح الى تسميته الأصلية ليكون اكثر إدراكا وفهما للكافة حيث لمسنا في العمل القانوني.
إن الكثيرين من العاملين في الشأن القانوني يجهلون المعنى القانوني الدقيق لهذا المصطلح القانوني رغم أهميته الكبيرة كدليل من أدلة الإثبات فيعزفون عن إيراده في دفوعهم أمام المحاكم.
تقوم فكرة مبدأ الثبوت بالكتابة على أساس الدليل الناقص الذي يعزز بالشهادة والقرائن الاخرى او حتى باليمين المتممة، وهي تعديل لقاعدة الإثبات بالدليل الكتابي الكامل وبعبارة أخرى هي إحدى استثناءات وجوب الإثبات بالدليل الكتابي وبذلك تعطي هذه الفكرة للقاضي سلطة واسعة في توجيه الدعوى وتقدير أدلتها وصولا الى الحكم العادل، وكما أسلفنا ان هذا المفهوم يستند الى وجود (بداية كتابة) لم تكتمل، بمعنى ان تصدر كتابة من الطرف الآخر لا ترقى الى مصاف الدليل الكتابي الكامل كما لو انه قد دون مشغولية ذمته الى خصمه بدين معين على عجالة على قصاصة من الورق او على (علبة سكائر كما هو الفرض المدرسي الذي كان يطرحه علينا أساتذتنا في كليات القانون سابقا لتقريب صوره الفهم للوقائع) ولكن هذه الكتابة يعوزها توقيع ممن صدرت منه ، فإذا ما طرح النزاع عندئذ أمام القضاء ، وأنكر الخصم الآخر للحق المدعى به وبصدور هذه الكتابة منه، جاز عندئذ لقاضي الموضوع أن يأذن لمدعي الحق بتقديم بينته الشخصية (الشهادات) لتعزيز مصداقية هذه الكتابة الأولية.
إن هذا المفهوم القانوني مبدأ فعال جدا ومن أدلة الإثبات الشائعة في القضاء المصري على وجه الخصوص حسب ما لاحظته من الأحكام القضائية التي اصدرها القضاء المذكور عند إعداد بحثي بهذا الخصوص، وعلى خلاف ذلك هو نادر الإيراد أمام المحاكم العراقية وربما يعزى السبب لعدم إدراك المعنى القانوني له لدى المتخاصمين في الدعاوى المعروضة حسب ما أسلفت آنفا.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً