الاتحاد العام لنقابات العمال في سوريا
الاتحاد العام لنقابات العمال General Federation of Trade Unions منظمة شعبية ديمقراطية تضم جميع العمال المنتسبين إلى الاتحادات والنقابات المهنية القائمة في الجمهورية العربية السورية.
ترتبط نشأة الاتحاد بنضال الطبقة العاملة في سورية في مرحلة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية.
فقد بدأت ملامح تكوّن الطبقة العاملة تأخذ صورتها الحقيقية والمستقلة في المجتمع مع بزوغ فجر النهضة الصناعية وإنشاء معمل الإسمنت في دمشق عام 1928 ومؤسسة «ترامواي وكهرباء دمشق».
وأخذ الوعي العمالي يتنامى ويتطور، وبدأ نضال الطبقة العاملة يتصاعد في ظل ظروف صعبة سياسية واقتصادية. وتُوِّج هذا النضال بتأسيس الاتحاد العام لنقابات العمال في 24/3/1983.
وأسهم التنظيم النقابي الجديد في تعزيز وحدة الطبقة العاملة، وزج طاقاتها قي معركة التحرر الوطني، وفي تنظيم علاقات العمل وحماية العمال، ولاسيما بعد ازدياد حجم الاستثمارات الوطنية في مجال صناعة الغزل والنسيج والكبريت وغيرها، وذلك بالسعي لإصدار قانون للعمل يوفر للعمال الحماية القانونية.
ومع بداية الاستقلال، في عام 1946، صدر القانون المنشود.
وبعد إنشاء مصفاة حمص لتكرير النفط عام 1955 دخلت الطبقة العاملة مرحلة جديدة في سعيها من أجل نيل حقوقها والإسهام في الكفاح الوطني والقومي. وعزز من أهمية هذا الدور موقف الطبقة العاملة العربية في أثناء العدوان الثلاثي على مصر بإعلان الإضراب العام الشامل في المطارات والمرافئ العربية.
ولقد تنبه الاتحاد العام لنقابات العمال في سورية إلى عقد مؤتمر تأسيسي بتاريخ 24/3/1956 انبثق عنه الاتحاد الدولي لنقابات العمال العـرب [ر] وهو منظمة قومية شعبية تعبر عن وحدة العمال في جميع الأقطار العربية.
وفي ظل الجمهورية العربية المتحدة دخل التنظيم النقابي العمالي مرحلة جديدة بصدور قانون العمل ذي الرقم 91 لعام 1959.
وقد وضع قانون العمل الجديد أسساً جديدة للتنظيم أهمها: اعتماد البنية الهرمية، وتجميع المهن المتشابهة في نقابة مهنية واحدة هي النقابة العامة، إضافة إلى ترسيخه للحقوق العمالية وتوفير الحماية القانونية لها.
وبعد الانفصال بين سورية ومصر، صدر بتاريخ 2/7/1962 مرسوم تشريعي برقم 50 تم بموجبه حل قيادة الاتحاد العام للنقابات، واعتماد مبدأ التعيين في مكاتب النقابات، وحُظِّر على النقابيين ممارسة العمل السياسي، وألغيت النقابة العامة واللجان النقابية، وأُعطي وزير العمل حق حل أي منظمة نقابية من دون الرجوع إلى القضاء.
ولكن هذه الحال لم تدم طويلاً. فبعد قيام ثورة الثامن من آذار في سورية 1963 وضع قانون جديد للتنظيم النقابي، هو القانون ذو الرقم 31 لعام 1964، أعيد بموجبه للنقابة ما كان لها من حقوق واستقلال ومكانة.
وفي ظل هذه الثورة حصلت تحولات مهمة في بنية الاقتصاد الوطني بينها تأميم العديد من الشركات والمنشآت الصناعية مما أدى إلى توسع نطاق القطاع العام الصناعي والتجاري.
وأبدت قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي اهتماماً كبيراً بالطبقة العاملة، وأكدت دورها في مجال ممارسة الديمقراطية الشعبية، وفي عملية التحويل الاشتراكي وحماية المنجزات والمكاسب التقدمية، فأصدرت قانوناً جديداً للتنظيم النقابي هو القانون ذو الرقم 84 لعام 1968 أدخلت عليه تعديلات عدة فيما بعد.
ومن بين المبادئ التي اعتمدها هذا القانون: إلغاء مبدأ التعيين كلياً، واعتماد مبدأ الديمقراطية في الانتخاب المباشر على جميع المستويات، والأخذ بأسس واضحة في تشكيل اللجان النقابية في كل مؤسسة تضم 50 عاملاً فأكثر، استناداً إلى جدول المهن الذي تصدره قيادة التنظيم النقابي، واعتماد مبدأ التمثيل النسبي لقيادة المنظمات النقابية في المؤتمرات النقابية.
وضع القانون 84 الآنف الذكر أهدافاً متكاملة للاتحاد العام لنقابات العمال أهمها: تحقيق أهداف الشعب العربي في الوحدة والحرية الاشتراكية، وحماية العمل والإنتاج على أنهما الثروة القومية، والعمل على تطويرهما وتوسيعهما باستمرار، والمشاركة في إعداد اليد العاملة الاختصاصية إعداداً مهنياً وفنياً يمكنها من تحمل مسؤوليتها،
وتوحيد نضال العمال، ورعاية مصالحهم المادية والمعنوية والثقافية والاجتماعية، والدفاع عن حقوقهم والسهر على قيامهم بواجباتهم، ورفع مستوى وعيهم المهني والوطني والقومي والإنساني، وإدخال الأساليب الحديثة والمتطورة في العمل والإنتاج، ومكافحة البيروقراطية، وصيانة الملكية العامة وتعزيزها.
ويولي الاتحاد العام لنقابات العمال اهتماماً كبيراً بمصالح الطبقة العاملة بأكملها.
كما يهتم بتنسيق الصلات والعلاقات الخارجية بين المنظمات النقابية ومثيلاتها في خارج القطر والإشراف على إصدار النشرات التوجيهية الخاصة بالمنظمات النقابية ووضع خطط العمل النقابي، وتحديد مسؤوليات المستويات النقابية على اختلافها في مجال الخدمات والثقافة العمالية، ومشاركة الهيئات المختصة في تحقيق التنمية الاقتصادية، ولاسيما ما يتعلق منها بتحسين الإنتاج وزيادته، وتحديد دور الطبقة العاملة في مجالات التنمية.
ويقع على عاتق الاتحاد كذلك تحديد المهام التي يضطلع بها المتفرغون النقابيون، وإبداء الرأي في مشاريع القوانين المحالة عليه من الجهات المختصة، والمشاركة في وضع الأنظمة الأساسية للعمال، والعمل على توحيد شروط العمل ورعاية مصالح العمال غير المنضوين في منظمات نقابية.
ومن مهام الاتحاد كذلك تمثيل الحركة العمالية في اللجان والمؤتمرات الدولية والعمل على توحيد نضال الطبقة العاملة العربية وشد أزرها وتعزيز تضامن الطبقة العاملة في العالم.
ويسعى الاتحاد إلى تنظيم العاملين كافة في تنظيمات نقابية واجتذاب التنظيمات النقابية القائمة خارج نطاقه وتهيئة الظروف الملائمة لانضمامها إليه.
أما البنية التنظيمية للاتحاد العام لنقابات العمال فهي هرمية قاعدتها اللجان النقابية في التجمعات العمالية المهنية وذروتها الاتحاد العام، وما بين القاعدة والذروة تقع النقابة ثم اتحاد عمال المحافظة فالاتحاد المهني.
واللجنة النقابية، هي التنظيم النقابي الأول في التجمع العمالي. وبموجب أحكام قانون التنظيم النقابي رقم 84 الآنف الذكر وتعديلاته، يحق لكل تجمع عمالي يبلغ عدد أفراده خمسين عاملاً فأكثر تأليف لجنة نقابية تتمتع بالشخصية الاعتبارية ويديرها مكتب، وتتألف اللجنة من خمسة أعضاء ينتخبهم العمال المنتسبون إليها بطريقة الاقتراع السري.
أما النقابة فهي التنظيم النقابي لعمال المهنة الواحدة على مستوى المحافظة، وتضم جميع اللجان النقابية للمهنة الواحدة فيها.
وتتمتع نقابة المهنة بالشخصية الاعتبارية ولها حق تملك الأموال لتحقيق أغراضها وحق التقاضي باسمها وباسم جميع عمال المهنة التي تمثلها أمام جميع المحاكم والجهات ذات الاختصاص القضائي، كما تتمتع بغير ذلك من الحقوق والصلاحيات.
وللنقابة مؤتمر يضم جميع أعضاء مكاتب اللجان النقابية القائمة في التجمعات العمالية للمهنة في المحافظة، إضافة إلى عدد من المندوبين الإضافيين عن كل لجنة تنتخبهم الهيئة العامة للجنة.
وينبثق عن مؤتمر النقابة مكتب يدير النقابة يتكون من تسعة أعضاء ينتخبهم مؤتمر النقابة من بينهم بطريقة الاقتراع السري.
والعضوية في النقابة اختيارية وليست إلزامية، وهي متاحة لكل عامل عربي، سوء أكان سورياً أم غير سوري. أما العمال غير العرب فلايحق لهم الانتساب إلى النقابة إلا بعد مضي أكثر من سنة على استخدامهم في القطر العربي السوري، وبشرط المعاملة بالمثل مع الدول التي ينتمي إليها العامل غير العربي.
ويتم الانتساب إلى النقابة بطلب يقدمه العامل إلى نقابة المهنة التي يعمل بها، وذلك عن طريق مكتب اللجنة النقابية المختصة في مكان عمله ويوافق عليه مكتب النقابة التي يود الانتساب إليها.
وأما اتحاد عمال المحافظة فهو الصيغة التنظيمية لعمال سائر المهن المختلفة في المحافظة الواحدة، ويتكون من نقابات العمال القائمة في المحافظة على اختلافها ويختص اتحاد عمال المحافظة بمعالجة القضايا النقابية التي تتجاوز حدود مصلحة مهنية معينة في المحافظة واهتمامها، ويتمتع بالاختصاصات نفسها التي تتمتع بها النقابة على مستوى المحافظة.
ولكل اتحاد في المحافظة مؤتمر ومجلس ومكتب.
ويعدّ مؤتمر اتحاد عمال المحافظة السلطة العليا في هذا الاتحاد، ويتكون من ممثلين عن نقابات عمال المحافظة بمعدل خمسة مندوبين عن كل مكتب نقابة منتسبة للاتحاد، ينتخبهم مكتب النقابة من بين أعضائه، إضافة إلى عدد من المندوبين الإضافيين من كل نقابة، ينتخبهم أعضاء مكتب النقابة إذا كان عددهم يقل عن عدد أعضاء مكتب النقابة، فينتخبهم أعضاء مؤتمر النقابة.
وأما مجلس اتحاد عمال المحافظة فيتولى الإشراف على الاتحاد ووضع السياسة العليا له، ويتكون من 15 إلى 21 عضواً ينتخبهم المؤتمر العام لاتحاد عمال المحافظة من بين أعضائه.
وأما الاتحاد المهني: فهو التنظيم النقابي الذي يضم نقابات المهنة الواحدة أو مجموعة المهن على مستوى القطر، ويهتم بالقضايا المهنية المشتركة للاتحاد المهني ولعمال النقابات التابعة له وبمعالجتها على مستوى القطر وفق أحكام قانون التنظيم النقابي وأنظمة الاتحاد، ويتمتع بمثل الاختصاصات المقررة للنقابة على مستوى المهنة في القطر. ولكل اتحاد مهني مؤتمر ومكتب.
ومؤتمر الاتحاد المهني هو السلطة العليا في الاتحاد، ويتكون من ثلاثة مندوبين عن كل نقابة منتسبة للاتحاد المهني، ينتخبهم مكتب النقابة من بين أعضائه ومن عدد من المندوبين ويضاف إليهم عن كل نقابة عضو في الاتحاد.
أما المكتب التنفيذي للاتحاد المهني فيتولى إدارة الاتحاد المهني، ويتألف من سبعة أعضاء ينتخبهم مؤتمر الاتحاد المهني من بين أعضائه.
والاتحاد العام هو الصيغة التنظيمية الشاملة للتنظيمات النقابية العمالية على اختلافها، ويضم كل الاتحادات المهنية واتحادات عمال المحافظات في الجمهورية العربية السورية ومقره مدينة دمشق وللاتحاد العام مؤتمر ومجلس ومكتب.
أما المؤتمر، ويسمى المؤتمر العام للاتحاد، فهو السلطة العليا في الاتحاد ويتكون من أعضاء المكاتب التنفيذية لاتحادات عمال المحافظات، ومن مندوبين إضافيين من كل اتحاد من اتحادات عمال المحافظات ومن أعضاء المكاتب التنفيذية للاتحادات المهنية ومن أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال.
وأما مجلس الاتحاد العام فيتولى الإشراف على الاتحاد العام ورسم السياسة له في ضوء مقررات مؤتمرات الاتحاد العام وتوصياتها. ويتمتع بالصلاحيات والاختصاصات اللازمة للنهوض بمسؤولياته. ويتكون من 75 عضواً ينتخبهم المؤتمر العام للاتحاد من بين أعضائه بالاقتراع السري.
وأما المكتب فيسمى المكتب التنفيذي للاتحاد العام، ويتولى إدارة الاتحاد ويتمتع بأوسع الصلاحيات لإدارة أعمال الاتحاد والإشراف على المنظمات النقابية في القطر العربي السوري والقيام بما يحقق أهداف الاتحاد الأساسية، ويتكون من 11 عضواً ينتخبهم مجلس الاتحاد من بين أعضائه بالاقتراع السري.
وتجري انتخابات مكتب اللجان والنقابات والاتحادات المهنية والاتحاد العام مرة كل خمس سنوات. وبلغ عدد مكاتب النقابات 194 مكتباً موزعين على 13 اتحاد محافظة وبلغ عدد اللجان النقابية 1735 لجنة في القطاع العام و341 لجنة في القطاع الخاص.
أما عدد المنتسبين للاتحاد فبلغ عام 1998، 486717 في القطاع العام، و180273 في القطاع الخاص.
يقوم الاتحاد بنشاطات واسعة في المجال الاقتصادي ويتخذ المبادرات المختلفة من أجل حشد جهود الطبقة العاملة والنقابات لإنجاز خطط التنمية وتحسين نوعية الإنتاج، والحد من الهدر، والاستخدام الأمثل للموارد والعُدد والأدوات، واستخدام الطاقة البشرية والإمكانات الفنية أفضل استخدام للحصول على أعلى نسبة في ريع المشروعات.
ومن أهم مبادرات الاتحاد العام عقد مؤتمر الإبداع الوطني والاعتماد على الذات في عام 1989 الذي انتهى إلى اتخاذ توصيات، وإقرار توجهات عامة، وكان من نتائج ذلك تأليف عدد كبير من اللجان ومجموعات العمل المشتركة بين الحكومة والاتحاد العام لمتابعة تنفيذ تلك التوصيات.
ويواصل الاتحاد العام مساعيه الدائمة مع اللجان الحكومية المشتركة لإقامة مزيد من التعاون والتنسيق، لتحرير الاقتصاد الوطني من الصعوبات التي يعانيها، والتركيز على إنجاز المشروعات وتحسين مردودية العمل والإنتاجية بهدف توفير حاجات التنمية الشاملة وتحسين الظروف المعاشية للجماهير الشعبية.
وفي مجال الخدمات النقابية يهتم الاتحاد بتطوير الخدمات للعاملين وتحسين أوضاعهم الصحية والسكنية والمعاشية، ورعاية شؤون المرأة وأبناء العمال، وذلك بخلق شبكة واسعة من الخدمات الاجتماعية والثقافية.
وتم فعلاً إقامة العديد من مراكز الخدمات والجمعيات والمخازن الاستهلاكية والمستوصفات والصيدليات وغيرها العائدة إلى الطبقة العاملة.
ولعل من أبرز المنجزات التي حققها الاتحاد العام في مجال المشاريع الاستثمارية مجمع اتحاد عمال دمشق العمالي، والنادي الثقافي الاجتماعي المسمى «الصحارى» الذي يُعد مشروعاً حضارياً متطوراً من المشروعات الاستثمارية لأموال المنظمات النقابية التي تعود وارداتها إلى مصلحة الطبقة العاملة وإلى خدمة برامجها الاجتماعية.
ومن أهم المنجزات الثقافية معهد السادس عشر من تشرين للثقافة العمالية والإعداد الثقافي.
ومن منجزات الخدمات مشروعات التوسع في إقامة دور الاستجمام العمالية في مناطق مختلفة من القطر العربي السوري السياحية.
وكان آخر منجزات الاتحاد العام إحداث صندوق تكافل مركزي لتقديم إعانات وخدمات متنوعة جديدة للطبقة العاملة، وفي المجالات الأخرى يسهم الاتحاد العام إسهاماً كبيراً في مكافحة الأمية بين صفوف العمال عن طريق دورات يقيمها لهذا الغرض.
ويهتم الاتحاد العام بوضع السياسات والوسائل الكفيلة بتوفير فرص العمل وتشجيع المرأة على دخول مجالات العمل المختلفة.
ويضاف إلى ذلك كله أن الاتحاد العام لنقابات العمال يعمل باستمرار على ترسيخ التقاليد النضالية في صفوف الطبقة العاملة وتنمية روح العمل الجماعي ورعاية المبادرات الطوعية وتشجيع المبادرين وتعميق الديمقراطية والديمقراطية المركزية في حياة المنظمة واتباع أسلوب المحاسبة والمتابعة لتنفيذ الخطط والبرامج الموضوعة لعمل النقابات.
اترك تعليقاً