الاهمية القانونية لسرية التصويت في الانتخاب
مبدأ سرية التصويت في الانتخاب د. ليث كمال نصراوين
الراي- المقصود بسرية التصويت في الانتخاب هو حق الناخبين في الإدلاء بأصواتهم يوم الاقتراع بسرية تامة تضمن عدم الكشف عن شخص المرشح الذي يتم انتخابه. حيث تبرز أهمية هذا المبدأ من اعتبارات متعددة أولاها اعتبارات وطنية تتمثل في ضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهه تعكس صورة مشرقة عن الأردن لدى الجهات والمؤسسات الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان وحرياته ، واعتبارات سياسية تضمن احترام المبادئ والأفكار السياسية التي يحملها الناخب والتي قد تحمله للتصويت لمرشح معين دون الآخر، واعتبارات شخصية تتمثل في مصلحة الناخب في الإبقاء على شخص من انتخبه طي الكتمان لمنع نشوب أية خلافات بسبب التصويت لمرشح معين دون الآخر.
يتمتع مبدأ سرية التصويت في الانتخابات بحماية دولية تضفي أهمية قصوى على تطبيقه على الصعيد المحلي. فقد اهتمت المواثيق والإعلانات الدولية لحقوق الإنسان بحق الناخب في سرية التصويت حيث تم النص عليه صراحة في عدة مواثيق دولية منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 إذ تنص المادة (21) منه على أن «إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم، ويجب أن تتجلى هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة تجري دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري». كما أكدت الفقرة 2 من المادة 25 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية عام 1966 أن «للمواطن الحق في أن ينتخب وُينتخب في انتخابات نزيهة تجري بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين». كما اعتبر الإعلان العالمي الخاص بنزاهة وحرية الانتخابات والذي أقره الاتحاد البرلماني الدولي بالإجماع في دورته رقم 154 المنعقدة في باريس في آذار 1994 أن لكل مواطن بالغ الحق في التصويت في سرية والذي هو حق مطلق لا يجب تقييده بأية طريقة كانت.
في الأردن ، ومن خلال استعراض نصوص الدساتير الثلاثة التي تعاقبت على المملكة الأردنية الهاشمية منذ عام 1928 بعد تأسيس إمارة شرق الأردن مرورا بدستور الاستقلال عام 1947 وحتى صدور الدستور الحالي عام 1952 نجد أن مبدأ سرية التصويت كان في بداية الأمر مبدأ قانونيا منصوصا عليه في قوانين الانتخابات ومن ثم تحول فيما بعد إلى مبدأ دستوري منصوص عليه صراحة في الدستور ويتمتع بحماية دستورية. فالقانون الأساسي (دستور) 1928 لم يشر صراحة إلى مبدأ السرية عند تشكيل السلطة التشريعية في المادة (25) منه والتي كانت تنص على أن يتألف المجلس التشريعي من ممثلين منتخبين وفقا لقانون الانتخاب الذي ينبغي أن يراعي التمثيل العادل للأقليات. واستمر تجاهل مبدأ سرية التصويت في دستور الاستقلال عام 1947 ، حيث كانت المادة (33) منه تنص على أن يتألف مجلس النواب من ممثلين منتخبين طبقا لقانون الانتخاب الذي ينبغي أن يراعى فيه التمثيل العادل للأقليات.
أما الدستور الحالي الصادر عام 1952 فقد عكس التطور الإيجابي في النظام الدستوري الأردني وذلك من خلال النص صراحة على مبدأ السرية في الانتخابات التشريعية حيث تنص المادة (67) منه على أن يتألف مجلس النواب من أعضاء منتخبين انتخابا عاماً سرياً ومباشراً وفقاً لقانون الانتخاب. ذلك الموقف المحمود للدستور الأردني الحالي قد أضفى على مبدأ سرية التصويت في الانتخاب حماية دستورية حيث ارتقى بالمبدأ السابق إلى مستوى مبدأ دستوري مكفول بنص الدستور لا يمكن تجاهله أو الاتفاق على مخالفته وبالتالي انعكس ذلك المبدأ صراحة في قانون الانتخاب لمجلس النواب المؤقت الجديد رقم (9) لسنة 2010 والذي ينص في المادة (21) على أن «يكون الاقتراع عاماً وسرياً ومباشراً».
اترك تعليقاً