الخصائص القانونية المميزة للقانون الاداري
أ/ عبد الله كامل محادين
ينفرد القانون الإداري بعدد من الخصائص تسبغ على مبادئه وقواعده طابعاً متميزاً ، فما هي ميزات القانون الإداري؟
من أهم ما يميز القانون الإداري ويفترق به عن غيره من القوانين، انه قانون مرن متطور غايته مراعاة التوازن بين المصلحة العامة وضرورة حماية حقوق الأفراد وحرياتهم، فلم يوجد إلاّ لخدمة المجتمع ولم يوجد المجتمع لخدمته.
فعدم تدوين القضاء الإداري لم يكن لكون هذا القضاء حديث النشأة، أو لكون موضوعاته متطورة، أو لحتمية الدور الإنشائي للقاضي الإداري، بل كان ذلك لأن المصلحة العامة مرنة، فما تراه الإدارة مصلحة عامة اليوم، قد لا يكون كذلك غداً، وعليه جاء القانون الإداري متوافقاً معها، قانوناً مرناً غير مقنن، أما كون موضوعاته متطورة ومتغيرة فإنما مرد ذلك إلى تطور وتغير هذه المصلحة، التي تعتبر هي الضابط الحقيقي لملامح كل قانون، وفق الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المصاحبة لها.
فالقاضي الإداري هو الوحيد الموكل برسم حدود هذه المصلحة العامة ومراقبتها، ولكونها متغيرة، تكرس مصدر الاجتهاد كمصدر رئيس من مصادر القانون الإداري، حتى يستطيع مواكبتها.
إن هذا القانون عرف نشأته وتطوره، على يد القضاء الفرنسي، ومن ثم فلا غرابة من ان يكون القضاء أهم مصدر من مصادر القانون الإداري، حيث ان أغلب نظريات القانون الإداري وجميع مبادئه العامة، قد نشأت بسبب هذا الاجتهاد، وذلك بعد استبعاد القانون الخاص، ورفض ان يتخذ منه مرجعاً لحسم المنازعات المعروضة على القضاء الإداري، فكان لزاماً عليه، ان يقدم بديلاً أكثر مسايرة لنشاط الإدارة ولأهدافها، وهذه الأحكام أصبحت في مجموعها شيئاً فشيئاً تشكل ما يعرف اليوم بالقانون الإداري.
ورغم صدور تشريعات كثيرة تنظم مختلف الجوانب المتعلقة بالإدارة العامة، إلاّ ان ذلك لم يفقد القضاء مكانته، بل كان ولا يزال يمارس دوراً هاماً في مجال إرساء قواعد القانون الإداري، وإليه يرجع الفضل في الكشف عن كثير من القواعد، وحسم كثيراً من المنازعات، وهذه النظريات التي ابتدعها القضاء الإداري الفرنسي – مجلس الدولة الفرنسي – تعتبر قواعد عامة، لا يمكن احتكارها لفرنسا نفسها، والحكم بفشلها خارج حدودها، إنما هي من العلم القانوني المحمود الذي لا يعترف بالحدود.
ولأهمية هذا الدور الإنشائي في تثقيف المجتمع، دأبت المحاكم الإدارية على نشر أحكامها في مجموعات كما عني فقهاء القانون الإداري بالتعليق على قراراتها التي تعتبر أهم مصادر القانون الإداري، ولا يمكن دراسة هذا القانون إلاّ من خلال تلك الأحكام التي قررت لنا نظريات ومبادئ عامة غاية في الأهمية، وهو ما يعرف بمصطلح الدور الإنشائي للقاضي الإداري.
وهذا المصطلح يعني ابتداع الحلول المناسبة للروابط القانونية التي تنشأ بين الإدارة في تسييرها للمرافق العامة وبين الأفراد، أو الكشف عنها.
اترك تعليقاً