الوضع القانوني للمنظمات الدولية
أولاً- الاتجاه المعارض لتمتع المنظمة الدولية بالشخصية القانونية:
يرى أنصار هذا الاتجاه وفي مقدمتهم “أنزيلوتي” أن القانون ينظم العلاقات بين الدول والاتفاق “المعاهدة” بين الدول لا يمكن أن يؤدي إلى قيام شخص قانوني دولي جديد، ويقتصر غرض هذه المعاهدة على تحديد الحقوق والالتزامات المتبادلة، ومع إنكار هذا الاتجاه إضفاء وصف الشخص القانوني الدولي على المنظمات الدولية، إلا أنهم لم يستطيعوا تحديد النظام القانوني الذي تخضع له المنظمات الدولية.
وحاول أنصار هذه النظرية تطويرها عن طريق تقديمها في شكل آخر وأطلق على هذه النظرية الجديدة عدة أسماء منها. الأجهزة المشتركة، والأجهزة الجماعية، والأجهزة المشتركة ذات النشاط الداخلي، وتقوم هذه النظرية على أن المنظمات الدولية ما هي إلا أجهزة مشتركة للدول التي أنشأتها وذلك بغرض حل المشاكل التي تقوم بينها، وتخضع هذه الأجهزة بحكم نشأتها في قيامها بهذا النشاط للدول التي أنشأتها.
ولقد تعرضت هذه النظرية للنقد حيث أنها تخلط بين الشخص القانوني وبيم الأجهزة التي يمارس نشاطه بها، فلا يجوز الخلط بين المنظمة الدولية والأجهزة التي تمثلها في العلاقات القانونية الداخلية والخارجية ويترتب على ذلك أن الشخصية القانونية إنما تثبت للمنظمة وليس للأجهزة التي تمارس بها المنظمة نشاطها.
• ويرى الأستاذ الدكتور علي صادق أبو هيف: أن الهيئات الدولية بها أهمية قانونية خاصة ذات طابع ولي بما أنها في المحيط الدولي إنما هذا لا يستتبع حتماً اعتبارها من أشخاص القانون الدولي العام لأنه لا تلازم حتمي بين الأهلية وبين الشخصية الدولية بمفهومها الدقيق، فهذه الهيئات ليست محل عناية هذا القانون لذاتها، ول ما هنالك أنه يخلقها وينظمها لمجرد الاستعانة بها على تنفيذ أحكامه فهي لا تخرج عن كونها أداة يستخدمها في تطبيق قواعده على أشخاصه الحقيقيين.
ثانياً- الاتجاه المؤيد لتمتع المنظمة الدولية الشخصية القانونية:
بعد نهاية الحرب العالمية الأولى وإنشاء عصبة الأمم سلم قطاع كبير من الفقهاء بتمتع المنظمات الدولية بالشخصية القانونية الدولية إلا أنهم اختلفوا فيما بينهم في وصف وحدود هذه الشخصية والأساس الذي تبنى عليه.
* حيث يقرر الفقيه “جيدل” أن الأشخاص الدولية نوعان:
الأول: أشخاص عادية: ومنها الدول لأن الدولة تتكون من عناصر موضوعية وهي الشعب والإقليم والنظام السياسي المستقبل.
الثاني: أشخاص صناعية: ومنها المنظمات الدولية لأنها تقوم على اعتبارات سياسية وتنشأ عن إرادة الدول ذاتها.
* بينما يقرر الفقيه “كافلجييري” أن القانون الدولي ينظم علاقات الدول والهيئات الدولية وبالتالي تتمتع المنظمات الدولية بالشخصية القانونية الدولية.
* بينما يقصر الفقيه “أوبنهايم” الأشخاص الدولية على الدول وعصبة الأمم فقط.
ولكن تغير الوضع بين إنشاء الأمم المتحدة حيث اعترفت محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري عام 1949 بأن المنظمات الدولية تتمتع بالشخصية الدولية وتجسد ذلك من خلال اعترافها للأمم المتحدة بحق تحريك المسئولية الدولية لمن أصابه أحد موظفيها بالأضرار من قبل دولة أخرى، ولكن شخصية المنظمة الدولية لا تساوي شخصية الدولة لأنها شخصية وظيفية تنحصر في الأهداف والاختصاصات التي أقرتها الدول في ميثاق إنشائها.
ثالثاً- شروط تمتع المنظمات الدولية بالشخصية القانونية:
1- أن يكون لها إرادة ذاتية مستقلة عن إرادات الدول التي أنشأتها، ويتم تكوين هذه الإرادة الذاتية عن طريق مجالس المنظمة وجمعياتها التي تصدر قراراتها بالأغلبية أو بالإجماع، ولكن لما كان شرط الإجماع يجعل إرادة المنظمة متطابقة مع إرادة الدول التي أنشأتها، فإن بعض الفقهاء يرى أن قرارات المنظمة يجب أن تصدر بأغلبية الأصوات حتى يمكن القول بأن للمنظمة إرادة ذاتية مستقلة عن إرادة الدول.
2- أن يكون معترفاً لها بالشخصية القانونية من جانب الدول سواء كان الاعتراف صريحاً أو ضمناً عن طريق الدخول مع المنظمة في علاقات دولية من ذلك النوع الذي لا يتم إلا بين أشخاص القانون الدولي.
3- أن يكون لها اختصاصات معينة تحددها المعاهدة التي أنشأتها ولا تظهر شخصية المنظمة الدولية إلا في تلك الحدود، وهي في الغالب اختصاصات الهدف منها تحقيق بعض الأهداف العامة أو الخاصة التي تهم الدول الأعضاء.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً