القضاء المستعجل في ضوء نظام المرافعات الشرعية
عمر عامري الحدادي
سوف نتناول الحديث عن القضاء المستعجل (الدعاوى العاجلة أو المستعجلة)، في ضوء نظام المرافعات الشرعية الجديد الساري بالمملكة، وذلك ببيان تعريفه وتحديده، وطبيعته وأهم شروطه، وأهم حالاته وانواعه، وإجراءاته ومدده ونختم بالحديث عن اهم خصائص الحكم المستعجل وحجيته.
فالقضاء المستعجل يعرف بأنه نوع من القضاء يتولى الفصل العاجل في حق من الحقوق لأحد الخصوم، في واقعة يخشى عليها من تغير حالها، او فوات الوقت، فيما لو اتبعت بشأنها الاجراءات العادية، وهو صورة من صور الحماية القضائية، وهو اجراء مؤقت لا يمس اصل الحق.
ويقصد به حماية حق من الحقوق لأحد الخصوم، حماية عاجلة، بإجراءات خاصة سريعة، ليتدارك بها المدعي حقه عندما يكون أمام خطر يداهم حقه ويهدده بالزوال، قبل ان يتحصل على الحماية القضائية العادية امام القاضي العادي، لان التقيد بالإجراءات القضائية العادية امام المحاكم الى حين الفصل في النزاع قد تأخذ به الدعوى وقتاّ طويلا، وفى خلال هذا الوقت قد تزول حقوق، وتتغير احوال الكثير من معالم النزاع.
مع ان الفصل في بعض الدعاوى على صفة الاستعجال، قد يفوت على الخصوم حقوقا اخرى بسبب عدم التأني والبحث عن وجوه الحق في الخصومة، لذلك فقد راعت بعض الانظمة القضائية هذه الظروف، وما تؤول به بعض القضايا بسبب الاستعجال، فقصرت اختصاص القضاء المستعجل على اتخاذ إجراءات وقتية او تحفظية، حماية للحق الى ان يتم الفصل في الموضوع حسب النظام والإجراءات القضائية العادية.
وقد جعل نظام المرافعات الشرعية ولائحته التنفيذية الصادر بالمرسوم الملكي الكريم رقم م/1 وتاريخ 22 /01 /1435هـ في مادته الخامسة بعد المائتين أنه يكون نظر الدعاوى المستعجلة امام نفس القاضي الذى ينظر في موضوع الدعوى الاصلية – وذلك بخلاف معظم الانظمة القضائية المقارنة التي تجعل قاضيا مختصا بنظر الدعاوى المستعجلة مستقلا تماماً عن القاضي الذى ينظر في موضوع الدعوى الأصلي ويسمى قاضي الامور المستعجلة-.
واما طبيعة القضاء المستعجل فإنه لا يقوم على الفصل في الخصومات والحكم فيها بحكم ينهي النزاع، وانما هو بطبيعته حكم وقتي لا يحسم النزاع نهائيا، ولا يحوز حجية الامر المقضي، ويجوز تعديله او الغاؤه حسب مقتضيات الاحوال، ويكون مصيره معلقا بموضوع الدعوى الاصلية القائمة او التي سوف تقام، ولهذا قالوا: «ان الحكم في القضاء الوقتي لا يهدر حقا، ولا يكسبه».
وهذا ما أكدته الفقرة الاخيرة من المادة (205 من نظام المرافعات الشرعية ) بالنص على الآتي (ولا يؤثر هذا الحكم على موضوع الدعوى سواء رفع طلب الحكم بالاجراء المؤقت مباشرة، او تبعا للدعوى الاصلية).
اما أهم شروط القضاء المستعجل:
الاول: ألا يمس أصل الحق، لا بشكل الدعوى ولا بالحكم الصادر فيها، فلو كان شكل الدعوى المستعجلة يتصل بأصل الحق، فللقاضي ان يحكم برفضها وبطلانها شكلا من تلقاء نفسه.
فلهذا يجب على القاضي في الدعاوى المستعجلة ألا يتعرض لأصل الحق مطلقا، بل يمتنع عليه أن يبني حكمه على نتيجة بحث في أصل الحق، او فحصه لمستندات الخصوم، ويبنى على ذلك خطأ القاضي ناظر الدعوى المستعجلة لو انه عين المدعى في اصل النزاع، حارسا على المدعى به، بناء على ما ثبت عنده من انه مالك للعين محل النزاع.
وانما له أن يعين حارسا قضائيا مؤقتا على العين المتنازع على ملكيتها، حتى يعرض النزاع على القاضي للفصل في الموضوع واصل الدعوى.، وبعد عرض اصل الموضوع على القاضي للفصل فيه، فله في هذه الحالة أن يؤكد الحراسة القضائية او ينهيها او يعدلها حسب ما يظهر له ذلك.
ويجوز للقاضي ناظر الدعوى المستعجلة ان يبحث في المستندات للحق المطالب به، اذا كان يريد ان يعرف، ويستوضح وجه الصواب في الطلب المعروض عليه، لمعرفة طبيعة النزاع هل هو موضوعي، او وقتي وعاجل، فاذا تبين له ان الفصل في الدعوى يستلزم منه التعرض لأصل الحق، فيجب عليه الحكم بعدم قبول الدعوى او الطلب او النظر فيها كطلب عاجل، لأنه لا يجوز له النظر في موضوع الدعوى بقصد اثبات الحق، او نفيه، الا عن طريق الدعوى العادية وإجراءاتها، وبيناتها.
الثاني: أن يكون هناك احتمال بحدوث ضرر نتيجة تأخير اثبات الدليل بحيث يكون هذا الدليل عرضة للزوال الذى لا يسترد ضرره،بعد اقامة الدعوى الموضوعية بنظر الحق واصل الدعوى، وبشرط ثبوت هذا الاحتمال وحدوث الضرر نتيجة التأخير.
الثالث: ان يكون احتمال حق المدعى في اصل الحق قائما، عند التقدم بالدعوى المستعجلة، وذلك منعا لاستغلال الدعاوى المستعجلة كذريعة للدعاوى الباطلة والكيدية.
والمثال على ذلك هو تقدم احد الاشخاص بدعوى مستعجلة بعدم التعرض للحيازة، فيقدم الخصم له اتفاقية تنازل وصلح على محل النزاع، وباطلاع قاضى الدعوى المستعجلة على اتفاقية الصلح والتنازل، فيجدها صحيحة شرعا ونظاما.
اما اهم حالات وانواع الدعاوى المستعجلة: فإنها وردت نصا في المادة السادسة بعد المائتين بنظام المرافعات الشرعية السابق حيث ذكرت المادة (تشمل الدعاوى المستعجلة الآتي: أ- دعوى المعاينة لإثبات الحالة، ب- دعوى المنع من السفر، ج- دعوى منع التعرض للحيازة ودعوى استردادها، د- دعوى وقف الاعمال الجديدة،هـ- دعوى طلب الحراسة، و- الدعوى المتعلقة بأجرة الاجير اليومية، ز- الدعاوى الاخرى التي يعطيها النظام صفة الاستعجال).
وهذه الحالات والانواع على سبيل المثال وليس الحصر، لان نص المادة ذكر في اول عبارة منه كلمة «تشمل» والتي يستفاد من معناها وتفسيرها ان تلك الامثلة الواردة في نص المادة هي امثلة على اهم واغلب الدعاوى المستعجلة وهذا ما اكده صحيح نص المادة (206 فقرة 3) من اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية عندما فصلت وبينت الفقرة «ز» من المادة 206 حيث نصت على الآتي (يدخل في الدعاوى المستعجلة كل ما يخشى عليه فوات الوقت ومنها :أ- طلب رؤية صغير او تسليمه، ب- طلب الحجر على المال، ج- اثبات شهادة يخشى فواتها).
فبتفسير نص اللائحة نجد انها وضعت ضابطا لذلك فقط، وهو أن أي دعوى يخشى عليها فوات الوقت فهي دعوى مستعجلة، وتعطى صفة الاستعجال وذكرت اهم تلك الانواع والحالات كأمثلة على هذا الضابط فقط، والمثال على ذلك كالدعوى باستدراك ومنع ضرر محدق، مثل طلب اجراء اعمال ترميمات عاجلة للدور السفلى لمنع تداعيات سقوط الادوار العليا، اذا كانت الحال تستدعى الاستعجال وذلك في الادوار المتعددة بين ملاك متعددين.
فهذا المثال يعد من الحالات والدعاوى التي يتطلب نظرها صفة الاستعجال، حتى لا يترتب ضرر كبير نتيجة التأخر في ذلك.
ولأنه ليس من المتيسرعلى المنظم حصر حالات وانواع الدعاوى المستعجلة، سواء التجارية منها، او الاحوال الشخصية، او العامة، لذا تم النص على ضابط لها وهو فوات الوقت، وتُرك التقدير لاجتهاد الفقه والقضاء.
حالات وأنواع الدعاوى المستعجلة، المنصوص عليها حصراً في المادة «206 من نظام المرافعات الشرعية» كأهم الدعاوى المستعجلة في نظام القضاء السعودي وهي ترتيباً على النحو التالي:
اولاً: دعوى المعاينة لإثبات الحالة: وهي أن يتقدم صاحب مصلحة ولو محتملة للمحكمة المختصة بدعوى مستعجلة لإثبات معالم واقعة يحتمل أن تصبح محل نزاع أمام القضاء مستقبلاً. وتكون المعاينة عن طريق المحكمة ناظرة الدعوى، إلا إذا كان الشيء محل المعاينة ليس في مكان اختصاصها، فيجب في هذه الحالة استخلاف المحكمة التي يكون في اختصاصها محل المعاينة، وللمحكمة أو القاضي المكلف أو المستخلف، تعيين خبير أو أكثر للاستعانة به في المعاينة، أو تكليف قسم هيئة الخبراء بالمحكمة بذلك.
ويجب استدعاء الخصوم قبل الموعد المعين لإجراء المعاينة بأربع وعشرين ساعة على الأقل – عدا مهلة المسافة- بمذكرة ترسل بواسطة إدارة المحكمة تتضمن بيان مكان ويوم وساعة الاجتماع للمعاينة، وللمعاين حق سماع شهادة من يرى ضرورة أن يسمع شهادته في موضوع النزاع.
ويحرر محضر بنتيجة المعاينة، يوقعه المعاين والكاتب ومن حضر من الخبراء والشهود والخصوم، ويثبت في ضبط القضية.
ثانياً: دعوى المنع من السفر: لكل مدع بحق على آخر أثناء نظر الدعوى، أو قبل تقديمها أن يتقدم للمحكمة المختصة بالموضوع بدعوى مستعجلة لمنع خصمه من السفر، وعلى القاضي أن يصدر أمرا بالمنع إذا قامت أسباب تدعو إلى الظن أن سفر المدعى عليه أمر متوقع وبأنه يعرض حق المدعي للخطر، أو يؤخر أداءه، ولا يصدر القاضي قرار المنع من السفر إلا إذا قدم المدعي تأميناً يحدده القاضي، لتعويض المدعى متى ظهر أن المدعي غير محق في دعواه، ويحق للقاضي الاستعانة بالخبراء لتحديد قيمة التأمين والتعويض، ويكون التأمين بشيك مصرفي باسم رئيس المحكمة التي تنظر في الدعوى، محجوز القيمة ويودع في صندوق المحكمة.
ويحكم بالتعويض مع الحكم في الموضوع -إذا لم يحكم لصالح المدعي- ويقدر حسب ما لحق المدعى عليه من أضرار لتأخره عن السفر.
وبعد صدور أمر المنع من السفر يبلغ للجهات المختصة بتنفيذه- قسم الجوازات عن طريق الامارة- ولا يرفع المنع من السفر- اذا كان له مقتضى- إلا عن طريق الدائرة نفسها.
واذا كان المنع من السفر بدعوى تتعلق بمبلغ مالي، وقام المدعى عليه بإيداع هذا المبلغ لدى المحكمة او احضر كفيلا غارما مليئا وعين وكيلا لمباشرة الدعوى فيسمح له بالسفر.
واذا كان تقديم دعوى المنع من السفر قبل الدعوى الاصلية فيعطى المدعى مهلة سبعة ايام لإقامة الدعوى الاصلية وإلا تم رفع المنع من السفر.
ثالثا: دعوى عدم التعرض للحيازة واستردادها: لكل صاحب حق ظاهر أن يتقدم للمحكمة المختصة بالموضوع بدعوى مستعجلة لمنع التعرض لحيازته أو استردادها «والمقصود بالحيازة هنا هو ما تحت اليد فعلاً من عقار يتصرف فيه بالاستعمال أو الانتفاع على وجه الاستمرار ولو لم يكن مالكاً له كالمستأجر، ودعوى منع التعرض هي طلب المدعي واضع اليد كف المدعى عليه عن مضايقته فيما تحت يده من عقار، أما دعوى استرداد الحيازة فهي طلب من كان العقار بيده وأخذ منه إعادة حيازته إليه» وعلى القاضي أن يصدر أمراً بمنع التعرض أو باسترداد الحيازة إذا اقتنع بمسوغاته، ولا يؤثر هذا الأمر على أصل الحق ولا يكون دليلاً عليه ولمن ينازع في أصل الحق أن يتقدم للقضاء وفق أحكام نظام المرافعات الشرعية.
ولا يجوز ان يجمع المدعي في دعوى الحيازة بينها وبين المطالبة بالحق وإلا سقط ادعاؤه بالحيازة ولا يجوز أن يدفع المدعى عليه بدعوى الحيازة استناداً إلى الحق، ولا تقبل دعواه بالحق قبل الفصل في دعوى الحيازة وتنفيذ الحكم الذي يصدر بها إلا إذا تخلى بالفعل عن الحيازة لخصمه.
وللمدعي حق تعديل دعواه في منع التعرض للحيازة إلى استردادها أو العكس إذا حدث ما يوجب ذلك.
وأن الحكم الصادر في دعاوى الحيازة لا يحتج به في مواجهة المحكوم عليه ولا يستند إليه في إثبات الملكية وهو خاص بالعقار دون المنقول.
رابعا: دعوى طلب الحراسة: المقصود بالحراسة هو وضع الأموال المتنازع عليها تحت يد أمين، تعينه الدائرة اذا لم يتفق ذوو الشأن على تعيينه.
وترفع دعوى طلب الحراسة إلى المحكمة المختصة بنظر الموضوع في المنقول أو العقار الذي يكون في شأنه نزاع ويكون الحق فيه غير ثابت، وبشرط أن يقدم طالب الحراسة للقاضي أسبابا معقولة تبين أن هناك خطراً عاجلاً من بقاء المال تحت يد حائزه، وترفع الدعوى وفقاً للإجراءات المعتادة لرفع الدعوى العادية- حسب نظام المرافعات الشرعية- وتحال للدائرة ناظرة الدعوى أو يقدم كطلب مشافهة أو كتابة أثناء الجلسة، فان لم تكن هناك دعوى منظورة فتحال حسب التوزيع في المحكمة.
ويحق لذوي الشأن مجتمعين أن يطلبوا من الدائرة إقامة حارس، وعليها أن تستجيب لطلبهم وإن لم يكن هناك خطر عاجل، ويحق للقاضي أيضاّ من تلقاء نفسه القيام بذلك حتى بدون طلب أحد من الخصوم.
ويكون تعيين الحارس باتفاق ذوي الشأن جميعاً وإذا لم يتفقوا يعينه القاضي، ويحدد الحكم الصادر بالحراسة ما على الحارس من التزام وما له من حقوق وسلطته، واذا اغفل الحكم ذلك طبقت الأحكام المنصوص عليها في نظام المرافعات الشرعية.
ويشترط أن يكون الحارس المعين مرخصاً له بذلك من وزارة العدل، فإن تعذر ذلك اختارت الدائرة من تراه ويمكن للدائرة- عند الاقتضاء- أن تعهد بالحراسة إلى أكثر من حارس، وإذا توفي الحارس أو استقال وقبلت استقالته فإن الحراسة لا تنتهي ويعين حارس آخر، ويضمن الحارس التارك للحراسة- من نفسه- ما يترتب على تركه للحراسة من أضرار على الأموال محل الحراسة.
وللخصوم أو بعضهم ان يتقدموا بطلب استبدال الحارس إذا ظهر لهم ما يوجب ذلك، ويكون بذلك بدعوى حسب الإجراءات المعتادة لدى المحكمة التي عينت الحارس ما لم تكن الدعوى الاصلية مرفوعة لدى محكمة اخرى.
ويلتزم الحارس بالمحافظة على الأموال المعهودة إليه وإدارتها، ويبذل في ذلك عناية الرجل العادي، ولا يجوز له أن يتنازل أو يوكل بالحراسة شخصا اخر بدون إذن من الدائرة أو اتفاق ذوي الشأن، وتبدأ التزامات الحارس باستلام المحل محل الحراسة بموجب محضر محرر يجرد فيه الأموال محل الحراسة وأوصافها بعد إخطار ذوي الشأن وحضورهم مع مندوب من المحكمة ويوقع الجميع على المحضر فإن امتنع أحدهم اثبت ذلك في المحضر.
ويلتزم الحارس باتخاذ دفاتر حساب منظمة عليها ختم المحكمة عند الاقتضاء ويلتزم أيضاً أن يقدم لذوي الشأن حسابا بما تسلمه وبما أنفقه معززا بالمستندات التي تثبت ذلك، وذلك خلال الفترات التي يحددها القاضي أو في كل سنة على الأكثر، وإذا كان الحارس معيناً من المحكمة وجب عليه بالإضافة إلى المذكور أعلاه أن يوضع صورة من هذا الحساب في إدارتها، وإذا أنفق الحارس شيئا من أمواله الخاصة فله حق الرجوع على ذوى الشأن بذلك رضاء او قضاء.
وتنتهي الحراسة باتفاق ذوي الشأن جميعاً -إذا عين من قبلهم- أو بحكم القاضي وعلى الحارس حينئذٍ أن يبادر إلى رد الشيء المعهود إليه حراسته إلى من يختاره ذوو الشأن أو من يعينه القاضي.
النوع الخامس: وقف الأعمال الجديدة: والمراد بالأعمال الجديدة هو ما شرع المدعى عليه في القيام بها وكان من شأنها الإضرار بالمدعي، فيجوز لمن يضار من أعمال تقام بغير حق أن يتقدم إلى المحكمة المختصة بالموضوع بدعوى مستعجلة لوقف الأعمال الجديدة، وعلى القاضي ناظر الدعوى أن يصدر أمراً بالمنع إذا اقتنع بمسوغاته، ولا يؤثر هذا المنع على أصل الحق ولا يكون دليلاً عليه.
ويشترط لطلب وقف الأعمال الجديدة شرطان: الأول:- أن تكون هذه الأعمال قد بدأت ولكنها لم تتم فإذا تمت قبل وقفها فلا تكون من القضاء المستعجل بل تكون من دعاوى إزالة الضرر، والثاني:- أن تكون هذه الأعمال مضرة بالمدعي.
النوع السادس: الدعوة المتعلقة بأجرة الأجير اليومية، ويدخل في أجرة الأجير اليومية كل، من وجب ان تصرف أجورهم مرة على الأقل كل اسبوع. ولا يدخل في هذه المطالبة المطالبات العمالية؛ لأن لها هيئات مستقلة تنظر النزاع الناشئ عنها ولا تدخل كذلك المطالبات العقارية.
النوع السابع: الدعاوى الأخرى التي يعطيها النظام وصفة الاستعجال ومنها ما نصت عليه المادة (206/3 من اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية) بالآتي ( يدخل في الدعاوى المستعجلة كل ما يخشى عليه فوات الوقت ومنها:أ- طلب رؤية صغير او تسليمه، ب – طلب الحجر على المال، ج – اثبات شهادة يخشى فواتها).
أما إجراءات رفع الدعوى المستعجلة فتكون كالتالي:-
إذا رفعت الدعوى المستعجلة قبل إقامة الدعوى الأصلية فتكون بصحيفة وفق الإجراءات المعتادة لرفع الدعوى العادية حسب ما نص عليه نظام المرافعات الشرعية والمعمول به من إجراءات أمام المحاكم. ويجوز رفع الدعوى المستعجلة مع الدعوى الأصلية بصحيفة واحدة- ما عدا دعوى استرداد الحيازة أو عدم التعرض لها – كما يجوز تقديمها طلباً عارضاً أثناء نظر الدعوى الأصلية، أو تقدم مشافهة أو كتابة في الجلسة بحضور الخصوم وفي هذه الحالة يتم ضبط الدعوى المستعجلة مع الدعوى الأصلية.
اما إذا رفعت الدعوى الأصلية بعد الدعوى المستعجلة فتنظرها الدائرة التي رفعت إليها الدعوى المستعجلة إذا كانت مشمولة بولايتها نوعاً ومكاناً.
ويدون الأمر أو الحكم الصادر بالدعاوى المستعجلة في الضبط ويصدر به صك ويخضع لطرق الاعتراض حسب نظام المرافعات الشرعية، ويترتب على ترك الدعوى الأصلية أو نقض الحكم الصادر فيها إلغاء الأوامر التحفظية والوقتية المستعجلة الصادرة أثناء نظر الدعوى الأصلية أو قبلها، كالحجز التحفظي والمنع من السفر، وعلى الدائرة المصدرة للحكم اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك.
أما إذا شطبت الدعوى الأصلية أو قررت المحكمة وقفها – (اذا رأت تعليق حكمها على الفصل في مسألة اخرى يتوقف عليها الحكم، فتأمر المحكمة بوقف الدعوى، وبمجرد زوال سبب التوقف يكون للخصوم حق طلب السير فيها) – أو انقطع سير الخصومة لوفاة المدعي، أو فقده الأهلية، أو زوال صفة النيابة عمن كان يباشر الخصومة عنه، فللمدعى عليه في هذه الحالة التقدم للمحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية لإلغاء الأوامر التحفظية والوقتية الصادرة أثناء نظر الدعوى الأصلية أو قبلها كالحجز التحفظي والمنع من السفر وكل ذلك يرجع لتقدير القاضي أو الدائرة (ناظرة الدعوى).
مواعيد الحضور في الدعاوى المستعجلة:-
يكون موعد الحضور في الدعاوى المستعجلة 24 ساعة ويجوز في حالة الضرورة القصوى نقص هذا الموعد بأمر من المحكمة (ناظرة الدعوى)
ويكون التبليغ في الدعاوى المستعجلة بالطرق المعتادة والتي نص عليها نظام المرافعات الشرعية، وعند نقص الموعد عن 24 ساعة فيشترط أن يحصل التبليغ للخصم نفسه أو وكيله في الدعوى نفسها، وأن يكون بإمكانه الوصول للمحكمة في الوقت المحدد.
وإذا تم التبليغ وفقاً للقواعد المذكورة أعلاه وحسب ما نص عليه نظام المرافعات الشرعية فلا يعاد التبليغ مرة أخرى، بل تنظر المحكمة في الدعوى وتحكم فيها.
خصائص الحكم المستعجل وحجيته: يتصف الحكم المستعجل بعدة خصائص أهمها:-
أولاً:- انه نافذ نفاذا معجلاً بقوة النظام حتى لو لم يرد النص في الحكم على ذلك وحتى لو كان الحكم قابلاً للطعن فيه بالاستئناف، أو حتى لو تم الطعن فيه بالفعل أمام محكمة الاستئناف.
ثانياً:- إن حجية الحكم المستعجل حجية مؤقتة لأنه تم الحكم في الدعوى المستعجلة لمراعاة ظروف طارئة، فإذا زال الخطر الذي استدعى الحكم المستعجل زالت حجية الحكم بزوال مقتضاه، ولأن الحكم المستعجل يتحفظ على واقع بحال ما هو عليه حتى يتم تقديم دعوى في موضوع وأصل النزاع.
وذلك بخلاف حجية الحكم العادي الصادر في موضوع واصل النزاع، فله حجية ثابتة.
ثالثاً:– لا يجوز للقاضي الصادر للحكم أو القرار المستعجل أن يعدل عما حكم به بقرار ثانٍ خلاف ما قضى به أولاً كدعوى أو حكم مستعجل، وليس لأحد طرفي الخصوم المستعجلة أن يرفع دعوى ثانية في نفس موضوع الدعوى المستعجلة الأولى، أما إذا حصل تغيير في أسباب الدعوى المستعجلة ودواعي الحكم الصادر فيها جاز للدائرة أو القاضي الصادر للحكم المستعجل أن يعدل عن قراره أو يعدل فيه.
رابعاً:- ليس للحكم المستعجل أي حجية أمام المحكمة عند نظرها للموضوع، فلها أن تأخذ به، ولها أن تتركه كما سبق وأن أوضحنا ذلك، بل لها أن تعدل عن الحكم المستعجل أو تغير فيه أو تلغيه، ويستثنى من ذلك الأحكام المستعجلة الصادرة في دعاوى إثبات الحالة، وتقرير الخبراء فهذه لها اعتبار في الخصومة أمام محكمة الموضوع ناظرة الدعوى الأصلية، وحتى لو كانت هذه المحكمة غير ملزمة بالأخذ بهذه الأحكام والتقارير، لأن الحال التي ثبتت بالحكم، أو تقرير الخبير أصبحت واقعة من وقائع الدعوى، حتى لو لم يأخذ بها في الخصومة.
خامساً:- لا تقبل الدعوى المستعجلة إذا صدر في موضوع الدعوى حكم، وهذا الحكم كان حائزاً على قوة الأمر المقضي في أصل الحق المدعى به، لأن هذا الحكم يغني عن الحكم المستعجل.
وبهذا المقال نختم الحديث عن القضاء المستعجل في ضوء نظام المرافعات الشرعية بالمملكة، بعد أن تحدثنا باختصار عن تعريفه، وماهيته، وطبيعته وأهم شروطه، وأهم حالاته وأنواعه، وإجراءاته ومدده، وأهم خصائص الحكم المستعجل وحجيته.
نأمل أن نكون اسهمنا ولو باليسير، في إفادة قارئنا الكريم حول القضاء المستعجل بالمملكة لما للإلمام به من أهمية في زيادة الوعي القانوني لأفراد المجتمع، واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
اترك تعليقاً