قضية رقم 17 لسنة 32 قضائية المحكمة الدستورية العليا “تنازع”
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الثالث من ابريل سنة 2011م، الموافق التاسع والعشرين من ربيع الآخر سنة 1432ه.
برئاسة السيد المستشار/ فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق حسن وماهر سامي يوسف ومحمد خيري طه والدكتور/ عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور/ حمدان حسن فهمي نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ حاتم حمد بجاتو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 17 لسنة 32 قضائية “تنازع”
المقامة من
السيدة/ رزيقة رزيقة محمود البيه
ضد
1. السيد رئيس الجمهورية
2. السيد رئيس مجلس الوزراء
3. السيد وزير العدل
الإجراءات
بتاريخ 25/3/2010، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبا الحكم فى النزاع القائم بين الحكمين النهائيين المتناقضين الصادر أحدهما بتاريخ 11/5/2005 من القضاء العادى فى القضية رقم 655 لسنة 60 قضائية “استئناف اسكندرية”، والحكم الآخر من المحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية الصادر بتاريخ 26/11/2007 فى القضية رقم 12 لسنة 41 ق، وتحديد المحكمة المختصة بنظر النزاع. وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فى ختامها الحكم بتعيين المحكمة الإدارية بجامعة الدول العربية جهة مختصة بنظر النزاع.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعى كان يعمل بالشركة العربية للملاحة البحرية بوظيفة ثابتة منذ 20/7/1977 وحتى صدور قرار مجلس إدارة الشركة رقم 6 لسنة 2002 فى 23/6/2002 بقبول استقالته وتسوية معاشه اعتبارًا من نهاية يوم 23/6/2002، وإذ ارتأى المدعى استحقاقه مكافأة نهاية خدمة عن إجمالى فترة عمله بالشركة قدرها 43657,33 جنيهًا رفضت الشركة صرفها له، فقد أقام دعوى أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية قيدت برقم 1831 لسنة 2002 عمال كلي إسكندرية، طالبًا فيها إلزام الشركة العربية للملاحة البحرية،
بأداء مبلغ مكافأة نهاية الخدمة المدعى به، وبجلسة 28/3/2004 قضت المحكمة بإلزام الشركة بسداد قيمة المكافأة المطالب بها. طعنت الشركة على الحكم بالاستئناف رقم 655 لسنة 60 قضائية عمال، والذى قضى فيه بجلسة 11/1/2005، بإلغاء الحكم المستأنف، وبعدم اختصاص محكمة أول درجة ولائيًا بنظر الدعوى،
وباختصاص المحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية بنظرها، وبإحالة الدعوى بحالتها للمحكمة المختصة.
وبجلسة 26/11/2007، قضت المحكمة الأخيرة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، على سند من أنه وفقًا للمادة (21) من النظام الأساسى لتلك المحكمة لا تقبل الدعاوى أمامها إذا ما كانت عن وقائع سابقة على سريانه، وأن العبرة فى بدء ولاية المحكمة بالنسبة للهيئات المنبثقة من الجامعة العربية، هو بتاريخ موافقة الأمين العام على طلب الانضمام إلى هذه المحكمة بنظامها المقرر،
حيث تسرى ولايتها القضائية بأثر فورى مباشر. ولما كان سبب النزاع محل الدعوى هو القرار رقم 35 لسنة 1994، الصادر من الشركة بالنسبة لمستحقات المدعى، وكانت هذه الشركة لم تدخل فى ولاية محكمة الجامعة العربية إلا فى 1/1/2001، فإن هذه المحكمة تغدو غير مختصة ولائيًا بنظر هذا النزاع. أقام المدعى دعوى أمام محكمة الاسكندرية الابتدائية قيدت برقم 781 لسنة 2008 عمال كلى الإسكندرية، بطلب الحكم له بمستحقاته السالف الإشارة إليها، فقضت المحكمة بتاريخ 24/6/2008، بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فى الاستئناف رقم 655 لسنة 60 ق.
استئناف الإسكندرية. عاد المدعى وطعن على حكم المحكمة الابتدائية بالاستئناف رقم 1055 لسنة 64 ق.
دائرة 41 عمال والتى قضت بتاريخ 22/12/2009 بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعًا، وتأييد الحكم المستأنف، وإذ ارتأى المدعى أن كلا من القضاء العمالى وقضاء المحكمة الإدارية للجامعة العربية – قد تخلى عن نظر النزاع الموضوعى، فقد لجأ إلى المحكمة الدستورية العليا طلبا للحكم بتعيين الجهة القضائية المختصة بالفصل فى موضوع الدعوى إعمالاً لنص البند ثانيًا من المادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا، بما لها من هيمنة على الدعوى هى التى تعطيها وصفها الحق، وتكييفها القانونى الصحيح، وذلك على ضوء طلبات الخصوم فيها، وبعد استظهار حقيقة أبعادها ومراميها، واستلهام معانى عباراتها دون التقيد بمعانيها.
وحيث إنه تأسيسًا على ما تقدم فإن الدعوى الماثلة تثير شبهة التنازع السلبى فى الاختصاص مما أن يمكن أن يخضعه لنص البند ثانيًا من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية باعتبار أن جميع الأحكام المرددة فى هذا النزاع قد انتهت إلى عدم الاختصاص وحيث إن مناط قبول طلب الفصل فى تنازع الاختصاص -وفقًا للبند “ثانيًا” من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979- هو أن ترفع الدعوى من موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى،
ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها، بما مؤداه أن تنازع الاختصاص الذى تنعقد للمحكمة الدستورية العليا ولاية الفصل فيه –إيجابيا كان أم سلبيًا- هو ذلك الذى يقدم بين أكثر من جهة من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى – وهى جهات أو هيئات وطنية على ماهو مبين فى مفهوم نصوص المواد 25، 31، 32 من قانون المحكمة الدستورية العليا السالف بيانه، وهو أمر لا يدخل فيه الاعتداد بالأحكام الأجنبية الذى تنظمه قوانين أخرى.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان النزاع الماثل قائمًا بين حكمين يمثلان حدىّ التنازع المدعى به، وكان أحد هذين الحدين هو حكم صادر من المحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية التى أنشئت بموجب قرار مجلس جامعة الدول العربية،
فإن هذه المحكمة لا تعد محكمة وطنية تنتمى لأى من الجهات القضائية أو الجهات ذات الاختصاص القضائى التى عنتها المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا على مقتضى أحكام المادة 167 من الدستور، التى تقرر ولاية المشرع فى تحديد الهيئات القضائية واختصاصاتها وتعيين نظامها وطريقة تشكيلها بينما لم يكن المشرع المصرى هو أداة إنشاء المحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية التى تعد تابعة لإحدى المنظمات الدولية، ومن ثم لا تكون الأحكام التى تصدر عنها صالحة لاعتبارها حدا للتنازع أو التناقض الذى يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا وفقًا لاختصاصها المقرر لها فى قانونها، تبعا لذلك يتخلف عن دعوى التنازع أحد حديها بما يستوجب القضاء بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى
اترك تعليقاً