إجراءات المحاكمة القضائية و صدور الحكم
المحكمة الدستورية.. إجراءات المحاكمة القضائية وصدور الحكم بين القانون والسياسة
مركز الرأي للدراسات
اعداد : المحامي د. خالد الزعبي
تموز 2012
يعتبر إقرار قانون المحكمة الدستورية لسنة 2012 بصدور الإرادة الملكية السامية بالموافقة عليه بشكله الذي أقره مجلسا الأعيان والنواب، أعظم إنجاز قضائي وقانوني وسياسي في تاريخ الأردن الحديث.
النظام السياسي الأردني
إن النظام السياسي الأردني استطاع أن ينمو ويتطور بشكل سريع خلال السنوات الماضية منذ تأسيس عهد الإمارة وحتى إعلان المملكة الأردنية الهاشمية، رغم كل الظروف والإمكانيات والتحديات الصعبة التي واجهت النظام السياسي، لكنه استطاع بفضل الرجال المخلصين ومؤسساتها الرسمية رغم محاولة البعض بتحجيم دوره السياسي على الساحة العربية والدولية، بحجة أنها دولة ضعيفة ولا تملك مقومات الدول. لكن الأيام وبفضل المخلصين أثبتت أن الأردن أكبر من كل التحديات والدول.
إن إصلاح النظام الدستوري والقانوني والقضائي هو المدخل الحقيقي للإصلاح السياسي والديمقراطي والبرلماني والتعددية السياسية والحزبية، والفصل بين السلطات الدستورية الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية والعمل على استقلال السلطات بما يحقق التوازن والتعاون بينها دون تغو السلطة على حساب الأخرى وبما يحقق مصلحة الوطن والمواطن والدولة الأردنية ويعزز من مكانتها محليا ودوليا، خاصة وان قائد الوطن جلالة الملك عبد الله هو من يقود مسيرة الإصلاح الدستوري والسياسي والبرلماني والحزبي والاقتصادي بشجاعة وقدرة على تحقيق الإنجازات وبناء الدولة الأردنية المدنية الحديثة.
إنشاء المحكمة ومقرها
إن إنشاء المحكمة الدستورية في المملكة وفي العاصمة عمان في الوقت القريب إنشاء الله يُعد من أهم الإنجازات التاريخية والقضائية والسياسية في مسيرة الإصلاحات الدستورية والديمقراطية في الأردن وتعد السلطات القضائية والمحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها. خاصة وأن هذه المحكمة الدستورية هي الوحيدة التي لم تكن موجودة بسبب عدم وجود نص دستوري يجيز إنشائها في الدستور الأردني. ولكن بعد أن جرت الإصلاحات الدستورية من قبل اللجنة الملكية، وعلى أيدي رجال القانون الكبار، المشهود لهم بالخبرة والكفاءة القانونية والقضائية والسياسية وسمعتهم بالنزاهة والحياد. فقد تم التعديل على ما يقارب (44) مادة في الدستور ومنها إنشاء المحكمة الدستورية.
لقد حدد قانون المحكمة الدستورية في المادة (3) منه مقر المحكمة في العاصمة عمان ولا يوجد لها أي فروع أخرى. وذكر بأنها هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، وتتمتع المحكمة بشخصية اعتبارية مستقلة عن باقي المحاكم وباستقلال مالي وإداري خاص بها. ومن حقها تملك الأموال المنقولة وغير المنقولة والقيام بجميع التصرفات القانونية اللازمة لأداء مهامها، وينوب عنها في الإجراءات القضائية المحامي العام المدني.
اختصاصات المحكمة الدستورية
حدد قانون المحكمة الدستورية في المادة (4) اختصاصات المحكمة بمهام محددة وحصرية بما يلي:
1- الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة.
2- تفسير نصوص الدستور.
لذلك فإنه يتضح لنا كرجال قانون وغيرهم بأنه لا يحق للمحكمة الدستورية بواسطة قضاتها البحث في غير تلك الاختصاصات التي جاءت حصرياً بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة ومدى مطابقتها أو مخالفتها لنصوص الدستور الأردني. كما حدد اختصاص المحكمة بتفسير نصوص الدستور إذا طلب منها ذلك من نفس الجهات صاحبة الاختصاص بالطعن وهي الحكومة، والأعيان، والنواب. وإن أي دعوى أو مذكرة ترفع لها بغير تلك المهام والمواضيع القانونية سوف ترد شكلاً لعدم الاختصاص القضائي وهذا يتطلب من المحامين والجهات الأخرى معرفة اختصاصات تلك المحكمة بدقة.
صلاحيات الملك في تعيين القضاة
حددت المادة الخامسة من قانون المحكمة الدستورية، الحق في تعيين القضاة للملك فقط حيث أن جلالة الملك عبد الله صاحب الصلاحية الدستورية والقانونية في تعيين الرئيس والأعضاء (القضاة) في المحكمة الدستورية لمدة ستة سنوات غير قابلة للتجديد، وإن عدد الأعضاء تسعة أعضاء بما فيهم الرئيس. ويجري تعيين ثلاثة أعضاء كل سنتين اعتبارا من تاريخ تعيين الأعضاء التسعة. ونص القانون على أن يتولى الرئيس كافة الصلاحيات القانونية والمسؤولية المتعلقة في شؤون المحكمة وإدارتها والموظفين وتمثيل المحكمة داخليا وخارجيا. ويحق للرئيس انتداب أي عضو (قاضي آخر) لأي أمر يتعلق بالمحكمة الدستورية نيابة عنه وبتكليف خطي.
ويترأس الرئيس كافة جلسات المحاكمة وأي اجتماعات أخرى، وفي حالة غيابه ينوب عنه العضو الأقدم خدمة في المحكمة وعند تساوي الأعضاء في الخدمة ينوب عنه العضو الأكبر سنا. ولا يجوز انتداب العضو (القاضي في المحكمة الدستورية) أو إعارته أو تكليفه بالعمل لدى أي جهة طيلة مدة عضويته في المحكمة.
فالمحكمة الدستورية العليا، يتطلب التروي والدقة في اختيار أعضائها لأن القاضي يجب أن يكون ملما في القانون والدستور وتاريخ الأردن السياسي وتكوين الدولة الأردنية وعلى إلمام بالشؤون السياسية والدولية وأن يكون قانونياً وقاضياً وسياسياً ناجحاً. فالمحكمة ليست محكمة قانون فقط بل هي محكمة دستورية وسياسية. وهذا يتطلب بُعد نظر في اختيار الأشخاص (القضاة). وثقتنا بقائد الوطن الملك عبد الله مطلقة في بُعد نظره الثاقب في تعيين الأفضل لمصلحة الوطن والمواطن وسمعة الدولة الأردنية.
القسم القانوني أمام الملك
يجب أداء القسم القانوني أمام جلالة الملك من قبل الرئيس وأعضاء المحكمة الدستورية وهذا ما نصت عليه المادة (7) من قانون المحكمة الدستورية بالنص:
(على رئيس وأعضاء المحكمة قبل مباشرتهم أعمالهم أن يقسموا أمام الملك يميناً هذا نصها:
(أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للملك والوطن، وأن أحافظ على الدستور وأن أخدم الأمة وأقوم بالواجبات الموكولة إليّ بأمانة).
هذا القسم وأداء اليمين لا يقسمه أحداً من القضاة سواء أعضاء محكمة العدل العليا و/أو محكمة التمييز باستثناء رئيس محكمة التمييز رئيس المجلس القضائي الأعلى، مما يدل دلالة واضحة على مكانة وسمو رئيس المحكمة الدستورية العليا وقضاتها بأداء القسم أمام جلالة الملك. ويدل على المكانة العالية للمحكمة الدستورية. مما يعني حسب القانون أن على القاضي التفرغ تماماً لأعمال المحكمة بشكل كامل وعليهم إشهار الذمة المالية.
الشروط الواجب توفرها في عضو (القاضي) المحكمة الدستورية
1- اشترط القانون في المادة (6) من قانون المحكمة الدستورية شروطاً محددة وحصرية فيمن يعيّن قاضياً في هذه المحكمة الدستورية العليا.
ونصت المادة (6):
أ – يشترط فيمن يعين عضواً في المحكمة ما يلي:
1- أن يكون أردنياً ولا يحمل جنسية دولة أخرى.
2- أن يكون قد بلغ الخمسين من العمر.
3- أن يكون من أي من الفئات التالية:
أولا: ممن خدموا قضاة في محكمتي التمييز والعدل العليا.
ثانيا: من أساتذة القانون في الجامعات الذين يحملون رتبة الأستاذية.
ثالثا: من المحامين الذين أمضوا مدة لا تقل عن خمسة عشر سنة في المحاماة.
2- يجب أن يكون أحد أعضاء المحكمة من المختصين الذين تنطبق عليهم شروط العضوية في مجلس الأعيان على أن يكون قد بلغ الخمسين من العمر.
هذه الشروط الواجب توفرها فيمن يعيّن قاضياً لدى المحكمة الدستورية تدل دلالة أكيدة على أن هذه المحكمة تشكل أعلى هرم قانوني وقضائي وإنها المحكمة العليا للرقابة على دستورية القوانين والأنظمة وتفسير الدستور وأن قضاتها يجب أن يكونوا على أعلى مستوى من الكفاءة والمعرفة والعلم والخبرة القانونية والقضائية والمحاماة وأساتذة الجامعات وأن يتمتع العضو (القاضي) بحس قانوني وقضائي وسياسي ووطني ومصلحة الوطن والمواطن وأن يتمتع بنظرة ثاقبة وبُعد نظر في مدى انعكاس القرارات والأحكام التي تصدر على المصلحة الوطنية للدولة والمواطن الأردني داخليا وخارجياً.
الجهات صاحبة الاختصاص بالطعن لدى المحكمة
حدد قانون المحكمة الدستورية الجهات التي يحق لها الطعن أمام المحكمة في القوانين والأنظمة حيث حددت وحصرت المادة (9) بالنص:
1- (للجهات التالية على سبيل الحصر حق الطعن مباشرة لدى المحكمة الدستورية في دستورية القوانين والأنظمة النافذة:
2- مجلس الأعيان.
3- مجلس النواب.
4- مجلس الوزراء.
2- إذا قررت إحدى الجهات المحددة في الفقرة (أ) من هذه المادة الطعن في دستورية قانون أو نظام، يقدم الطعن لدى المحكمة بطلب موقع من رئيس الجهة الطاعنة على أن يبين فيه ما يلي:
1- اسم القانون أن النظام المطعون فيه ورقمه ونطاق الطعن بصورة واضحة ومحددة فيما إذا كان منصباً على القانون أو النظام بأكمله أو على مادة واحدة أو أكثر.
2- وجه مخالفة القانون أو نظام للدستور.
وكذلك أجازت المادة (11) من نفس القانون لأطراف الدعوى المنظورة أمام المحاكم النظامية والشرعية والخاصة على اختلاف أنواعها ودرجاتها الدفع بعدم دستورية أي قانون أن نظام. وجاء نص الفقرة:
1- لأي من أطراف دعوى منظورة أمام المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها الدفع بعدم دستورية أي قانون أو نظام واجب التطبيق على موضوع الدعوى.
2- يقوم الدفع بعدم الدستورية أمام المحكمة الناظرة بالدعوى بموجب مذكرة يبين فيها الطاعن اسم القانون أو النظام الذي أثير الدفع بعدم دستوريته ورقمه ونطاق الدفع بصورة واضحة ومحددة وما يؤيد ادعاؤه بأن ذلك القانون أو النظام واجب التطبيق على موضوع الدعوى ووجه مخالفته للدستور ويجوز لأي طرف آخر في الدعوى تقديم رده خلال المدة التي تحددها المحكمة على أن لا تزيد على خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم مذكرة الدفع بعدم الدستورية.
إجراءات المحاكمة أمام المحكمة الدستورية
إن قانون المحكمة الدستورية قد بين إجراءات المحاكمة ومن هي الجهات صاحبة الاختصاص بالطعن أمام هذه المحكمة، وكيف تقدم اللوائح والمذكرات القانونية والبينات الخطية والأسانيد القانونية المعتمد عليها في الدعوى. وفرض على رئيس المحكمة إبلاغ الجهات الأخرى غير الطاعنة بهذا الطعن، وهذا ما حددته المادة (10) فقرة (أ) يرسل الرئيس (رئيس المحكمة الدستورية) نسخة من الطعن المقدم إليه بمقتضى أحكام المادة (9) من هذا القانون إلى رئيس كل من الجهتين الأخيرتين المذكورتين في الفقرة (أ) من المادة (9) من هذا القانون ولأي منهما أن يقدم رده للمحكمة خلال عشرة أيام من تاريخ تسلمه.
(ب) تفصل المحكمة في الطعن خلال مدة لا تتجاوز مائة وعشرين يوماً من تاريخ وروده إليها.
كما ذكرت في المادة (11) المذكورة أعلاه، فإنه يحق لأطراف الدعوى المنظورة أمام المحاكم الدفع بعدم دستورية أي قانون أو نظام. وفي هذه الحالة فإنه يحق للمحكمة الناظرة بالدعوى التدقيق وإعطاء القرار في ذلك الدفع. وهذا ما نصت عليه المادة (11) فقرة (ج/1):
1- مع مراعاة أحكام الفقرة (د) من هذه المادة إذا وجدت المحكمة الناظرة للدعوى أن القانون أو النظام الذي أثير الدفع بعدم دستوريته واجب التطبيق على موضوع الدعوى وأن الدفع بعدم الدستورية جدي توقف النظر في الدعوى وتحيل الدفع إلى محكمة التمييز لغايات البت في أمر إحالته إلى المحكمة ويكون قرار المحكمة الناظرة للدعوى بعدم الإحالة قابلاً للطعن مع موضوع الدعوى.
2- لكل طرف في الدعوى أن يقدم مذكرة إلى محكمة التمييز بشأن أمر الإحالة إلى المحكمة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور قرار المحكمة الناظرة في الدعوى بإحالة الدفع إلى محكمة التمييز.
3- لغايات البت في أمر الإحالة تنعقد محكمة التمييز بهيئة من ثلاثة أعضاء على الأقل وتصدر قرارها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ ورود الدعوى إليها، وإذا وافقت على الإحالة تقوم بتبليغ أطراف الدعوى بذلك.
د- إذا أثير الدفع بعدم الدستورية أمام محكمة التمييز أو محكمة العدل العليا فتتولى مباشرة أمر البت في الإحالة وفق أحكام هذه المادة.
وإذا ما نظرنا نحن القانونيين إلى إجراءات المحاكمة والتقاضي أمام المحكمة الدستورية، فإننا نجد أن هذه الإجراءات شبيهة إلى حد ما بالإجراءات التي تتم أمام المحاكم النظامية في الدعوى الحقوقية أمام محكمة البداية ولكن مع اختلاف كبير في الأطراف والإجراءات القانونية والمذكرات واللوائح والبينات الخطية والشخصية.
لذلك نجد أن قانون المحكمة الدستورية وضّح إجراءات المحاكمة أمام هذه المحكمة – فقد نصت المادة (12) فقرة (أ):
1- لكل من أطراف الدعوى أن يقدم مذكرة إلى المحكمة يعرض فيها بصورة واضحة ومحددة القانون أو النظام الذي أثير الدفع بعدم دستوريته ونطاق هذا الدفع ووجه مخالفة الدستور خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تبلغه قرار الإحالة إليها.
2- لكل طرف في الدعوى قدّم مذكرة وفق أحكام البند (1) من هذه أن يقدم رداً على ما قدّم من مذكرات من أطراف الدعوى الآخرين خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ تبلغه قرار الإحالة، وللمحكمة أن تقرر الاكتفاء بما قدم من مذكرات مقتضى أحكام البند (1) من هذه الفقرة.
3- لا يجوز تقديم المذكرات المشار إليها في البندين (1) و (2) من هذه الفقرة إلا بواسطة محام أستاذ مارس المحاماة لمدة خمس سنوات أو عمل في وظيفة قضائية لمدة مماثلة قبل ممارسته للمحاماة.
3- يرسل الرئيس نسخة من كل قرار إحالة ورد إلى المحكمة وفق أحكام المادة (11) من هذا القانون إلى كل من:
1- رئيس مجلس الأعيان ورئيس مجلس النواب ولكل منهما أن يقدم رده على الطعن إلى المحكمة خلال عشرة أيام من تاريخ تسلمه.
2- رئيس الوزراء وعليه أن يقدم رده على الطعن إلى المحكمة خلال المدة المحددة في البند (1) من هذه الفقرة.
صلاحيات المحكمة الفصل بالطعن
المحكمة الدستورية هي صاحبة الصلاحية القانونية بالفصل في الطعن المقدمة إليها ومن حق المحكمة أن تطلب أي بيانات أو معلومات تراها ضرورية للفصل في الطعن المقدم إليها وعلى المحكمة أن تصدر أحكامها مسببة بشأن الطعون المقدمة لديها وفق أحكام هذا القانون إما تدقيقاُ، بحيث يتم تدقيق هذا الطعن ودراستها من قبل رئيس وأعضاء هيئة المحكمة ومن ثم إصدار الحكم أو الأحكام تدقيقاً دون حضور أطراف الدعوى، وإما أن يتم الفصل في هذه الطعون في جلسة علنية وفق ما تراه المحكمة مناسباً بحيث يتم دعوة الأطراف إلى جلسة علنية.
وعلى الحكمة أن تفصل في الطعن المحال إليها من المحاكم خلال مدة لا تتجاوز مائة وعشرين يوماً من تاريخ ورود قرار الإحالة إليها وهذا ما تنص عليه الفقرة (ج) من المادة (12) من القانون.
الأحكام تصدر باسم الملك
إن المحكمة مقيدة بنص القانون الذي يتطلب الوجوب عليها بأن تصدر المحكمة حكمها في الطعن المقدم لديها باسم الملك ويكون الحكم الصادر عنها نهائيا وملزما لجميع السلطات والكافة، ويكون الحكم الصادر عن المحكمة نافذ بأثر مباشر ما لم يحدد تاريخاً آخر لنفاذه فإذا أصدرت المحكمة حكماً بعدم دستورية قانون أو نظام نافذ يعتبر القانون أو النظام باطلاً من تاريخ صدور الحكم. وإذا حدد الحكم تاريخاً آخر لنفاذه فنعتبر القانون أو النظام باطلاً من التاريخ المحدد في الحكم. وهذا ما جاء بنص المادة (15) من القانون.
إن المحكمة ملزمة بأن ترسل نسخاً من الأحكام الصادرة عنها فوراً صدورها إلى كل من رؤساء الأعيان والنواب ورئيس الوزراء ورئيس المحلي القضائي ويجب نشر أحكام المحكمة في الجريدة الرسمية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدورها.
صلاحيات المحكمة بتفسير الدستور
إن صلاحيات المحكمة محددة بموجب القانون، فالصلاحية الثانية للمحكمة أنه من حق المحكمة تفسير نصوص الدستور الأردني إذا طلب إليها من الجهات المحددة الثلاثة الحصرية أما بقرار صادر عن مجلس الوزراء أو بقرار يتخذه أحد مجلس الأمة (الأعيان والنواب) بالأغلبية ويكون قرارها نافذ المفعول بعد نشره في الجريدة الرسمية.
وفي حالة تقديم الطعن إلى المحكمة أو طلب التفسير لنصوص الدستور المقدم إليها فإنه يتوجب على المحكمة أن تنعقد بهيئة من تسعة أعضاء على الأقل وفي حال تغيب عضو أو أكثر بمعذرة مشروعة أو تحققت أحدى حالات التنحي تنعقد المحكمة بحضور سبعة من أعضائها على أن يكون من بينهم الرئيس أو من ينوب عنه وتُصدر أحكامها أو تفسيرها للدستور على أن تكون مداولاتها سرية ولا يحق لأحد الحضور و/أو الإطلاع أو نشر أي خبر عن تلك المداولات نظراً لحساسية الموقف.
إن المحكمة الدستورية تعتبر من أهم المحاكم على الإطلاق وقراراتها وأحكامها في غالبيتها ذات صبغة قانونية وسياسية ووطنية وعلى قضاتها مراعاة المصلحة الوطنية ومصلحة المواطن ومصلحة الدولة الأردنية داخلياً وعلى المستوى الدولي. فقرارات المحكمة الدستورية تعتبر من أخطر الأحكام خاصة وأنها تصدر باسم الملك وتكون نهائية وملزمة لجميع السلطات والكافة ويكون الحكم نافذاُ بأثر مباشر ما لم يحدد الحكم تاريخا آخر لنفاذه. ويترتب على الحكم بعدم دستورية القانون أو النظام النافذ اعتباره باطلاً من تاريخ صدور الحكم.
إن إنشاء المحكمة الدستورية العليا في الأردن يعد أعظم إنجاز قانوني وقضائي في تاريخ الأردن الحديث حيث يعد صدور القانون لهذه المحكمة من أهم الإصلاحات الدستورية التي يطالب بها كافة أبناء الشعب الأردني ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والمعارضة السياسية والنقابات المهنية وكافة المختصين من رجال القانون والقضاء وأساتذة القانون في الجامعات الأردنية ومن كافة القوى الإسلامية واليسارية والقومية وفئة الشباب.
أحكام المحاكم الدستورية العربية
إن المحكمة الدستورية العليا في مصر قد أصدرت حكماً بحل كمجلس الشعب وكذلك أصدرت المحكمة الدستورية في الكويت حكماً بحل مجلس الأمة الكويتي. واستندت تلك المحاكم العربية إلى مخالفة القانون والنظام للدستور المصري والكويتي وبالتالي أبطلت الانتخابات النيابة التي جرى على أساسها فوز النواب في تلك المجالس، مما ترتب عليه بطلان مجلس الشعب والأمة. ويتضح من تلك الأحكام في حل مجلس الشعب المصري وحل مجلس النواب الكويتي كان لها دلالات وانعكاسات على الشارع السياسي في كل من مصر والكويت كبيرة. ونظرا لأهمية المحكمة الدستورية العليا ومكانتها في الدولة المصرية باعتبارها أعلى هرم قضائي في مصر، فقد شاهدنا الرئيس الجديد محمد مرسي يحلف اليمين القانونية أمامها رئيسا لمصر في ظل غياب مجلس الشعب والشورى المصري.
أننا ندرك أن هذه الإصلاحات الدستورية بإنشاء المحكمة الدستورية وإقرار قانون الانتخابات وقانون الأحزاب السياسية وقانون الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات هي إنجازات حقيقية، أصبحت موجودة على أرض الواقع الأردني والشارع السياسي مما يعني أنها تلبي الطموحات وتؤسس لمرحلة جديدة وخطوة للأمام لا بل خطوات نحو تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان وتنمية الحياة السياسية والحريات العامة، ونحن نرى إن هذه القوانين قد لا تلبي الطموحات لبعض الجهات الحزبية والسياسية والمعارضة ولا لأبناء الشعب الأردني لكنها بالنتيجة أفضل مما كانت عليه في السابق.
إن بناء النظام السياسي والقانوني للدولة الأردنية، كان يتطلب الإسراع في إنشاء المحكمة الدستورية وإجراء التعديلات الدستورية على الدستور الأردني لأننا نؤسس لمرحلة سياسية جديدة من تاريخ الأردن ونسعى لاستكمال البناء الدستوري والديمقراطي والبرلماني وذلك بإجراء انتخابات نيابية برلمانية على أساس من النزاهة والحياد والشفافية بعيداً عن شبهات الفساد والتزوير لإرادة الشعب.
ونأمل أن تجرى هذه الانتخابات هذا العام 2012، كما أعلن جلالة الملك عبد الله الثاني في أكثر من خطاب أو لقاء أو مؤتمر بأن الانتخابات النيابية سوف تجرى هذا العام تعزيزاً لمصداقية الأردن محلياُ ودولياً.
إن النظام السياسي الأردني استطاع أن ينمو ويتطور سريعاً وأن يلتقط إشارة الربيع العربي بذكاء وحكمة وسرعة الإنجاز في استكمال مراحل البناء الدستوري الديمقراطي وصولاً إلى حكومات برلمانية وحزبية وسياسية، مما يتطلب سرعة إنجاز وإنشاء المحكمة الدستورية العليا استعدادا للمرحلة الجديدة من تاريخ الأردن الحديث.
اترك تعليقاً