التنظيم الانتقائي للقروض
تهدف هذه الإجراءات الانتقائية إلى تسهيل الحصول على أنواع خاصة من القروض أو مراقبة توزيعها أحيانا.
عادة ما تكون هذه القروض في شكل سقوف مخصصة لأهداف معينة والهدف من هذه الإجراءات هو التأثير على اتجاه القروض نحو المجالات المراد النهوض بها أو تحفيزها والتي تتماشى وأهداف السياسة الاقتصادية للدولة، ولهذا يمكن اتخاذ بعض الإجراءات:
كتحديد مبلغ القرض الذي يسمح للبنوك التجارية أن تمنحه إلى عدد معين من المقترضين، بالإضافة إلى تحديد مبالغ وتاريخ استحقاق القروض الموجهة للاستعمالات الخاصة، كما يجب التعريف بأنواع القروض الممنوعة التقديم إطلاقا، لابد من الإشارة أن استعمال هذه الإجراءات الانتقائية قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار في بعض القطاعات وبالتالي وجود حالة تضخمية هذا بالإضافة إلى ظهور بعض المشاكل الإدارية، كأن تقوم الفئة المحددة من المقترضين بتحويل رؤوس أموالهم إلى نشاطات أقل أهمية الأمر الذي يتطلب متابعة ومراقبة صارمتين.
2-3- النسبة الدنيا للسيولة
قد يقوم البنك المركزي بإجبار البنوك التجارية على أن تحتفظ بنسبة معينة (دنيا) يتم تحديدها عن طريق بعض الأصول،وهذا تجنبا لخطر إفراد هذه البنوك في الاقتراض بسبب ما لديها من أصول مرتفعة السيولة، وهذا عن طريق التجميد بعض الأصول في محافظ البنوك التجارية ومن ثم الحد من الاقتراض.
2-4-فرض أسعار تفاضلية لإعادة الخصم
والهدف من هذا هو التأثير على الأنشطة الاقتصادية بتشجيع بعضها دون البعض الآخر،وذلك عن طريق خفض أو رفع سعر إعادة الخصم فمثلا رفع سعر إعادة الخصم لصناعة معينة للحد من ذلك النوع من الصناعات كما قد يخفض سعر إعادة الخصم هذا لتشجيع هذا النوع من الصناعة وهكذا.
2-5- تغيير شروط الاحتياطي القانوني
ويقصد بالتغيير الشروط وليس النسبة فقد يحدث مثلا إذا ما أرادت السلطة النقدية تشجيع صناعة معينة أو مجال معين فإنه يمكن لها أن تستعمل ما يسمى بالقروض الخاصة بتلك الصناعة ضمن الاحتياطي القانوني فإذا كانت نسبة الاحتياطي القانوني 30% من قيمة الودائع البالغة مليون وحدة نقدية في إحدى البنوك، وقد كانت القروض المطلوبة 100 ألف وحدة نقدية، فهذا يعني أن البنك وطبقا لهذه الأداة يستطيع إقراض 800 ألف وحدة نقدية بدلا من 700ألف وحدة نقدية.
2-6- الودائع المشروطة من أجل الاستيراد
الهدف من هذا الإجراء هو دفع المستوردين إلى إيداع المبالغ اللازمة لسديد ثمن الواردات وفي صور ودائع لدى البنك المركزي لمدة معينة وبما أنّ المستوردين في غالب الأحيان هم غير قادرين عن تجميد أموالهم فهم يلجؤون عادة إلى الافتراض، ومنه تعمل هذه الأداة على تقليل حجم القروض في الاقتصاد هذا بالإضافة إلى رفع تكلفة الواردات.
—
2-7- قيام البنك المركزي ببعض العمليات المصرفية
عندما تكون أدوات السياسة النقدية محدودة الأثر، فعندئذ يلجأ البنك المركزي لهذه الوسيلة أين يقوم ببعض العمليات التي هي من اختصاص البنوك التجارية وبها يصبح البنك المركزي منافس للبنوك التجارية، حيث يقوم بمهامها بصفة دائمة أو استثنائية كأن تمنع أو تعجز البنوك التجارية على منح القروض لبعض القطاعات الأساسية في الاقتصاد والتي هي بحاجة ماسة إلى موارد مالية، فعندئذ يكون البنك المركزي مجبر على تقديم هذه القروض مباشرة إلى الراغبين فيها.
2-8- تنظيم معدلات الفائدة
عندما تمنح البنوك القروض تحصل على فوائد، وحتى يكون نشاط البنوك مفيدا ومربحا يجب أن تأخذ بعين الاعتبار أسعار الفوائد المدينة، وهي الفوائد التي تدفع من طرف الزبائن مقابل القروض التي تمنحها لهم البنوك، إضافة إلى أسعار الفوائد الدائنة وهي الفوائد التي تمنحها البنوك مقابل الودائع لأجل الودعة لديها من طرف أصحابها.
بحيث يجب أن تكون الفوائد التي تتحصل عليها البنوك أكثر من الفوائد التي تدفعها، ولهذا يترتب على تحديد سقف لمعدلات الفائدة على الودائع والقروض ما يلي:
– حماية منافسي البنوك (المؤسسات المالية غير المصرفية) كي تتمكن من جلب المودعين.
– تنظيم الهامش فتحديد سقف لسعر الفائدة من شأنه تنظيم الهامش الذي يحصل عليه البنك من خلال الفرق بين الفوائد المحصلة والمدفوعة.
– بالرغم من توفر كل هذه الأدوات الكمية منها والكيفية، فقد تلجأ الدولة إلى أدوات أخرى تتمثل في التعليمات المباشرة.
3-التعليمات المباشرة
يستخدم البنك المركزي أحيانا إلى جانب الأدوات المذكورة سابقا الكمية منها والكيفية التي تؤثر في حجم الائتمان أدوات أخرى يطلق عليها اسم أدوات التدخل المباشر، وخاصة في حالة عدم تحقيق البنك المركزي لأهداف السياسة النقدية باستخدام الوسائل الكمية والكيفية، كذلك في حالة رغبة من البنك المركزي في زيادة فعاليتها.
عندئذ يتبع البنك المركزي سياسة النصح والإرشاد، وتقديم المشورة إلى البنوك التجارية والتي تعتبر أو تمثل جزء من سياسته في توجيهه الائتمان والتي تهدف إلى تحقيق أهداف معينة لها علاقة بالائتمان المصرفي.
هذه التوجيهات والإرشادات قد تتم عن طريق أسلوب الإقناع المعنوي أو وما يسمى بالنفوذ الأدبي أو الأوامر والتعليمات المباشرة التي يقوم بإصدارها البنك المركزي وتكون ملزمة للبنوك التجارية.
3-1-الإقناع الأدبي
تستخدم هذه الوسيلة عندما يلاحظ أن ميكانيزم السوق لا يتماشى مع المصلحة العامة ويستخدمها البنك المركزي في التأثير على البنوك التجارية كي تسير في الاتجاه الذي يرغبه. وذلك عن طريق قيام البنك المركزي بمناشدة البنوك التجارية بزيادة أو خفض حجم الائتمان في مجال معين بوسائل منها الاقتراحات والتحذيرات الشفهية أو الكتابية.
فإذا لاحظ البنك المركزي أن التوسع في حجم الائتمان من طرف البنوك التجارية ينعكس سلبا على المصلحة العامة،فعندئذ يطلب من هذه البنوك تخفيض حجم الائتمان دون اللجوء إلى تطبيق سياسة سعر إعادة الخصم أو السوق المفتوحة أو نسبة الاحتياطي القانوني، ونظرا للعلاقة المتينة بين البنك المركزي والبنوك التجارية باعتباره بنك البنوك والملجأ الأخير للإقراض، فعندئذ تكون البنوك التجاري ملزمة بالإقناع الأدبي وبالتالي فإن الإقناع الأدبي هو عبارة عن مجرد قبول البنوك التجارية بتعليمات وإرشادات البنك المركزي أدبيا بخصوص تقديم الائتمان وتوجيهه حسب الاستعمالات المختلفة[1].
كما قد يضغط البنك المركزي على البنوك التجارية بهدف تشجيع القطاع الزراعي لكي تزيد من إقراضها إليه على حساب القطاعات الأخرى مثلا تنفيذ سياسة نقدية توسعية للقطاع الأول لتحفيزه للعمل، كما يمكن للبنك المركزي أن يضغط بسياسة انكماشية عامة لفرض الإقناع المعني (الأدبي) على البنوك التجارية لكي تسير وفق سياسته. وغالبا ما تأخذ البنوك التجارية برأي البنك المركزي لكونه الملجأ الأخير للحصول على موارد نقدية.
3-2- الإعلام
ويكون ذلك عن طريق قيام البنك المركزي بوضع الحقائق والأرقام عن حالة الاقتصاد الوطني أمام الرأي العام، كتفسير وأدلة للأسباب التي جعلته يتبنى سياسة معينة لتوجيه حجم الائتمان، الأمر الذي يجعل البنوك التجارية في موقف لا يمكنها معه تجاهل أرائه بل الأخذ بها.
من الجدير ذكره في الأخير هو أن الاقتصاد كلما كان متقدما ازداد استخدامه للأدوات الكمية للسياسة النقدية من سياسة سعر إعادة الخصم إلى سيادة السوق المفتوحة إضافة إلى نسبة الاحتياطي القانوني نتيجة توفر سوق مالية ونقدية متقدمة ببنيتها الفنية الكاملة وعلاقاتها وعمق تواصلها.
في حين وعلى العكس مما ذكرناه آنفا نجد في الدول النامية الاعتماد بشكل كبير على الوسائل الكيفية (المعنوية) في السياسة النقدية وذلك على حساب الأدوات الكمية نظرا لعدم وجود سوق مالية ونقدية متقدمة فيها.
فإن كانت السياسة النقدية على هذه الأهمية في تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية الكلية كذلك السياسة المالية وسيلة من وسائلها فهنا السؤال يطرح نفسه فما نوع العلاقة الموجودة بين كل من السياسة المالية والسياسة النقدية في إطار السياسة الاقتصادية الكلية للدولة؟
وهذا ما نحاول البحث فيه في النقطة الموالية.
[1]- ضياء ومجيد الموسوي ، الإصلاح النقدي، دار الفكر، الجزائر ، 1993 الطبعة الأولى، ص 39.
اترك تعليقاً