يكاد يكون الفقه متفقاً على وجوب تحقق شروط معينة لقيام نظرية الضرورة وهذه الشروط منها ما يتعلق باللجوء الى هذه الحالة او بتطبيقها وسنتناولها فيما يأتي :
أولا : شروط اللجوء لنظرية الضرورة(1) :
الشرط الأول : قيام خطر جسيم وحال ومن شأن هذا الخطر تهديد المصالح الحيوية للبلاد . فقد يتخذ هذا الخطر شكل تهديد الوحدة الوطنية للبلاد او تهديد سلامة واستقلال ارض الوطن او يتخذ شكل الاضطرابات الداخلية بحيث يؤدي الى اضطرابات في سير السلطات العامة للدولة ويمنعها من تنفيذ تعهداتها الدولية . ويشترط في هذا الخطر ان يكون جسيماً أي ان يتعدى حدود المخاطر العادية والمتوقعة في حياة الدولة فهو خطر غير مألوف من حيث النوع وكبير من حيث المدى ، اما كونه حالاً فهذا يعني ان لا يكون مستقبلاً وإلا يكون قد وقع وانتهى اذ انه في هذه الحالة يُعد مجرد واقع له آثاره(2) . كذلك يجب الا يكون مبنياً على الوهم والخيال الذي تتصوره السلطة التنفيذية فالخطر الحال الذي يكون قد وقع فعلاً وهو وشيك الوقوع دون ان يكون قد انتهى بحيث لا تجد الإدارة أية فرصة للجوء الى وسيلة أخرى لمواجهته .
والشرط الثاني : للجوء الى نظرية الضرورة استحالة إمكان الالتجاء الى الطرق القانونية العادية لدرء ذلك الخطر(3) . أي انه يجب ان تكون إجراءات الضرورة لازمة حتماً لمواجهة الخطر الجسيم الحال بمعنى انه يتعين ان تقوم استحالة تجعل من اتخاذ إجراءات الضرورة الوسيلة الوحيد الممكنة لدفع الخطر ودرء الضرر وبمفهوم المخالفة اذا كانت الوسائل القانونية العادية كافية لمواجهة الازمة اصبح اللجوء الى إجراءات الضرورة مفتقراً لشرط من شروط اللزوم(4) .
ثانياً : شروط تطبيق نظرية الضرورة(5)
1 ــ ان الضرورة تقدر بقدرها ومن مقتضى هذه القاعدة ان تكون هنالك ارتباط وتناسب بين حالة الضرورة والإجراءات المتخذة لمواجهتها وحيث سبق وان بينا أيضا بأن سلامة الدولة هو الهدف من الإجراءات الاستثنائية لذا فأن هذه الإجراءات يجب ان تقف عند حد المحافظة على هذا الهدف وهو سلامة الدولة وهذا الشرط هو من أهم شروط تطبيق نظرية الضرورة وبإجماع الفقهاء . وعليه من شأن هذا الشرط ان يحد من سلطات الضرورة والحد من تزايدها .
2ــ والشرط الثاني هو عدم جواز ان تتدخل لوائح الضرورة في المجال المحتجز للقانون وهو مجال يحدده الدستور بنفسه او ينوب عنه او يكمله القضاء بالاستعانة بالفقه مثل موضوع تنظيم القضاء وتسييره . كما ان اجماع الفقهاء يذهب الى انه لا يجوز لسلطة الضرورة تعديل الدستور جزئياً او كلياً ما لم ينص الدستور نفسه على ذلك والا خرجنا من دائرة الدولة القانونية ومبدأ المشروعية الى دائرة الانقلابات والثورات واندماج السلطات .
3ــ واخيراً يتعين انهاء تطبيق نظرية الضرورة بمجرد انتهاء الظروف الاستثنائية التي دعت الى تطبيقها وهنا يفرق الفقهاء بين نوعين من التشريعات التي تصدر استناداً للضرورة
النوع الاول : التشريعات التي تتعلق بسلامة الدولة وحمايتها وهذه تسقط بمجرد اختفاء شروط اللجوء الى حالة الضرورة .
والنوع الثاني : التشريعات التي تستهدف حسن سير الإدارة وهذه تظل سارية لان الباعث عليها ليست الأحداث والظروف ذاتها .
__________________
1- انظر في ذلك : د . ملحم الحاج علي – نظرية الضرورة في القانون الدستوري– جامعة جوبا – الخرطوم – 1999 ص22 .
2-د . سامي جمال الدين – لوائح الضرورة – منشأة المعارف – الإسكندرية – سنة 1982 ص23 .
3- د . عبد الحميد متولي – القانون الدستوري والأنظمة السياسية –منشأة المعارف – الإسكندرية – سنة 1975 – 1976 ص212 .
4- د . محمود حافظ – نظرية الضرورة – رسالة دكتوراه بالفرنسية مقدمة الى جامعة باريس – 1953 ص165 – 172 د .وجدي ثابت غربال – السلطات الاستثنائية لرئيس الجمهورية – منشأة المعارف – الاسكندرية – 1988 – ص42 .
5- د . ملحم الحاج علي – نظرية الضرورة في القانون الدستوري – مرجع سابق -ص24 .
د . سامي جمال الدين – لوائح الضرورة – مرجع سابق – ص150 .
المؤلف : حسن ضياء حسن الخلخالي
الكتاب أو المصدر : نظرية الضرورة كاستثناء على مبدا سمو الدستور
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً