عند الرجوع الى ماهية الاعفاء الضريبي، نجد ان له العناصر التالية:
العنصر الاول: ان الاعفاء ميزة تمنحها السلطة العامة بنص القانون،
العنصر الثاني: ان الاعفاء ميزة ممنوحة للاشخاص الطبيعيين والاشخاص المعنويين.
العنصر الثالث: ان الاعفاء يستهدف جملة من الاهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
اولاً: العنصر الاول: ان الاعفاء ميزة تمنحها السلطة العامة بنص القانون:-
تذهب معظم التشريعات الضريبية(1) الى ايراد نصوص خاصة تمنح من خلالها الاعفاء الضريبي مع مراعاة الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي يمر بها البلد. ان هذا الاعفاء الضريبي المقرر للمكلف قد يكون بتشريع عام او بتشريع خاص. ويلاحظ ان الاعفاء الضريبي له آثاره الايجابية من الناحية المالية حيث تعود على الدولة والمكلف في آن واحد. فمثلاً الاعفاء المقرر للمكلف لمواجهة الاعباء العائلية، فهو امتياز تشريعي هدفه تحقيق الرفاهية له(2). كما يمكن استخدام الاعفاء الضريبي في تطوير الصناعة وتشجيع التجارة(3). وتلافي الازدواج الضريبي. ان هذه الميزة القانونية تمنحها السلطة العامة، لان الاخيرة تسعى دائماً الى تحقيق المصلحة العامة، هذه المصلحة تستدعي ان تكون هذه السلطة هي الوحيدة القادرة على فرض الضريبة. ويلاحظ ان السلطة العامة عندما تقرر الاعفاءات الضريبية، تراعي طبيعة النظام الاقتصادي والاجتماعي السائد فيها. فالدول المتقدمة تعمد الى استخدام الاعفاء كوسيلة دعماً للمشاريع الاحتكارية(4). اما في الدول النامية فانها تعمد الى استخدام الاعفاء كوسيلة دعماً لتنمية اقتصادها الوطني(5).
ثانياً: العنصر الثاني: الاعفاء الضريبي ميزة تمنح الاشخاص الطبيعيين والمعنويين:-
يعتبر القانون الضريبي فرعاً من فروع القانون العام ولذلك يسعى الى ابراز ذاتيته المستقلة(6). وذلك من خلال تمييزه بين الاشخاص الطبيعية والاشخاص المعنوية(7). وهذا مافعله المشرع الضريبي العراقي عندما ميز بين الشركات ذات الاعتبار المالي(8). (الشركات المساهمة والشركات المحدودة) والشركات ذات الاعتبار الشخصي (كشركات التضامن والتوصية) اذ عامل الاخيرة معاملة الاشخاص الطبيعية عند خضوعها للضريبة وسماها المشاركات(9). وكذلك الحال بالنسبة للاعفاء الضريبي، فان المشرع العراقي منح اعفاء الحد الادنى للمعيشة (السماحات) للشخص الطبيعي من دون الشخص المعنوي كذلك منح الشخص المعنوي اعفاءات خاصة لم تمنح للشخص الطبيعي وذلك من اجل تشجيع الاستثمار المالي وجذب رؤوس الاموال الى البلد(10).
ثالثاً: العنصر الثالث: الاعفاء الضريبي ميزة تمنح لتحقيق جملة من الاهداف السياسية والاجتماعية والاقتصادية:-
يعد الاعفاء الضريبي في أي نظام ضريبي لدولة ما، احد ادوات السياسة الضريبية الفاعلة في التوجيه الاقتصادي والاجتماعي. لا بل انه يبغي تحقيق جملة من الاهداف السياسية والاجتماعية والاقتصادية من اجل تحقيق التنمية الشاملة وعلى المستويات كافة. فعلى سبيل الاهداف السياسية للاعفاء الضريبي، مثلا قيام المشرع العراقي الغاء نظام الامتيازات الاجنبية في العراق على اثر سقوط النظام الملكي فيه عام 1958، فهي وسيلة مهمة في دعم القضايا الوطنية والدولية(11). اما الاهداف الاجتماعية للاعفاء الضريبي، فقد تتعدد تلك الاهداف بتعدد حاجات المجتمع، فقد يستخدم في تحقيق العدالة الاجتماعية عن طريق تقريب الفجوة بين ذوي الدخول المرتفعة والدخول المنخفضة وذلك من خلال فرض اسعار تصاعدية مرتفعة على ذوي الدخول المرتفعة، في الوقت الذي تمنح فيه الاعفاءات لذوي الدخول المنخفضة(12). اما الاهداف الاقتصادية، فان الاعفاء الضريبي يعد وسيلة فاعلة لتطوير النشاط الاقتصادي، كما فعل المشرع الضريبي العراقي عندما استخدم الاعفاء كوسيلة لتطوير صادرات النفط والغاز في العراق دعماً لتجارته الخارجية(13)، كذلك مافعله المشرع العراقي عندما اعفى المشروعات المشمولة بقانون الاستثمار العربي رقم 62 لسنة 2002 من الخضوع لضريبة الدخل(14).
__________________
1- انظر المادة (7) من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة 82 المعدل.
2- انظر القانون رقم 57 لسنة 2001 المعدل لقانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة 82 وبموجبه عدّلت المادة (12) من القانون بحيث زاد من مبلغ السماحات القانونية الممنوحة للمكلف واسرته.
نشر القانون اعلاه بجريدة الوقائع العراقية بالعدد 3888 في 23/7/2001.
3- انظر قانون الاستثمار العربي رقم 62 لسنة 2002 والمنشور بالوقائع العراقية بالعدد 3959 في 2/12/220 وجاء في اسبابه الموجبة (… وبغية منح هذه المشاريع الامتيازات والاعفاءات من الرسوم والضرائب…) كذلك انظر المواد (10 و11 و12) من القانون انف الذكر.
4- جليل فريد طريف- المعاملة الضريبية للاستثمار العربي الوافد الى الاردن ندوة المعاملة الضريبية للاستثمار العربي الوافد الى الاقطار العربي، عمّان- 1984- ص6. مشار اليه في مؤلف: عمار فوزي المياحي- الاعفاء الضريبي- مصدر سابق- ص12.
5- Rezends، Income Taxation and Fiscal Equity، Razilian conomic Studies، 1975، P.105.
6- د. عوض فاضل الدليمي- دين الضريبة محمول لامطلوب- بحث منشور في مجلة الرشيد المصرفي- العدد السادس- السنة الثالثة/ آب/ 2002- ص38-40.
7- د. محمد سعيد عبد السلام- دراسة في مقدمة علم الضريبة- مصدر سابق- ص73.
8- منح المشرع الضريبي الشخصية المعنوية للشركات ذات الاعتبار المالي فقط وحجبها عن الشركات ذات الاعتبار الشخصي. انظر الفقرة (6 و7) من المادة (1) من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة 82 المعدل.
9- عرّف المشرع المشاركات، انها الشركات الاخرى عير المذكورة في الفقرة (6) كشركات التضامن. راجع المطلب الثاني من المبحث الثالث من الفصل الاول من رسالتنا- ص63.
0[1]- انظر المادة 10 و11 من قانون الاستثمار العربي رقم 62 لسنة 2002.
1[1]- حسن محمد علي- قانون ضريبة الدخل- مصدر سابق- ص118-119.
2[1]- د. عبد الكريم صادق بركات- النظم الضريبية- مصدر سابق- ص68. وعلى سبيل المثال صدرت عدة قرارات وقوانين تبغي تحقيق اهداف اجتماعية عدّة منها:-
قرار مجلس قيادة رقم (72) لسنة 93 والمنشور في الوقائع العراقية بالعدد 3456 في 3/5/1993 والخاص بإعفاء الدخول الناجمة لسائقي سيارة الاجرة (التاكسي) والناجمة عن استخدامها من ضريبة الدخل.
كذلك انظر قانون الجامعات والكليات الاهلية رقم (13) لسنة 96 والمنشور في الوقائع العراقية بالعدد 3634 في 9/9/1996 وبموجبه تم اعفاء الايرادات التي تتكون منها مالية الجامعة او الكلية الاهلية.
3[1]- الفقرة (24) من المادة (7) من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة 82 المعدل.
4[1]- انظر على سبيل المثال:- قرار مجلس قيادة الثورة (32) لسنة 97 في 4/5/1997 والمنشور بالوقائع العراقية بالعدد (3170) في 19/5/1997 وبموجبه تم اعفاء الفائدة على حوالات الخزينة التي تصدرها وزارة المالية من ضريبة الدخل. كذلك قانون الاستثمار الصناعي للقطاعين الخاص والمختلط في العراق رقم (20) لسنة 98 في 18/7/1998 والمنشور في الوقائع العراقية بالعدد 3733 في 3/8/1998 كذلك قرار مجلس قيادة الثورة المرقم (170) في 19/10/1998 والمنشور بالوقائع بالعدد 3748 في 16/1/98 وبموجبه تم اعفاء مشاريع الاستثمار في المناطق الحرة ورؤوس الاموال المستثمرة بها والارباح والفوائد السنوية الناجمة عنها من ضريبة الدخل.
المؤلف : خيري ابراهيم مراد.
الكتاب أو المصدر : المعاملة الضريبية للشخص غير المقيم في قانون ضريبة الدخل العراقي
الجزء والصفحة : ص139-141
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً