تحريك الدعوى الجزائية في القانون العراقي
سعد عزت السعدي
الحوار المتمدن-العدد: 5816 – 2018 / 3 / 15 – 10:11
المحور: دراسات وابحاث قانونية
الحق هو كل مصلحة مادية أو أدبية يحميها القانون ومهمة القانون هي تنظيم حقوق الأفراد وواجباتهم وكفالة احترام المجموع لهذه الحقوق، بحيث تصبح قائمة غير معتدي عليها – وطبيعة الحياة الاجتماعية تقتضي اشتباك المصالح وتعارض حقوق الأفراد والتنازع عليها، فيجب أن يظل إشراف القانون قائمًا في هذا الخصوص ليحسم ما يجد من خلافات ويفض ما يثور من منازعات وهذا الإشراف المباشر على اشتباك الحقوق، ويعهد به القانون إلى سلطة تسهر عليه وتتوفر له وهي سلطة القضاء.
وعلى هذا الوجه تكون الدعوى هي الوسيلة القانونية التي يتوجه بها الشخص للقضاء للحصول على تقرير حق له أو حمايته وكان التعريف التقليدي للدعوى أنها حق الشخص في المطالبة أمام القضاء بكل ما له أو ما يكون واجب الأداء له.
ان الدعوى الجزائية وكما هو معلوم هي البدء في تسييرها ومباشرتها امام الجهات المختصة ويعتبر التحريك هو اول استعمال لها .
1 – الجرائم التي لاتحرك فيها الدعوى الجزائية الا بناء على شكوى مقدمة من المشتكي وغالبا ما يكون هو المجني عليه او أحد المقربين منه، هنا تحرك الدعوى الجزائية بمجرد تقديم هذه الشكوى الى الجهة المختصة، والجهة المختصة هي قاضي التحقيق والمحقق وأي مسؤول في مركز الشرطة وأي من اعضاء الضبط القضائي .
ولايعتبر تقديم الشكوى امام الادارة او امام أحد حراس المحكمة تحريكا لها، بل يجب ان يكون المستلم لهذه الشكوى شخصا مختصا اختصاصا وظيفيا وقانونيا لاستلامها وتلقيها.
2 – الجرائم التي لا تحرك فيها الدعوى الجزائية بشكوى من المشتكي وهنا يكون للادعاء العام الدور البارز في تحريكها فان مجرد طلب الادعاء العام من قاضي التحقيق او المحقق التحقيق مع المتهم او قيام الادعاء العام بتكليف احد اعضاء الضبط القضائي بجمع المعلومات عن الواقعة لغرض التحقيق يعد تحريكا لها .
حيث نصت المادة 1- أ من قانون اصول محاكمات العراقي على انه : تحرك الدعوى الجزائية بشكوى شفوية او تحريرية تقدم الى قاضي التحقيق او المحقق او أي مسؤول في مركز الشرطة او اي من اعضاء الضبط القضائي من المتضرر من الجريمة او من يقوم مقامه قانونا او اي شخص علم بوقوعها او بإخبار يقدم الى اي منهم من الادعاء العام مالم ينص القانون على خلاف ذلك. ويجوز تقديم الشكوى في حالة الجرم المشهود الى من يكون حاضرا من ضباط الشرطة ومفوضيها.
وفي القانون العراقي فأن تحريك الدعوى الجزائية اولا للمشتكي وثانيا للشخص الذي علم بوقوع الجريمة وثالثا للادعاء العام اي ان الادعاء العام هو احدى الجهات التي تكون من اختصاصها تحريك الدعوى الجزائية وليس له الدور الرئيسي .
وكما هو معلوم ان الشكوى قد تقدم شفويا وفي هذه الحالة يكون المشتكي قد قصد تحريكها جزائيا فقط دون الجانب المدني الا اذا طلب صراحة المطالبة بالجانب المدني اما اذا قدمت تحريريا فانه يعني ان المشتكي قد طلب تحريك الدعوى من الجانبين الجزائي والمدني و تجدر الإشارة إلى أنّ المشرع العراقي في قانون أصول المحاكمات الجزائية النافذ كان قد قسم تحريك الدعوى الجزائية إلى طريقين هما:
1 – الشكوى:- وهي كما ذكرت آنفاً (إخبار يتقدم به المجني عليه -المتضرر من الجريمة- أو من يقوم مقامه قانوناً إلى السلطة المختصة قانوناً,وهي قد تكون شفوية وقد تكون تحريرية).
2 – الإخبار:- وهو الطريق الثاني من طرق تحريك الدعوى الجزائية (فالدعوى الجزائية تحرك أيضاً بإخبار يتقدم به أي شخص علم بوقوع الجريمة إلى الإدعاء العام, والإدعاء العام بدوره يقوم بتقديم الإخبار إلى أي ممن ذكر في المادة 1 من القانون المذكور أعلاه, والمخبر قد يكون معلوم الهوية وقد يكون مجهول الهوية – أو ما يسمى بالمخبر السري-).
مما تجدر الإشارة إليه أيضاً أنّ المشرع العراقي عاد مرة ً أخرى ليميز بين تحريك الدعوى الجزائية في حالة الجرم العادي والجرم المشهود , ويثور السؤال هنا من يملك صلاحية تحريك الدعوى الجزائية:
فقد تضمن في المادة 3 من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي والمرقم 23 لسنة 1971 , المعدل وقد حددت تلك المادة الجهات أو الأشخاص الذين لهم حق تحريك أو اقامة الدعوى الجزائية باعتبارهم متضررين وهذه الجرائم تمسهم بشكل مباشر. واما عن كيفية سقوط الدعوى الجزائية ففي القانون العراقي تضمن قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1973 الى ذلك في نص المادة 304 .
حيث من الممكن إن يتوفى المتهم إثناء سير التحقيق أو في دور الإحالة قبل محاكمته ، أو بعد إن تقوم المحكمة بإجراءاتها أو بعد صدور قرار الحكم قبل تنفيذه ، وفي جميع تلك الصور يشترط إن تكون هناك مساءلة قانونية للمتهم في قضايا لم يتم حسمها أو صدر قرار بات بها من محكمة مختصة ، ووفق ما ورد أعلاه يقوم قاضي التحقيق بوقف الإجراءات بحق المتهم اذا توفي في دور التحقيق ، كما تقوم المحكمة بإيقاف الإجراءات وقفا نهائيا أذا توفي المتهم في دور المحاكمة.
وتسقط الجريمة بوفاة المحكوم عليه قبل صيرورة الحكم باتا ونهائيا ، ويحق لمن تضرر من الجريمة إن يراجع المحاكم المدنية للمطالبة بحقوقه ، أما اذا توفى المحكوم بعد صيرورة الحكم باتا ونهائيا فيتم إسقاط العقوبة وما يلحق بها من تدابير ، على إن وفاة احد المتهمين مع وجود عدد من المتهمين في قضية أخرى لايؤدي الى وقف الإجراءات وانقضاء الدعوى عن المتبقين منهم ، ولاينسحب قرار إيقاف الإجراءات بحق المتوفى الى غيره من المتهمين ، ولايمنع هذا القرار من استمرار إجراءات التحقيق أو المحكمة حسب مقتضى الحال .
واخيرا التنازل , أن استعمال المجنى عليه حقه فى الشكوى وذلك بتقديمها للنيابة العامة من شأنه أن تسترد هذه الاخيرة حريتها في ملاحقة ومحاكمة المدعى عليه، ونضيف الان ان التنازل عن الشكوى هو الوجه الاخر لهذا الحقن إذ يعبر به المجنى عليه عن إرادته فى عدم ملاحقة المدعى عليه اذا لم تكن تلك الملاحقة قد بدأت او فى عدم الاستمرار فى إجراءات الدعوى اذا كانت قد بدأت أمام جهات التحقيق.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً