تعريف الخسائر الضريبية من الناحية الفقهية :
اهتم فقهاء القانون بالخسائر التي يتعرض لها المكلف خلال مزاولته لنشاطه الاقتصادي، وجاء هذا الاهتمام كنتيجة لأهمية الآثار التي تترتب على الخسائر وما تسببه من نقص في رأس المال المستثمر. ويلاحظ من خلال مطالعة شروحات الفقهاء إن الفقه القانوني أكثر وضوحاً من التشريعات الضريبية في بيان مفهوم الخسائر الضريبية أو التعريف بها بالرغم من قلة الآراء الفقهية بشأن الخسائر، إضافة لذلك فإن الفقه القانوني كان أكثر وضوحاً في بيان أنواع الخسائر وما يكون منها واجب الخصم من وعاء الضريبة من عدمه، كالخسائر العرضية أو ما تسمى بالخسائر الناجمة عن الحوادث المضرة وكذلك الخسائر الناجمة عن التصرف بالأصول الثابتة للمنشأة أو المشروع أو ما تسمى بالخسائر الرأسمالية، وأخيراً الخسائر المترتبة عن مزاولة النشاط العادي من قبل المكلف. اتجه بعض الفقه إلى تعريف الخسائر على إنها: (النقص الحقيقي الذي يصيب مصدراً أو بعض المصادر العائدة للمكلف والتي يتولد عنها الدخل الذي يخضع للضريبة، ويثبت هذا النقص بوثائق مقبولة قانوناً خلال الفترة المالية لنشاط المكلف)(1). وذهب فريق آخر إلى تعريف الخسائر بأنها: (النقص الفعلي في أصول المنشأة وحقوقها تجاه الغير وما تفقده من مبالغ وما تتحمل به من التزامات، أو ما تتعرض إليه من خسائر عرضية)(2).
وكذلك عرفت الخسائر بأنها كل نقص يصيب أصلاً أو أصولاً عائدة للمكلف والتي يتولد عنها الدخل، مع عدم حصول المكلف على تعويض يقابل هذا النقص كما هو الحال في السرقة والحريق مثلاً(3). ويترتب على النقص الذي يلحق أصلاً أو مجموعة من الأصول العائدة أو المملوكة للمكلف سواءً كان شخصاً طبيعياً أو معنوياً تقليل الدخل الذي يحصل عليه المكلف والذي يتولد من هذه الأصول وبالتالي قلة الأرباح الخاضعة للضريبة إذا لم تنعدم كلياً نتيجة لهذا النقص، ولكن إذا حصل المكلف على تعويض مقابل هذا النقص كالمبلغ الذي يحصل عليه المكلف من شركات التأمين لقاء البضاعة التي احترقت، وبشرط أن يكون هذا التعويض عادل، فلا يكون المكلف في هذه الحالة قد تعرض إلى خسارة، أي انعدام الخسارة.
وبناءً على ما تقدم يمكن القول إن الخسائر هي :
النقص الحقيقي والنهائي في رأس المال والذي ينتج بمناسبة تصرف المكلف ومزاولته لنشاطه الاقتصادي سواءً كان المكلف شخصاً طبيعياً أو معنوياً (كالشركة بفروعها)، ويكون لهذا النقص تأثيراً على النشاط الاقتصادي للمكلف من حيث التقليل من الدخل الذي يحصل عليه هذا المكلف، وتكون هذه الخسائر أو هذا النقص مؤيداً بوثائق ومستندات أصولية منتظمة مقبولة قانوناً وتقتنع بها السلطة المالية، وأن لا يقابل هذا النقص الحقيقي تعويض عادل يحصل عليه المكلف. ولمفهوم الخسائر الضريبية عناصر معينة لا بد من توافرها وهي: –
أولاً: أن يكون هناك نقص حقيقي وفعلي يصيب رأسمال المكلف (أموال منقولة أو أموالاً غير منقولة)، كهلاك الآلات والمعدات المخصصة لإنتاج الدخل والحصول على الربح.
ثانياً: أن يحصل هذا النقص بمناسبة ممارسة المكلف لنشاطه الاقتصادي أو التجاري، أو تكون هذه الخسارة لها علاقة ومتصلة بنشاط المكلف الاقتصادي، كالخسائر الناجمة عن الحوادث المضرة أو (العرضية).
ثالثاً: أن يكون هذا النقص أو هذه الخسارة مؤيدة وثابتة بموجب وثائق رسمية.
رابعاً: أن لا يكون المكلف قد حصل على تعويض يقابل هذا النقص المؤكد والفعلي.
____________________
1-د. طاهر الجنابي، علم المالية العامة والتشريع المالي، دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة الموصل، 1989، ص214.
2- د. مدحت عباس أمين، دراسات وبحوث ضريبية، وزارة المالية ، الهيئة العامة للضرائب، أيلول، 1984، ص22.
3- د. حسين خلاف، ضريبة الأرباح التجارية والصناعية، الطبعة الأولى، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة ، 1959، ص299.
تعريف الخسائر الضريبية من الناحية التشريعية :
إن التشريعات الضريبية بالرغم من خروجها عن القاعدة العامة وهي قاعدة (استقلال السنوات المالية) من حيث معاملتها للخسائر، إلا إنها لم تبين مفهوم هذه الخسائر أو التعريف بها ضمن النصوص الخاصة بمعاملة الخسائر. إن نصوص التشريعات الضريبية اكتفت ببيان القاعدة العامة التي تتولى معالجة الخسائر والتي تسير عليها السلطة المالية عند تقدير الدخل وفرض الضريبة عليه(1). كذلك نجد إن التشريعات الضريبية قد نصت وتضمنت لفظ (الخسارة) بشكل مطلق من دون تحديد لنوع الخسائر، أو ما يجب خصمه من هذه الأنواع دون غيره. فالتشريع الضريبـي الأردني مثلاً تضمن معاملة الخسائر الضريبية ، وقد نظم المشرع الضريبـي الأردني معاملة الخسائر التي يتعرض لها المكلف في المادة العاشرة من القانون الضريبـي الأردني والتي نصت على(2) :
(أ. إذا لحقت الخسارة بأي شخص خلال السنة في أحد مصادر دخله الخاضع للضريبة بمقتضى هذا القانون فيجري تقاصها من مجموع دخله في السنة نفسها من المصادر الأخرى.
ب. إذا بلغت الخسارة مقداراً لا يمكن تقاصه بكامله على الوجه المبين في الفقرة السابقة يدور رصيدها إلى السنة التالية مباشرة فإلى التي تليها وهكذا لغاية ست سنوات بعد السنة التي وقعت فيها الخسارة. ويجري تقاص الرصيد المدور إلى كل منها من الدخل الخاضع للضريبة فيها.
ج. لا يجوز تنـزيل الخسارة التي لو كانت ربحاً لما خضع للضريبة بمقتضى أحكام هذا القانون.
د. لا يجوز تنـزيل الخسارة أو تدويرها إلا إذا أبرز المكلف حسابات أصولية وصحيحة).
فمن خلال الاطلاع على النص السالف الذكر نلاحظ إن التشريع الأردني الخاص بضريبة الدخل قد تضمن القاعدة العامة لمعاملة ومعالجة الخسائر التي يتعرض لها المكلف وتضمن أيضاً لفظ الخسارة بشكل مطلق وعام.وكذلك الحال في التشريع الضريبـي المصري، فقد اهتم المشرع المصري بمعاملة الخسائر الضريبية في المادة الثامنة والعشرين من قانون ضريبة الدخل المصري والتي نصت على(3):
(إذا ختم حساب إحدى السنوات بخسارة فإن هذه الخسارة تخصم من أرباح السنة التالية فإذا لم يكف الربح لتغطية الخسارة بأكملها نقل إلى السنة التالية وحتى السنة الخامسة ولكن لا يجوز بعد ذلك نقل شيء من الخسارة إلى حساب سنة أخرى ولا يسري هذا الحكم عل أوجه النشاط التي تم ربط الضريبة عليها على أساس مقطوع أو ثابت وفي حالة التوقف الجبري لا تحسب فترة التوقف من بين الفترات المنصوص عليها في هذه المادة). فالمشرع الضريبـي المصري بين في النص السالف الذكر موقفه من الخسائر واعتبرها من التكاليف الواجبة الخصم من ضريبة الدخل إلا إنه لم يبين تعريفها وإنما اكتفى بذكر القاعدة العامة لمعالجة خسائر المكلف وبشكل عام. وقد تبنى المشرع الضريبـي العراقي في قوانين ضريبة الدخل نفس النهج الذي سارت عليه التشريعات الضريبية المعاصرة في مجال معاملة الخسائر الضريبية من حيث بيان القاعدة العامة لمعالجة الخسائر والتي تتبعها السلطة المالية من دون توضيح تعريف أو مفهوم لهذه الخسائر ضمن النصوص الخاصة لمعاملتها. فنجد إن المادة الحادية عشرة من قانون ضريبة الدخل قد تضمنت معاملة الخسائر التي يتعرض لها المكلف وسواء كان ذلك بتنـزيل هذه الخسائر أو بترحيلها وفقاً لشروط معينة ، إلا إن هذه المادة جاءت خالية من بيان مفهوم للخسائر أو تعريفاً لها(4).
____________________
1- حيدر راضي محسن، التكاليف في التشريع الضريبـي العراقي، رسالة ماجستير ، كلية القانون – جامعة بغداد، 1999، ص37.
2- قانون ضريبة الدخل الأردني رقم (57) لسنة 1985 المعدل.
3- قانون الضريبة الموحد رقم (157) لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم (187) لسنة 1993.
4-راجع نص المادة (11) من قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 المعدل.
كذلك أنظر نص المادة (10) من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم (85) لسنة 1956 الملغى. كذلك راجع نص المادة (11) من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم (95) لسنة 1959 الملغى.
المؤلف : حيدر نجيب احمد فائق سعيد المفتي
الكتاب أو المصدر : لخسائر الضريبية في قانون ضريبة الدخل العراقي
الجزء والصفحة : ص8-9
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً