يتمثل مفهوم الرقابة على دستورية القوانين، في تقرير حق لهيئة ما في ان تفرض رقابتها على ما تصدره السلطة التشريعية من قوانين لتحديد مدى انسجام الأحكام التي تقررها هذه القوانين مع النصوص الدستورية. فاذا ما تبين أن السلطة التشريعية قد خالفت بقانون أصدرته مبدأ أو نصاً دستورياً. فان السلطة التشريعية تكون بذلك قد تجاوزت اختصاصاتها ويضحى ما أقدمت عليه باطلاً لمخالفته الدستور. ذلك أن القواعد الدستورية تحتل المكانة العليا في سلم التدرج الهرمي للنظام القانوني في الدولة فهي تسمو على كل ما عداها من قوانين واجراءات تتخذها السلطات العامة بما فيها السلطة التشريعية(1).
وتهدف الرقابة على دستورية القوانين بصورة رئيسية الى ٳشاعة مناخ المشروعية بتطبيق مبدأ المشروعية وٳلزام الجميع به والى المحافظة والتأكيد على مبدأ سيادة وسمو أحكام الدستور، كما تهدف الى ضمان عدم ٳساءة تطبيق الدستور نصاً وروحاً من السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، والى ضمان ممارسة الافراد والجماعات للحقوق والحريات التي يكفلها الدستور، والى ضمان تطبيق الجزاء المناسب والمنطقي على مخالفة أعمال هذه السلطات الخاضعة للرقابة الدستورية لأحكام الدستور، وبصورة أوضح وأدق، فان الرقابة على الدستورية تهدف الى توطيد دعائم دولة القانون(2).
وتتعدد أشكال الرقابة على دستورية القوانين وتختلف من نظام الى آخر تبعا لاختلاف التنظيم الدستوري ولشكل هذه الرقابة وآلياتها. فهناك رقابة سياسية ورقابة قضائية. تبنى دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥ الرقابة القضائية اللاحقة على دستورية القوانين، وعهد بهذه المهمة الى محكمة دستورية متخصصة انشأها لهذا الغرض، كهيئة مستقلة مالياً وادارياً، أسماها بالمحكمة الاتحادية العليا (م ٩٢ / أولاً)، وجعل أختصاصها الأول والرئيسي الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة بقصد التأكد من احترام هذه التشريعات للقواعد الواردة في الوثيقة الدستورية وعدم مخالفتها لأحكامها (م ٩٣ / أولاً)، وتثبيتاً لمكانة المحكمة الاتحادية العليا جعل الدستور أحكام هذه المحكمة وقراراتها باتة وملزمة للسلطات العامة (م ٩٤ ). وتعد الرقابة التي تمارسها هذه المحكمة من أهم الضمانات التي تكفل احترام الدستور ونفاذ أحكامه وتطبيقه تطبيقاً سليماً، وهي بذلك ترسي قواعد الشرعية الدستورية وتكفل حماية حقوق وحريات الافراد.
_____________
1- انظر د. ثروت بدوي، القانون الدستوري وتطور الأنظمة الدستوریة في مصر، دار الفكر العربي، ١٩٧١ ،ص ١١٧ )
2- انظر ھاني الحوراني وحسین ابو رمان وایمن داود یاسین، الاطار القانوني للبناء الدیمقراطي في الاردن، دار سندباد للنشر، عمان – الاردن، ٢٠٠٠ ،ص ٢٧٧
المؤلف : مها بهجت يونس
الكتاب أو المصدر : مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية / العدد الاول / حقوق الانسان وحرياته…
الجزء والصفحة : ص151-152
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً