وثيقة التأمين –بغض النظر عن نوعها- تعدّ بحق بمثابة الاثبات العملي لعقد التأمين البحري، الذي بمقتضاه يلتزم المؤمن بتعويض المؤمن له عمّا يلحقه من الخسائر المادية، بسبب تحقق احدى المخاطر البحرية، ويكون ذلك بمقابل دفع قسط التأمين للمؤمن(1). واذا كان عقد التأمين البحري في الاصل من العقود الرضائية ، لذا فهو لايشترط ان يكون هناك شكلاً معيناً لانعقاده. الا انه يجب ان يتم كتابة هذا العقد لغرض الاثبات . ونصَّت معظم القوانين الخاصة بالتجارة البحرية على ان تحرر وثيقة التأمين البحري باللغة العربية، ومنها القانون البحري اليمني الذي اشار في م (4/358) منه الى ذلك، أذ نصت ف4 من تلك المادة على “تكتب وثيقة التأمين باللغة العربية ويجوز ان تضاف اليها احدى اللغات الدولية في التعامل“. واذا لم يشر قانون التجارة البحرية العثماني الى ذلك ، فان الواقع العملي لشركة التأمين الوطنية في العراق، قد اتخذ النهج السابق نفسه، وهو اصدار وثائق التأمين البحري – بضائع- باللغة العربية. وذلك من خلال ما تصدره من نماذج لوثائق التأمين البحري والتي تكون مكتوبة باللغة العربية. أَما عن عدد النسخ التي تصدر بها وثائق التأمين البحري –بضائع- فإن قانون التجارة البحري العثماني، كان خالياً ايضاً من الاشارة الى عدد النسخ التي يجب ان تصدر، وترك ذلك الى العرف الذي تتبعه شركة التأمين الوطنية حالة في ذلك معظم قوانين التجارة البحرية، التي جاءت خالية من النص الى عدد النسخ باستثناء القانون البحري الليبي الذي نص في م (298 ) على ان عقد التأمين البحري يحرر من اصليين (نسختين)، يحتفظ المؤمن باصل ، ويُسلم المؤمن له النسخة الاخرى. عند الرجوع الى واقع شركة التأمين الوطنية في العراق نجد ان وثائق التأمين البحري –بضائع- بغض النظر عن نوعها تحرر باربع نسخ يحتفظ المؤمن بنسختين، وتسلم نسخة للمؤمن له والرابعة للمصرف فاتح الاعتماد(2). واشار قانون التجارة البحري العثماني في م176 منه الى وثيقة التأمين، وبين أَنَّ اي وثيقة تأمين بحري يجب ان تتضمن جملة من البيانات، اذ نص م176 منه الى “ينظم عقد الضمان (السيفورتاه) بصورة رسمية او فيما بين الطرفين فقط ولا يترك به محل خالياً ويذكر فيه:
1- السنة والشهر واليوم والساعة الذي امضي وخُتم فيه.
2- اسم المضمون له وشهرته ومحل اقامته مع البيانات عنه، ان كان هو صاحب المال او وكيل بالعمولة.
3- جنس البضائع والاشياء المضمونة وثمنها او قيمتها المقدرة ومقدار المبالغ التي جرى ضمانها بها.
4- الاخطار التي تعهد بها الضامن.
5- وقت تأريخ ابتداء هذه الاخطار وانتهائه للضامن.
6- بدل الضمان.
7- اسم الربان واسم السفينة ونوعها.
8- المحل الذي شُحنت فيه البضائع او الذي سوف تشحن منه.
9- الميناء الذي ذهبت او التي سوف تذهب اليه السفينة.
10- الموانئ والارصفة التي تأخذ السفينة منها البضائع وتمر بها او تدخل اليها وتدنو منها.
11- اذا كانت قد حصلت المقاولة فيما بين الطرفين فانه عند وقوع النزاع يسوى بالتحكيم او بمعرفة مميز في متدرج هذه الشروط.
12- جميع الشروط الاخرى التي اتفق عليها الطرفان.“
واذا كان الاصل أنَّ وثيقة التأمين تتكون من (ستة اقسام) ، وهي (الديباجة، متن الوثيقة، الجدول، التصديق، الشروط، التحذيرات)(3) ، لكن نجد ان الوثيقة العائمة عند اصدارها تتكون من (خمسة اقسام)، وهي ذات الاقسام المذكورة سابقاً، ما عدا الجدول الذي هو عبارة عن وصف كامل للبضائع المؤمن عليها من حيث نوع البضاعة ومقدارها وطريقة تغليفها وقيمتها، إذ أنَّ هذه البيانات يتم استبيانها لاحقاً، بوساطة الاقرار الذي يقدمه المؤمن له في حالة وصول اية معلومات او بيانات عن البضائع المشمولة بالتغطية. ومن خلال نص م(29) من قانون التأمين البحري الانكليزي لسنة 1906 و م(347) من مشروع القانون البحري العراقي لسنة 1974 وقانون التجارة البحري المصري في م(393) ، نجد ان البيانات التي ترد في وثيقة التأمين العائمة هي :
1- الشروط التي يلتزم بها كل من طرفي عقد التأمين البحري ، ومن هذه الشروط ماتكون شروط عامة لابد من ادراجها في وثيقة التأمين العائمة، مثل (شرط الالغاء، شرط التراكم ، شرط المرور بمناطق جغرافية معينة……..). ومنها شروط خاصة كانت نتيجة المفاوضات التي جرت مابين المؤمن والمؤمن له عند ابرام عقد التأمين البحري.
2- ان يتم تحديد الحد الاعلى للمبلغ الذي يتعهد المؤمن بدفعه عن كل شحنة تتعرض للخطر للمؤمن منه.
3- ومن البيانات التي ترد في وثيقة التأمين العائمة ايضاً اقساط التأمين التي يلتزم المؤمن له بدفعها ، ووقت دفع قسط التأمين، إذ أنّ لهذا البيان من الاهمية في تحديد نوع وثيقة التأمين العائمة (مقفلة / مفتوحة).
اما البيانات التي نصت عليها م(176) من قانون التجارة البحري العثماني، فانها تدرج في ملحق الوثيقة الذي يصدر بناء على كل شحنة على حدة.
وتحتوي وثيقة التأمين العائمة كما هو الحال بالنسبة لاي وثيقة ثأمين على جملة من التحذيرات، فيما لو اخل المؤمن له بتقديم الاقرارات في المدة التي تم الاتفاق عليها ، وكذلك يُحذر من القيام باي عمل قد يؤثر في مصلحة الشركة او الامتناع عن اتخاذ اي اجراء يحول دون اصابة البضاعة بخطر.
ووثيقة التأمين العائمة تكون هي الاخرى على شكل إنموذج مطبوع مسبقاً من قبل شركة التأمين، يتضمن شروط التأمين وفقاً للوثيقة العائمة، وقد يضيف المتعاقدان (المؤمن-المؤمن له) شروطاً تتعارض مع الشروط المثبتة في وثيقة التأمين ، والتي قد تضاف بوساطة خط اليد او باي طريقة اخرى. واِنَّ الشروط التي ترجح هي الشروط المضافة بوصفها معبرة عن ارادة الطرفين(4). ومن ثم تصَّدق وثيقة التأمين العائمة من خلال توقيع المؤمن (شركة التأمين) او من ينوب عنها على الوثيقة اقراراً منه بموافقته بتغطية الاخطار التي قد تصيب البضائع التي تشحن في المستقبل. وهذا ما اشارت اليه م(24/1) من قانون التأمين البحري الانكليزي لسنة 1906 إذ نصت على “1-يلزم توقيع وثيقة التأمين البحري من قبل المؤمن او من ينوب عنه“. ووثيقة التأمين العائمة تشترك مع وثائق التأمين البحري الاخرى في انها تسري من تأريخ ابرامها، وبذلك تنتج اثارها من حيث بدأ الزام الطرفين المتعاقدين بتنفيذ ما تعهدا القيام به، إلا اذا كان هناك اتفاق الى أنَّ سريان الوثيقة يبدأ من تاريخ آخر(5).
__________________
1- د.مختار محمود الهانسي: مبادئ التأمين من الجوانب النظرية والاسس الرياضية، بيروت ، دار النهضة للطباعة والنشر : بدون ذكر سنة الطبع، ص147.
2- مقابلات شخصية مع شركة التأمين الوطنية.
3- بديع احمد السيفي: محاضرات في التأمين البحري، ط2، بغداد، مطبعة الزهراء، 1971، ص290.
4- طعن صادر عن محكمة النقض المصري رقم 500 سنة 60 ق، جلسة 13/5/1991 ، سجل 42 ص1103 والذي نص على “متى استعمل المتعاقدان إنموذجاً مطبوعاً للعقد واضاف اليه بخط اليد او بأية وسيلة اخرى شروطاً تتعارض مع الشروط المطبوعة وجب تغليب الشروط المضافة باعتبارها تعبيراً واضحاً عن ارادة المتعاقدين”.
د. سعيد احمد شعلة: قضاء النقض في التأمين، الاسكندرية ، منشأة المعارف ، 1997، ص152.
5- طعن صادر عن محكمة النقض المصرية رقم 48 سنة 37 قد جلسة 16/11/ 1971 ، سجل 22، ع3،ص895 الذي نص على “الاصل في وثيقة التأمين انه وان كان مفعولها يسري من وقت ابرامها الا انه يجوز ان يتفق المؤمن والمؤمن له على وقت آخر لبدء سريانها وانتاج آثارها”.
سعيد احمد شعلة : مصدر سابق، ص149.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً