مطالب بإعادة النظر في تقدير الديات
محمد المحمود
كنت طالبت في مقال سابق كتبتُه في هذه الصفحة قبل ثمانية أشهر وتحديداً بتاريخ 1428/10/14ه العدد رقم (14368) بضرورة إعادة النظر في مقدار الدية الشرعية اليوم ؛ إذ إنه من المقرر شرعاً أن الأصل في الدية مائة من الإبل، وذلك باتفاق الفقهاء – رحمهم الله – لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إن في النفس مائة من الإبل”.
وجمهور الفقهاء يُقسِّمون القتل إلى ثلاثة أقسام: عمد، وشبه عمد، وخطأ، أما الإمام مالك – رحمه الله – فإنه يقسم القتل إلى قسمين: العمد – وأدخل معه شبه العمد – والقسم الآخر الخطأ، وعقوبة القتل العمد مُغلظة في الشريعة الإسلامية وهي القتل قصاصاً أو الدية – فيما إذا تنازل أولياء الدم – إذ يقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواء كُتِبَ عَلَيءكُمُ الءقِصَاصُ فِي الءقَتءلَى الءحُرُّ بِالءحُرِّ وَالءعَبءدُ بِالءعَبءدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنء عُفِيَ لَهُ مِنء أَخِيهِ شَيءءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالءمَعءرُوفِ وَأَدَاء إِلَيءهِ بِإِحءسَانٍ ذَلِكَ تَخءفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمء وَرَحءمَةٌ فَمَنِ اعءتَدَى بَعءدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ }سورة البقرة
178.ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن قُتِل لَهُ قَتِيلٌ فَهُو بِخَيءرِ النَّظَرَيءنِ ؛ إمَّا أنء يُفءتَدَى، وإمَّا أنء يُقِيدَ).
واتفق الفقهاء – رحمهم الله – على أن الإبل أصلٌ في الديات، فتُقبل الدية إذا أديت من الإبل عند جميع الفقهاء، واختلفوا فيما سوى الإبل ؛ فيرى الإمامان أبو حنيفة ومالك أن الأصول ثلاثة: الإبل والدنانير والدراهم، والمشهور من مذهب الإمام أحمد أنها خمسة أصول: الإبل والذهب والورق والبقر والغنم، في حين يرى الإمام الشافعي أن أصل الدية الإبل فقط، ومن أدلته: قوله صلى الله عليه وسلم: “ألا إن دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل”.
كما استدل أيضاً بتفريق النبي صلى الله عليه وسلم بين دية العمد والخطأ فغلظ بعضها، وخفف بعضها ولا يتحقق هذا في غير الإبل، وهذا القول هو ما رجحه الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله مفتي البلاد السعودية.
ويقول الإمام الشافعي – رحمه الله – عن تقويم أحد الصحابة للدية بالدينار والدراهم أن ذلك: “مجرد تقويم تجب مراجعته باستمرار ليساير أسعار الإبل في كل زمان ومكان”.
فالراجح أن الدية في العمد وشبه العمد أنها تكون أرباعاً ؛ خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة، وفي الخطأ مخففة أخماساً ؛ عشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون حقة، وعشرون جذعة، وعشرون بني لبون.
وكنت قد طالبت في مقالي السابق بوجوب إعادة النظر في مقدار الدية الشرعية، وضرورة تشكيل لجنةٍ تضم مختصين من علماء الشريعة والاقتصاد وتشرف عليها وزارة العدل للنظر في هذا الموضوع والخروج برؤيةٍ واضحة مستنيرة، ومواكبة المستجدات التي طرأت اليوم ؛ إذ ليس من المعقول أن تبقى قيمة الدية نفسها المقررة قبل أعوامٍ عديدة دون إعادة النظر فيما استجد على أرض الواقع.
وأعرض اليوم دراسة ميدانية على أسعار الإبل قام الباحث فيها بتقويم الإبل في هذا العام 1429ه بقيمتين ؛ قيمة أعلى، وقيمة أدنى، ثم بإخراج المتوسط من بين القيمتين، ومن ثمّ ضرب المتوسط في عدد الإبل من كل نوع، وبعد ذلك جمع تلك القيم وإخراج متوسط الدية في العمد وشبه العمد والخطأ.
وهذه الدراسة تعطي تصوراً جيداً للمسؤولين عن تقدير الدية وضرورة إعادة النظر فيها خصوصاً مع تغيّر الأسعار بتغيّر الزمان والمكان.
يتبين لنا مما سبق أن قيمة الدية في الوقت الحالي قد تغيرت كثيراً وذلك لغلاء الأصل الذي تقوم عليه الدية وهي الإبل.
الخلاصة: أن دية العمد وشبه العمد تبلغ في الوقت الحالي حوالي: ( 287500ريال سعودي)
أما دية الخطأ فتبلغ في الوقت الحالي حوالي: (278000ريال سعودي).
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
5 أكتوبر، 2019 at 10:58 م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لي ولد توفي في حادث سير من طرف واحد بسبب عطل في المكابح
وتم صرف مبلغ مائة الف ريال سعودي من قبل شركة التأمين منذ حوالي السنة
سؤالي هل مبلغ الدية صحيح؟
بإفتراض ان المبلغ غير صحيح ماذا عليا ان افعل؟